المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

قرر رئيس "مريل لينتش" وعميد بنك اسرائيل سابقا، بروفيسور يعقوب فرنكل، سحب ترشيحه لمنصب وزير المالية في حكومة شارون الثانية. وعلى ذلك، فان المرشحين المتبقين لهذا المنصب الآن هم: وزير المالية الحالي سيلفان شالوم، وزير الخارجية بنيامين نتنياهو، ورئيس بلدية القدس الغربية السابق ايهود اولمرت.وليس من الواضح اذا ما كان قرار فرنكل مناورة تكتيكية أم قرارا نهائيا. ويقول المقربون منه انه اتخذ قراره هذا بعد ان أيقن، مساء يوم السبت الاخير، ان شارون قرر تفضيل حكومة يمينية ضيقة على حكومة وحدة وطنية مع حزب حزب العمل.

وكان فرنكل قد ابلغ شارون، في اللقاءين اللذين عقدا بينهما يومي الأحد والجمعة الماضيين، انه سيقبل الأنضمام الى الحكومة فقط اذا اقتنع بأن لديها افقا سياسياً، مؤكداً انه بدون سلام حقيقي لن يستطيع الأقتصاد الأسرائيلي التخلص من ازمته.

وبموجب "القوانين" الجديدة التي اعتمدها شارون في الصراع على منصب وزير المالية، لم يعلن فرنكل، كما هو معلوم، انه قرر الأنسحاب من المنافسة، بل ترك وسائل الاعلام تبلغ شارون. وخلال كل هذه المنافسة، قامت اوساط مختلفة، بينها موظفون كبار في وزارة المالية، ببث انباء ومعلومات كاذبة بشكل لم يسبق له مثيل.

ومنذ بداية المفاوضات، شكك كثيرون في ما اذا كان فرنكل سيتخلى عن منصبه الكبير والمربح جداً في "مريل لينتش" لصالح المنصب الصعب والمعقد في وزارة المالية.

والحقيقة ان فرنكل لم يقل لشارون "نعم"، كما لم يقل له "لا". لكن الانطباع الذي كان يستطيع شارون الخروج به هو ان فرنكل يقترب حثيثا الى وزارة المالية.

وثمة سببان "وجيهان" لقرار فرنكل الانسحاب من المنافسة. فقد شعر بالمهانة جراء ما قاله احد مقربي شارون لصحيفة "هآرتس" مساء السبت الأخير، بأن حقيبة المالية لم تعرض عليه (على فرنكل) قط. فهذا الكلام، من جهته، عارٍ عن الصحة. فضلا عن ان شارون لم يصمد امام الضغوطات الشديدة التي مارسها عليه مؤخرا وزير المالية سيلفان شالوم.

وهكذا بقي في المنافسة ثلاثة مرشحين هم: سلفان شالوم، وايهود اولمرت وبنيامين نتنياهو. وثلاثتهم ايضا مرشحون مفترضون لخلافة شارون في رئاسة الليكود.

شارون ليس متحمسا لأي منهم. فقد كان يفضل لهذا المنصب فرنكل او ابراهام (بايغة) شوحط. لكن، وبعد ان سقطت ايضاً امكانية تعيين شوحط، إثر تفجر المفاوضات مع حزب العمل، لم يبق سوى مرشحو الليكود الثلاثة، لأن شارون لن يقدم على تعيين سياسي من خارج الليكود لهذا المنصب. ففي جميع حكومات اسرائيل، باستثناء حكومة الوحدة الوطنية الأولى، كان وزير المالية دائمًا احد اعضاء الحزب الذي ينتمي اليه رئيس الحكومة.

شالوم معني جدا بمواصلة الاحتفاظ بالمنصب. وهو يرى ان شارون ووسائل الأعلام يغبنونه اذ يعتقد انه في الظروف الراهنة قام بواجبه بشكل معقول، بل وأكثر. وهو يريد ان يكون وزيرا للمالية ايضا في نهاية 2003 وبداية 2004 حيث يتوقع ان يبدأ الأقتصاد الأسرائيلي بالنهوض. لكن شارون ليس شريكًا في هذا البرنامج. انه يستمع الى تقارير "رؤساء الأقتصاد" ويقرأ الملاحق الأقتصادية في الصحف ويعتقد بأن الاقتصاد بحاجة ماسة الى شخصية جديدة في وزارة المالية: <شخصية ذات تجربة مثبتة في العمل، ذات سمعة طيبة وعالية، تستطيع احداث تغيير ايجابي في الأجواء القاسية>.

ولكن شارون لايقفز فرحا حين ينظر الى المرشحين الآخرين. علاقاته مع شارون اليوم أفضل مما كانت عليه من قبل. لكن رئيس الحكومة، وهو أحد المحنكين في السياسة الأسرائيلية، يدرك ان تودد اولمرت اليه الآن "مرتبط بشيء ما". اما علاقة شارون مع نتنياهو، فهي لاتزال سيئة، كما كانت في الأشهر الماضية. كما يدرك شارون ايضا أن اولمرت ونتنياهو سيستغلان موقعيهما في الحكومة في الصراع القادم على رئاسة الليكود. كلاهما يعتقد ان حقيبة المالية قد تشكل نقطة انطلاق ممتازة.

نتنياهو، وخلافا لما يقوله المقربون منه بشأن حقيبة المالية، معني جدا بهذا المنصب، لكن ليس بأي ثمن. وهو مثل فرنكل، مستعد لأشغاله فقط اذا ضمن دعما واضحا من شارون. ولكي يحدث هذا، ينغي على نتنياهو وشارون ان يتحادثا. لكن هذا لا يحدث حتى الآن، اذ تسود قطيعة بينهما. اما اذا تسلم نتنياهو حقيبة المالية، فمن الممكن ان يخلفه شالوم في وزارة الخارجية.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات