المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

يشكل الفوز الكبير الذي سجله حزب الليكود اليميني في الانتخابات التشريعية في اسرائيل الثلاثاء، انتصارا لرئيس الوزراء ارئيل شارون لكن تشكيل حكومة وحدة وطنية يريدها شارون باي ثمن، صعب جدا بسبب قوة اليمين وموقف العماليين.ويعتبر شارون الذي يجهد منذ سنتين ليظهر انه وسطي، ان تولي الحكم مع غالبية تقتصر على اليمين واليمين المتطرف والاحزاب الدينية قد يسبب توترا ان لم يكن ازمة مع حليفته الرئيسية الولايات المتحدة عندما تقرر هذه الاخيرة ان الوقت حان لتحريك المفاوضات مع الفلسطينيين بعد حرب ضد العراق.

وكان شارون قرر حل البرلمان (الكنيست) مطلع تشرين الثاني العام الماضي بعدما انسحب العماليون من حكومته، لهذا السبب بالتحديد لتجنب غالبية من هذا النوع يمكن ان يتحول فيها الى رهينة في يد اليمين المتطرف. وكشف شارون بسرعة عن توجهاته مستبعدا بشكل قاطع في حديث للتلفزيون الاسرائيلي العام تشكيل ائتلاف يقتصر على اليمين فقط.

وفي خطاب النصر الذي القاه في تل ابيب، اكد شارون امام مئات من ناشطي الليكود انه سيحاول "تشكيل حكومة وحدة وطنية واسعة قدر الامكان".

ولم يذكر شارون العماليين لكنه كان من الواضح انه يتوجه اليهم اولا. وقد اكد ان برنامجه "مطابق لمبادئ خطاب الرئيس الاميركي جورج بوش"، في اشارة الى الخطاب الذي القاه بوش في 224 حزيران 2002 واكد فيه تأييده لاقامة دولة فلسطينية مستقلة بحلول 2005.

وايد شارون ايضا فكرة قيام دولة فلسطينية منقوصة بشروط صارمة جدا في خطوة لم يقبل بها الجناح اليميني في الليكود حتى الآن.

ووجه شارون الدعوة الى الأحزاب السياسية في إسرائيل إلى الانضمام إليه في حكومة وحدة وطنية موسعة "لمواجهة التحديات التي يشكلها العنف" ضد الإسرائيليين وحرب محتملة في الخليج. وقال شارون: "حان الوقت لأن نتكاتف. إنني أعلن اليوم أنه بعد أن يكلفني رئيس البلاد بمهمة تشكيل حكومة فإنني سأطلب من جميع الأحزاب الصهيونية الانضمام إلى حكومة وحدة ستكون موسعة بأكبر قدر ممكن."

وقال شارون إنه يتعين ألا تبقى الدولة اليهودية منقسمة من الداخل. وأضاف قائلا: "إسرائيل تحتاج إلى الاتحاد. إسرائيل تحتاج إلى الاستقرار. إسرائيل تحتاج الإثنين معا بسرعة قبل أن تتعمق الأزمة."

وقال شارون: "أقول لجميع الأحزاب إن الخلافات بيننا تتضاءل في وجه الكراهية القاتلة التي تكنها التنظيمات الإرهابية لكل ما هو إسرائيلي وكل ما هو يهودي وفي وجه خطر حرب في الخليج وهجمات على إسرائيل والأزمة الاقتصادية التي تعصف بالمجتمع الإسرائيلي."

متسناع لن ينضم لحكومة وحدة وطنية اسرائيلية

واعترف زعيم حزب العمل الاسرائيلي المعارض عمرام متسناع بهزيمة حزبه في الانتخابات العامة يوم الثلاثاء وقال انه لن ينضم لحكومة وحدة وطنية يأمل رئيس الوزراء ارييل شارون في تشكيلها. وقال في كلمة اذاعها التلفزيون أمام حشد من مناصريه "شارون يسعى لكي يكون حزب العمل ورقة التوت في سياسته الفاشلة.. نحن لا نعتزم الانضمام إليه بل استبداله والجلوس محله.. ليس لدي اية نية للانضمام الى ‏‏حكومة برئاسة شارون مقابل منصب وزاري وانما سأعمل على استبداله .. سنبقى في ‏‏المعارضة لكني أعدكم بان لا يكون بقاءنا فيها طويلا".‏‏

واشار متسناع الى ان حزب العمل سيجسد "معارضة مقاتلة وبديلاً" عن حكومة اليمين. وأضاف قائلا "سنكون في كل مكان لنذكر بان هناك طريقا اخر ونحن اخترنا ‏‏ان نكون البديل لهذه الحكومة" التي سيشكلها شارون.‏ كما دعا ميتسناع حزب (شينوي) بزعامة طومي لبيد الذي حصل على 15 مقعدا الى عدم الانضمام لحكومة برئاسة شارون "وفاء بوعوده ‏ ‏لناخبيه".‏

وكان حزب العمل ضمن الائتلاف الحاكم الذي انهار في اكتوبر تشرين الأول.

ولكن قد يستغرق الأمر اسابيع من المساومات كي يشكل شارون ائتلافا حاكما يتمتع بتماسك يكفيه لتجاوز انقسامات البرلمان الاسرائيلي.

وللوهلة الاولى، تتوافر اسباب جيدة لشارون للاعتزاز بنتائج هذه الانتخابات. فقد افادت اللجنة المركزية للانتخابات ان حزب الليكود حصل على 37 من مقاعد البرلمان الاسرائيلي في مقابل 19 في الكنيست السابقة، بعد الفرز شبه النهائي للاصوات.

وبذلك يكون حزب الليكود سيطر على الكنيست متقدما بكثير على حزب العمل بزعامة عمرام ميتسناع الذي سجل اسوأ نتيجة في تاريخه بحصوله على 19 مقعدا (في مقابل 25 في البرلمان المنتهية ولايته). ولم يكن الفوز الذي كان مضمونا، الاهم بالنسبة لشارون بل الفوز في ظروف تسمح له باعادة تشكيل حكومة وحدة وطنية شبيهة بتلك التي قادها حتى نهاية تشرين الاول بمشاركة العماليين.

لكن ثلاثة عوامل قد تحول دون تحقيقه هدفه هذا.

الاول تأكيد متسناع رفضه القاطع للمشاركة في حكومة مماثلة. ويعتبر كثير من المحللين ان الزعيم العمالي يريد ارغام شارون على الحكم بغالبية يمينية الى ابعد حدود املا في ان يؤدي ذلك الى ازمة والى انتخابات جديدة مبكرة.

اما العائق الثاني فيكمن في الهوة الكبيرة بين الكتلتين اذ يتوقع ان يحصل اليمين على 68 مقعدا في مقابل 34 لمعسكر اليسار الذي شهد خسارة تاريخية. فهذا الهامش الكبير من شأنه ان يزيد الضغط على شارون ليشكل ائتلافا "طبيعيا" يضم اليمين واليمن المتطرف والاحزاب الدينية.

والعائق الثالث يتمثل ايضا في ان قسما كبيرا من الليكود يعارض برنامج شارون واقامة دولة فلسطينية ايا كان شكلها ولا يمكن لرئيس الوزراء الاسرائيلي ان يتجاهل كليا حزبه. لكن شارون عازم على تشكيل حكومة وحدة وطنية الى حد انه هدد بالدعوة الى انتخابات جديدة مبكرة عوضا عن تولي السلطة مع اليمين المتطرف والاحزاب الدينية.

ويشكل هذا الموقف وسيلة ضغط على متسناع لدفعه للعودة عن موقفه الرافض والا ظهر امام الاسرائيليين وكأنه مسؤول عن ازمة جديدة.

ويلعب احتمال وقوع حرب وشيكة على العراق لمصلحة شارون عبر تعزيز الشعور بوجود "ازمة وطنية". وفي الخطاب الذي القاه في تل ابيب وعادت خلاله كلمة "الوحدة" تكرارا، برر شارون دعوته الى الوحدة بـ "احتمال وقوع حرب في الخليج" بين اشياء اخرى.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات