المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

في خطوة وصفت بـ"الهزة الارضية" أعلن وزير المالية الاسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن نيته طرح اصلاحات في الجهاز المصرفي الاسرائيلي. ويأتي اعلان نتنياهو في اعقاب نشر البنوك الاسرائيلية الكبرى الخمسة (هبوعليم، ليئومي، ديسكونت، همزراحي وهبينليئومي هريشون) لتقارير مالية عن ارباحها في العام 2003، يوم 31/3/04. وقد بلغت الارباح الصافية للبنوك الخمسة 3.16 مليار شيكل.

واشارت التقارير الصحفية الى ان الهدف القادم الذي سيقتنصه نتنياهو هي البنوك، وذلك على اثر رفع نسبة العمولات البنكية التي تجبيها هذه البنوك من زبائنها. وقد اعلن نتنياهو، غداة نشر التقارير المالية للبنوك، ان غاية الاصلاحات التي تحدث عنها تكمن في زيادة المنافسة بين البنوك. وقال: "لا توجد مشكلة في ان تحقق البنوك ارباحا من خلال التنافس فيما بينها، لكن ان تربح هذه البنوك من دون ان تكون منافسة بينها فهذا وضع ليس بالحسن".

وهاجم نتنياهو البنوك على خلفية الفوائد العالية التي تجبيها من الزبائن على السحب الزائد مقابل الفوائد المنخفضة جدا التي تمنحها البنوك على التوفيرات. وقال: "انهم يضخون الاموال. البنوك تضخ الاموال من مواطني الدولة بواسطة (فرض) فوائد عالية ومنح عمولات سخيفة".

وتابع نتنياهو، الذي كان يتحدث امام مشاركين في مؤتمر اقتصادي عقد في تل ابيب في نهاية الاسبوع، قائلا: "لقد انتهينا من مرحلة الكلام، والان سننتقل الى مرحلة الافعال. وسنعمل على زيادة التنافس بين البنوك. ولا يمكن الاستمرار وفق الوضع القائم اليوم. سنطرح في الفترة القريبة المقبلة اصلاحات تؤدي الى توسيع السوق المالية". كما هاجم نتنياهو البنوك الصغيرة والمتوسطة التي قال انها تسير على خطى بنك هبوعليم وبنك ليئومي.

واوضح وزير المالية الاسرائيلي ان وزارته تعمل الان على فحص بنية البنوك الاسرائيلية. وفي هذا السياق افادت تقارير صحفية بوجود خطوات عملية في هذا الاتجاه، تكمن في لقاء عقد بين محافظ بنك اسرائيل، دافيد كلاين، ومدير عام وزارة المالية، يوسي باخار، تمحور حول الاصلاحات التي تقوم وزارة المالية باعدادها بخصوص البنوك والسوق المالية، وبضمن ذلك فصل صناديق التوفير طويلة الامد عن البنوك.

وقالت تقارير صحفية متخصصة في الشؤون الاقتصادية ان عملية الاصلاحات هذه لن تكون وفق ما كان يحدث في الماضي، اي من دون اصدار بيانات عن الوزارة وانما من خلال اصلاحات تدريجية تسير في اتجاه واحد: زيادة التنافس بين البنوك، خفض حصة البنوك من الارباح وادخال "لاعبين" جدد الى الحلبة الاقتصادية المصرفية.

3.16 مليار- الربح الصافي للبنوك

وافادت تقارير مالية نشرها بنك هبوعليم، الاربعاء الماضي، بان ارباح البنك ارتفعت خلال العام 2003 بنسبة 290%، ليصل حجمها الى مليار و353 مليون شيكل، وذلك مقابل ارباح بمبلغ 350مليون شيكل في العام 2002.

واوضحت التقارير ان هذه الارباح العالية نجمت عن ازدياد مدخولات البنك بحوالي 330 مليون شيكل ليصل حجمها إلى 6 مليارات و840 مليون شيكل مقابل 6 مليارات و510 ملايين شيكل في العام 2002. كذلك انخفض حجم الديون البائدة بنسبة 27% واصبحت تقدر بنحو مليارين و340 مليون شيكل مقابل 3 مليارات و200 مليون شيكل في العام الذي سبقه.

كذلك فان مجمل الصرف على بند الرواتب انخفض في العام 2003 ليصبح 3 مليارات و515 مليون شيكل فيما كان هذا البند في العام 2002 حوالي 3 مليارات و571 مليون شيكل. واشارت التقارير الى ان ارباح مير عام البنك، تسفي زيف، بلغت في العام 2003 حوالي 3.1 مليون شيكل.

وسجلت التقارير المالية لبنك ليئومي للعام 2003 ارباحا بنسبة 170% وبمبلغ مليار و145 مليون شيكل، مقارنة مع الارباح التي سجلها في العام 2002 حيث بلغت 424 مليون شيكل.


وبلغ حجم الديون البائدة في العام الماضي مليار و880 مليون شيكل فيما كانت قيمتها في العام 2002 مليار و900 مليون شيكل. وبلغ حجم ارباح مدخولات بنك ليئومي 6 مليارات و110 مليون شيكل في العام 2003 فيما كان حجمها في العام 2002 نحو 5 مليارات و80 مليون شيكل.


وجاء في تسويغات التقارير المالية لبنك ليئومي ان الاجرات لانجاع العمل ادت الى مغادرة 659 موظفا العمل في البنك "برغبة منهم" خلال العام 2003. ووصلت ارباح المديرة العامة، غالية ماؤور، الى مليونين و350 الف شيكل في العام الماضي.

اما البنوك الاصغر حجما، من ناحية دورتها المالية، فقد سجلت ارباحا اقل حجما وبعضها سجل خسارة بالمقارنة مع العام 2002. ووصلت ارباح بنك ديسكونت الى 168 مليون شيكل وهو بذلك سجل خسارة في ارباحه للعام 2002.

اما بنك همزراحي فقد وصل حجم ارباحه الى 335 مليون شيكل محققا بذلك زيادة بنسبة 25% عن العام 220 حيث وصلت الارباح عندها الى 299 مليون شيكل. كذلك سجل بنك هبينليئومي هريشون خسارة كبيرة حيث وصلت الارباح في العام 2003 الى 156 مليون شيكل فقط مقابل 610 مليون شيكل في العام.

لجان المستخدمين اعلنت نزاع عمل

في أعقاب الاعلان عن الارباح، التي جنتها البنوك الاسرائيلية في العام الماضي، تظاهر المئات الذين تم فصلهم من العمل في هذه البنوك، وكانت التقارير المالية التي نشرتها البنوك قد اشارت الى ان أحد العوامل التي ادت الى ارتفاع الارباح يكمن في فصل موظفين فيها من العمل، وذلك في مقابل الرواتب الخيالية التي يتقاضاها كبار الموظفين. وقد هاجم نتنياهو هذه الرواتب المرتفعة للغاية وتساءل ساخرا: "كم دجاجة يحتاجون لتناولها في اليوم؟!".

من جهة ثانية اعلنت لجان المستخدمي في بنك هبينليئومي هريشون نزاع عمل مع ادارة البنك، لتنضم بذلك الى لجان المستخدمين في بنوك اخرى مثل ديسكونت وليئومي. وتطالب لجان المستخدمين بالحصول على محفزات نتيجة الارباح التي حققتها البنوك، اسوة بالمحفزات التي حصل عليها كبار الموظفين.

لا جديد في اعلان نتنياهو

يشار الى ان حجم التوفيرات في البنوك بلغت في العام 2003 ذروة هائلة. فقد بلغ حجمها في بنك هبوعليم 204.2 مليار شيكل؛ ليئومي 203.58 مليار شيكل؛ ديسكونت 119.9 مليار شيكل؛ همزراحي 56.74 مليار شيكل؛ هبينليئومي 55.34 مليار شيكل. وهناك 166 مليار شيكل مودعة في صناديق التوفير طويلة الامد.

كما يجدر بالذكر ان نتنياهو لم يأت بجديد في اعلانه بوجوب القيام باصلاح في فرع المصارف في اسرائيل. فقد طرح الكثير من وزراء المالية في الماضي افكارًا بخصوص اصلاحات من هذا القبيل، لكن احدا منهم لم يجرؤ على تنفيذها. وقد وصف عدد من ارباب الصناعة والاقتصاديين الاسرائيليين البنوك بانها "تعمل ما تريد وما من رادع امامها".. وعندما كان يعلن وزير للمالية في الماضي عن وجوب اجراء اصلاحات في الجهاز المصرفي الاسرائيلي كانت البنوك تهدد بافتعال انهيار في سوق المال الاسرائيلية، مما كان يثير مخاوف لدى السياسيين والجمهور ومن ثم يتنازل الوزراء عن اقتراحهم.

لكن التوقعات من نتنياهو، هذه المرة، اكثر من الماضي. ويرى المحللون الاقتصاديون ان نتنياهو سيعتمد اسلوب الاصلاحات التدريجية ولكن في نهايتها ستقود الى اصلاح كبير وتغيير في عمل الجهاز المصرفي برمته.

المصطلحات المستخدمة:

بنيامين نتنياهو, همزراحي, بنك اسرائيل

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات