المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

أثناء زيارته الأخيرة لإسرائيل صرح مساعد كاتب الدولة الأمريكي جون بولتون لمسئولين إسرائيليين بأنه <<لا يشك في أن أمريكا ستشن الحرب على العراق وأن ذلك سيكون ضروريا للتعامل بعدها مع تهديدات سوريا وإيران وكوريا الشمالية>>.

بقلم: نضال حمد
أثناء زيارته الأخيرة لإسرائيل صرح مساعد كاتب الدولة الأمريكي جون بولتون لمسئولين إسرائيليين بأنه <<لا يشك في أن أمريكا ستشن الحرب على العراق وأن ذلك سيكون ضروريا للتعامل بعدها مع تهديدات سوريا وإيران وكوريا الشمالية>>.

هذا المسئول الأمريكي منحاز للصهيونية ومعروف بانحيازه أيضاً لمعسكر الصقور في إدارة جورج بوش الابن - التي تكاد تخلو من الحمائم، لولا أن البعض يسمي كولن باول حمامة. وهل هناك حمائم حقاً في السياسة الأمريكية وفيما يخص القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي؟

الحقيقة الواضحة والجلية هو أنه لا أثر للحمائم في تلك الإدارة المؤسسة من جماعات مالية وتجارية يتحكم بتفكيرها وطريقة حياتها التجارة والمال والأعمال والصفقات المربحة. فمعظم موظفي تلك الإدارة وطاقمها القيادي هم من معتمدي ورؤوس أموال الشركات الأمريكية النفطية والصناعية الحربية وغيرها. وقد كان لتلك الشركات علاقات قوية سبق لها أن ساعدت العراق على بناء قوّته الحربية والقتالية وخاصة الأسلحة غير التقليدية، إبان الحرب العراقية الإيرانية التي عصفت بحياة مئات آلاف الضحايا من الطرفين، بالإضافة لتدمير قوة وصناعة وتطور واقتصاد ومستقبل كلا البلدين.

في ظل هكذا عقلية تجارية ومالية تؤمن بالمال أكثر من الإيمان بالسلام، يستحيل تحكيم أمريكا في عملية حل الصراع العربي الإسرائيلي لأنها طرف في الصراع، مباشر وحاضر ومنحاز لجانب اسرائيل، وهي التي تزودهم بالسلاح والتكنولوجيا والأموال والقروض والدعم السياسي والدبلوماسي الذي لا ينضب.

يعتبر بولتون من الصقور الأمريكيين الذين لا يخفون عداءهم للعرب، وهو مكلف بمراقبة الأسلحة والأمن في العالم، ويرى كل صغيرة وكبيرة في العالمين العربي والغربي والعوالم الشرقية والشمالية والجنوبية، لكنه <يفقد البصر> فور وصوله لإسرائيل، حيث لا يعود يرى شيئاً.

ومعروف أن بولتون عين في منصب بوزارة الخارجية الأمريكية بدون علم وموافقة كولن باول لكن نتيجة ضغط اللوبي الذي يتألف من معسكر إسرائيل في الإدارة الأمريكية. ومن هؤلاء كما نعرف نائب الرئيس الامريكي تشيني ووزير الدفاع رامسفيلد ونائب وزير الخارجية وولفوويتز والمستشار في البنتاغون ريتشارد بيرل.

هؤلاء لا يترددون في إبداء رأيهم في السياسة الخارجية الأمريكية وكل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية والصراع مع إسرائيل، وهم بطبيعة الحال على أتم الاستعداد لاتخاذ المواقف المعادية للفلسطينيين والعرب، والمؤكدة على التعاطف والتعاون الأمريكي مع الدولة العبرية ومناصرتها ضد الدول العربية وضد الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية العادلة والشرعية.

أما من ناحية العراق فهم على استعداد لفعل أي شيء من أجل السيطرة على حقول نفطه وثرواته وتغيير النظام الحاكم هناك عبر جعله نظاما تابعا كليا للإدارة الأمريكية من خلال قائد قواتها في المنطقة، يساعده في ذلك بعض العراقيين من أنصار أمريكا والحرب. أما هؤلاء الذين يودون ذبح العراق فإنهم فيما يخص فلسطين يحاولون إنكار الحقائق وتكذيب الوقائع وتحويرها وتغييرها لصالح إسرائيل.

والأغرب من هذا أنهم يحاولون إنكار المذابح التي تقوم بها إسرائيل على مرأى العالم أجمع ويبررونها في أحيان أخرى، معتبرين أنها تأتي في نطاق دفاع إسرائيل عن نفسها وتصديها للإرهاب، لأنهم يعتبرون النضال الفلسطيني إرهاباً.

إنهم لا يريدون للفلسطيني أن يدافع عن نفسه وحياته وحقوقه المشروعة، كما أنهم يطالبونه بوضع رأسه بين الرؤوس انتظارًا لقطاع الرؤوس الذي يحمل سيفه ويسلطه على رقاب العرب في بلادهم وخارج بلادهم.

هذا هو المنطق الأمريكي الذي يتعامل مع العرب على أساس أنهم خراف ويجب اقتيادهم كما يشاء الراعي. ولأن بعض الدول العربية العتيدة ارتضت بدور النعجة والخروف، فإن الأمريكان سوف يوسعون من دائرة مراعيهم ومن حجم قطعانهم وماعزهم وخرافهم، لكن هذا الحجم لن يزداد بشكل ملحوظ قبل أن تنتهي الإدارة الأمريكية من ترتيب الوضع العراقي المحرج والحساس.

فحملة الحرب الأمريكية على العراق ترتطم بصخرة الرفض العالمي وبالأخص الرفض الشعبي لتلك الحرب التي تقوم أمريكا بتعميمها وبتسخينها وتجهيزها انتظارًا للحظة الحاسمة التي تبدأ فيها الانقضاض على العراق من كل صوب وحدب. وللقيام بتلك المهمة ينقص أمريكا بعض الأشياء الهامة، أولها تليين المواقف الدولية الرافضة للحرب وأهمها مواقف فرنسا وألمانيا وروسيا والصين. بالنسبة لروسيا والصين – فإن هؤلاء يبنون مواقفهم وفق المصالح والصفقات التجارية والمالية، فهي سهلة التدجين في كل لحظة. لكن الصعوبة الحقيقة تكمن في تغيير وتبديل المواقف الأوروبية المبدئية مثل موقف فرنسا وألمانيا وبلجيكا. هنا تكمن الصعوبة وهنا تكمن نقطة الضعف الأمريكية، لأن هذه الدول من حلفاء أمريكا في <الناتو>.

أما على صعيد الدول العربية فالحمد لله ان هذه الدول أعلنت فشلها حتى في الحفاظ على ماء الوجه، وما حدث في الاجتماع العربي الأخير الذي عقد في مصر الكنانة أو مصر الصامتة، اثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن هذه الدول فاشلة وهزيلة وذليلة وتابعة بأشكال متفاوتة وعديمة الرأي والحرية وتعمل وفق الأملاءات الأمريكية فقط. فدول الخليج بالإضافة لليمن ودول الشراكة المغربية الأطلسية ووصولا للأردن أصبحت أشبه بالمحميات الأمريكية التي تنتشر فيها القواعد والوحدات والطائرات والسفن الأمريكية.

أي بصريح العبارة - انها دول تشارك في الحرب على العراق وتسمح للأمريكان ومن معهم باستعمال تلك الأراضي للانطلاق عبرها لضرب العراق. بعد كل هذا، هل بقي هناك ما تقوله تلك الدول؟ بالطبع الاجابة هي <نعم، بقي لها دور هام وخطير سوف تلعبه لكن بعد نهاية الحرب>.

ان المنطق المنحاز في كلام القادة المتطرفين من إدارة جورج بوش الابن سوف يجر العالم إلى الجحيم المنتظر. وليست الحرب نهايته بل بدايته السوداء، لأننا أمام حلف شيطاني عنصري فيه من القادة الذين يعتبرون أكثر خطرًا من عدوهم المفضل الرئيس العراقي صدام حسين على السلم العالمي والبشرية وأولهم أرئيل شارون صديق بوش ورامسفيلد وتشيني وشريكهم في التخطيط للحروب على الشعوب والدول التي يسمونها مارقة.

هذا المنطق المستنفذ والفارغ والقلق والنابع من تركيبة عنصرية عدائية لأصحابه لا يصلح لقيادة العالم، بل موقعه الطبيعي موجود في المافيا العالمية - مافيا المخدرات والسلاح وتجارة الجنس واللحم الحي.

(اوسلو)

المصطلحات المستخدمة:

اوسلو

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات