المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

الاستيطان في رأس العامود أحد المشاريع البارزة التي اختار رئيس الوزراء الإسرائيلي أرئيل شارون أن يدفعها إلى الأمام بينما كان العالم الخارجي منشغلا بحمى الحرب على العراق. والمشروع الآخر كان نزع ملكية الأراضي لمشروع استيطاني من نوع آخر: ففي شمال الضفة الغربية كانت الجرافات تعمل بلا انقطاع في تشييد كيلومترات من الجدار الإسرائيلي. ولكن المستوطنة اليهودية في رأس العامود تمثل بشكل خاص خطرا من وجهة النظر الفلسطينية لأنها عبارة عن تغيير آخر في الوضع القائم بالقدس، بمعنى أنها خطوة إضافية على طريق السياسة الإسرائيلية العنيدة بتغيير الوجه الديموغرافي للقدس، الأمر الذي يؤدي إلى تعريض مفاوضات السلام للخطر.

الاستيطان في رأس العامود أحد المشاريع البارزة التي اختار رئيس الوزراء الإسرائيلي أرئيل شارون أن يدفعها إلى الأمام بينما كان العالم الخارجي منشغلا بحمى الحرب على العراق. والمشروع الآخر كان نزع ملكية الأراضي لمشروع استيطاني من نوع آخر: ففي شمال الضفة الغربية كانت الجرافات تعمل بلا انقطاع في تشييد كيلومترات من الجدار الإسرائيلي. ولكن المستوطنة اليهودية في رأس العامود تمثل بشكل خاص خطرا من وجهة النظر الفلسطينية لأنها عبارة عن تغيير آخر في الوضع القائم بالقدس، بمعنى أنها خطوة إضافية على طريق السياسة الإسرائيلية العنيدة بتغيير الوجه الديموغرافي للقدس، الأمر الذي يؤدي إلى تعريض مفاوضات السلام للخطر.
كانت القدس دائما أحد محاور الخلاف الأكثر أهمية في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وقد وضعتها اتفاقيات أوسلو من بين مسائل التفاوض على الوضع النهائي. وكانت أحد أكثر المواضيع التفاوضية صعوبة في كمب ديفيد في صيف عام 2000، قبل أن تنهار تلك المفاوضات. وتمثل مستوطنة رأس العامود صورة مصغرة تعكس أهمية وحساسية القدس بشكل عام. كما أن النزاعات بشأن القدس تجسد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بمجمله من حيث إنها تتضمن عناصر الأرض والسكان والمستوطنات الإسرائيلية والحدود النهائية. وهذا بالتحديد السبب في أن الاحتلال الإسرائيلي ظل يتبع سياسة حثيثة في سبيل استباق نتائج أي تفاوض عن طريق عملية تخطيط لا تفتر بهدف تهويد المناطق الفلسطينية من المدينة.

وقد قامت الحكومة الإسرائيلية بالسعي من أجل ذلك في كل اتجاه ممكن: ببناء المجمعات السكنية من أجل إضافة المزيد من السكان اليهود في الجزء الشرقي المحتل من المدينة الأمر الذي يؤثر على التركيبة الديموغرافية، وبحجب رخص البناء عن الفلسطينيين بهدف تقليل أعدادهم، وكذلك بسحب هويات السكان العرب في القدس الذين لا يتمكنون من توفير التشكيلة الكبيرة من الأوراق والوثائق الضرورية لإثبات أن "مركز حياتهم" هو في المدينة.

وفي الآونة الأخيرة تضخمت المستوطنات الإسرائيلية في القدس إلى درجة أنها أخذت تشكل استراتيجية جديدة تتمثل في تطويق المناطق التي يسكنها الفلسطينيون وفي منع توسعها. وعلى هذا يعيش الفلسطينيون في جزر متفرقة محاطة بالمستوطنات الإسرائيلية التي أقيمت على أراض فلسطينية مصادرة. وسوف تمثل مستوطنة رأس العامود الجزء الذي يغلق إحدى هذه الأطواق على نحو يقطع اتصال المناطق الفلسطينية بعضها ببعض ويمنع الاستقلال، وبشكل أعم يحول دون تطبيق جوهر الحل القائم على دولتين.

الخطأ الاستراتيجي الذي يقع فيه مخططو السياسة الإسرائيليون في الاستمرار في هذا النهج إنما يكمن في اعتقادهم بأن خلق حقائق جديدة لا بد من أن يكون ذا اعتبار في أي تسوية سلمية نهائية بغض النظر عن شرعية هذه الحقائق. وقد تجلّت هذه العقلية في الاقتراح الإسرائيلي لحل مشكلة القدس في مفاوضات كمب ديفيد. فقد اقترحت إسرائيل أن يقوم الحل على قيامها بضم ما تمت مصادرته من القدس الشرقية، وافترضت إسرائيل ببساطة أن على الفلسطينيين أن يقروا لها بالغنائم كأمر واقع نظرا للحقائق على الأرض، وبالمقابل يعطى الفلسطينيون قدرا محدودا من السيطرة على تلك الأجزاء من القدس الشرقية التي لم تحاول إسرائيل ضمها على مدى خمس وثلاثين سنة من الاحتلال. ولا حاجة للتذكير بأن هذه الصيغة لم تنجح وأنها السبب في الأزمة التي نجد أنفسنا فيها اليوم.

إن استراتيجية خلق الحقائق لن تزيد من مكاسب إسرائيل في المفاوضات النهائية، عندما نصل إلى تلك المرحلة، بقدر ما ستقلل من فرص إحلال السلام بين الطرفين. ولن يقبل الفلسطينيون، الذين يجدون سندهم الوحيد في القانون الدولي وسط عدم توازن القوى، لن يقبلوا أي اتفاقية تسمح لإسرائيل بالاستيلاء على أرض صودرت بالقوة، والقانون الدولي واضح جدا في هذه النقطة. وتشير بنود القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة إلى جميع المناطق التي احتلت عام 1967 كمناطق واقعة تحت الاحتلال العسكري الذي فرض بعد عمليات حربية. وقد وجدت هذه المفاهيم تعبيرا لها اليوم في خريطة الطريق التي صاغتها اللجنة الرباعية، ويظهر أنها تكتسب المزيد من الزخم الآن. ففي ديباجة هذه الوثيقة نقرأ: "ستحلّ التسوية النزاع الإسرائيلي الفلسطيني وتنهي الاحتلال الذي بدأ عام 1967 استنادا إلى أسس مؤتمر مدريد، ومبدأ الأرض مقابل السلام، وقرارات مجلس الأمن 242، 338، و 1397، وإلى الاتفاقيات التي توصل إليها الفرقاء سابقا، وإلى مبادرة ولي العهد السعودي الأمير عبد الله." إن إنهاء الاحتلال يعني إنهاء كل أساليب السيطرة على الفلسطينيين بما في ذلك محاولات تطويقهم أو جعلهم أقلية عددية بالقوة.

غسان الخطيب هو وزير العمل في حكومة السلطة الفلسطينية. وقد عمل لسنوات محللا سياسيا وصحفيا.

المصطلحات المستخدمة:

تهويد, مؤتمر مدريد

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات