المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

ترجمة وإعداد: سعيد عياش

تعريف:

ننقل هنا ملخصا لمقال مطول للكاتب الصحافي الإسرائيلي نداف شرغاي، المتخصص في شؤون القدس والاستيطان اليهودي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، يستعرض فيه بشكل مسهب خلفية ومكونات وأهداف المخطط الاستيطاني التوسعي الخطير، المعروف باسم مخطط E1، الهادف إلى توسيع كتلة "معاليه أدوميم" الاستيطانية (إلى الشرق من القدس الشرقية المحتلة) وربطها بالقدس في نطاق تنفيذ مشروع "القدس "الكبرى" الإسرائيلي، وقطع التواصل الجغرافي بين شمال الضفة الغربية وجنوبها، وعزل القدس العربية عن محيطها، تمهيدا لضم هذه الكتلة الاستيطانية الكبرى إلى إسرائيل وبسط السيادة الإسرائيلية عليها.

ويبين شرغاي في مقاله هذا (كتبه في أيار 2009) الذي قام معهد الأبحاث والدراسات الإسرائيلي اليميني "المركز المقدسي لشؤون الجمهور والدولة" بإعادة نشره حديثا على موقعه الالكتروني، ما يصفه بـ "الأهمية الإستراتيجية" لهذه الخطة التي عاد الحديث عنها في إسرائيل إلى الواجهة مؤخرا، و"المخاطر التي يمكن أن تنجم عن عدم تنفيذها"، على الرغم مما تثيره الخطة من جدل ومعارضة شديدة في الساحة الدولية، حتى من جانب الإدارة الأميركية الحالية، نظرًا إلى ما تنطوي عليه من "قتل تام" ونهائي لحل الدولتين.

خلفية

تمتد مساحة موقع خطة البناء (الاستيطانية) المسماة E1 على قرابة 12 ألف دونم، غالبيتها "أراضي دولة"، شمالي وغربي الطريق (الشارع) الواصل بين القدس ومستوطنة "معاليه أدوميم" (شرقا).

مهندسو هذه الخطة، التي ولدت في دوائر التخطيط التابعة لوزارة الإسكان الإسرائيلية، أرادوا بواسطتها ربط مستوطنة معاليه أدوميم- التي أقيمت قبل حوالي 25 عاما ويقطنها حاليا قرابة 36 ألف مستوطن- بمرتفعات جبل سكوبس الواقع داخل حدود نفوذ البلدية الإسرائيلية في القدس. وقد أيدت جميع الحكومات الإسرائيلية، منذ عهد إسحق رابين وحتى الآن، هذه الخطة (التي تنص في جوهرها على تشييد 3500 وحدة سكنية ومنطقة تجارية وأخرى فندقية) انطلاقا من إدراك وجوب التطلع نحو إيجاد تواصل عمراني إسرائيلي بين "معاليه أدوميم" والقدس. ويشكل هذا الفهم جزءا من الرؤية (الإسرائيلية- الصهيونية) للقدس والمستوطنات اليهودية المحيطة بها كحيز متروبوليني واحد يدعى "القدس الكبرى".

ويعارض المجتمع الدولي عموما خطة E1، التي يقول الفلسطينيون بأنها تهدف إلى تمزيق أوصال الضفة الغربية، ومنع الترابط السيادي والعمراني الفلسطيني بين شمالي الضفة وجنوبها. وتسعى إسرائيل من خلال تنفيذ الخطة إلى خلق تواصل بين غربي القدس وشرقها (معاليه أدوميم ومداخل البحر الميت) وذلك كجزء من "حزام أمني استيطاني يهودي حول القدس"، يمنع إمكانية قيام حزام عمراني فلسطيني يطوق القدس من الجهة الشرقية، وعودة القدس إلى مكانة "مدينة أطراف" (أي الوضع الذي كانت عليه عشية حرب حزيران 1967)، بشكل يحول دون إمكانية تطور وتمدد المدينة شرقا. كما تسعى إسرائيل، من خلال الخطة ذاتها، إلى تأمين طريق القدس- أريحا الرئيس من أية تهديدات أو توسعات ديمغرافية فلسطينية، هذا الطريق (الشارع) الذي تعزو إليه إسرائيل أهمية أمنية- عسكرية إستراتيجية من الدرجة الأولى في حال اندلاع حرب أو إحياء الجبهة الشرقية مجدداً.

ويسود في إسرائيل إجماع تام تقريبا فيما يتعلق بربط "معاليه أدوميم" بالقدس بواسطة خطة E1، وضرورة بسط السيادة الإسرائيلية على هذه المنطقة مستقبلا كجزء من الحدود الدائمة لدولة إسرائيل.

نظرية "القدس الكبرى"

شيدت إسرائيل حول القدس، بهدف تكريس مكانتها كـ "عاصمة موحدة" لها وتعزيز مناعتها، سلسلة من الأحياء والمستوطنات اليهودية على أطراف وضواحي المدينة، وأقيمت من ضمن ذلك (في العام 1982) مستوطنات معاليه أدوميم (من الشرق) وغفعات زئيف (من الشمال) وإفرات (من الجنوب)، وقد تحولت هذه المستوطنات الثلاث إلى "مدن أطراف" محيطة بالمدينة، كذلك أقامت في العام 1990 مستوطنة (مدينة) بيتار، إلى الجنوب الشرقي. وقد أقيمت حول هذه المستوطنات (المسماة "مدن تابعة" للقدس) عشرات المستوطنات الصغيرة.

ومنذ ذلك الوقت اعتبرت إسرائيل أن هذه الكتلة الاستيطانية - المدن التابعة والمستوطنات الصغيرة المحيطة بها – هي جزء لا يتجزأ مما أسمته "القدس الكبرى" وعرفتها رسميا كـ "حيز متروبوليني واحد". ووفقا لرؤية الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منذئذ، فإن هذه الكتلة الاستيطانية، كحال الكتل الاستيطانية الكبرى التي أقيمت في مناطق الضفة الغربية على مقربة نسبيا من حدود "الخط الأخضر"، ستبقى ضمن حدود دولة إسرائيل وسيادتها وسيتم ضمها إليها في نطاق أية تسوية دائمة، يتم التوصل إليها مع الفلسطينيين. وقد وجه الرئيس الأميركي جورج بوش ، في العام 2004، رسالة بهذه الفحوى إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية في ذلك الوقت أريئيل شارون، أعلن فيها أن الولايات المتحدة ستأخذ بنظر الاعتبار في أية تسوية دائمة إسرائيلية- فلسطينية، الواقع الديمغرافي الذي نشأ في المنطقة (على الأرض) منذ حرب حزيران 1967، وأنه ليس من المتوقع أو المنتظر أن تنسحب إسرائيل انسحابا كاملا من كل أراضي الضفة الغربية. من جهته رأى رئيس الحكومة شارون في رسالة الرئيس بوش إنجازا إسرائيليا نابعا من قرار حكومته (حكومة شارون- 2005) المتعلق بتنفيذ خطة الانفصال الأحادي الجانب عن قطاع غزة.

إلى ذلك فقد رسمت إسرائيل مسار جدار الفصل بناء على مبدأ ضم الكتل الاستيطانية إلى حدود دولة إسرائيل وسيادتها، بحيث تضم إلى غربي الجدار غوش عتصيون، إفرات، معاليه أدوميم، غفعات زئيف، أريئيل، بيتار عيليت، موديعين عيليت، ألفي منشيه، كارني شومرون وكدوميم.

فيما يتعلق بموضوع مسار جدار الفصل قدمت العديد من الالتماسات المعترضة على المسار، إلا أن المحكمة الإسرائيلية العليا، التي رفضت معظمها، سلمت بدورها أيضا بمبدأ ضم الكتل الاستيطانية إلى إسرائيل.

إقامة مستوطنة (مدينة)

معاليه أدوميم

أقيمت مستوطنة معاليه أدوميم بموجب قرار اتخذته الحكومة الإسرائيلية في العام 1977، مع أن مراسم وضع حجر الأساس للأحياء السكنية الأولى في المستوطنة جرت بعد مرور سنتين على اتخاذ القرار. وفي العام 1982 دخلت طلائع المستوطنين إلى الأحياء السكنية الجديدة... في العام 1991 اعترفت الدولة الإسرائيلية بمعاليه أدوميم كـ "مدينة"، وكانت بذلك أول مدينة إسرائيلية تقام في أراضي الضفة الغربية بعد حرب العام 1967.

ويزيد تعداد الإسرائيليين القاطنين حاليا في "معاليه أدوميم" ( التي شيدت فيها في السنوات الأخيرة العديد من الأحياء السكنية الجديدة) عن 40 ألف مستوطن، وتقع المستوطنة على بعد سبعة كيلومترات إلى الشرق من الحدود البلدية الرسمية للقدس، على طريق القدس - أريحا، وتجاورها من الجهة الشمالية مستوطنات بسغات زئيف، التلة الفرنسية ورامات أشكول. وتطل الأطراف الغربية للمستوطنة على جبل الزيتون وجبل سكوبس والطور، فيما تطل أطرافها الشرقية على بادية الضفة الغربية. ويمتد النفوذ الإداري- البلدي لمستوطنة معاليه أدوميم على ما مساحته 65 ألف دونم تشمل مناطق سكنية وصناعية وحرجية ومناطق أخرى. ومن ضمن الأهداف التي وضعت في نطاق الخطة الهيكلية لمستوطنة معاليه أدوميم، تعبئة حوالي 15 ألف وحدة سكنية ورفع عدد سكان المستوطنة- المدينة إلى 70 ألف نسمة بحلول العام 2020.

خطة E1

في العام 1991 وقع وزير الدفاع في حكومة إسحق شامير، موشيه آرنس، على أمر يقضي بنقل جزء من المنطقة المسماة E1 إلى سلطة المجلس المحلي لمستوطنة معاليه أدوميم. وفي كانون الثاني 1994 قررت اللجنة الفرعية للاستيطان في مجلس التخطيط (الإسرائيلي) الأعلى في الضفة الغربية إيداع خطة جديدة توسع الخطة (الخريطة) الهيكلية لمستوطنة (مدينة) معاليه أدوميم. هذه الخطة شكلت من الناحية العملية أساسا للخطة المستقبلية التي سميت E1، والتي تشمل مساحة تصل إلى حوالي 12 ألف دونم. وقد أوعز رئيس الحكومة في ذلك الوقت، إسحق رابين، إلى وزير الإسكان في حكومته (1994- 1995) بنيامين بن إليعازار بالشروع في التخطيط لإقامة حي استيطاني جديد في المنطقة ذاتها، وشرع منذ ذلك الحين بدفع وإقرار إجراءات التخطيط والتنظيم لمخطط E1، إلا أن هذه الإجراءات لم تستكمل نهائيا، وذلك بسبب معيقات سياسية.

ووفقا للمخطط الذي أقر في حينه فإن الحي الاستيطاني الجديد، الذي أعطيت خطته تسمية عبرية "مفاسيرت أدوميم"، سيتكون من 3500 وحدة استيطانية تتوزع على ثلاثة أحياء سكنية، بالإضافة إلى خطط لإقامة مقر قيادة لواء "يهودا والسامرة" التابع للشرطة الإسرائيلية، في نفس المنطقة، ومجموعة من الفنادق والمواقع السياحية والصناعية والتجارية.

وتمتد حدود المخطط الكامل لتصل من الجهة الجنوبية الشرقية إلى تخوم بلدتي العيزرية وأبو ديس، ومضارب عشيرة "عرب الجهالين"، ومن الجهة الغربية، حتى تخوم قرية العيسوية والمنحدرات الشرقية لجبل سكوبس وقريتي عناتا والزعيم، وشمالا حتى تخوم قرية حزما، كما تمتد مساحة المخطط لتشمل التلال الواقعة بين معاليه أدوميم والقدس، والتي تشرف على الطرق والشوارع الرئيسة في المنطقة. كذلك تنص الخطة على إنشاء مراكز صناعية وتجارية توفر خدمات لمختلف الفئات السكانية في منطقة القدس و"آلاف أماكن العمل للأيدي العاملة الإسرائيلية والفلسطينية"، إضافة إلى إقامة حديقة كبيرة تمتد على آلاف الدونمات.

في العام 2002 أقيمت داخل منطقة الخطة قاعدة (معسكر) لقوات شرطة "حرس الحدود"، فيما بدأت في العام 2004، في أثناء تولي زعيم حزب "المفدال" الأسبق (الجنرال المتقاعد) آفي إيتام منصب وزير الإسكان، أعمال إنشاءات البنى التحتية على الأرض، والتي شملت شق شبكة طرق تؤدي إلى الأحياء السكنية الاستيطانية المخطط إقامتها في نطاق الخطة ذاتها، وفي آذار 2006 شرعت إسرائيل في بناء المقر الجديد لشرطة لواء "يهودا والسامرة" فوق أراض مساحتها 14 دونما في قلب منطقة E1، أما مساحة مبنى المقر ذاته (والذي أنجز بناؤه منذ عدة سنوات) فتبلغ حوالي 5400 متر مربع.

ويشمل مسار جدار الفصل في منطقة "غلاف القدس" منطقة E1، فيما أجل رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق إيهود أولمرت الشروع في تنفيذ خطط البناء، السكني والخدماتي، المنصوص عليها في المخطط ذاته، والتي ما زالت معطلة حتى الآن. وقد أقر أولمرت صراحة في مقابلة نشرتها صحيفة "جيروزاليم بوست" في أيلول 2005، بأن إسرائيل التزمت أمام الإدارة الأميركية بعدم البناء بين مستوطنة "معاليه أدوميم" وبين مدينة القدس، مع ذلك أكد أولمرت بأن ذلك لا يعني إسدال الستار على الخطة.

معاليه أدوميم ومنطقة E1 في قلب الإجماع الإسرائيلي

خلال نقاش جرى في الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي في 5/10/1994 صرح رئس الحكومة إسحق رابين بأن "القدس الموحدة سوف تشمل أيضا معاليه أدوميم وغفعات زئيف، كعاصمة لإسرائيل وتحت سيادتها..".

وقبل ذلك بستة أشهر (في نيسان 1994) كان رابين قد سلم بنفسه وثائق ضم منطقة E1، إلى رئيس بلدية "معاليه أدوميم" بني كسريئيل.

بعد اغتيال رابين، وفي 13 آذار 1996، عاد رئيس الحكومة شمعون بيريس وأكد على موقف الحكومة ومؤداه أن إسرائيل ستطالب ببسط سيادتها على مستوطنة "معاليه أدوميم" في إطار اتفاقيات التسوية الدائمة. وفي مطلع نيسان 2005 صرح رئيس الحكومة أريئيل شارون بأن "E1 هي خطة عمرها عشر سنوات، وهناك نية للاستمرار فيها". كذلك صرح وزير الدفاع في حكومة شارون، شاؤول موفاز، في أثناء جولة قام بها في منطقة E1، بأنه يساند الخطة الرامية إلى إنشاء تواصل يهودي بين القدس و"معاليه أدوميم".

وكانت بلدية "معاليه أدوميم" قد وزعت شريطا دعائيا مصورا يتضمن تصريحات لشخصيات سياسية إسرائيلية مركزية تؤكد على الالتزام بضم كتلة "معاليه أدوميم" وتوسيعها وربطها بالقدس عبر تنفيذ مخطط منطقة E1 الاستيطاني التوسعي، وهذه بعض الأمثلة:

- أريئيل شارون: "سنواصل البناء في معاليه أدوميم التي ستبقى جزءا من دولة إسرائيل إلى الأبد.. أتوقع مستقبلا باهرا وعظيما لمعاليه أدوميم".

- إيهود باراك: "لا بد من تجسيد سيادتنا على ممر منطقة E1. بدون وجود استعداد لإنشاء تواصل يربط جبل سكوبس بمعاليه أدوميم، ستكون معاليه أدوميم في خطر. إذا لم نتخذ فورا قرارا سياسيا بفرض وتكريس وقائع عملية على الأرض، فإننا قد نفقد معاله أدوميم".

- إيهود أولمرت: "أرى في مخيلتي، كواقع قريب وليس كشيء بعيد، كامل الطريق الممتد من معاليه أدوميم وحتى القدس ومن القدس إلى معاليه أدوميم، كامتداد عمراني متصل لا يتوقف. هناك أمور خارج نطاق أي جدل أو خلاف، فكامل منطقة غلاف القدس ستبقى إلى الأبد جزءا من القدس ومن دولة إسرائيل، ومعاليه أدوميم هي جزء من هذه المنطقة".

- بنيامين نتنياهو: "نريد إنشاء امتداد القدس الكبرى من الغرب إلى الشرق، والفلسطينيون يريدون إنشاء امتداد بناء من الشمال إلى الجنوب، سوف يتغلب في النهاية أحد الطرفين.. هم لن يتنازلوا.. يسعون إلى خنق القدس من جهة، وفصلها عن معاليه أدوميم من جهة أخرى. ينبغي علينا أن نتغلب عليهم عبر بناء وتنفيذ (خطة) E1".

- سيلفان شالوم (ليكود- وزير خارجية سابق): "إن ربط معاليه أدوميم بالقدس على المدى البعيد أمر حتمي لا مناص منه".

- عضو الكنيست تساحي هنغبي (كاديما): "لن يجرؤ أي رئيس حكومة، أو أي حكومة، على التطاول على معاليه أدوميم أو المس بها، هذه المدينة التي تشكل خط الدفاع عن القدس.. لقد اجتازت معاليه أدوميم نقطة العودة والتراجع. ليس هناك ما يدعو إلى القلق".

- رئيس الكنيست رؤوفين ريفلين: "خطة E1 هي غاية ومهمة لن نتخلى عنها أبدا. لو كان إسحق رابين على قيد الحياة، لكان قد أمر بشكل لا يقبل التأويل بتنفيذ خطة E1".

على أرض الواقع.. الفلسطينيون يبنون

لم تشيد إسرائيل حتى الآن حي E1، باستثناء بناء مركز الشرطة، وشق بعض الطرق والشوارع. ويظهر جليا في منطقة الخطة اتجاه نحو اتساع وتمدد رقعة البناء الفلسطيني غير القانوني، خاصة من جهة حي "الزعيم" في اتجاه الجنوب الشرقي للمنطقة، ومن جهة بلدة عناتا في الشمال. هذا في حين تبدي السلطات الإسرائيلية تهاونا في تطبيق قوانين التنظيم والبناء التي تسري على "مناطق ج" القريبة من القدس، سواء بسبب ضغوط دولية، أو ضغوط تمارسها حركات اليسار (الإسرائيلية). ووفقا لتقديرات جهات أمنية إسرائيلية فقد تقلص مدخل الممر بين القدس ومعاليه أدوميم من عرض 2 كم تقريبا، والذي كان فارغا من أي بناء قبل حوالي 15 عاما، إلى كيلومتر واحد حاليا.

وتحذر الجهات الأمنية ذاتها من أنه إذا لم تقم إسرائيل بخطوات جادة لوضع حد لظاهرة سيطرة الفلسطينيين على هذه الأراضي، فسوف ينشأ خطر حقيقي باستحالة إمكانية تنفيذ خطة E1 مستقبلا، ولا سيما في الجهة الشمالية الغربية للمنطقة.

ويلاحظ أن الفلسطينيين يسعون إلى ربط إحياء القدس الشرقية ببعضها وربطها بالأحياء والبلدات القريبة الواقعة في أراضي الضفة الغربية .

من الواضح أن تنفيذ خطة E1، سوف يؤدي عمليا إلى إنشاء امتداد (تواصل) عمراني إسرائيلي- يهودي بين القدس ومعاليه أدوميم، وإلى إقامة منطقة عازلة بين التجمعات السكانية الفلسطينية الواقعة في شمالي الضفة الغربية وجنوبها، مما سيحول في الظاهر دون إمكانية إقامة دولة فلسطينية متصلة ومترابطة جغرافيا. في المقابل إذا انتقلت منطقة E1 إلى أيدي الفلسطينيين، و/ أو إذا تصاعدت وتيرة البناء الفلسطيني في المنطقة، فإن ذلك سيمكن الفلسطينيين من تحقيق خطتهم القديمة لربط منطقة "غلاف القدس" العربي من الشرق بواسطة التواصل العمراني، وشمالا من قرى وبلدات الرام وحزما وعناتا، وحتى العيزرية وأبو ديس جنوبا، على مداخل بيت لحم، مما يعني الفصل بين القدس ومعاليه أدوميم، وعودة القدس إلى مكانة "مدينة أطراف" من النواحي الاقتصادية والأمنية والتخطيطية، ونشوء امتداد عمراني فلسطيني يتيح قيام دولة فلسطينية على كامل أراضي الضفة الغربية تقريبا، ومن هنا فإن تنفيذ خطة البناء في منطقة E1 سيكون الفيصل بين قيام امتداد (عمراني) يهودي من الغرب إلى الشرق، وبين قيام امتداد فلسطيني من الشمال إلى الجنوب، وعليه فإن التلكؤ في تنفيذ خطة البناء في المنطقة يقرب أجل الحسم لصالح التواصل الفلسطيني بين شمالي الضفة وجنوبها.

شارع "نسيج الحياة"

في تشرين الأول 2007 صادرت إسرائيل 1100 دونم من أراض تابعة لأربع قرى فلسطينية وذلك لغرض شق "نسيج الحياة" الفلسطيني. وقد كانت غالبية هذه الأراضي المصادرة "أراضي دولة" والباقي (225 دونما) أراض بملكية خاصة. والهدف من شق هذا الشارع هو إتاحة قيام تواصل مروري بين منطقتي رام الله وبيت لحم.. وبالفعل فقد استثمرت إسرائيل قرابة 300 مليون شيكل في شق مقطع واحد من هذا الشارع، الذي يمر بمحاذاة قرية حزما، ويلتف على عناتا من الجهة الشرقية وصولا إلى حاجز الزعيم، جنوبا.

ويمر هذا الشارع عبر نفق تحت شارع القدس- معاليه أدوميم. غير أن تنفيذ شق المقطع الثاني من الشارع، ما زال معطلا بسبب عدم توفر الميزانيات المطلوبة كما يبدو. ومن المقرر أن يتجه هذا المقطع إلى الجنوب الشرقي، حتى المدخل (الحاجز العسكري) المؤدي إلى بلدة العيزرية من الجهة الشمالية.

وتقترح بعض الحركات اليسارية الإسرائيلية إعطاء منطقة E1 للفلسطينيين وأن تقوم إسرائيل بربط القدس بمستوطنة معاليه أدوميم عبر نفق تحت سطح أراضي المنطقة ذاتها.

عموما، هناك جهات سياسية إسرائيلية مختلفة لا تستبعد إمكان تنفيذ خطة البناء في منطقة E1 في نطاق "صفقة" أو تسوية تنص على إعادة تقسيم مدينة القدس، وذلك بروح التفاهمات التي تم التوصل إليها في الماضي، في إطار وثيقة بيلين- أبو مازن في أواسط التسعينيات، ومقترحات الرئيس بيل كلينتون خلال محادثات قمة كامب ديفيد 2000.

غير أن من الصعب فهم كيف يمكن لخطة من هذا القبيل أن تساهم في أمن ومناعة القدس، حين تتحول أحياء عربية أخرى في شرقي القدس إلى عازل بين معاليه أدوميم والقدس، مع وجود ممر ضيق فقط بينهما.


استنتاجات

· إن تنفيذ خطة E1 هو مصلحة إسرائيلية حيوية.

· إن من شأن التلكؤ في تنفيذ الخطة أن يشكل خطرا على تجسيدها مستقبلا وذلك بسبب البناء الفلسطيني غير القانوني الزاحف نحو المنطقة، وغزو البدو ومضاربهم لأراضيها.

· عدم تنفيذ الخطة سيؤدي على الأرجح إلى قيام امتداد (تواصل) عمراني فلسطيني من الجهة الشرقية، يفصل بين معاليه أدوميم والقدس، وربما يعيد القدس مستقبلا إلى مكانة "مدينة أطراف" مقيدة اقتصاديا وعمرانيا وأمنيا.

· ينبغي على إسرائيل أن تبيّن وتشرح للإدارة الأميركية مدى حيوية خطة E1 بالنسبة إليها (أي إسرائيل)، وأن تصر على تنفيذها بمعزل عن التسوية الدائمة، وذلك بناء على رسالة الرئيس بوش إلى شارون من العام 2004.

· إذا ما قامت دولة فلسطينية، فإن الرابطة الفلسطينية المرورية (المواصلات) بين شمالي الضفة الغربية وجنوبها يمكن أن تتم بواسطة "شارع نسيج الحياة" بعد استكماله.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات