المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

الرئيس الاسرائيلي يبدأ مشاوراته لاختيار مكلَّف بتشكيل الحكومة الجديدة * بيريس يسعى لتشكيل كتلة "يسار - وسط" ويعتقد بأن جسماً كهذا يعدّ 43 نائبا سيكون قادراً على تحريك شارون نحو تقديم تنازلات بعيدة المدى في المجال السياسي، وشق الطريق لاقامة حكومة وحدة وطنية.

انتهى ظهر الاثنين 3 شباط اللقاء الاول منذ ظهور نتيجة الانتخابات التشريعية في اسرائيل بين زعيم "الليكود" ارئيل شارون وزعيم "العمل" عمرام متسناع بفشل الأول في إقناع رئيس الحزب الثاني في البرلمان القادم بالانضمام الى مساعيه لتشكيل حكومة وحدة وطنية في اسرائيل.
وصرح عمرام متسناع للصحفيين بعد اللقاء ان حزب العمل لن ينضم الى حكومة وحدة "بدافع من المسؤولية القومية، وسيكون في المعارضة". وقال ان حزبه سيعطي حكومة شارون شبكة امنية في المواضيع التي تتصرف فيها الحكومة بمسؤولية قومية". واضاف: "الدولة هي الأهم، وسنتصرف كمعارضة رسمية. من الجدير ان تقف الدولة امام طريقين، لا يمكن طمس الفوارق الجوهرية بينهما".

وصرح مقربون من متسناع بعد اللقاء ان شارون عرض مواقف "الليكود" التقليدية، وانه، خلافا لتصريحاته العلنية، لم يترك مجالا لانضمام العمل الى حكوكمة وحدة. المسافة بين المواقف ما زالت كبيرة".

في غضون ذلك بدأت الاثنين 3 شباط في ديوان رئيس الدولة الاسرائيلي المشاورات بين الرئيس موشي قصاب وممثلي الاحزاب الاسرائيلية التي فازت بمقاعد في الانتخابات التشريعية الاخيرة، لاختيار النائب القادر على تشكيل غالبية داخل الكنيست السادس عشر.

ومن المؤكد ان يختار الرئيس الاسرائيلي رئيس الوزراء الحالي ارئيل شارون الذي حصل حزبه على 38 نائبا من اصل 120 وحل في الطليعة بفارق كبير عن حزب العمل الذي حل في المرتبة الثانية مع 19 مقعدا.

وتستغرق لقاءات قصاب بممثلي الاحزاب ثلاثة ايام، بدأها بلقاء ممثلين عن الليكود لانه الحزب الذي حل في الطليعة، ثم يلتقي ممثلين عن حزب العمل وبقية الاحزاب الممثلة في الكنيست الجديد.

وينص القانون على ان امام الرئيس الاسرائيلي مهلة من سبعة ايام بعد نشر النتائج الرسمية والنهائية للانتخابات لاختيار النائب المهيأ افضل من غيره لتشكيل الائتلاف الحكومي.

* بيريس يسعى لتشكيل كتلة "يسار - وسط"

وفي مساع واضحة للدخول في حكومة وحدة وطنية مع شارون، يبحث عضو الكنيست شمعون بيريس في تشكيل كتلة يسارية من أحزاب الوسط – اليسار تضم احزاب العمل، شينوي، عام إحاد وميرتس، على أساس "برنامج من المبادىء المقبولة على جميع الأحزاب".

وذكرت "معريف" (3 شباط) التي اوردت النبأ ان بيريس عرض على رئيس "العمل" عمرام متسناع البدء فورا باتصالات مع رؤساء الأحزاب ذات الصلة، على أمل بلورة الكتلة قبل بدء المفاوضات الائتلافية الرسمية، تمهيدا لتشكيل حكومة جديدة في اسرائيل.

وتقول اوساط مطلعة في "العمل" أن بيريس يعتقد بأن جسماً كهذا يعدّ 43 نائبا سيكون قادراً على تحريك شارون نحو تقديم تنازلات بعيدة المدى في المجال السياسي، وشق الطريق لاقامة حكومة وحدة وطنية.

وتأتي هذه المحاولات في وقت يبدأ فيه "اليسار" الإسرائيلي في هذه الأيام "حساباً مع النفس"، في ضوء الفشل الذريع الذي كان من نصيبه في انتخابات 28 كانون الثاني الماضي.

ويعيش حزبا "العمل" و "ميرتس" أياماً عصيبة أطاحت بعدد من الوجوه البارزة على الساحة البرلمانية، وحجبت شخصيات قيادية في "معسكر السلام"، وبرأسها الدكتور يوسي بيلين وعضو الكنيست ياعيل دايان، عن حلبة البرلمان السادس عشر القادم.

ويؤيد بيريس الدخول في حكومة وحدة وطنية ثانية مع شارون، مع انه اضطر لتأييد التزام قيادة حزبه بعدم تكرار تجربة الحكومة السابقة، المعلن في أوج معركة الانتخابات الاخيرة. وقالت الانباء انه قد يستقيل من كتلة حزبه البرلمانية في حال فشلت كحاولاته ايجاد ارضية مشتركة يقف فيها حزبه مع "الليكود" و "شينوي" في حكومة شارون القادمة.

وتستذكر اوساط في "العمل" محاولات بيريس قبل الانتخابات العامة توحيد عدد من الاحزاب في "معراخ" جديد يخوض الانتخابات في قائمة مشتركة. وفي اطار هذه المحاولات التقى بيريس قبل الانتخابات مع رئيس "شينوي" يوسف لبيد وشخصيات اخرى من الوسط الحزبي. لكن الفكرة ازيحت عن جدول الاعمال جراء معارضة قيادات متنفذة في حزب "العمل"، ولقصر المدة الزمنية الناجمة عن تبكير موعد الانتخابات.

ونقلت "معريف" عن قياديٍّ بارز في "العمل" التقى مع بيريس مؤخراً بهذا الشأن قوله ان "الفكرة ان تعرض هذه الاحزاب على شارون سلسلة من المطالب منها بدء مفاوضات سياسية والقيام باصلاحات عامة والغاء قانون طال وغيرها".

وقالت اوساط مقربة من رئيس "العمل" عمرام متسناع انه حاول فعلاً فحص مدى جاهزية الجهاز السياسي في اسرائيل لقيام كتلة يسار كهذه، وذلك خلال لقائه مع زعيم "شينوي". لكن بيريس تبين انه "ليس هناك ما يمكن الحديث عنه" مع هذا الحزب المعني بدخول حكومة شارون "بأي ثمن" تقريبا، مع انه يرفع مطالب تعجيزية في ظاهرها، وبخاصة في رفضه الشراكة في ائتلاف واحد مع "شاس".

وتعيش الاحزاب المحسوبة على اليسار الصهيوني ازمة حادة بعد تراجع قوّتها في البرلمان السادس عشر، مقابل تعزز قوة اليمين.

وكان حزب "ميرتس" ابرز الخاسرين في هذه المعركة، إذ تراجعت قوّته البرلمانية من عشرة الى ستة مقاعد في البرلمان الجديد.

وقدم زعيم الحزب يوسي سريد استقالته من رئاسة حزبه مباشرة بعد ظهور نتائج الانتخابات، متحملا المسؤولية الشخصية عن فشله في الحفاظ على قوّة "ميرتس" البرلمانية.

لكنه عاد الى تبرير اسباب تراجع حزبه الى ستة مقاعد بالقول ان ذلك ناجم عن "عدم تنصل ميرتس التام من ياسر عرفات" في المعركة الانتخابية.

ويعيش "العمل" ازمة في تحديد الاتجاه الذي سيمضي فيه بعد أن مني بخسارة كبيرة وتراجع بستة مقاعد عن قوّته في البرلمان الخامس عشر المنتهية مدته، ليصبح 19 مقعدا فقط في البرلمان الجديد.

وتعالت اصوات في "العمل" اياماً معدودة قبل الانتخابات تطالب باستبدال متسناع بشمعون بيريس، الذي اظهر استطلاع اشكالي مفاجىء نشرته "معريف" قبل الانتخابات باسبوع يفيد بأن بيريس قادر على تعزيز قوة حزبه لتتعادل تقريبا مع قوة "الليكود" لو وقف برأس قائمة "العمل" الانتخابية. لكن قيادة "العمل" التفت حول متسناع في تظاهرة وحدة غير مقنعة، لم تنفع الحزب في صراعه للحفاظ على تماسكه والظهور بمظهر القادر على قيادة اسرائيل في ظروف سياسية واقتصادية مصيرية.

ويرفض "العمل" فكرة الانضمام لحكومة وحدة وطنية بقيادة ارئيل شارون، وقد خاض معركة الانتخابات رافعاً لواء التعهد بعدم المشاركة في حكومة لا تعتزم ان تفعل شيئاً على المسار السياسي مع الفلسطينيين، وتتحضر لمواصلة نفس البرنامج السياسي الذي وجهها خلال دورة عمل البرلمان الخامس عشر.

وفي المشاورات الائتلافية غير الرسمية الجارية هذه الايام يتمسك "العمل" برفضه الدخول في ائتلاف حكومي يخطط للعودة الى نفس مدارات الصراع مع الفلسطينيين، بنفس الافكار والخطوط العريضة التي وجهت عمل الحكومة السابقة.

المصطلحات المستخدمة:

الليكود, الكنيست, شينوي, الكتلة, معسكر السلام

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات