المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

يعاني طالبو اللجوء الأفارقة من ممارسات قمعية تتبعها إسرائيل في حقهم وصلت إلى ذروتها في العام 2012. وأصبح وجودهم في جنوب مدينة تل أبيب وخاصة في محيط محطتها المركزية أحد المعالم التي تميز قسوة المشاكل التي تعاني منها هذه المنطقة من المدينة

كتبت هبة زعبي:

يعاني طالبو اللجوء الأفارقة من ممارسات قمعية تتبعها إسرائيل في حقهم وصلت إلى ذروتها في العام 2012. وأصبح وجودهم في جنوب مدينة تل أبيب وخاصة في محيط محطتها المركزية أحد المعالم التي تميز قسوة المشاكل التي تعاني منها هذه المنطقة من المدينة، وتصدرت قضاياهم ومشاكل وجودهم وسائل الإعلام بسهولة وذلك بسبب التحريض العنصري الذي يوجه ضدهم وإشباعهم بسيل من التهم والتسبب في خلق مشاكل تنسب لهم بسبب وجودهم فقط تصدر من جهات يمينية ويمينية متطرفة خلال مظاهرات متكررة تقام ضد وجودهم، وباتت تستغل في الحملة الانتخابية الحالية وخاصة من قبل الوزير إيلي يشاي (شاس) الذي صرح بصورة علنية أنه سيجعل حياتهم جحيما لدفعهم إلى العودة من حيث أتوا.

وتفاخر رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو قبل أسبوع بإنجازه للجدار الحدودي مع مصر والذي قلل من فرص دخولهم إلى البلاد بشكل كبير.

وشرعت ضدهم العديد من القوانين حتى تصعب الحياة عليهم في إسرائيل وتمكن من سجنهم بسهولة.

نحن أمام واقع مؤلم ومعقد لفئات مجتمعية منبوذة خاطرت في حياتها للدخول إلى البلاد بعد أن واجهت معسكرات التعذيب في سيناء لطلب اللجوء في إسرائيل، وتراكمت أعدادهم في البلاد للتنافس على أمكنة عمل شغلها فلسطينيون من الداخل ومن الضفة، ويعملون في ظروف دنيا ويتعرضون للظلم من قبل المشغلين. وبشكل مقصود لا تقوم إسرائيل بتقديم الحلول للمساعدة في حل هذا الوضع لدفعهم للرحيل.

وقد تحدثنا مع الناشطة روتم إيلان عن عدة جوانب في قضية اللاجئين الأفارقة، وعن وضع العمال الأجانب الذين نشطت من أجل قضاياهم وأسست لذلك منظمة باسم "أولاد إسرائيليون".

(*) س: لماذا أطلقت اسم "أولاد إسرائيليون"، وما هو المقصود من هذا الاسم؟

إيلان: قصدت بالاسم "أولاد إسرائيليون" أنه حتى تصبح إسرائيليا لا ينبغي أن تكون يهوديا، بنظرنا كل طفل ولد في إسرائيل هو إسرائيلي ولا يوجد علاقة للدين في الأمر، وعلى مدار سنوات أنجبت العديد من العاملات الأجنبيات ممن عملن في مجال التمريض أطفالا، ومباشرة بعد إنجابهن سحبت منهن تأشيرة العمل استنادا إلى أمر إداري خاص بالعاملة الأجنبية الحامل، وهذا الوضع لا يمكن ايجاده سوى هنا وهو غير موجود في أية دولة غربية، أصبح بذلك مكوث العاملات في البلاد غير قانوني، لذا أقمنا هذه المنظمة العام 2009 حين حاولوا للمرة الأولى طرد هؤلاء الأطفال وكان عددهم 1200 طفل، وطالبنا بأن ينالوا مكانة قانونية في دولة إسرائيل.

(*) س: ما هو عدد العمال الأجانب في البلاد؟ ومن المستفيد من إحضارهم؟

إيلان: هناك مجموعتان كبيرتان من العمال في البلاد، الأولى هي العمال الأجانب الذين يأتون مع تأشيرة عمل من قبل وزارة الداخلية، أي أن من يأتي بهم هو إيلي يشاي وهو الذي يتحدث عن الطرد وكل ما إلى ذلك، وهو بنفسه الذي يستصدر هذه التأشيرات، ونشر أخيرًا أنه خلال هذه السنة أعطيت 80 ألف تأشيرة عمل لعمال أجانب، يستقدمونهم للعمل على مساعدة المسنين، أعمال البناء والزراعة. ويوجد لدينا 200 ألف عامل أجنبي، 100 ألف قانوني و100 ألف غير قانوني، من يحضرهم إلى هنا هي شركات قوى عاملة تربح من هذه العملية أموالا طائلة، لدينا تجارة رابحة مزدهرة على أكتافهم تستفيد منها الدولة وكافة المقربين من شركات القوى العاملة، فالوزير شلومو بنيزري من شاس سجن لتلقيه الرشوى حتى يحضر عمالا أجانب، نحن أمام مجال عمل فاسد يدر الكثير من الأموال.

(*) س: لماذا العدد الأكبر من طالبي اللجوء هو من إريتريا وتليها السودان؟ وما هي المفارقة في ذلك؟

إيلان: يسيطر على إريتريا نظام حكم ديكتاتوري قاس جدا، يفرض على السكان قضاء الخدمة العسكرية لفترة غير محدودة يمكن أن تصل لمدى الحياة، وبحالة رفضهم الانخراط في الخدمة يسجنون ويتم تعذيبهم. إريتريا دولة مخيفة وأغلب دول العالم لا تقيم معها أية علاقات دبلوماسية بسبب سياستها الديكتاتورية وقمعها لسكانها. لكن إسرائيل هي الدولة الغربية الوحيدة التي تقيم معها علاقات دبلوماسية ولديها سفارة هناك، وكشف مؤخرا أنه يوجد لإسرائيل معسكران في إريتريا، وأنه حين مرض ديكتاتور هذه الدولة عولج في إسرائيل، واستضاف الكنيست السفير الإريتري بترحيب كبير وصرح هناك أنه لا يوجد بينهم أي لاجئ. وهناك شهادات غير مؤكدة تستند إلى تقرير أمنستي أن إسرائيل تقوم ببيع السلاح إلى دول إفريقية وهي موجودة في مرتبة عالية جدا في بيع السلاح إلى إفريقيا وخاصة إلى المناطق التي تنشب فيها حروب، وهذا أمر مرفوض في نظري.

(*) س: ماذا كان مصير اللاجئين الذين أعيدوا إلى جنوب السودان؟ وهل طالبوا بالبقاء في إسرائيل؟

إيلان: دولة جنوب السودان والتي أعلن عنها حديثا من أفقر الدول في العالم، 50% من سكانها موجودون تحت خطر المجاعة في مستوى إنساني كما عرفتها الأمم المتحدة، وأقل من 50% يمكنهم الحصول على مياه نظيفة، وفقط 25% من السكان يمكنهم تلقي الخدمات الصحية والطبية، وهناك اختارت إسرائيل أن تعيد وتطرد العائلات السودانية، وأغلبيتها كانت مع أولاد شكلت نسبتهم النصف، وقد مات 10 أطفال من الذين قمنا بطردهم. هؤلاء لم يطلبوا المواطنة الإسرائيلية والبقاء في إسرائيل، فأغلبهم رغبت في العودة لدولتها، وأرادت المكوث لفترة تنتعش خلالها دولتها الجديدة وتكون آمنة وتعود مع أولادها، ولم تمنحها الدولة هذه الفرصة وقامت بطردها ومن ضمنها حالات إنسانية صعبة، فلقد طردوا أطفالا كانوا ضحايا لعنف والدهم وأرسلوهم إلى مكان لا يمكن حمايتهم به.

(*) س: من بقي من طالبي اللجوء؟ ولماذا أبقتهم إسرائيل ولم تعدهم الى بلادهم؟

إيلان: بقي الأفارقة من إريتريا والسودانيين من دارفور وجبال نوبة، فمن الناحية العملية لا يمكن طردهم بموجب المعاهدة الدولية لحقوق اللاجئين التي تحظر إعادتهم إلى مكان سيواجهون فيه خطرا على حياتهم. هناك معلومة ملفتة للنظر في خصوص هذه المعاهدة والتي وقعت العام 1951، وهي أن إسرائيل كانت الدولة التي أصرت على إعلانها وتوقيعها بسبب الأحداث التي وقعت في الحرب العالمية الثانية، وهي تلزم الدول أن تستقبل أشخاصا طالبي لجوء موجودين في خطر يهدد حياتهم في حالة عودتهم إلى بلادهم، ولا شك في أنها مفارقة مؤلمة.

(*) س: لماذا تدعي إسرائيل أنهم مهاجرو عمل وليس طالبي لجوء؟ وكيف تثبتون أن هذا الادعاء غير صحيح؟

إيلان: جميع من وصل منهم عاش في مخيمات التعذيب في سيناء حيث يتعرض الرجال والنساء منهم إلى تعذيب جسدي، ولا يحررونهم إلا عندما يحصلون على مبلغ مالي مقابل ذلك، وتتعرض النساء إلى الاغتصاب، ونشر قبل فترة قليلة عن 30 امرأة تعرضن للاغتصاب وهن حاليا يقبعن في السجن. منظمة "أطباء من أجل حقوق الإنسان" لديها صور حول علامات العنف على أجسادهم. يأتون إلى هنا من وضع قاس، وهم ليسوا مهاجري عمل كما يتهمهم ويهاجمهم الكثير عبر الإعلام، فما يتعرضون له من تعذيب خلال مجيئهم والذي يعرفونه مسبقا لا يقبله شخص عادي، فأن تكهرب أجسادهم وأن تطفأ عليها أعقاب السجائر ويسكب عليها الماء الساخن أمور لا يتحملها إنسان عادي، بل يوجد هنا شخص خائف على حياته بعد أن هرب من الموت في بلاده.

(*) س: ما هو مصدر القوانين التي شرعت لقمع طالبي اللجوء؟

إيلان: القوانين التي سنت لتصعب حياة طالبي اللجوء والعمال الأجانب هي في الأصل قوانين من أجل الفلسطينيين، حتى قانون "التسلل" هو صيغة محدّثة وجديدة لقانون من سنوات الخمسين شرع من أجل منع دخول فلسطينيين إلى إسرائيل، وقاموا بتجديد صياغتها في صورة مجددة حتى تلائم العمال الأجانب وطالبي اللجوء.

طالبو اللجوء عملوا في إنشاء

الجدار الحدودي مع مصر!

(*) س: هل يستغل المشغلون قانون "التسلل" لاستعباد طالبي اللجوء؟

إيلان: يكفي أن يقوم المشغل بالإدعاء أن "طالب اللجوء" قام بسرقته حتى يسجن فورا، وهذا الأمر يزيد من سلطة المشغلين عليهم وقمعهم لهم. هل تدرين من قام ببناء الجدار على الحدود؟ طالبو اللجوء أنفسهم، واشتكى العديد منهم أنهم لم يتلقوا أجرتهم. هم يسجنون أشخاصا لسنوات طويلة لأتفه الأسباب وبدون محاكمة، فقد صرح يشاي إعلاميا أنه سيلاحقهم حتى يملوا ويرجعوا من أين أتوا، إلى إريتريا الدولة الديكتاتورية، أو إلى دولة السودان حتى يواجهوا حكم الإعدام الذي ينتظرهم هناك بسبب مجيئهم إلى إسرائيل.

(*) س: أين يتركز طالبو اللجوء الأفارقة ومهاجرو العمل في إسرائيل؟ وكيف يؤثر وجودهم على المحيط من حولهم؟

إيلان: المجموعة الأكبر من مهاجري العمل، وخاصة من العاملات اللاتي أنجبن وفقدن تصريح العمل بسبب ذلك، تقطن منذ سنوات في جنوب تل أبيب، وهناك مجموعة أخرى في حيفا، ومجموعة ثالثة في القدس. أما طالبو اللجوء فإنهم متفرقون في ايلات، وعراد، ومجموعة كبيرة في جنوب تل أبيب. منطقة جنوب تل أبيب مهملة دائما ويتم التعامل معها بصورة تمييزية من قبل السلطات والبلدية قبل سنوات عديدة من قدوم طالبي اللجوء، فقد أقاموا فيها المحطة المركزية التي تسبب التلوث في جنوب المدينة، وبموجب نتائج بعض الأبحاث يستثمرون في جهاز التعليم ميزانية أقل من شمال المدينة، وبدون شك فإن إحضار مجموعة مستضعفة كطالبي اللجوء للسكن في مكان مهمل هو ليس بالأمر البسيط، فالدولة لا تستطيع طردهم لكنها في نفس الوقت لا تسهل عليهم إيجاد مصدر رزق ملائم والذين يحصلون عليه بصعوبة كبيرة، لذا نجد المئات منهم يعيشون في الحدائق والشوارع، وتضطر أعداد كبيرة منهم لاستئجار شقة معا.

(*) س: كيف ينعكس هذا الوضع على حياتهم؟ وهل يسبب وجودهم حالة فوضى أو حالات انحراف نحو الإجرام؟

إيلان: للأسف هناك جهات يمينية متطرفة كعضو الكنيست ميخائيل بن آري تقوم بإثارة التحريض والعنصرية ضدهم، كما تفعل في الخليل، وقد وجدت هنا وضعا مثاليا لها، فلا يوجد أسهل من تشجيع العنصرية ضد الغرباء والذين يلقون عليهم مسؤولية تفاقم الوضع. الأزمة هناك صعبة جدا، ويقيمون مظاهرات متكررة ضدهم. لكن المتهم هنا هي الدولة وهي المسؤولة عن تفاقم الوضع، والذي من المؤكد أنه سيدفع بعضهم إلى أن يرتكب مخالفات جنائية حين يعجز عن إيجاد لقمة العيش، لكن وفق معطيات الشرطة توجد نسبة إجرام بينهم أقل من باقي فئات المجتمع الإسرائيلي. وقعت قبل أسبوع حادثة اغتصاب مؤلمة ارتكبها شاب إريتري بحق مسنة عمرها 83 عاما، واستغلت كحجة لإقامة تظاهرة تحريض ضدهم، لكن لا ينقص المجتمع الإسرائيلي مغتصبون فلماذا لا يقيمون مظاهرة حين تحدث مثل هذه الأحداث؟. وتتميز هذه المظاهرات دائما بالعنف والعنصرية.

(*) س: كيف تستغل قضيتهم وإشكالية وجودهم في الانتخابات الحالية؟

إيلان: لدينا هنا دعاية انتخابية يمينية كلاسيكية تستند إلى "الكراهية ضد الغرباء"، واليمينيون يستغلونها جيدا في أجندتهم الانتخابية ويقومون باتهامهم كمسببين لكافة المشاكل الموجودة. وجميع ممثلي اليمين في العالم يستغلون "كراهية الغرباء" ويضعونها على أجندتهم الانتخابية، وهم يتنافسون فيما بينهم على من يوجه لهم التهم الأقسى، حتى أن الإعلام يتعاون معهم ويستخدم مثلا مصطلح "متسللين". وهم يستغلون قضيتهم في المعركة الانتخابية الحالية فأغلب الجمهور لا يرغب في استمرار وجودهم في الدولة. لكن يمكن الإشارة الى الدور الإيجابي الذي يلعبه كل من النائب دوف حنين من الجبهة وحزب ميرتس منذ سنوات للمطالبة بإيجاد حلول للقضية .

(*) س: هل يتلقون أية مساعدة من الدولة؟ وهل تقدم لهم الخدمات الصحية والطبية؟

إيلان: لا يتلقون خدمات صحية، وفقط ما تقدمه عيادة "أطباء من أجل حقوق الإنسان". يمكنهم تلقي خدمات غرف الخدمات الطارئة، لكنهم بعد ذلك يعجزون عن سداد الفواتير التي تتضاعف بسبب ذلك لمبالغ كبيرة.

(*) س: كيف يؤثر وجود طالبي اللجوء والعمال الأجانب على فرص العمل المتاحة للفلسطينيين في إسرائيل؟

إيلان: من المؤكد أن هذا يمس بهم، ففي كثير من الأحيان يتنافسون على نفس الأعمال، فالعمال الأجانب أحضروا للبلاد بعد الانتفاضة والاغلاقات على الضفة وعملوا مكان العمال الفلسطينيين في مجالي البناء والزراعة، والمشغلون يفضلون العمال الأجانب وطالبي اللجوء لأنهم يشغلونهم في ظروف عمل صعبة ويقومون باستغلالهم ودفع أجر أقل من الحد الأدنى بكثير ولا يوجد أي إشراف على عملهم. وهم في كثير من الحالات يأخذون أعمالا كان يعمل بها عرب من إسرائيل كالعمل في المطاعم وغسل الأطباق والتنظيف، لكن بشكل عام فإن ما يحدث هو طريقة مريحة للدولة حتى لا تشغل عربا وخاصة في مجال الزراعة. وخلال أحد إضرابات نقابة المزارعين ومطالبتها بإحضار 3000 عامل تايلندي جديد، توجت لها منظمة "معا" وأبلغتها عن وجود 1000 امرأة عربية مستعدة للعمل معها لكن مع تلقي أجر الحد الأدنى وتوفير الشروط الملائمة، لكنها لم توافق على قبولهن للعمل.

مركزة النشاطات الجماهيرية في

"مركز مساعدة العمال الأجانب":

إسرائيل تحتجز حاليًا 3 آلاف طالب لجوء وأعدت ألفي مكان في السجن لاحتجاز غيرهم!

تحدثنا عن موضوع طالبي اللجوء مع سيغال روزن، مركزة النشاطات الجماهيرية في "مركز مساعدة العمال الأجانب"، وذلك للاطلاع على أوضاع طالبي اللجوء من الناحية القانونية وتعامل السلطات الإسرائيلية معهم.

(*) س: ما هو عدد طالبي اللجوء في إسرائيل؟

روزن: بموجب المعطيات التي أعلنتها الدولة والتي نراها صحيحة، يوجد في البلاد حوالي 50 ألف طالب لجوء، 35 ألفًا من إريتريا، وأقل من 10 آلاف من السودان، والباقون من دول متفرقة. أعداد الذين ينجحون في الدخول قلت كثيرا بعد إقامة الجدار الأمني مع مصر، في أول السنة كان يفلح في الدخول بين 1000 حتى 2000 طالب لجوء، لكن ينجح اليوم في الدخول حوالي 50 شخصا شهريا.

(*) س: متى بدأت هذه الموجة واكتشف اللاجئون أن إسرائيل يمكنها أن تكون ملاذا لهم؟

روزن: بدأ هذا في العام 2006، وقد هرب طالبو اللجوء الأوائل من السودانيين بعد المظاهرة في حديقة مصطفى محمود في القاهرة، حيث قام المصريون بقتل عدد منهم وهرب قسم منهم إلى إسرائيل لأنه ظن أنهم لن يواجه أمرا أسوأ مما واجهه. مكث السودانيون الأوائل أكثر من سنة ونصف السنة في السجن ولم يكن واضحا أنهم سيقومون بإطلاق سراحهم، وقد عملنا على هذا الأمر بصعوبة لإطلاق سراحهم، بعدها لم يكن هناك متسع لمن أتوا بعد ذلك في السجن وأطلق سراحهم، وقام هؤلاء بالبحث عن عمل ونجحوا في ذلك، وهم بدورهم أبلغوا عائلاتهم عن جدوى قيامهم بالمجئ إلى هنا.

(*) س: كيف تقومون بمساعدتهم؟

روزن: نعمل مع طالبي اللجوء وكذلك مع مهاجري العمل ونحاول أن نمنع تشغيلهم في شروط عبودية. ونهتم بالقضايا التي تخص مكانتهم القانونية وقضايا اعتقالهم وطردهم.

(*) س: إلى أي مدى أفلحتم في إنقاذهم؟ وكيف يتوجهون إليكم؟

روزن: نجحنا مع بعض المجموعات لكن فشلنا مع أخرى، فمثلا مكثت في البلاد مجموعة تضم 1500 شخص من طالبي اللجوء من جنوب السودان طردتهم الدولة جميعا. وهم لا يتوجهون إلينا بل يقوم متطوعونا بالبحث عنهم داخل السجون، عملنا هو ميداني في داخل السجون.

(*) س: ما هو عدد طالبي اللجوء الذين يقبعون في السجن الآن؟

روزن: يوجد الآن حوالي 3000 سجين، وهناك 2000 مكان فارغ جرى تخصيصها لسجن لاجئين آخرين.

(*) س: وكيف يتم القبض عليهم؟ وما هي التهم التي توجه إليهم؟

روزن: هناك أمر إداري شرع في 24 تشرين الأول 2012 يتيح سجن أي شخص يعرفونه كـ"متسلل" اشتبه بتورطه في أية مخالفة جنائية وتكون حجة لاعتقاله بموجب قانون "التسلل" الذي شرع هذه السنة، ويلزم هذا الأمر بإجراء فحص للخلفية التي استندت اليها التهمة لكن هذا الأمر لا ينفذ على أرض الواقع، فقد اعتقلت بعض النساء من طالبي اللجوء حين توجهن لتقديم شكوى إلى الشرطة ضد أزواجهن لكنهن قمن بطلب إلغاء الشكوى ربما خوفا من أزواجهن، لا يمكن الجزم، واعتقل عدد من طالبي اللجوء بسبب امتلاكهم جهاز أيفون بعد أن رآهم شرطي وهو بحوزتهم وطالبهم بعرض إيصال شرائه ولم يتوفر الإيصال، اعتقلوهم بسبب ذلك وحتى بدون أي شكوى عن سرقتهم له أو أن أحدهم أبلغ عن رؤيته لهم وهم يسرقون الأيفون، يكفي أنهم يمتلكونه بدون إيصال حتى يسجنوهم، وقد اعتقل بهذه الطريقة أشخاص امتلكوا دراجات هوائية ولم يمتلكوا إيصالا لها، واعتقل آخرون بعد شكاوى بأنهم شاركوا في شجار. ويعتقل العشرات شهريا بهذه الطريقة منذ شهر تشرين الأول 2012 ومن دون سبب.

(*) س: ما هو المصير الذي ينتظرهم؟

روزن: طالبو اللجوء من نيجيريا وكينيا وباقي دول إفريقيا ما عدا إريتريا والسودان يطردون فورا. لكن الإريتريين والسودانيين بعد تطبيق قانون "التسلل" من حزيران 2012 يمكثون في السجن بدون إطلاق سراحهم، فالقانون يسمح باعتقال الإريتريين مدة 3 سنوات ضمن اعتقال إداري بدون توجيه أية تهمة لهم أو تقديمهم إلى المحاكمة، وهو يسمح باعتقال السودانيين لمدة غير محدودة. هذا القانون مؤقت لمدة 3 سنوات وقمنا كمنظمات حقوقية بتقديم التماس ضده مطالبين بإلغائه، لكن محكمة العدل العليا حتى اليوم لم تقم بتحديد أية جلسة لمناقشة طلبنا الذي قدمناه قبل عدة أشهر.

4 آلاف لاجئ إريتري

اختفوا في صحراء سيناء!

(*) س: ما هي أهم المعطيات التي يتحدث عنها تقريركم الذي أصدرتموه عن أوضاع طالبي اللجوء في مخيمات التعذيب في صحراء سيناء؟

روزن: قمنا بإعداد التقرير بالعربية حتى نوجهه إلى الشعب المصري لأنه يتحدث عن المعاناة والقسوة التي يواجهونها في سيناء، ووفق تقديراتنا فإن 20% من الإريتريين احتجزوا في مخيمات التعذيب في صحراء سيناء، أي حوالي 7000 شخص سجنوا هناك ويمكثون اليوم في إسرائيل، وهناك معطى هام يجب ذكره ونشر في العام 2012 ضمن تقرير مركز EEPA التابع لجامعة "تلبورغ" وهو أنه في السنوات الخمس الأخيرة اختفى 4000 إريتري في الصحراء، لا يمكن الجزم أن جميعهم مات في مخيمات التعذيب لكن من المؤكد أن قسما منهم مات هناك، وأن قسمًا آخر مات جراء إطلاق نار عليه من قبل المصريين، ويمكن أن قسمًا مات من العطش خلال الطريق. من جهة إسرائيل لا تستطيع طرد الإريتريين والسودانيين فتقوم بسجنهم.

(*) ما هو عدد طلبات اللجوء التي اعترفت بها إسرائيل؟

روزن: لا تقوم إسرائيل بفحص طلبات اللجوء الخاصة بهم. وقد اعترفت فقط بـ 150 طلب لجوء حتى اليوم، وتعرفهم كـ "متسللي عمل"، علمًا أن نسبة الاعتراف بطالبي اللجوء الإريتريين في العالم تصل إلى 87% .

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات