المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

على الرغم من كل الوعود والإتفاقات، لم يحول الكونغرس الأمريكي الأسبوع الماضي، مبلغ الـ 200 مليون دولار الذي كانت اسرائيل قد تلقت تعهدًا بالحصول عليه. فقد أقر الكونغرس ميزانية الولايات المتحدة لسنة 2003، لكنه استثنى منها المنحة لأسرائيل.

على الرغم من كل الوعود والإتفاقات، لم يحول الكونغرس الأمريكي الأسبوع الماضي، مبلغ الـ 200 مليون دولار الذي كانت اسرائيل قد تلقت تعهدًا بالحصول عليه. فقد أقر الكونغرس ميزانية الولايات المتحدة لسنة 2003، لكنه استثنى منها المنحة لأسرائيل. والحديث هنا عن مساعدة أمنية خاصة تعهدت بها إدارة بوش لأرئيل شارون لتغطية تكاليف <الحرب ضد الأرهاب>. لكن يتضح ان قطع الوعود أمر سهل، أما التنفيذ فصعب.
الوعد الأصلي لإسرائيل كان بقيمة 800 مليون دولار تعهد بها بيل كلينتون لإيهود براك لتغطية تكاليف <الأنسحاب من لبنان>. اسرائيل انسحبت حقاً، لكن الهبة الخاصة لم تدفع. في العام 2000 تغيرت الإدارة وقام بوش بتخفيض المنحة الموعودة الى 200 مليون دولار، كما استبدل <الإنسحاب من لبنان> بـ <الحرب ضد الإرهاب>. ولكن تغيير الاسم وتقليص المبلغ لم يساعدا ليتضح - كما حصل الأسبوع الماضي - أن دولة غنية مثل الولايات المتحدة أيضا تجري حسابات الموازنة الخاصة بها. فالإلغاء جاء على خلفية العجز الكبير في ميزانية الولايات المتحدة.

في سنوات حكم كلينتون الديموقراطي، بالذات، تحسنت حالة الميزانية الأمريكية وسجل فيها فائض. ولكن حين بدأ التباطؤ الإقتصادي في الولايات المتحدة، إثر انهيار <الهاي – تيك> و <الناسداك>، أخذ العجز بالأزدياد ليصل اليوم الى 2% من الناتج القومي. واذا ما أضفنا اليه أيضا العجز في ميزانيات الولايات المختلفة، فأنه يصل الى 2،8% من الناتج القومي، الأمر الذي لا يطيقه الجمهوريون - ولذلك أشهر سيف التقليصات.

مصدر رفيع في الوفد الإسرائيلي الذي أجرى امس محادثات في واشنطن حول المنحة والضمانات قال: <<انه لمن السخف بعض الشيء الأنشغال بـ 200 مليون في الوقت الذي نتحدث فيه عن عدة مليارات. اذا حصلنا على المليارات فلتكن الـ 200 مليون كفارة>>. صحيح ان المبلغ قد يكون سخيفاً، لكن عدم المصادقة عليه يشكل إشارة تحذير لإسرائيل بما يتعلق بالمليارات. ذلك ان المساعدة ينبغي أن تحصل على مصادقة الكونغرس، الذي يأخذ أعضاؤه بالأعتبار أيضاً جمهور ناخبيهم ومشاكلهم الداخلية والتقليصات. والأمريكيون ايضا يعرفون جيدا المثل القائل <فقراء بلدك أولى>، ناهيك عن ان عددًا من أعضاء الكونغرس سيصوتون ضد الدعم لإسرائيل طالما بقي شارون ماضيًا في توسيع المستوطنات وعدم إخلاء البؤر غير القانونية وعدم قبول <خارطة الطرق> التي قدمها بوش، بل يريد ان يدخل عليها 100 <تعديل>، بمثابة 100 عقبة.

ليست اسرائيل وحدها التي تطلب هبات وضمانات من الولايات المتحدة. فتركيا والأردن ايضا تطالبان بمبالغ كبيرة. تركيا تطلب 40 مليار دولار مقابل تعاونها في الحرب ضد العراق، والأردن يطلب 4 مليارات.

وهذا، من سخريات القدر ان تكون الحرب في العراق هي الأمل الوحيد لأسرائيل في الحصول على الدعم الأمريكي. فعندئذ فقط ستقدم الأدارة الأمريكية الى الكونغرس طلبا لـ <زيادة ميزانية خاصة> لتغطية نفقات الحرب، زيادة ستكون، على ما يبدو، بمبلغ 100 مليار دولار يشمل المبالغ التي سيتم تحيلها الى الدول الحليفة المخلصة في الشرق الأوسط: تركيا والأردن واسرائيل.

هكذا تصبح الحرب المحتملة ضد العراق طوق النجاة للإقتصاد الأسرائيلي، اذ تقول وزارة المالية انه بدون هذه المبالغ (8 مليارات دولار ضمانات و 4 مليارات هبة أمنية، لا أمل في الحصول عليه كاملا) لن تستطيع اسرائيل رفع ظهرها، وسيكون من الصعب جدًا عليها تجنيد الاستثمارات في الخارج، مما سيدفع باقتصادها الى المزيد من التدهور.

مصادر في مكتب رئيس الحكومة تقول ان اسرائيل ستحصل على المليارات في كل الأحوال، وحتى اذا لم تقع الحرب. لكن مسألة عدم الحصول على الـ 200 مليون يدل على ان لا شيء مضمون في الجيب. العملية الإجرائية في الولايات المتحدة طويلة وشاقة: اتفاق مع الأدارة، اولا، ثم وضع شروط سياسية واقتصادية، وفقط بعد ذلك مداولات مضنية في الكونغرس لا احد يعلم الى اين قد تنتهي.

(هآرتس، 21 شباط، ترجمة: "مدار")

المصطلحات المستخدمة:

رئيس الحكومة, هآرتس

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات