المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

<<في السنتين الأخيرتين أديرت السياسة الإقتصادية بالطريقة الأسوأ منذ اقامة الدولة>> - هذا ما يقوله ايلي هوروفيتس، رئيس مجلس ادارة <طيفع> (الشركة الأسرائيلية الأكبر لصناعة الأدوية)، ويضيف: <<ببساطة، الإقتصاد يُدار بشكل سيء. والإزدهار الإقتصادي ممكن تحققه فقط بوقف الإرهاب وتحقيق تقدم سياسي، وليس بدونهما. الإقتصاد الإسرائيلي لن يزدهر في ظروف أمنية وسياسية كالتي تسود اليوم. بالصورة التي نبدو عليها في الخارج اليوم لن نستطيع خلق 150 ألف فرصة عمل جديدة في السنة. الأموال العالمية الكثيرة لن تأتي الى هنا..>>

<<في السنتين الأخيرتين أديرت السياسة الإقتصادية بالطريقة الأسوأ منذ اقامة الدولة>> - هذا ما يقوله ايلي هوروفيتس، رئيس مجلس ادارة <طيفع> (الشركة الأسرائيلية الأكبر لصناعة الأدوية - المحرر). ويضيف: <<ببساطة، الإقتصاد يُدار بشكل سيء. وأنا أفهم في الأدارة>>.
ايلي هوروفيتس، المؤسس، المدير، والقائد للشركة الصناعية رقم 1 في اسرائيل واحدى الشركات المتفوقة في العالم، لم يعد بشوشًا ولا هادئا كما كان، على الرغم من سلسلة النجاحات المدهشة التي سجلتها <طيفع>. النجاحات بلغت ذروتها في يوم لقائنا: فقد أعلنت <طيفع> هذا الأسبوع عن تحقيق رقم قياسي في أرباحها بلغ 340 مليون دولار في الربع الأخير من العام 2002، وهي زيادة بنسبة 40% عن السنة السابقة. أما في العام 2002 بمجمله فقد بلغت أرباح <طيفع> الصافية 410 ملايين دولار - وهو مبلغ غير مسبوق في تاريخ الصناعات الأسرائيلية - وهزت بذلك كل توقعات المحللين في سوق الأسهم المالية (البورصة).

وبرغم هذا كله، فقد وجدت هوروفيتس - حين التقيته هذا الأسبوع - غاضبا، وثائرًا، ومهاجماً ومحذرًا. انه ينظر الى الإقتصاد الإسرائيلي وقياداته فيشعر أن قلبه يتوقف عن الخفقان. مؤخرًا، ضم توقيعه الى رسالة الإنذار التي وجهها 46 من رجال الأعمال، بمبادرة من يوسي روزين، الى رؤساء الأحزاب الكبرى الثلاثة، أرئيل شارون وعمرام متسناع ويوسف لبيد. <<نحن الموقعين أدناه>>، كتبت الشخصيات البارزة في القطاع الصناعي - التجاري، <<نطلب عقد لقاء مستعجل جدا معكم لنطلعكم على خطورة الوضع الإقتصادي في اسرائيل، سعيًا الى وضع خطة طوارىء اقتصادية تشكل برنامج عمل للحكومة الجديدة. ان عدم الإستقرار يمس بمجمل القطاع الصناعي - التجاري ويوجه له ضربة قاصمة>>.

- هل تؤيد اليوم تشكيل حكومة وحدة قومية؟

هوروفيتس: <<رغم عدم مشاركتي في لقاء رجال الأعمال الذي صدر عنه النداء لإقامة حكومة وحدة قومية، الا انني لن أخفي رأيي: أنا أؤيد تشكيل حكومة وحدة قومية جديدة>>.

- رغم انتقاداتك الحادة للأداء الأقتصادي لحكومة الوحدة السابقة؟

هوروفيتس: <<صحيح. حكومة الوحدة السابقة خيبت الآمال كثيرًا. لقد أدير الأقتصاد في السنتين الأخيرتين بطريقة سيئة جًدا. لكنني لا استخلص من ذلك استنتاجات عن الحكومة القادمة. لست انسانا جبرياً، بل اومن بأن بني البشر، والسياسيين ايضاً، يتعلمون من أخطاء الماضي. حكومة وحدة جديدة ستعمل في ظروف سياسية - حزبية مختلفة، بتركيبة شخصية مغايرة جدا. هكذا اتمنى، على الأقل>>.

- طلبتم، منذ اسبوعين، عقد لقاء مستعجل مع شارون ومتسناع ولبيد. هل وجدوا الوقت لذلك؟

هوروفيتس: <<ليس بعد. لم يكن أي رد على رسالتنا، حتى الآن. سمعت عن اتصالات تجري لترتيب لقاء، لكن أي لقاء لم يعقد حتى الآن>>.

- هل تستطيع حكومة ضيقة، بدون حزبي العمل و شينوي، إشفاء الإقتصاد؟

هوروفيتس: <<كلا، برأيي. رئيس الحكومة لن يستطيع، في حكومة ضيقة، تمرير خطط اقتصادية جريئة بل سيضطر الى الخنوع، مرة اخرى، لمجموعات ومصالح. سيضطر الى التذبذب والخنوع للإبتزازات وعدم العمل وفق مبادىء اقتصادية صحيحة>>.

- بماذا تتهم الحكومة الحالية، بالفشل في التخطيط أم في التنفيذ؟

هوروفيتس: <<الفشل مضاعف. الخطط لم تكن صحيحة والتنفيذ كان سيئاً جداً. وإجمالا، كانت تلك هي الأدارة الأسوأ منذ قيام الدولة. السياسيون يتحملون المسؤولية، وكذلك البيروقراطيون. فالموظفون لا يستطيعون الإختباء دائماً وراء وزير المالية، إذ أن كل واحد منهم يعتبر نفسه نابليوناً: أفضل من يعرف ما هو جيد للتعليم، للصحة، للعمل, وللأمن>>.

* علامة رسوب لبنك اسرائيل

- ماالذي يقف في رأس اهتمامات وزارة المالية، حسب رأيك؟

هوروفيتس: <<ليس النمو الأقتصادي. أنظر الى اللقاءات الأخيرة بين رئيس الحكومة والموظفين الكبار في وزارة المالية. الموضوع الوحيد الذي على جدول الأعمال هو التقليصات. موظفو وزارة المالية ينشدون، دون توقف، أغنية واحدة - ماذا يقلصون، كيف يقلصون، وأين يقلصون. يقولون انهم لن يزيدوا الضرائب لكنهم في النهاية يزيدونها، تحت مسميات أخرى. مثلا، فرض ضريبة القيمة المضافة على الخضروات والفواكه، أليست هذه ضريبة جديدة؟ انها ضريبة تمس، اساسًا، بالفئات الضعيفة. ولكن، هل سمعت أحدًا من وزارة المالية، من الوزير وحتى أصغر الموظفين، يتحدث عن النمو؟ انهم يحضرون لسنة اخرى من الهبوط في الناتج القومي، الهبوط في دخل الفرد، الهبوط في مستوى المعيشة. في وزارة المالية يتعاملون مع التراجع الأقتصادي كأنه مفهوم ضمنا ومفروغ منه. ليس النمو هو ما يرسمونه وينتجونه، بل الهبوط".

- هل يشمل نقدك هذا بنك اسرائيل ايضا؟

هوروفيتس: <<بالتأكيد. انني اشمل بنك اسرائيل لأنه ارتكب اخطاء، بمصطلحاته هو وليس بمصطلحاتي انا. فعميد بنك اسرائيل يقول: الأساس هو النمو، وليكن ما يكون. لكن اذا كان النمو هو الأساس حقا، فلماذا اطلاق التصريحات المتكررة التي تمس بالإستقرار وتزعزع الأسواق المالية؟ التصريحات غير الموفقة التي أطلقها مسؤولو بنك اسرائيل ادت، ولا تزال تؤدي، الى تخفيض قيمة الشيكل، وهذا التخفيض يؤدي الى رفع الأسعار. ومن هنا ، فان عميد بنك اسرائيل يثير، بتصريحاته، موجات الغلاء، لأن كل التضخم المالي الحالي هو نتيجة للهبوط في قيمة الشيكل. فالركود في الإقتصاد الأسرائيلي عميق جدًا، الى درجة ان احدًا لا يحلم برفع أسعار سلعه ومنتجاته، الا كخيار اخير>>.

- هل يمكن ان يكون بنك اسرائيل معنيا بتسريع وتيرة التضخم المالي؟

هوروفيتس: <<لا أعرف. هل يمكن ان تكون اهداف بنك اسرائيل اهدافًا سامية، بينما التصريحات فقط هي الفاشلة؟ على أي حال، النتائج هي التي تقرر. وفي امتحان النتائج، بنك اسرائيل ايضا يحصل على علامة رسوب>>.

- أنت لا تربط بنك اسرائيل بوزارة المالية، فكلاهما ينفر من الآخر بشدة.

هوروفيتس: <<لا يعقل ان يكون لي، كمواطن اسرائيلي، حكومتان اقتصاديتان متعاديتان، حكومة وزارة المالية وحكومة بنك اسرائيل. كل واحدة منهما تشرح للأخرى، كل الوقت، ماذا عليها ان تفعل. كل واحدة منهما تتدخل في شؤون الأخرى، دون انقطاع. حين يسأل عميد بنك اسرائيل وزير المالية: ماذا عن الميزانية؟ يرد عليه وزير المالية: وماذا عن الفائدة البنكية؟ وهكذا دواليك. هذا لا يفيد ولا يمكن ان يفيد. انه مدمر>>.

* الحذر في استخدام مقص التقليصات

- في الفترة الأخيرة تعالت انتقادات لوزارة المالية على كيفية عرضها العجز في ميزانية السنة الفائتة. هل انت مع هذه الإنتقادات؟

هوروفيتس: <<انتقاداتي أوسع وأشمل. حالة دفاتر الحسابات الحكومية تشكل فضيحة. هل قرأت واحدًا من دفاتر الميزانية الحكومية وفهمت ما هو مكتوب فيه؟ أنا شخصيا لم أفهم، رغم أني أعرف قراءة التقارير المالية. هل حاولت، مرة، الحصول من وزارة المالية على معلومة موثوقة عن حجم الميزانيات العامة التي يتم تحويلها الى المستوطنات في المناطق، مثلا؟ كم يستثمرون هناك؟ 200 مليون شيكل؟ 700 مليون شيكل؟ 3 مليارات شيكل؟ 6 مليارات شيكل؟ لا يمكن الحصول على رقم موثوق، ولا أمل في ذلك. بعد قضية التقارير المالية المزيفة في شركة الطاقة الأمريكية <أنرون> يتعرض عالم الصناعة والتجارة الى هجوم بسبب انعدام الشفافية في التقارير. صدقني، القطاع العام في اسرائيل لا يزال يعيش في العصور الوسطى في موضوع صدق التقارير وشفافيتها. هل يمكن ان يقبل احد بتقرير لي (في <طيفع>) لو كتبت فيه انني استثمر في مشروع ضخم، لكنني لن اقول لكم كم وماذا وكيف؟

<<صحيح اذن ان جل الحكمة والحنكة موجود في أعماق رؤوس موظفي وزارة المالية. لكنني اريد ان يشركوني بها، او بجزء منها على الأقل. اريد ان افتح كتاب الميزانية وأجد فيه أجوبة على الأسئلة الإقتصادية الأكثر أهمية. ان اجد فيه معلومات ومعطيات صادقة. هل هذا طلب كبير ومبالغ فيه؟>>.

- باستخدام اللغة المهنية المفهومة لشركاء قلائل في خفايا الامور، يصد البيروقراطيون بنجاعة أي نقد او مراقبة.

هوروفيتس: <<لذلك حين يسألونني ماذا تقترح ان نقلص في ميزانية الحكومة، أجيب: لا أعرف، لأنني لا أعرف ما هي الميزانية الفعلية ولا توزيعتها ولا على ماذا يصرفونها حقا. الخروقات بالمليارات في الميزانية، ذات اليمين وذات اليسار، هي أمر عادي وروتيني. ربما بسبق اصرار وعمد للتغطية على الحقيقة، وربما عن جهل ليس إلا. هل اصبح الجهل عندنا، اذن، ميزة تستحق المكافأة والترقية؟>>.

- لكنك لست مستعدًا لاقتراح التقليصات في الميزانية ليس فقط بسبب الفوضى في دفاتر الميزانية وفي كيفية صرفها، وانما ايضا لأنك تعارض مجرد اجراء التقليصات.

هوروفيتس: <<ليس هنالك اليوم خبير اقتصادي واحد يؤيد التقليصات كوسيلة لتشجيع النمو الأقتصادي. فنحن لسنا في وضع تشغيل كامل لجميع وسائل الإنتاج. نحن في حالة بطالة، وفي البطالة ينبغي التصرف بأقصى الحذر عند اشهار مقص التقليصات. اذ ما هو التقليص؟ التقليص هو مزيد من العاطلين عن العمل. عند فصل موظف دولة من عمله وتحوله الى عاطل عن العمل، ليس مضموناً، البتة، ان يؤدي هذا الى أي توفير في الميزانية. لست من دعاة البيروقراطية التضخمية، لكنني كنت سأتواضع وأتريث كثيرًا، اليوم، في النية لألقاء عمال الى الشوارع. بدلا من الإعلان الآن: سنفصل من العمل 30 ألفا، او 60 ألفا - أعداد حتى الخيال لايتحملها - ينبغي على وزارة المالية التوجه الى الهستدروت (نقابة العمال العامة - المحرر) والجلوس معها لبلورة خطة انجاع متعددة السنوات في الجهاز الحكومي. ما لم ينفذ في الوقت الملائم، حين كان ممكنا استيعاب المفصولين من العمل في مجالات اخرى، لا يجوز تنفيذه الآن فجأة خلال ربع سنة بينما سوق العل في أزمة حادة>>.

- التقليصات ضرورية للحفاظ على الهدف الذي وضعته الحكومة في بند العجز، 3% من الناتج المحلي المتوقع لهذه السنة. مصداقية السياسة الإقتصادية القومية بمجملها على المحك هنا.

هوروفيتس: <<المصداقية يجب ان تكون أحد الاعتبارات الحاسمة في تحديد هدف العجز. كل سنة تقريباً يضعون اهدافاً لا يمكن تحقيقها، وبالفعل يخطئونها. ما المنطق في هذا؟ انه دليل قاطع على عدم السيطرة. ليس ثمة مكان في العالم يقبل بعدم السيطرة كأدارة سليمة. بعد ان تعهدتَ، كحكومة، بأهداف اقتصادية معينة، من الواجب عليك تحقيقها. لذلك اعارض تغيير هدف العجز لهذه السنة. ان أسوأ ما يمكن ان يراه العالم الخارجي عن مؤسسة اقتصادية ما، هو عدم الإلتزام بالأهداف. اذا جاء مدير شركة ما وقال، مسبقًا، ان الربح المتوقع لأسهم الشركة هذه السنة سيكون اقل بقليل عما كان في سابقتها، سيكون رد الأسواق بالقبول. لكن اذا وعد بتحسن الأرباح ولم يحققه، فسيلقىعقابا قاسياً. نحن في <طيفع> نفعل العكس - كل ربع سنة نفاجىء الأسواق بنتائج تجارية أفضل من المتوقعة>>.

- أعلنت دعمك، بحماس، للخطة الطموحة التي عرضها د. يعقوب شاينين، لتحريك عجلة النمو الأقتصادي باستثمار 15 مليار شيكل، هذه السنة، في البنى القومية بحيث يكون التمويل من مصادر خاصة - تجارية ولا يثقل العجز في الميزانية الحكومية. هل تعتقد ان وزارة المالية يمكن ان تتجند لهذه الخطة؟

هوروفيتس: <<عرضنا الخطة على خبراء اقتصاديين عديدين، على رجال أعمال وعلى أكاديميين، ولم يبد أي منهم تحفظا عليها. جميعهم تقبلوها ووافقوا عليها. حتى في وزارة المالية باركوها، مبدئيا>>.

- باركوها مبدئياً، يعني رفضوها عملياً.

هوروفيتس: <<نعم، رفضوها عملياً. في وزارة المالية يرفضون الاستثمار في البنى الأساسية من خارج اطار ميزانية الحكومة. انهم يرفضون التمويل التجاري بديلا للتمويل الحكومي. لماذا؟ لأنهم يريدون التحكم والسيطرة في كل شيء. اقترحنا طرقاً للتمويل الخارجي لمعرفتنا بعدم توفر 15 مليار شيكل في ميزانية الحكومة لأي صرف زائد. بالمقابل، ثمة في الدولة كمية هائلة من عوامل الإنتاج المتاحة وغير المستغلة، يمكن بواسطتها تحقيق زيادة، بأضعاف كثيرة، في الميزانيات المستثمرة في مرافق البنى الأساسية المركزية - المواصلات، المياه، الكهرباء، المجاري، وتأهيل القوى البشرية - دون أي تخوف من نقص في الموارد ومن ضغوط التضخم المالي>>.

- في وزارة المالية يدعون ان الاستثمارات المنصوص عليها في الميزانية الحكومية للبنى التحتية ستزداد هذه السنة بمليار شيكل.

هوروفيتس: <<مليار شيكل يتم صرفها من ميزانية الحكومة رويدًا رويدًا وبالقطارة لن تحقق الإنعطاف في الإقتصاد الإسرائيلي. هباءً ستصرف هذه الأموال. الحكمة هي في الأستثمار بقوة كبيرة في 2003 . هكذا فقط يمكن احداث الإنقلاب. بالتقطير لا يمكن تحقيق هذا. أعرف ذلك من التجارة. اذا كنت تريد إحداث تغيير كبير وجب عليك استثمار موارد كبيرة وكثيرة. إذا كنت غير مستعد لاتخاذ خطوات كبيرة، دعك ولا تقرب. لا يمكن الخروج من أزمة بتعديلات وتصليحات هامشية>>.

* تباطؤ في العالم، وتراجع عندنا

- هل وزير المالية سيلفان شالوم، وعميد بنك اسرائيل د. دافيد كلاين، أسوأ من سابقيهما؟ هوروفيتس: <<عدد الأخطاء التي ارتكبها وزير المالية السابق ابراهام (بايغه) شوحط، وعميد بنك اسرائيل السابق يعقوب فرنكل، هو برأيي اقل بكثير جدًا من عدد الأخطاء ومن خطورة الأخطاء التي ارتكبها شالوم وكلاين. الأحداث، لدى سيلفان شالوم، هي التي جرّت القرارات وهذه جاءت بتأخير كبير. وبذلك فقدت القيادة الإقتصادية ثقة الجمهور>>.

- هل يجب تغيير هذه القيادة؟

هوروفيتس: <<كالمدير الذي يفقد ثقة رجاله - اذا لم تستبدله بسرعة، ستسير النتائج من سيء الى أسوأ>>.

- اليس حكمك هذا أقسى من اللازم؟

هوروفيتس: <<في العالم هنالك تباطؤ اقتصادي. أما عندنا فهنالك تراجع. لا أعرف دولة اخرى في العالم الغربي حصل فيها انخفاض حاد كالذي حصل عندنا في الدخل الفردي للمواطنين وفي الناتج القومي للفرد. شرائح اجتماعية بكاملها تلقت ضربات شديدة وانزلقت الى حافة الفقر. اذا كان معدل الدخل القومي للفرد قد تراجع هذه السنة الى مستواه في سنة 1995، فان دخل العديد من المواطنين قد تراجع الى مستوى سنة 1990، بل وربما أقل. الدولة، اي دولة، لا تستطيع البقاء مع مجتمع منكسر. ما الذي يمكن ان يؤثر في قباطنة الإقتصاد؟ ما الذي يمكن ان يؤثر عليهم لتغيير الإتجاه؟ نصف مليون عاطل عن العمل؟ مليونا فقير؟ أقرأ في الصحف عن جنود جوعى، عن ضباط يعودون الى بيوت ليس فيها ما يؤكل، وأتساءل أن كان هنالك من يأخذ بالحسبان كيف سيحارب هؤلاء وكيف ستكون محفزاتهم في القتال. لا يمكن، بعد، تجاهل الشرخ في بنية المجتمع الإسرائيلي. لا من الوجهة الأخلاقية، ولا من الوجهة القومية>>.

- الأزمة الأقتصادية، كما يشرح لنا رئيس الحكومة ووزير المالية وعميد بنك اسرائيل، مصدرها الانتفاضة. سنواصل الغرق طالما لم يحصل انعطاف أمني وسياسي واضح.

هوروفيتس: <<انا أرفض هذا التوجه وأعتبره مثالا آخر على الإدارة السيئة. فأن تعلن: "طالما لم يتحرك موضوع السلام، سيبقى الإقتصاد يتدهور"، معناه انك تبرر عدم الفعل، والجلوس العاجز والانتظار حتى يتضح الأفق السياسي>>.

- أليست للأنتفاضة اسقاطات اقتصادية؟

هوروفيتس: <<اسقاطاتها الأقتصادية الأقسى والأصعب أصبحت وراءنا. شعرنا وتأثرنا بها في 2001. آنذاك دفعنا ثمن الأنتفاضة، هبطت جميع المؤشرات. مذاك، كان تراجع الأقتصاد الإسرائيلي، كله تقريبا، ثمرة أخطائنا نحن. انني أتهم في هذا رئيس الحكومة ووزير المالية وعميد بنك اسرائيل. في 2002 كان بالإمكان اعتماد سياسة اقتصادية مختلفة وتحقيق نتائج اخرى مختلفة>>.

- هل ترى أفقا للإزدهار دون توقف الأنتفاضة؟

هوروفيتس: <<ازدهار - لا. نمو - نعم. الإزدهار الإقتصادي ممكن تحققه فقط بوقف الإرهاب وتحقيق تقدم سياسي، وليس بدونهما. الإقتصاد الإسرائيلي لن يزدهر في ظروف أمنية وسياسية كالتي تسود اليوم. بالصورة التي نبدو عليها في الخارج اليوم لن نستطيع خلق 150 ألف فرصة عمل جديدة في السنة. الأموال العالمية الكثيرة لن تأتي الى هنا. لكن اقتصادنا يستطيع النمو بوتيرة 2،5% - 3% سنويا، حتى بدون تحول سياسي حاد. وتيرة نمو بنسبة 5% غير ممكنة في وضعنا الأمني والسياسي الحالي، بينما وتيرة بنسبة 3% ممكنة. الفرق بين نمو سلبي بنسبة 1%، كما كان في السنة الماضية، وبين نمو ايجابي بنسبة 3%، كما كان يمكن ان تكون، هو فرق هائل. وهو في متناول اليد>>.

- في هذا الكلام تفاؤل كبير. عميد بنك اسرائيل حذر من ان بنكاً تجارياً كبيراً في اسرائيل قد ينهار. ثم حذر من ان الحكومة ستفقد قدرتها على السيطرة، عما قريب. هل يبالغ العميد في توقعات الشؤم هذه؟

هوروفيتس: <<لن ينهار بنك كبير، رغم ان جهازنا البنكي ليس ناجعًا بما فيه الكفاية. والحكومة لن تفقد السيطرة، رغم "مَحدلاتها". ويبدو لي ان بنك اسرائيل، مثل كثيرين في البلاد، تبنى أسلوب عرض السيناريو الأسوأ على انه الأحتمال الأكبر. اذا لم تكن ثمة أزمة، يبحثون عنها. يختارون <خيار الأزمة> ويستسلمون له. أنا لا أعرف مؤسسة تجارية تزين خطواتها وتقررها على هذا النحو. هل صدفت، مرة، رجل أعمال يرفع ناظريه الى أزمة ويناديها: "يللآ، تعالي"؟ هذا ما يفعله قباطنة اقتصادنا>>.

- يزرعون الهلع؟

هوروفيتس: <<يغطون أقفيتهم. فإن تحقق سيناريو الشؤم ذات يوم، يمكنهم ان يعلنوا: قلنا لكم. ولذلك يمشي جميع الذين من حولهم وأنوفهم في الأرض. يحرثون الأرض بأنوفهم. تعبوا من ايجاد حلول، من المبادرة الى اجراء تغييرات. كأنما كتب علينا أن نعيش تراجعاً اقتصاديًا واجتماعياً، سنةً بعد اخرى ثم اخرى واخرى. الإقتصاد كله في حالة ترقب وانتظار لفرقعة كبيرة تأتي من السماء وتحل لنا مشاكلنا بعصا سحرية>>.

- الحرب في العراق، مثلا.

هوروفيتس: <<صدقني، لا حاجة للسحر ولا حاجة للحروب. نحتاج فقط الى التغيير. ما الذي أصاب أبداعيتنا؟ خيالنا؟ ديناميكيتنا؟ لا أحد هنا يضع الأمل باعتباره احتمالا حقيقيا. غرقنا في متلازمة "ليس هناك ما يمكننا فعله"..>>.

- ما الذي أصاب قدرة اسرائيل الرائعة على التجدد، حقا؟

هوروفيتس: <<دمرتها سنتان من الإدارة الإقتصادية السيئة>>.

- هل انت شخصيا مستعد لتولي حقيبة المالية، لو عرض عليك المنصب؟ هوروفيتس: <<لا. هذا ليس لي>>.

(سيفر فلوتسكر، "يديعوت احرونوت" 21 شباط – ترجمة: "مدار")

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات