وصلت أسعار النفط ("الخفيف") خلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي إلى رقم قياسي إذ بلغ سعر البرميل الواحد 90 دولاراً، وذلك استمراراً لموجة ارتفاع الأسعار التي بدأت في العام 2003. وبمصطلحات واقعية، يمكن القول إن هذه هي أسعار أعلى بنسبة كبيرة من أسعار "الموجة الأولى" التي طرأ فيها ارتفاع قياسي على أسعار النفط في أعقاب حرب "يوم الغفران" (حرب تشرين الأول 1973)، وهي تقترب من أسعار الذروة غير المسبوقة التي تحددت في "الموجة الثانية" التي أعقبت الثورة الإسلامية (بقيادة الخميني) في إيران.
[قراءة حول جدوى الاستثمار في المنظومات الدفاعية]
تجدّد إطلاق صواريخ "القسّام" على بلدة سديروت في الأسابيع الأخيرة، طرح مجدداً على بساط البحث مسألة الوسائل الدفاعية الممكنة في مواجهة هذا السلاح. تداول هذا الموضوع ليس بالأمر الجديد، إذ شرعت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية في بحثه والانشغال فيه قبل أكثر من عشر سنوات، حينما كانت "كريات شمونه" تتعرض للقصف بصواريخ الكاتيوشا من لبنان. وفي هذا السياق حظيت بعناوين بارزة في شكل خاص منظومة الليزر التكتيكية "ناوتيلوس"، التي جرى تطويرها في نطاق تعاون إسرائيلي- أميركي بهدف اعتراض صواريخ (قصيرة المدى) بواسطة أشعة ليزر شديدة القوة. وعلى الرغم من أنه استثمرت مبالغ طائلة في هذا المشروع، إلاّ أنه جُمِّدَ بعد مرحلة من التجارب والاختبارات.
تهدف هذه الورقة إلى تحليل مجمل الاعتبارات المختلفة والإجابة على السؤال الأساسي: هل يتعين على إسرائيل الشروع في عملية تفاوضية للتوصل إلى تسوية سياسية مع سورية؟
صورة الوضع... أسئلة مركزية
عملية المفاوضات السياسية بين إسرائيل وسورية، والتي استمرت طوال العقد السابق، انتهت في السادس والعشرين من آذار 2000 باللقاء الفاشل بين (الرئيسين السابقين) بيل كلينتون وحافظ الأسد. وقد طرأت منذ ذلك الوقت تغييرات هائلة في الخريطة الإستراتيجية تؤثر على الوضع الراهن والمستقبلي في العلاقات الإسرائيلية- السورية، سواء في سورية أو إسرائيل وكذلك في المنطقة والعالم.
اللقاء الذي جمع أخيراً بين رئيس وزراء إسرائيل إيهود أولمرت ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وهو اللقاء الأول بينهما منذ لقائهما غير الرسمي في شهر حزيران الماضي، لا يبشر باستئناف عملية السلام الإسرائيلية- الفلسطينية. مع ذلك فإن أهمية هذا اللقاء تتجاوز مجرّد انعقاده، ذلك لأنه قد يشير، على الأقل بصورة كامنة، إلى رغبة مشتركة لدى الطرفين في الخروج من الطريق المسدود الذي يسم العلاقات الإسرائيلية- الفلسطينية منذ انهيار مفاوضات السلام قبل ست سنوات أو أكثر.
في أعقاب الفوز الباهر الذي حققه نيقولا ساركوزي في انتخابات الرئاسة الفرنسية الأخيرة، سيكون كرئيس جديد مدعواً للوفاء بالوعود والتعهدات التي قطعها على نفسه خلال الحملة الانتخابية بتحقيق إصلاحات داخلية وفي الوقت ذاته تجسيد خطوط سياسة جديدة في مجال العلاقات الخارجية. وكان ساركوزي قد أكد في خطاب فوزه على الأهمية التي يوليها للإتحاد الأوروبي لكنه عاد أيضاً ومد يده للولايات المتحدة الأميركية. هذا الخطاب لم يتطرق في الواقع إلى إسرائيل، لكن من المعلوم أن الشرق الأوسط عامة وإسرائيل بشكل خاص مطروحان على أجندة الرئيس الفرنسي الجديد.
قبل حوالي ستة أشهر نُشر بإيجاز مدروس تقرير أمني حسّاس، يحتوي نشرة مؤلفة من 250 صفحة، تناول الجوانب والأبعاد الإستراتيجية للأمن القومي لدولة إسرائيل. دان مريدور، الذي تولى رئاسة اللجنة المكلفة قبل نحو سنة ونصف السنة من قبل وزير الدفاع الأسبق شاؤول موفاز، قدم توصيات لجنته إلى رئيس الوزراء الحالي (إيهود أولمرت)، وبذلك اختفى الموضوع عملياً من الأجندة العامة، وكأنه لم يكن. ويستدل من الحيثيات والتفاصيل القليلة التي تسربت لوسائل الإعلام حول التقرير المصنف كـ "سري للغاية"، أن اللجنة المذكورة أوصت بمواصلة سياسة الغموض التي اتبعتها دولة إسرائيل في كل ما يتعلق بسياسة الذرة الإسرائيلية. في سياق لاحق من التقرير ذكر أنه يتعين على صانعي القرارات في إسرائيل، في حال نجحت إيران في صنع سلاح نووي وإجراء تجربة نووية، إعادة النظر في مدى صلة سياسة الغموض النووي المتبعة منذ عقود عديدة، حين باشرت دولة إسرائيل ببناء المفاعل الذري في ديمونا.
الصفحة 507 من 611