يبدو أن شاؤول موفاز واثق كل الوثوق في أن رئيس الوزراء أرئيل شارون سيفي بتعهده العلني بإبقائه في منصب وزير الدفاع بعد الإنتخابات المنتظرة. ويعتقد موفاز أن حكومة وحدة جديدة سوف تشكل بمشاركة حزب العمل، لأنه لا يوجد، حسب رأي موفاز، بديل واقعي آخر. ولا شك في أن موفاز راضٍ عن القفزة التي حققها بانتقاله من مكتب رئيس الأركان إلى مقعد وزير الدفاع. في الوظيفة السابقة كرس معظم وقته لقيادة الجيش، أما الآن فتشغله أيضا مسائل السياسة والإستيطان والصناعات الأمنية، وبالتالي فإن الزاوية التي ينظر من خلالها للأمور باتت مختلفة وواسعة أكثر.
في خضم حملة الإنتخابات الحالية، التي اقتربت من نهايتها، كشفت صحيفة "هآرتس" النقاب عن قصتين إخباريتين مذهلتين. القصة الأولى معروفة جيدا لكل قاريء صحف في إسرائيل:
ففي بداية كانون الثاني 2003 حصل الصحفي باروخ قرا على وثيقة تعود لوزارة العدل، تثبت أن رجل الأعمال سيريل كيرن، المقيم في جنوب أفريقيا، أقراض جلعاد شارون (نجل رئيس الوزراء) مبلغ مليون ونصف المليون دولار. وعلى الرغم من ادعاء أفراد عائلة شارون أن "كيرن" صديق قديم، وأن مبلغ القرض أعيد لصاحبه وأنه لا توجد أي مخالفة جنائية في منح قرض خاص لصديق، إلا أن البلاد ضجت عقب ما نشر في هذا الخصوص. فالظروف التي أحاطت بمنح القرض، وحقيقة عدم معرفة الجمهور بذلك، والغموض الذي أحاط بمسألة تسديد القرض، كل ذلك برر ما أثير من جدل عام حول القضية. كذلك فإن رفض رئيس الوزراء الإجابة على التساؤلات التي تطرحها قضية القرض، ساهم في اتساع موجة اإنتقادات الموجهة له. وقد شعر غالبية الإسرائيليين الذين اطلعوا على القضية، بأنها تبرهن على أن ثمة شيء فاسد في "باحة" رئيس الوزراء، شيء يحتاج إلى استيضاح وتحرّ.
نجحت شابة واحدة، شاركت في الأسبوع الماضي في مجموعة توجيه لـ "الليكود"، في بلبلة أفضل الاستراتيجيين في قيادة مركز الانتخابات الخاص بشارون. وقد روت أنه في العام 1999 صوتت لأيهود براك و"يسرائيل أحات" (تحالف حزب "العمل" وقتها مع "ميماد" و"غيشر"- المحرر). في العام 2001 صوتت لشارون لأن أملها خاب من براك. الآن، في 2003، ما زالت تعتقد أن شارون هو رئيس حكومة جيد، لكنها لا تريد التصويت لـ "الليكود" وإنما لحزب "العمل" لأنها تفضل "أن يكون ‘العمل‘ في ائتلاف شارون وليس ‘الليكود‘". لذلك، فهي مترددة جدًا حول من ستدعم، لأن طريقة الانتخاب بورقة واحدة لا تسمح لها بالتصويت لشارون ولحزب "العمل".
أحتفل قبل يومين بافتتاح شارع النفق الجديد الذي يختصر الطريق بين (مستوطنة) معاليه أدوميم والقدس، وبين غور الأردن ووسط البلاد. والأصح القول أن هذا الشارع يختصر الطريق لليهود الذين يعيشون في هذه البلاد بين نهر الأردن والبحر المتوسط. وبفضل الطرق السريعة التي جرى ويجري شقها أصبحت سائر المستوطنات المحيطة بالقدس قريبة ومتصلة بوسط المدينة، ومرتبطة ببعضها البعض بواسطة شبكة من الطرق الواسعة، والمريحة دون اختناقات مرورية، ودون عرب أو حركة مرور عربية. هنا لا وجود لـ "الخط الأخضر" ولا فرق بين حي ومستوطنة، بين مدينة وبلدة، ولا بين يافطات انتخابية تدعو للتصويت لصالح باروخ مرزل ولـ "حيروت" وليبرمان، على أحد الشوارع داخل إسرائيل وعلى أحد هذه الشوارع في الضفة الغربية، لا فرق بين مستوطنة وصفها إيهود باراك بـ "معزولة" وبين "كتلة مستوطنات".
الصفحة 870 من 894