قال رئيس "جمعية حقوق المواطن في إسرائيل" الأديب سامي ميخائيل إن ذراع تطبيق الديمقراطية في إسرائيل مصابة بمرض التحلل من القيم، وأشار إلى أن الكشوف الأخيرة عن تحويل نساء يخدمن في جهاز الشرطة إلى ضحايا تحرّش جنسي تثير تساؤلات مؤسية عن مدى "أخلاقية إحدى الأذرع المهمة في كل مجتمع".
منهجية إعداد تقرير هذه المفوضية وطريقة عرض معطياته هي التي تكفل هذا العدد المنخفض جدا، نسبيا، من "الشكاوى المحقة" ونسبتها المئوية المتدنية، بالتالي، من مجمل عدد الشكاوى المقدمة إلى المفوضية في سنة محددة في إحدى قاعات محاكم الصلح في إسرائيل، توجه القاضي فجأة إلى إحدى السيدات قائلا: "السيدة هناك، بالأحمر في الصف الثاني... هل أنت زانية؟ ... لا، لا، فقط أريد أن أعرف... لم أقل إنك زانية، بل سألت"!! وقد حصل هذا بينما نهضت السيدة من مكانها وبدأت تتقدم نحو منصة الشهود في قاعة المحكمة، مقابل القاضي. وعلى الرغم من ذلك، لم يقرّ "مفوض الشكاوى"، رسميا، بأن هذه الشكوى محقة، إذ قال "لم أجد حاجة إلى الإضافة نظرا لأن القاضي كان على وشك إنهاء مهام منصبه قريبا، وهو ما حصل فعلا"!!
هذه المعطيات تأتي لتؤكد مضمون الرسالة التي كان وجهها عشرات الجنود النظاميين إلى رئيس الحكومة ووزير الدفاع وقائد الجيش في أعقاب عدوان "الجرف الصامد": أصبحنا نعيش في حالة من الفقر، نتسوّل الصدقات... ونشعر بالفجوات"! مراقبون ومعلقون مطلعون: ما ترويه هذه الرسالة وما "تكشف عنه" هو واقع حقيقي معاش في الجيش، ليس سببه قلة الموارد والإمكانيات المالية والاقتصادية المتوفرة بين يدي الجيش وتحت تصرفه، إذ أن القادة الكبار وجنود الخدمة الدائمة يحصلون على امتيازات كبيرة ولا نهائية، بينما تشكل هذه الرسالة، وكذا المعطيات "الجديدة" التي ينشرها الجيش الآن، ورقة يستعملها لممارسة الضغط على السياسيين، من وزراء وأعضاء كنيست، ليس فقط للامتناع عن تأييد أي تقليص في ميزانياته بل للعمل أيضا على زيادة هذه الميزانيات، بذريعة أن "حل مشاكل هؤلاء الجنود الفقراء والجياع المتسولين يحتم حصول الجيش على زيادات في الميزانية"!!
كان العنوان الأبرز الذي سيطر على تحليلات المختصين الإسرائيليين فيما يتعلق بنتيجة حزب "العمل" في الانتخابات الأخيرة، هو "الفشل" أو "الهزيمة"؛ إلا أنه في واقع الحال، وبقراءة أخرى للنتائج، سنرى أن حزب "العمل" سجّل قفزة كبيرة إلى الأمام، قد تكون فرصة تاريخية له، لإعادة وتثبيت مكانته كبديل للحكم، على الرغم من أن وضعية الشارع الإسرائيلي السياسية في هذه المرحلة تجعل احتمال عودته إلى الحكم بعد الانتخابات المقبلة أمرا في غاية الصعوبة، هذا إذا اخترنا تجنب كلمة "مستحيل". وأسباب هذا الاستنتاج لا تتركز في الحزب ذاته، بل أيضا بالأحزاب المرشحة للانضمام له في أي حكومة مفترضة سيقيمها.
الصفحة 726 من 925