أعاد تأسيس حزب الجنرالات "أزرق أبيض" إلى الأضواء مجدّداً موضوع كون الجيش الإسرائيلي بمنزلة المعهد الأهم لتخريج القيادات السياسية والحزبية، والذي نتناوله في إحدى مواد هذا العدد من "المشهد الإسرائيلي" عبر عرض الوقائع وإضاءة الدلالات التي أحالت إليها، سواء في الماضي أو في الوقت الراهن، وهي دلالات عديدة ليس أبسطها ظاهرة عسكرة الأحزاب أو لهاثها وراء العسكر، بوصفها ظاهرة عابرة لكل الأحزاب بغض النظر عن هويتها الأيديولوجية.
وعادة عندما يتم درس حالة المؤسسة السياسية الإسرائيلية وبشكل خاص مسألة من الذي يسيطر ويحكم في إسرائيل قولاً وعملاً، وهو ما لا يتم في فترات متقاربة، يشير معظم الدارسين إلى عدد من "الشبكات" غير الرسمية، وغير المنتخبة، وتعمل غالباً
من سيل التحليلات الإسرائيلية الذي لا ينقطع بشأن ملامح الصورة العامة الآخذة بالتشكّل التي ستكون عليها العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة في ظل إدارة الرئيس الأميركي المقبل جو بايدن، لا بُد من تسجيل الاستنتاجات التالية:
أولاً، ستوظف إدارة بايدن اهتماماً وموارد أكثر لـ"معالجة الروح الأميركية" وفقاً للمعايير التي حدّدها برنامج الحزب الديمقراطي، وذلك على خلفية ما حدث إبان الأعوام الأربعة لولاية الرئيس دونالد ترامب، والتي وصل فيها الانقسام والتوتر العنصري إلى الذروة، وأيضاً تحت وطأة استمرار تفشّي وباء كورونا الذي تسبّب بقتل نحو 220 ألف أميركي، وأسفر عن أضرار اقتصادية وصحية هائلة. وستهتم بالشؤون الخارجية فقط عندما تكون مضطرة، ويكون هذا الاهتمام حيوياً بالنسبة لأمن الولايات المتحدة القومي ورفاهيتها.
ثانياً، سيكون لاستراتيجيا السياسة الخارجية التي تقوم إدارة بايدن ببلورتها تأثير على مقاربتها حيال إسرائيل ومنطقة الشرق الأوسط. وقد توقفنا في آخر ورقة "تقدير موقف" صادرة عن "مركز مدار" عند حقيقة أن بايدن شغل منصب نائب الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، وكان من الشخصيات التي صاغت السياسة الأميركية الخارجية لإدارة أوباما، مشيرين إلى أبرز
أشرنا قبل ثلاثة أسابيع، على أعتاب انتخابات الرئاسة في الولايات المتحدة، إلى تواتر تأكيد جلّ الناطقين المفوهين بلسان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ومعسكره اليميني على أن تداعيات هزيمة الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمام منافسه جو بايدن، نائب الرئيس الأميركي السابق، قد تكون ذات طابع دراماتيكي على إسرائيل، نظراً لكون مواقف ترامب وبايدن حيال مختلف موضوعات السياستين الخارجية والأمنية تظهر بجلاء أن ثمة "فجوة كبيرة" بينهما.
إذا كان استبصار كون الحديث عن رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق إسحاق رابين بأنه سعى إلى السلام مع الفلسطينيين هو مجرّد هراء، قد تطلّب من محرّر صحيفة "هآرتس" (ألوف بن) مرور ربع قرن على عملية اغتيال الأول، كما ينبئ بذلك مقاله في هذه المناسبة الذي ظهر في الصحيفة يوم 30/10/2020، فقد سبقه إلى هذه النتيجة كثيرون قبله، وتوقفنا عند ما بدر عن معظمهم من تبصرّات مرات من الصعب حصرها.
(*) تومئ جلّ مواد هذا العدد من "المشهد الإسرائيلي" إلى وجهتين تسير إسرائيل نحوهما وبرهنت عليهما وقائع الأيام الأخيرة، وسيتعيّن علينا أن نتعقبهما باستمرار في قادم الأيام.
الوجهة الأولى، انخفاض شعبية رئيس الحكومة الإسرائيلية وزعيم اليمين بنيامين نتنياهو، وهو ما أمكن استخلاصه من اتساع نطاق حملة الاحتجاجات على سياسته، بالأساس على خلفية تقديم لائحة اتهام ضده بشبهات فساد وانضاف إليه الفشل الذي منيت به حكومته الخامسة، الحالية، في مواجهة أزمة فيروس كورونا وتداعياتها الصحية والاقتصادية- الاجتماعية، وكذلك من معطيات آخر استطلاعات الرأي العام.
من شبه المؤكد أنه ستكون لنتائج الانتخابات الأميركية، التي ستجري يوم 3 تشرين الثاني المقبل، تداعيات على إسرائيل.
ومنذ فترة غير وجيزة يؤكد الناطقون المفوهون بلسان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ومعسكره اليميني أنها قد تكون تداعيات ذات طابع دراماتيكي في حال خسارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لمصلحة منافسه مرشح الحزب الديمقراطي جو بايدن، نائب الرئيس الأميركي السابق.
وبرأي هؤلاء الناطقين فإن مواقف ترامب وبايدن حيال مختلف موضوعات السياستين الخارجية والأمنية تظهر بجلاء أن ثمة "فجوة كبيرة" بينهما.
الصفحة 33 من 49