المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
إستراتيجية نتنياهو: التشكيك بالإعلام.. لرفع الشرعية عن المتظاهرين المناوئين له. (أ.ف.ب)

يلاحظ المتتبع لمسيرة بنيامين نتنياهو السياسية، منذ ما قبل توليه منصب رئيس الحكومة الإسرائيلية وخلال إشغاله هذا المنصب، حرصه الشديد على إنشاء علاقات حميمة ووثيقة مع صحافيين، محررين وناشرين. إلا أن ثمة تحولاً قد طرأ على هذه العلاقة خلال السنوات الأخيرة تحديداً، إذ أضيف إلى هذا الحرص ـ الذي بقي قائماً مثلما كان من قبل ـ موقف عدائيّ، بل عدائيّ جداً وتحريضيّ، من جانب رئيس الحكومة تجاه وسائل الإعلام الإسرائيلية بوجه عام وتجاه وسائل إعلام محددة وصحافيين محدَّدين، تبعاً لمصالحه السياسية ـ الحزبية وللتغطيات الإعلامية لأدائه ولقضايا الفساد العديدة التي حامت الشبهات حول تورطه فيها ثم تقديم لائحة اتهام خطيرة بحقه بشأنها، على خلفية وبفضل ما كشف عنه صحافيون محددون في وسائل إعلامية مختلفة، ما صعّد الموقف العدائي والتحريضيّ ضدها إلى درجة حرب شعبوية شعواء متواصلة لا يتوقف نتنياهو عن شنها ضد وسائل الإعلام تلك وصحافييها، مجنداً في هذه الحرب قطاعات واسعة جداً من مؤيديه وأتباعه، سواء من عامة الناس أو من السياسيين والمسؤولين الحكوميين.

في الأسابيع الأخيرة شهدت حرب نتنياهو وأنصاره ضد وسائل الإعلام الإسرائيلية تصعيداً لافتاً آخر حيال المظاهرات المستمرة منذ أسابيع في مناطق عديدة مختلفة من البلاد، أكبرها وأبرزها تلك التي تجرى أمام مقر إقامته في مدينة القدس تباعاً، والتي تغطيها وسائل الإعلام الإسرائيلية عموماً بصورة واسعة، وخصوصاً الشعارات والمطالب التي ترفعها حشود المتظاهرين وفي مقدمتها المطالبة باستقالة نتنياهو على خلفية قضايا الفساد الخطير ولائحة الاتهام الجنائية غير المسبوقة التي تقدم ضد رئيس حكومة، للمرة الأولى في تاريخ إسرائيل.

ضمن التصعيد الأخير، انبرى نتنياهو يتهم وسائل الإعلام بأنها "تغطي المظاهرات بصورة مبالغ فيها جداً"، بل "تشارك في هذه المظاهرات، تحرض عليها، تغذيها وتؤججها"، ثم لم يكن سوى من الطبيعي تماماً أن يحذو حذوه كثيرون من أتباعه وتابعيه، الصحافيين والسياسيين، في ترديد هذه الاتهامات ضد وسائل الإعلام وتوسيع رقعتها للطعن في مصداقيتها وتأليب "جمهور اليمين" ضدها وضد "مظاهرات اليسار"، كما يسميها، كجزء من "الحرب الأساس" ضد لائحة الاتهام بحق نتنياهو وإذكاء نيران الكراهية والعداء حيال كل من ساهم في الوصول إليها وفي إعدادها وتقديمها وحيال كل من سينظر فيها وسيقرر مصيرها، سواء في وسائل الإعلام أو في النيابة العامة للدولة أو في مكتب المستشار القانوني للحكومة أو في الجهاز القضائي.

وقد كان من الواضح أن حملة التحريض المنهجية التي يشنها نتنياهو وأتباعه ومريدوه ضد المظاهرات والمتظاهرين، من خلال التحريض ضد وسائل الإعلام وفي إطاره، ستلقى آذاناً صاغية وتجاوباً عملياً من جانب نشطاء في اليمين الإسرائيلي، وهو ما تجسد فعلياً في انقضاض مجموعات من هؤلاء على المتظاهرين في مدينتي القدس وتل أبيب والاعتداء الجسدي عليهم، الأمر الذي دفع رئيس حزب "ميرتس"، عضو الكنيست نيتسان هوروفيتس، إلى تحذير نتنياهو بالقول: "تحريضك هذا يعرض حياة المتظاهرين إلى خطر يومي حقيقي قد ينتهي بجرائم قتل فعلية"، مشيراً إلى أن هدف نتنياهو من وراء حملته التحريضية هذه هو "إشعال الميدان بالعنف لردع المتظاهرين ضدك ولوضع حد لهذه المظاهرات"، ضمن هدف أكبر هو "إلغاء المحاكمة والتملص من العقوبة، بما في ذلك عن طريق تفكيك الائتلاف وحل الحكومة والذهاب إلى انتخابات جديدة".

"على نهج كوريا الشمالية!"

كتب نتنياهو، على صفحته الشخصية على موقع "فيسبوك" يوم 2 آب الجاري، مدونة طويلة تحت عنوان "تجند وسائل الإعلام في خدمة مظاهرات اليسار التي تحطم، كل يوم، رقماً قياسياً جديداً في العنف والتحريض على القتل" (!)، عاد في بدايتها إلى اقتباس ما قاله في مستهل جلسة الحكومة الأسبوعية التي عقدت صباح ذلك اليوم نفسه: "أرى هنا محاولة تجري باسم الديمقراطية للدوس على الديمقراطية. ثمة في هذه المظاهرات تشويه لكل القواعد والأعراف... يغذون هذه المظاهرات ويؤججونها، وخاصة من خلال التجند الإعلامي الذي لا أذكر له أي مثيل من قبل. يشجعون أعمال الشغب، يسمحون بشلّ أحياء بأكملها، يسمحون بإغلاق شوارع، خلافاً لكل ما كان معمولاً به ومقبولاً في السابق".

أضاف نتنياهو: "أستنكر أحادية الموقف التي تميز غالبية وسائل الإعلام. فهذه لا تنقل أخباراً وتقارير عن المظاهرات، بل تشارك فيها، تغذيها وتؤججها. هذه ليست وسائل إعلام مجنَّدة فحسب، بل هي مجنِّدة أيضاً. إنها تغذي مظاهرات عنيفة وتحريضاً على القتل. لم أسمع أي استنكار إعلامي للعنف الذي مورس ضد شرطي خلال مظاهرات اليسار في القدس. ليس أن وسائل الإعلام لم تستنكر هذا اللينش بحق الشرطي فقط، بل قالت إنه هو المذنب أيضاً. وإذا لم يكن الشرطي مذنباً، فربما أنا المذنب لأنني أرسل رجال الشرطة كما يدّعون، وهو ادعاء عار عن الصحة تماماً". وتابع: "حين يقع شجار بين مجموعتين من مشجعي الرياضة (يقصد شجاراً بين مشجعي فريقين لكرة السلة في مدينة تل أبيب)، تسارع وسائل الإعلام إلى بث فرية مفادها أن نشطاء اليمين هم الذين استخدموا العنف بحق مشجعي اليسار. هنا، مرة أخرى، أكون أنا المتهم لأنني أرسلت هؤلاء المشجعين، كما يدّعون. وحين يتوافد متظاهرون يحملون المشاعل ويهددون بإلقاء زجاجات حارقة على مقر إقامة رئيس الحكومة، أكون أنا المتهم، أيضاً. فهم ـ في وسائل الإعلام ـ يقولون: "لو لم يكن هناك، لما كانت حاجة للتظاهر". وحين يحصل تحريض أهوج ومنفلت من أي عقال، بما في ذلك النداءات اليومية المتكررة لقتل رئيس الحكومة وأبناء عائلته، تلوذ وسائل الإعلام بالصمت والتجاهل وتلجأ إلى الغمغمة ويصمت السياسيون أيضاً".

ثم كتب: "لم يحصل مثل هذا التجند المشوه في دولتنا من قبل. كنت سأقول إنه تجند على الطريقة السوفييتية، لكن الحقيقة أنه تجاوزها بكثير وأصبح على الطريقة الكورية الشمالية. هكذا هو تجند وسائل الإعلام في خدمة المظاهرات". بعد ذلك، اقتبس نتنياهو بعض الفقرات من مقالة طويلة كتبها الصحفي كالمان ليبسكيند ونشرها في صحيفة "معاريف" قبل ذلك بيوم واحد (سنأتي عليها لاحقاً، هنا). وختم نتنياهو تغريدته هذه بالتحذير: "النتيجة الحتمية مكتوبة على حائط الفيسبوك وعلى حائط المظاهرات ولن يستطيع أحد، أياً كان، القول: لم أعلم".

في الأسبوع ذاته (4 آب)، استغل نتنياهو منصة الكنيست ـ خلال مناقشة أزمة الخدمات الاجتماعية في إسرائيل ـ لمواصلة حملته التحريضية ضد المظاهرات والمتظاهرين ووسائل الإعلام فادعى بأن المظاهرات التي تطالب باستقالته "يتم تنظيمها وتمويلها من فنادق فاخرة ومن أبراج شاهقة" (في إشارة اتهام إلى كل من رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق، إيهود باراك، والثري اليهودي الأميركي ـ المجريّ جورج سوروس، الذي يموّل بعض جمعيات حقوق الإنسان في إسرائيل)، ثم بأنها (المظاهرات) "ممولة من صناديق اليسار وتحظى بدعم غير تناسبي وغير مسبوق من الإعلام اليساري". وأضاف: "وسائل إعلام اليسار تأخذ رُبع مقعد يساري وتعرضه كأنه مظاهرة جماهيرية حاشدة". واتهم نتنياهو المعارضة "اليسارية" بأنها "تحارب الحكومة بدلاً من أن تتجند إلى جانبها في محاربة وباء كورونا"، ثم اتهم المتظاهرين بأنهم "فوضويون وليسوا أشخاصاً تضرروا من الوباء". وقال: "لا حدود في مظاهرات اليسار هذه. إنهم يمتهنون حرمة رموز الدولة ويدعون إلى قتل رئيس الحكومة وأبناء عائلته، إضافة إلى عروض جنسية فاضحة، وقحة ومخجلة، ضد زوجتي. هذا درك أسفل".

على كلمة نتنياهو في الكنيست هذه عقب عضو الكنيست أفيغدور ليبرمان، رئيس حزب "إسرائيل بيتنا"، بكلمة قال فيها إن "أجواء من التخويف وإسكات النقاش العام تسود البلاد خلال الأسابيع الأخيرة. أي نقد للحكومة يُصوَّر وكأنه تحريض قد يقود إلى العنف". ثم اقتبس ليبرمان من خطاب ألقاه نتنياهو نفسه يوم 25 كانون الأول 1995 إبان حكومة شمعون بيريس (التي تولى رئاستها في إثر اغتيال رئيس الحكومة إسحق رابين يوم 4 تشرين الثاني 1995). في ذلك الخطاب، قال نتنياهو: "أصبح الناس في إسرائيل يخافون التحدث مع بعضهم البعض، ينظرون من وراء الأكتاف. سمعتُ أشخاصاً يقولون: "أخشى التحدث عبر الهاتف". ما الذي يحصل هنا؟ نظام شيوعي؟ دولة شرطة؟ ممنوع التظاهر؟ ممنوع رفع اليافطات؟ لن تخيفونا ولن تردعونا". عقب الانتخابات العامة التي جرت للكنيست الـ 14 بعد ذلك بأشهر قليلة (29 أيار 1996) استطاع نتنياهو تشكيل حكومة وأصبح رئيس الحكومة الإسرائيلية للمرة الأولى في حياته، ابتداء من 18 حزيران 1996.

"ذراع دعائية لمظاهرات اليسار الفوضوية"!

ما أن رسم نتنياهو حدود المعركة ومسارها وأطلق صافرة انطلاقها حتى أخذ رهط التابعين والمؤيدين يستل سكاكين شتائمه واتهاماته، بالمنطق ذاته واللغة ذاتها. فبعيد ساعات قليلة جداً من مدونة نتنياهو المذكورة سالفاً على الفيسبوك، أصدر حزب الليكود بياناً خاصاً اتهم فيه قنوات الأخبار المركزية في إسرائيل بأنها "مسؤولة عن التحريض وإذكاء المظاهرات". وقال البيان: "القناتان 12 و13 تواصلان تأدية مهمتهما كذراع دعائية لمظاهرات اليسار الفوضوية. تبذلان جهوداً يائسة لغسل أدمغة الجمهور بهدف إسقاط رئيس حكومة قوي من اليمين". وأضاف بيان الليكود أن وسائل الإعلام هذه "توفر التغطية المجانية واللانهائية من بضع نقاط بث مختلفة في محاولة منها لإذكاء نيران هذه المظاهرات اليسارية ولتضخيم وزنها وأهميتها بينما تتجاهل، في المقابل، طابع هذه المظاهرات العنيف والنداءات التي تصدر منها وخلالها لقتل رئيس الحكومة وأفراد عائلته". ثم قال البيان: "قنوات التلفزة في كوريا الشمالية تستطيع التعلم من القنوات الإسرائيلية، لكن الجمهور الواسع يعرف حقيقتها المفضوحة ولا يتأثر بمحاولاتها هذه". وختم بيان الليكود: "سيواصل رئيس الحكومة نتنياهو العمل الحثيث لمحاربة وباء كورونا ولتعزيز الاقتصاد الإسرائيلي وهو يدعوكم جميعاً إلى الانخراط في هذه الجهود وتجاهل حملة التحريض الخطيرة التي تشنها وسائل الإعلام".

كذلك فعل رئيس الائتلاف البرلماني، عضو الكنيست ميخائيل (ميكي) زوهر، الذي اتهم "مظاهرات اليسار" بأنها "خطيرة إلى أبعد الحدود"، إذ "تتعالى فيها، كل مساء، دعوات صريحة إلى قتل رئيس الحكومة وعائلته"! وتوجه زوهر إلى رئيس المعارضة البرلمانية ورئيس حزب "يوجد مستقبل"، عضو الكنيست يائير لبيد، متسائلاً: "أين استنكارك لهذه الدعوات لقتل رئيس الحكومة؟"!

في تطور طبيعي ومتوقع تماماً، انضم عدد من الصحافيين اليمينيين إلى حملة التحريض ضد وسائل الإعلام وانخرطوا في التحريض ضد زملاء لهم يعملون فيها، مرددين الاتهامات ذاتها التي أطلقها نتنياهو نفسه وحزبه. فقد كتب موشي إيفرجان، أحد كتاب الرأي البارزين في موقع "ميداه" اليميني (4 آب الجاري) عن "التكافل الفاسد والخطير بين هيئات إنفاذ القانون ووسائل الإعلام" وعن "الصفقة الظلامية بين رجال الإعلام وكبار مسؤولي الهيئات القضائية التي تُفسد كلا الطرفين"، معتبراً أن "المظاهرات أمام شارع بلفور في القدس (مقر إقامة رئيس الحكومة الإسرائيلية) تدعي تمثيل الجمهور عامة، لكنها في الواقع ليست سوى جزء من نشاطات احتجاجية ينظمها وينفذها اليسار في محاولة لإسقاط حكم الليكود واليمين، بتغطية داعمة ومؤيدة من وسائل الإعلام".

وكتب إيفرجان أن "صحفيي إسرائيل توقفوا، منذ زمن بعيد، عن العمل في الصحافة الحقيقية وتحولوا إلى أدوات طيعة في خدمة أجندة سياسية ـ حزبية أحادية اللون"، ثم أضاف: "للإعلام دور هام في النظام الديمقراطي في كشف المظالم والفساد في مؤسسات الدولة ومنظوماتها المختلفة. الإعلام لاعب قوي وهام حقاً. ولذا، فحين يخون الإعلام وظيفته ويستغل قوته بصورة سياسية ـ حزبية، فهو يدفع بقوة نحو انهيار سلطة القانون".

أما الصحافي شمعون ريكلين، المحلل في قناة 20 اليمينية، فاتهم وسائل الإعلام بأنها "تدفع نحو الفوضى وتشجعها وستكون المسؤولة عن أية أعمال عنف تقع"! وقال ريكلين، في مقابلة مع موقع "ميداه" أجراها معه رئيس تحرير الموقع، أمير ليفي، إن "حفنة من المتظاهرين تحظى بتغطية لا تتوقف ولا تنتهي. وبدلاً من تغطية الأحداث، تحول رجال الإعلام إلى لاعبين رئيسيين في الأحداث، بل هم الذين يقودونها. وسائل الإعلام تدفع، تجند وتشجع المظاهرات والفوضى في بلفور؛ وهي مظاهرات عنيفة وخطيرة ستكون وسائل الإعلام مسؤولة عن أي عنف يحصل خلالها..... أنا أقول إنه حتى لو وقع عنف مستقبلي من جانب أجزاء من اليمين ضد المتظاهرين، فسيكون ناجماً عن التحريض الذي تمارسه وسائل الإعلام اليسارية وعن الفوضى التي تغذيها. إذا ما حصل ورفع أحد من اليمين يداً ضد المتظاهرين، فسيكون هذا ذنب الإعلام الذي يرفض استنكار عنف اليسار، بل يدعمه ويحميه". وخلص ريكلين إلى القول: "هذا هو الخطر الجدي الأكبر على الديمقراطية في إسرائيل".

لكن الأبرز من بين صحافيي اليمين الذين انخرطوا في حملة نتنياهو التحريضية ضد وسائل الإعلام هو، بدون شك، كالمان ليبسكيند الذي يكتب في صحيفة وموقع "معاريف" ويقدم برنامجاً حوارياً في القناة التلفزيونية الأولى (كان 11) في إسرائيل. فقد كتب ليبسكيند مقالة طويلة تحت عنوان "وسائل الإعلام لا تغطي المظاهرات، بل تشارك فيها"، وهي المقالة التي اقتبس منها نتنياهو في مدونته المشار إليها أعلاه.

يقرر ليبسكيند في مقالته هذه: "لا تقارير صحيحة بعد اليوم. لا اهتمام بالحقائق. كل شيء سياسة. بعد 15 عاما من صناعة الأكاذيب الصحافية التي هيأت الأجواء والنفوس لاقتلاع غوش قطيف (إخلاء المستوطنات الإسرائيلية من قطاع غزة في العام 2005، إبان إشغال أريئيل شارون منصب رئيس الحكومة الإسرائيلية)، يمكن الجزم بكل أسف: لا شيء تغيّر"! ثم يكتب: "من الصعب عليّ تذكّر حالة مشابهة يحظى فيها هذا العدد الضئيل جداً من المتظاهرين بكل هذا الاحتضان والتغطية الصحافيين الواسعين جداً. عناوين رئيسية بصورة يومية. متابعة لصيقة. ساعات من البث المتواصل، منذ اللحظة الأولى. المواقع الإخبارية والنشرات الإخبارية أضحت أشبه بلوحات الإعلانات الخاصة بحملة الاحتجاج الحالية. مراسلون ومحللون يتطوعون للعمل كمسؤولي علاقات عامة فيها. ليس من الممكن عدم الانتباه إلى مدى حماستهم. من غير الممكن عدم الالتفات إلى مدى تعاطفهم مع كل من يجرون معه أي لقاء. يلبسون قبعة الصحافي المراسل مرة ثم قبعة المتظاهر مراراً. إذا لم تتابعوهم بدقة، فلن تستطيعوا تمييز القبعة التي يلبسونها في كل لحظة عينية".

يسرد ليبسكيند العديد من الوقائع والأحداث التي تثبت رأيه وتؤكد ما يذهب إليه، من وجهة نظره، ثم يقول: "نحن نعيش أياماً تنصرف فيها كل وسائل الإعلام إلى بذل جهود علنية وجلية للعيان تماماً هدفها تأجيج النيران وإعلاء ألسنة اللهب. ثمة لديها مصلحة خفية بتسخين الأجواء وعدم السماح للحملة الاحتجاجية بأن تخبو. هذه الفوضى تخدمها تماماً. فهي (وسائل الإعلام) مجنَّدة لإسقاط نتنياهو. لا يهم كيف. لا شأن لها بالحقائق. لا شأن لها ولا مصلحة بالتغطية المنصفة. لا شأن لها بالصحافة والعمل الصحافي..... الصحافة التي تقدر بانفعال وإعجاب ارتباط العربي بشجرة الزيتون لم تنجح يوماً في فهم علاقة اليهودي بأرض إسرائيل. هكذا كانت وسائل الإعلام الإسرائيلية في 1970؛ هكذا كانت في 2005 وهكذا هي اليوم أيضاً..... أتعلمون؟ سأتجاسر وأقول: ثمة لجزء كبير من الصحافيين العاملين في وسائل الإعلام مصلحة بأن يكون هنا عنف. مثل هذا العنف يضمن استمرار الفوضى واستمرار اشتعال النيران. هذا العنف يخدم روايتهم. هذا العنف يخدم هدفهم (إسقاط نتنياهو وحكم اليمين) ويقربهم من تحقيقه".

 

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات