موسوعة المصطلحات

مدار - بيديا موسوعة مصطلحات تحوي أكثر من 5000 مصطلح اسرائيلي

أحد الأعياد، أو الأصح مناسبة دينية شعبية، لم يرد ذكره في التوراة أو المشناه ولا في كتب كبار علماء التوراة اليهود اللاحقين. وبدأ ذكره يظهر في كتب التفاسير في فترة متأخرة حيث أشير إليه بكونه تاريخا انتقاليا من فترة إلى أخرى.

واعتاد اليهود عد الأيام من الفصح العبري حتى عيد العنصرة (البواكير ـ عيد نزول التوراة) بخمسين يوما. وهنا جاء مكان الاحتفال بيوم "لاغ بعومر". "لاغ" هي اختصار لحرفي اللام والجيم العبريين، ويشيران إلى الرقم (33). ويكون القصد 33 يوما من الفصح.

وذكرى هذا اليوم هي لمقتل اثني عشر تلميذا من اتباع الحاخام عقيبا (50- 136 ميلادية). وكان هذا الحاخام من كبار علماء الدين اليهود في فترة تمرد بار كوخبا ضد الرومان. وينقل التراث اليهودي أخبارا مختلفة حول مقتل تلاميذ هذا الحاخام، فهناك إشارات إلى موتهم جراء وباء فتاك ضرب المنطقة التي كانوا يعيشون فيها ابتداء من شمالي النقب وحتى شمالي فلسطين. ومنهم من يدعي أنهم قتلوا أو ذبحوا بيد الجنود الرومان كجزء من عملية تصفية التمرد الذي وقع في فلسطين آنذاك. واتخذ اليهود المتدينون أشكالا مختلفة من الحزن والأسى في هذا اليوم، ولم يُظهروا أي شكل من أشكال الفرح. وهناك من يهود الأوساط المتدينة من يصوم في هذا اليوم.

ولكن مع مرور الزمن حدثت عدة تغييرات لأشكال الاحتفال بهذا اليوم، بكونه غير مرتبط بشرائع وأسس التوراة. ومن أبرز العادات التي يقيمها اليهود في هذه المناسبة: إحضار كتاب توراة قديم من بيت عائلة "عبو" في صفد، وهو كتاب قديم تحتفظ به العائلة، إلى مقام الحاخام شمعون بار يوحاي في قرية ميرون التي تبعد بضعة كيلومترات عن صفد، وسط أهازيج دينية وشعبية. ويشعل اليهود حرائق في معظم أنحاء إسرائيل إحياء لهذه المناسبة. ومنهم من يقوم بإطلاق السهام من أقواس أُعدّت خصيصا لهذه المناسبة، لكونها ترتبط بمحاربة الأعداء.

ويتوافد عشرات آلاف اليهود من متدينين وغيرهم إلى المقام المذكور سابقا حيث يتحلقون في حلقات ويرقصون على أنغام موسيقى وأغانٍ دينية وشعبية معروفة لديهم، خاصة اليهود السفاراديين (الشرقيين).

واعترض علماء توراة في السابق، وما زالت هناك معارضة ضيقة، للاحتفال بيوم موت صديق أو رجل دين باحتفالات شعبية وأهازيج ورقص وغيرها.

أما المتمسكون بأهداب الدين والشرائع اليهودية فيمتنعون عن أشكال الاحتفال، ومنهم من يمتنع عن قص شعره أو شعر أولاده طيلة فترة الحزن، المشار إليها أعلاه، ومنهم من يتشدد أكثر فيمتنع عن عقد الزواج أو السفر للتنزه والترفيه.

وفي غداة اليوم يقوم المتدينون بالتوجه إلى ساحة مقام بار يوحاي في ميرون ويحلقون شعورهم وشعور أولادهم تنفيذا لعادة قديمة تحمل اسما عربيا وهو " الحلقة".

وعادة قص الشعر مألوفة في أوساط المسلمين والمسيحيين الفلسطينيين خاصة وفي الشرق عامة إيفاء لنذور اتخذها الآباء لأبنائهم، وبدون أدنى شك أن اليهود قد تأثروا بهذه العادة من البيئة العربية المحيطة بهم. وكان المتدينون يمتنعون عن قص شعور أولادهم حتى هذا اليوم، وعندما يقصونها يزنوها ويقدمون مقابلها مالا تبرعا منهم للمقام وصيانته. وحتى لا تتحول هذه العادة إلى عادة مجردة عن أي معنى روحاني احتفظ اليهود بسالفين اثنين عند طرفي الرأس للدلالة على الالتزام المتواصل بالأسس الدينية اليهودية. لهذا نجد أن معظم المتدينين اليهود، خاصة الغربيين (الاشكناز) يتخذون السالفين علامة خارجية للتدين.

وتطورت مع الزمن مآكل ومشارب خاصة بالمناسبة، مثل اللحوم المشوية بعد ذبحها بالقرب من المقام ومباركتها على يد رجل دين يهودي. ويُحضر أبناء الجاليات اليهودية مآكلهم التقليدية معهم، لكون ساحات المقام والأحراش المجاورة تكتظ بهم، ويقدمون ضيافة على الضيوف القادمين لتهنئتهم بالمناسبة.

ويستغل السياسيون الإسرائيليون هذه المناسبة لجني مكاسب سياسية استعدادا لعمليات انتخابية قريبة أو بعيدة، فيُظهرون تعاطفهم مع المحتفلين بالمناسبة، وغالبيتهم من اليهود الشرقيين.

وهناك ارتباط لهذه المناسبة ببعض الأحداث السياسية والعسكرية في تاريخ اليهود وإسرائيل. فالحركة الصهيونية قد كونت علاقة بين مناسبة "لاغ بعومر" وتمرد باركوخبا ومساعيها للتحرر القومي الصهيوني في العصر الحديث. لهذا فإن مجموعة من الأغاني التي وضعت تمتدح تمرد باركوخبا وبطولته وبطولة رجاله وتابعيه ( " كان بار كوخبا بطلاً، نادى بالحرية، لأن الشعب أحبه..." من أغنية كتبها ليفين كيبنيس).

وتبنت حركات الشبيبة الصهيونية في العالم مناسبة لاغ بعومر كرمز للنضال اليهودي ـ الصهيوني من أجل التحرر. وما زالت بعض حركات الشبيبة في إسرائيل تتخذ هذا اليوم مدخلا لقبول منتسبين جدد في صفوفها. وتاريخيا اتخذت القيادة القطرية لعصابة الهاغاناه قرارا في يوم لاغ بعومر لتأسيس وحدات عسكرية ثابتة في العام 1941، والتي عرفت باسمها المختصر "بالماح" (بلوغوت ماحتس). ورموز لاغ بعومر وفي مقدمتها "القوس والنشاب" اتخذت شعارا لحركات شبيبة متطوعة في العصابات العسكرية اليهودية استعدادا للحرب في العام 1948.