تقارير خاصة

تقارير عن قضايا راهنة ومستجدة في إسرائيل.

تفجرت قضية اللاجئين الأفارقة بقوة في الشارع الإسرائيلي، الأسبوع الماضي. فقد اندلعت أعمال عنف ونهب ضد الأفارقة والمحال التجارية التي يشترون طعامهم واحتياجاتهم منها في حي "هتيكفا" في جنوب تل أبيب، وذلك في نهاية مظاهرة شارك فيها نحو ألف مواطن إسرائيلي، ومهرجان خطابي قاده نواب من أحزاب اليمين واليمين المتطرف، الذين، حسبما أجمعت وسائل الإعلام الإسرائيلية، حرضوا المتظاهرين على اللاجئين. وبالمناسبة، فإن نواب اليمين هؤلاء هم نفسهم النواب الذين يحرضون ضد الفلسطينيين واليسار في إسرائيل ويدعمون المستوطنين والاستيطان ويطرحون القوانين العنصرية والمعادية للديمقراطية.


واندلعت أعمال عنف ضد اللاجئين الأفارقة ورافقتها عمليات تكسير ونهب محال تجارية، في ساعة متأخرة من مساء يوم الأربعاء (23.5.2012). واعتقلت الشرطة الإسرائيلية 17 مواطنا إسرائيليا في حي "هتيكفا" بشبهة الاعتداء على لاجئين أفارقة بعد مظاهرة صاخبة احتجاجا على ما وصفوه بـ "عجز السلطات عن معالجة ظاهرة المتسللين" إلى إسرائيل.

واتهمت الشرطة المعتقلين بتكسير زجاج سيارة تواجد بداخلها مواطنون من دول إفريقية وإحراق حاويات نفايات وتكسير واجهات زجاجية لحانوت تبيع مواد غذائية للاجئين ونهب محتوياتها. كذلك هاجم المتظاهرون نشطاء يساريين ومن منظمات حقوقية تعنى بشؤون اللاجئين الأفارقة تظاهروا ضد طرد اللاجئين. لكن في اليوم التالي قررت محكمة إسرائيلية إطلاق سراحهم وتحويلهم إلى الاعتقال المنزلي.

واندلعت أعمال العنف ضد الأفارقة بعد خطابات ألقاها أمام المتظاهرين أعضاء الكنيست داني دانون وميري ريغف وياريف ليفين من حزب الليكود الحاكم، ورونيت تيروش من حزب كاديما، وعضو الكنيست المتطرف ميخائيل بن أري من حزب "الاتحاد الوطني" والذي يدعو أيضا إلى طرد الفلسطينيين من البلاد.

وجرت مظاهرات مشابهة، لكن من دون أعمال عنف، في مدن إسرائيلية أخرى، بينها بني براك وأسدود وعسقلان وإيلات ضد "عجز الحكومة عن معالجة مشكلة المتسللين".

وذكرت صحيفة "هآرتس" أن المتظاهرين والخطباء نددوا برئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، وعبروا عن تأييدهم لوزير الداخلية ورئيس حزب شاس، إيلي يشاي ،الذي يطالب منذ مدة بطرد اللاجئين الأفارقة. ووصفت عضو الكنيست ميري ريغف المهاجرين بأنهم "سرطان"، وفي اليوم التالي قالت "أنا أتفهم تفجر العنف ضد الأجانب".

ولفتت "هآرتس" إلى أن أعضاء الكنيست الذين ألقوا خطابات أمام المتظاهرين "حرضوا الواحد تلو الآخر ضد طالبي اللجوء والمتسللين من السودان وإريتريا وطالبوا بطردهم على الفور. ودعا بعضهم إلى القيام بأعمال متطرفة كما أن بعض الخطباء، وبينهم عضو الكنيست بن أري، حرض المتظاهرين ضد نشطاء اليسار" الإسرائيليين.

ويذكر أن نتنياهو كان قد قال خلال اجتماع حكومته الأسبوعي، يوم الأحد الماضي، إنه يجب وضع حل لقضية اللاجئين الأفارقة في إسرائيل، الذين وصفهم بـ "المتسللين". وتخوف من ازدياد عددهم من 60 ألفا اليوم إلى 600 ألف في الفترة القريبة، معتبرا أن هؤلاء اللاجئين يشكلون خطرا على الهوية والأغلبية اليهودية في إسرائيل.

من جانبه قال رئيس بلدية إيلات مئير يتسحاق هليفي للإذاعة العامة الإسرائيلية، الخميس الماضي، إن "ظاهرة المتسللين هي خطر استراتيجي وديمغرافي على الدولة"، وطالب الحكومة بالعمل على طردهم. وتعهد الوزير يشاي في الكنيست بأنه في حال تم توفير جميع الأدوات المطلوبة فإنه سيتمكن، كوزير للداخلية ،من طرد جميع اللاجئين الأفارقة خلال سنة وحتى أقل من ذلك. وقال إنه سيفرض غرامات على رؤساء السلطات المحلية التي ستشغّل اللاجئين.



مطالبة بتحقيق جنائي مع نواب اليمين

طالبت حركة "السلام الآن" اليسارية الإسرائيلية بالتحقيق مع نواب اليمين الذين شاركوا في التحريض على اللاجئين الأفارقة خلال المظاهرة في تل أبيب، كما حذرت الحركة من قتل لاجئين على خلفية عنصرية.

وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن سكرتير "السلام الآن"، ياريف أوبنهايمر، بعث برسالة إلى المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية، يهودا فاينشتاين، قال فيها إن الأقوال التي أدلى بها النواب خلال المظاهرة، وبينها تشبيه اللاجئين بالسرطان، تشكل تحريضا على العنصرية. وطالب أوبنهايمر المستشار القانوني بفتح تحقيق جنائي ضد أعضاء الكنيست داني دانون وميري ريغف وميخائيل بن أري بشبهة التحريض على العنصرية في أعقاب أقوالهم أمام متظاهرين.

ونقل أوبنهايمر، في رسالته، عن عضو الكنيست دانون قوله أمام المتظاهرين إن "دولة إسرائيل موجودة في حرب. وقد قامت دولة عدوة من المتسللين داخل دولة إسرائيل وعاصمتها جنوب تل أبيب. ويجب وضع نهاية لهذا، من خلال طرد جميع المتسللين قبل أن يصبح الوقت متأخرا". وأشار أوبنهايمر إلى أن دانون كرر أقواله في صفحته في الشبكة الاجتماعية "فيسبوك" على الانترنت.

وأضاف أوبنهايمر أن عضو الكنيست ريغف "قالت في المظاهرة إن السودانيين هم سرطان في جسدنا، وجميع اليساريين الذي قدموا التماسات، عليهم أن يخجلوا لأنهم أوقفوا الطرد".

ونقل أوبنهايمر عن بن أري قوله إنه "منذ ثلاث سنوات لا تتمكن النساء من الذهاب إلى السوق من دون أن يسرقوا حقائبهن، والبنات لا يتمكن من اللعب، والرجال والشبان لا يستطيعون إيجاد عمل’ وهتف ’السودانيون إلى السودان’".

وأضاف سكرتير "السلام الآن" في رسالته أنه "بعد الخطابات مباشرة بدأ الجمهور المتحمس بأعمال شغب ونهب ضد اللاجئين الذين تواجدوا في المكان، وتمت ترجمة الهتافات العنصرية والتحريض على العنف إلى أفعال خلال وقت قصير".

وطالب أوبنهايمر المستشار القانوني بالتوجه إلى رئيس الكنيست رؤوفين ريفلين من أجل أن يعمل على رفع الحصانة البرلمانية عن هؤلاء النواب ليتسنى إجراء تحقيق ضدهم. وحذر من أنه "من دون إجراءات فعالة وحازمة من جانب سلطات تطبيق القانون، وبضمنها اتخاذ إجراءات ضد أعضاء الكنيست الموجودين على رأس المحرضين فإن الخطابات والتحريض سيترجمان إلى المس الفعلي بحياة البشر، والقتل على خلفية عنصرية ليس إلا مسألة وقت".

من جانبه قال وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، إسحاق أهرونوفيتش، للإذاعة العامة الإسرائيلية إن شبكات تهريب اللاجئين الأفارقة تنقلهم من السودان وإريتريا ودول أخرى إلى إسرائيل. وأضاف أن قسما من هذه الشبكات ينشط في إسرائيل، وينشط قسم آخر في إفريقيا، والباقي يعملون من أوروبا، وأن المهربين يحصلون على آلاف الدولارات لقاء كل عملية تهريب. وتابع أن "غالبية المتسللين يأتون إلى إسرائيل من أجل البحث عن عمل، ويصل عددهم إلى 700 متسلل كل أسبوع". واتهم الوزير الإسرائيلي مصر بأنها "تكاد لا تفعل شيئا لمنع التسلل" حيث يدخل اللاجئون الأفارقة إلى إسرائيل من منطقة الحدود بين الدولتين.

وقال رئيس بلدية تل أبيب رون خولدائي للإذاعة الإسرائيلية إنه "إذا تم السماح للأجانب من إفريقيا بالتواجد في تل أبيب فإنه لا يمكن منعهم من العمل". وانتقد خولدائي نتنياهو وحكومته فيما يتعلق بعدم تنفيذ التعهدات بطرد اللاجئين ودعا الوزراء إلى أن "يقرروا، إما أن يعزلوا الأجانب عن السكان وإما أن يسمحوا لهم بكسب الرزق لمعيشتهم".

وقال خولدائي إنه يحذر منذ سنوات من تزايد عدد اللاجئين في تل أبيب وأشار إلى أنه عددهم يعادل 15% من سكان المدينة وأن البلدية ترصد مبالغ طائلة لمعالجة قضية المهاجرين "لأنني لست مستعدا لأن أشاهد أشخاصا يتم إلقاؤهم في الشوارع".

"لا يجوز استخدام لغة معادية للسامية تجاه المهاجرين كالتي تُستخدم ضدنا"

ودعا رئيس الكنيست، رؤوفين ريفلين، نواب اليمين إلى التوقف عن التحريض من أجل منع أعمال عنف ضد اللاجئين الأفارقة. وقال إنه "عندما يكون الجمهور غاضبا، يتعين على القادة كبح الغضب بدلا من تغذيته، ومن ثمّ إيجاد الحلول". وأضاف محذرا "لا يجوز استخدام لغة يستخدمها المعادون للسامية ضدها. فنحن شعب عانى الكثير من التحريض والتنكيل وملزم بحساسية وأخلاقيات بالغة".

كذلك قال الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيريس، إن "الكراهية للأجانب تتناقض مع مبادئ اليهودية. ولزام على الدولة أن تعالج بسرعة قضية المتسللين من خلال الحفاظ على كرامتهم وحقوقهم كبشر، لكن مظاهر العنف ليست الحل للمشكلة".

من جانبه قال نتنياهو إنه "يجب حلّ قضية المتسللين ونحن سنحلها. سنكمل بناء الجدار (على الحدود الإسرائيلية- المصرية) خلال أشهر معدودة وسنبدأ قريباً بإعادة المتسلّلين الى بلدانهم الأصلية. ومع ذلك، أودّ أن أوضح أنه لا مكان للتصريحات والأعمال التي شهدناها (في مظاهرة تل أبيب). أقول ذلك لجميع المواطنين ولسكان جنوب تل أبيب وأتفهم الألم الذي يشعرون به. سنحلّ هذه المشكلة وسنقوم بذلك بشكل مسؤول".



إسرائيل ترفض تعريف مكانة اللاجئين

انتقدت الولايات المتحدة سياسة إسرائيل تجاه اللاجئين الذين يصلون إليها. وجاء في التقرير السنوي لحقوق الإنسان للعام 2011 الصادر عن وزارة الخارجية الأميركية واستعرضته وزيرة الخارجية، هيلاري كلينتون، يوم الخميس الماضي، أن "حكومة إسرائيل تواصل رفضها تعريف مكانة لاجئين كثيرين، وتؤثر بذلك على قدرتهم في إيجاد عمل أو الحصول على خدمات اجتماعية أساسية، وبضمنها العلاج الطبي".

وأضاف التقرير الأميركي أن "انتهاك حقوق العاملين الأجانب هي ظاهرة منتشرة" في إسرائيل. وأنه "تلقينا تقارير حول المتاجرة بالبشر لغرض العمل. واتخذت الحكومة إجراءات لمعاقبة شخصيات مرموقة كانت مسؤولة عن هذه الانتهاكات، ومن دون علاقة بمكانتهم".

ووجه التقرير اتهامات شديدة لحكومة إسرائيل، وقال إن "طالبي اللجوء من السودان وإريتريا، الذين يشكلون نسبة 85% تقريبا من مجمل اللاجئين السياسيين في إسرائيل، لم يحصلوا على فرصة للقيام بإجراءات الحصول على اللجوء السياسي، وإنما على وثائق ترجئ طردهم، وينبغي تجديدها مرة كل بضعة شهور".

وتطرق التقرير الأميركي إلى تعامل الحكومة الإسرائيلية مع اللاجئين من خلال وسائل الإعلام. وقال التقرير إن "قادة الحكومة يتعاملون في أحيان متقاربة مع طالبي اللجوء على أنهم ’متسللون’، ويذكرونهم في سياق ضلوعهم في ارتفاع نسب الجريمة، الأمراض أو الإرهاب".



62 ألف لاجئ على الأقل

عدد اللاجئين الأفارقة في إسرائيل ليس معروفا بشكل دقيق. وبعض التقارير غير الرسمية تتحدث عن وجود أكثر من 90 ألف لاجئ. لكن التقارير الرسمية لسلطة الهجرة الإسرائيلية تتحدث عن 62 ألف لاجئ إفريقي دخلوا إلى إسرائيل عن طريق حدودها مع شبه جزيرة سيناء منذ العام 2006. وبين هؤلاء اللاجئين، بموجب التقارير الرسمية، هناك 53 ألف لاجئ جاؤوا من إريتريا والسودان والكونغو، وهي دول منكوبة بحروب أهلية، ويمنع القانون الدولي إعادة اللاجئين إليها. وأشار كبير المعلقين في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ناحوم برنياع، يوم الجمعة الماضي، إلى أن 9 آلاف جاؤوا من دول إفريقية أخرى بالإمكان إعادتهم إليها، وأنه تمت إعادة 7 آلاف منهم إلى دولهم.

وكتب برنياع قائلاً "توجد هنا مشكلة صعبة، لكن بالإمكان حلها. والمشكلة الصعبة فعلا تكمن في أولئك الذين سيأتون في المستقبل. وبناء الجدار عند الحدود مع مصر رفع الوتيرة إلى 2000 [لاجئ يدخل إسرائيل] في الشهر. وتشير التقديرات إلى أنه حتى نهاية العام الحالي سيدخل إسرائيل 20 ألفا. وعندما تنتهي أعمال بناء الجدار سينتقل الضغط إلى الحدود مع الأردن. والمجتمع الإسرائيلي مع مشاكله وتوتراته الداخلية، سيواجه صعوبة في مواجهة هذه الكميات".

وأوضح برنياع أن حل قضية اللاجئين الأفارقة لن يكون سهلا. وأشار إلى أن "حكومة إسرائيل تستغل علاقاتها، الآن، من أجل نقل المهاجرين جوا إلى إفريقيا. وجنوب السودان هي دولة صديقة. وكذلك إريتريا صديقة لإسرائيل، لكنها أقل ودية تجاه سكانها وأولئك الذين سيعودون قد يتعرضون للتعذيب وربما للإعدام أيضا. وثمة شك فيما إذا كان بالإمكان، من الناحيتين الأخلاقية والقانونية، إرغام مهاجرين على العودة إلى هناك".

وتطرق برنياع إلى وصف ريغف للاجئين بأنهم "سرطان"، وكتب "إنها لا تفهم في الطب ولا في الهجرة. فالسرطان يتم إبادته بالعلاج الكيماوي، ولا يتم إعادته إلى موطنه. وهذا التشبيه ألصقه النازيون باليهود. كيف يمكن أن تفعل [ريغف] ذلك؟".

وتفيد المعطيات الرسمية الإسرائيلية بأن عدد اللاجئين الأفارقة في تل أبيب يصل إلى 25 ألفا تقريبا، وفي إيلات 5 آلاف، وفي ريشون لتسيون 3 آلاف، وفي نتانيا ألفان، وفي بئر السبع 1600، وفي عسقلان 1500، وفي أسدود 1400، وفي القدس 1100، وفي عراد 500، وفي يفنه 300، وفي حيفا 200، وفي بني براك عدة مئات.



اتهامات لنتنياهو

يجمع المحللون الإسرائيليون على اتهام نتنياهو بعدم فعل شيء للحد من ظاهرة نزوح اللاجئين الأفارقة إلى إسرائيل. وتفيد التقارير بأن أعدادا كبيرة من هؤلاء اللاجئين يتجمعون في حدائق عامة و"يفترشون الأرض ويلتحفون السماء" في الليالي. وكما ذكرت المعطيات الرسمية الإسرائيلية فإن 25 ألفا منهم يتجمعون في الأحياء الفقيرة في جنوب تل أبيب، وتكاد لا تجد لاجئًا واحدًا في الأحياء المرموقة في شمال المدينة.

لكن المحللة في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، سيما كدمون، كتبت في نهاية الأسبوع الماضي، أن "ثمة بشرى جيدة لجميع المنافقين، الذين يهتزون على ضوء مظاهر انعدام الجيرة الحسنة من جانب سكان الأحياء الجنوبية. إنهم [أي اللاجئون] في طريقهم إليكم. إذ يصل حوالي 1500 لاجئ بالمعدل إلى هنا كل شهر. والموجة آخذة في الازدياد، والمراكز [التي يتجمع اللاجئون فيها] آخذة في الانتشار. ومن يريد أن يكون 200 ألف لاجئ هنا خلال عام، فلينهض".

واعتبرت أن "تل أبيب، المدينة العبرية الأولى، ستكون بعد قليل المدينة السودانية الثانية. وأقول لأولئك الذين يوجهون اتهامات بالعنصرية: حتى لو وصل إلى هنا 200 ألف نرويجي يفتقرون إلى العمل واستوطنوا في مراكز المدن في ظروف معيشية قاسية، فإن الوضع لن يكون مختلفا".

وأشارت كدمون إلى أن معظم اللاجئين دخلوا إلى إسرائيل خلال فترة ولاية حكومة نتنياهو. واضافت "صحيح أنه سيقول المسؤولون في ديوان رئيس الحكومة إن نتنياهو كان أول من شخص الظاهرة، لكن اتضح أنه آخر من سيفعل شيئا بشأنها أيضا". ورأت أن بناء الجدار عند الحدود الإسرائيلية - المصرية "قليل جدا ومتأخر جدا. ونتنياهو يعلم أن الجدار لن ينجح في وقف جميع اللاجئين".

من جانبه قال حاييم رامون، نائب رئيس حكومة إسرائيل السابق إيهود أولمرت، الذي تم تعيينه في حينه مسؤولا عن بناء الجدار مع مصر وعن زرع حقول ألغام في المنطقة الحدودية لمنع اللاجئين من دخول إسرائيل، إن حل قضية اللاجئين يكمن في أمر واحد. واضاف "لأنه يحظر طرد لاجئين من إريتريا وشمال السودان، فإنه ينبغي بناء محطات مكوث لهم في الجنوب وتزويدهم بالطعام والشراب ومكان للنوم وجميع الخدمات التي يحتاجون إليها، ومن يريد السفر إلى موطنه فسيحصل على منحة بمبلغ ألف دولار. إذ ليس من حق اللاجئين أن يعملوا. ومن حقهم الحصول على معاملة إنسانية وظروف إنسانية". وادعى أن "معظم أولئك الذين يأتون إلى هنا هم مهاجرو عمل. وهؤلاء يجب وضعهم في الطائرة وإعادتهم إلى أوطانهم".

وتابع رامون أنه "يجب تنظيف جنوب تل أبيب من الكارثة التي ستحل به، وإقامة معسكرات خاصة فورا، لأن الوضع طارئ إلى أبعد حد. وكل ما تبقى هو مجرد ثرثرة. وإذا ما عرفوا [اللاجئون] أنه عندما يأتون إلى هنا لن يحصلوا على عمل فإنهم لن يأتوا". لكن أقوال رامون تتناقض مع تصريحات أهرونوفيتش، الذي دعا إلى تشغيل اللاجئين لأن عدم تشغيلهم هو أساس المشكلة.



نقاش عنصري

شدد المدير العام لرابطة "أطباء لحقوق الإنسان"، ران كوهين، على أن "النقاش الموضوعي في موضوع اللاجئين تحول إلى سجال مشحون ومليء بالعنصرية والتحريض ومحاولة تحقيق مكاسب سياسية على حساب مجموعات تكاد تكون غير ممثلة وصوتها لا يرتفع. ونحن نشخص وجود خطر التدهور إلى درجة تنفيذ جرائم كراهية حدث مثلها، على شكل إلقاء زجاجات حارقة على بيوت اللاجئين".

وأوضح كوهين أن "إسرائيل لا تدقق في طلبات اللجوء التي قدمها 90% من اللاجئين الذي وصلوا إلى البلاد. وبذلك تحاول الحكومة الإمساك بالعصا من طرفيها، من جهة تعلن أنهم ليسوا لاجئين، ومن الجهة الأخرى لم تدقق أبدا فيما إذا كانوا لاجئين ولذلك لا يمكنها إبعادهم. ونحن، في رابطة أطباء لحقوق الإنسان، لا نعارض كل إبعاد لمهاجر. نحن ندعي أنه ينبغي التدقيق في كل حالة. ويسمح للدولة أن تبعد من ليس لاجئا، لكنها لا تنفذ التدقيق ولا يمكنها أن تبعد أولئك الذين ليسوا لاجئين".

وحول تجمع اللاجئين في الأحياء الفقيرة في جنوب تل أبيب، قال كوهين إن "الدولة هي التي ترسل اللاجئين إلى جنوب تل أبيب، وتخلق ضائقة بين سكان الأحياء. ويتم إرسال اللاجئين إلى تل أبيب مباشرة بعد إطلاق سراحهم من الاعتقال في سجن كتسيعوت، من دون قدرة على العمل وكسب الرزق ومن دون التدقيق في مكانتهم، ولذلك فإنهم موجودون في وضع لا يوجد فيه أفق. لكن في الوقت نفسه لا يمكنهم المغادرة إلى دول أخرى".

وأكد كوهين أن الحلول التي يتحدث عنها الوزراء الإسرائيليون، مثل بناء الجدار عند الحدود مع مصر وإقامة معسكر اعتقال يتسع إلى 12 ألف لاجئ، وسن مشروع قانون ينص على سجن كل لاجئ لمدة ثلاث سنوات بشكل أوتوماتيكي، تدل على وجود سياسة قصيرة النظر واختيار حلول لأمد قصير، بدلا من وضع سياسة تأخذ بالحسبان اتجاهات الهجرة العالمية وحقيقة أن الحديث يدور على قضية عالمية تتطلب تعاملا دوليا.

ولفت كوهين إلى أن "الموارد التي يتم رصدها لبناء السجن وسجن عدد كبير كهذا من اللاجئين، كان بالإمكان رصدها لصالح معالجة جدية للاجئين، والتدقيق في ادعاءاتهم وإنشاء جهاز استيعاب اللاجئين بشكل فعال وحيوي".



هذا التقرير ممول من قبل الاتحاد الأوروبي



"مضمون هذا التقرير هو مسؤولية مركز "مدار"، و لا يعكس آراء الاتحاد الاوروبي".