تقارير خاصة

تقارير عن قضايا راهنة ومستجدة في إسرائيل.
  • تقارير خاصة
  • 1099

تدور في إسرائيل منذ بضعة أشهر رحى معركة طاحنة ذات طابع سياسي- اجتماعي تتعلق بالحصة التي يُفترض أن تحصل عليها الدولة، أملاً في أن تعود من ثمّ بالنفع على المواطنين كافة، من مردود حقل هائل للغاز الطبيعي (أطلق عليه اسم ليفياتان، أي الحوت) وذلك في موازاة حديث شبه مؤكد عن إمكان اكتشافه في عرض البحر الأبيض المتوسط، ومن المتوقع أن يدرّ بالإضافة إلى حقول أخرى تم اكتشافها قبل ذلك مدخولات إجمالية تقدّر بمئات مليارات الدولارات في غضون الأعوام القليلة المقبلة.

وقد أسفر هذا إلى الآن عن قيام وزير المالية الإسرائيلية، يوفال شتاينيتس، بتعيين لجنة خاصة ("لجنة شيشينسكي") أنيطت بها مهمة تقديم توصيات تتعلق بقيمة حصة الدولة والمواطنين من عوائد الغاز الطبيعي والنفط، في ضوء حقيقة أن الحصة الحالية تعتبر في عُرف كثيرين أدنى من الحد المطلوب، وسبق أن جرى تحديدها بموجب قانون خاص سنّه الكنيست في العام 1952 ومنذ ذلك الوقت باءت بضع محاولات لتغييره بالفشل جراء تدخل شركات التنقيب الكبرى ونجاحها في عرقلة إدخال أي تعديل عليه يكون في غير مصالحها الاقتصادية. ومن المتوقع أن تقدّم "لجنة شيشينسكي" توصياتها إلى الحكومة والكنيست في شهر تشرين الأول المقبل. وكان تعيينها قد أثار خلافات داخل الحكومة نفسها.

كذلك فإن الكنيست الإسرائيلي شهد تحركات في اتجاهين: الاتجاه الأول يؤيد سن قانون جديد في هذا الصدد يرفع حصة الدولة من العوائد، والاتجاه الثاني يعارض إجراء تعديل على القانون القائم يمكن أن يمس "حقوق المستثمرين". وقامت بضع منظمات اجتماعية بإطلاق حملة عامة لتعديل القانونبغية الاستفادة من الضرائب العائدة من الثروات الطبيعية إلى ناحية تغيير أولويات الحكومة الإسرائيلية وإحداث تحولات اجتماعية، وفي سياق ذلك أُعلن عن تأليف تحالف اجتماعي جديد بدأ حملة تهدف إلى تثقيف الجمهور الإسرائيلي العريض بشأن مليارات الدولارات من الأرباح التي سوف تخسرها إسرائيل بسبب القانون المعمول به.

لكن يبقى الأهم من هذا كله كامنًا في نشوب صدام تجاري بين الولايات المتحدة وإسرائيل، نظرًا إلى ضلوع شركة أميركية للطاقة في هذا المجال منذ أن بدأت عمليات اكتشاف الغاز الطبيعي في إسرائيل، وتزامن هذا الصدام مع "سعي" الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى "ترميم" علاقاته مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو فيما يتعلق بالمواقف التي يتعين اتخاذهـا إزاء قضايا الشرق الأوسط والنزاع الإسرائيلي- الفلسطيني.

"تاريخ" اكتشاف الغاز الطبيعي في إسرائيل

اكتشف الغاز الطبيعي على نطاق تجاري في إسرائيل لأول مرة في العام 1999، وذلك قبالة شواطئ مدينة عسقلان (جنوب) في حقل أطلق عليه اسم "يام تـاتيس"، وبدأت عملية استخراج الغاز من هذا الحقل في العام 2004.

وبعد اكتشاف هذا الحقل بعشرة أعوام، اكتشف في العام 2009 حقلان آخران: الأول حقل ضخم أطلق عليه اسم "تمار" (وقد أعلنت الشركة المسؤولة عن التنقيب فيه، قبل فترة وجيزة، أنها ستبدأ استخراج الغاز منه في العام 2012)، والثاني كان أصغر من أول حقل تم اكتشافه، وقد أطلق عليه اسم "داليت". وكلاهما اكتشفا قبالة شواطئ مدينة الخضيـرة (شمال).

وفي حزيران 2010 نُشرت نتائج استطلاع سيسمولوجي أشارت إلى وجود احتمالات كبيرة لاكتشاف حقل رابع للغاز الطبيعي يبعد 135 كيلومترا عن شواطئ مدينة حيفا أطلق عليه اسم "ليفياتان" (الحوت) ويعتبر أكبر كثيرًا من الحقول السابقة كلها. وكانت نتائج الاستطلاعات المماثلة التي تتعلق بحقل "تمـار" قد أشارت في حينه إلى أن احتمالات اكتشافه تبلغ 30 بالمئة، في حين أن نتائج الاستطلاعات المتعلقة بحقل "ليفياتان" تشير إلى وجود احتمالات بشأن اكتشافه تبلغ نسبتها 50 بالمئة. ومن المتوقع استخراج الغاز الطبيعي منه، بعد اكتشافه، ابتداء من العام 2016.

وقامت الدولة بمنح امتيازات التنقيب والاستخراج في هذه الحقول كلها، وفق النظام المعمول به، إلى مجموعة "ديلك إنرجيا" التي يمتلكها الثري الإسرائيلي المعروف إسحاق تشوفـا وإلى شركات "راتسيو" و"يسرامكـو" و"نوبل إنرجي"، وهذه الأخيرة هي شركة أميركية كبيرة تأسست في العام 1969 ومقرها في هيوستون (تكساس) وتعمل في داخل الولايات المتحدة وخارجها، في دول مثل الأرجنتين والصين والإكوادور والدانمارك وهولندا والفيتنام وبريطانيا.

ووفقًا لمصادر مطلعة فإن حجم المدخولات المتوقعة من حقول الغاز الطبيعي في إسرائيل، سواء التي جرى اكتشافها حتى الآن أو التي بات من شبه المؤكد اكتشافها لاحقًا، هو على النحو التالي:

- حقل "ليفياتان": 80 مليار دولار (ويحتوي على 453 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي).

- حقل "تمار": 42 مليار دولار (ويحتوي على 238 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي).

- حقل "يـام تاتيس": 5 مليارات دولار (ويحتوي على 33 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي).

- حقل "داليت": 2.5 مليار دولار (ويحتوي على 15 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي).

وكان المعهد الجيولوجي الأميركي (USGS) قد نشر، في آذار 2010، نتائج استطلاع يتعلق بحجم احتياطي النفط والغاز الطبيعي الموجود في منطقة شرق البحر المتوسط التي تقوم فيها دول سورية ولبنان وإسرائيل. وأشير فيه إلى توقعات بوجود نحو 3.5 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي و1.7 مليار برميل من النفط. وقال معدو الاستطلاع إن احتياطي الغاز الطبيعي هذا يعتبر من الأكبر في العالم كافة. وقدروا قيمته الإجمالية بحوالي 700 مليار دولار. وتبين أن الاستطلاع يشمل فرضية فحواها أن إسرائيل تبسط سيادتها الإقليمية على 40 بالمئة من هذه المنطقة، وبالتالي فإن قيمة الغاز الطبيعي الذي يعود إليها تبلغ حوالي 300 مليار دولار. وهذا ما أكدته أيضًا شركة "نوبل إنرجي"، التي تشترك في أعمال التنقيب في الحقول كلها، في بيان خاص صدر عنها في حزيران 2010.

وتسبب هذا الأمر من ناحية أخرى باشتعال حرب كلامية بين إسرائيل ولبنان حول ما إذا كانت اكتشافات الغاز في شرق البحر المتوسط التي تتحدث عنها إسرائيل تمتد داخل منطقة الحدود اللبنانية. وقال وزير الطاقة اللبناني جبران باسيل إنه "من الواضح تماما أن إسرائيل تسعى للتعدي على مواردنا"، كما تعهد حزب الله بالدفاع عن "موارد لبنان الطبيعية"، ما دفع وزير البنى التحتية الإسرائيلية عوزي لانداو ("إسرائيل بيتنا") إلى التحذير من أن إسرائيل "ستستخدم قدراتها كلها لحماية مصالحها". ورفض رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري التهديدات الإسرائيلية بشأن السيطرة على حقول الغاز. وقال إن من حق لبنان الإفادة بشكل كامل من الثروة في حقلي النفط والغاز، وشدد على أن أفضل رد على التهديدات الإسرائيلية بشأن التنقيب عن الغاز يكمن في الإسراع في قانون التنقيب والبدء في إسناده إلى الشركات المتخصصة. وقبل ذلك قال بري إن إسرائيل تتجاهل حقيقة أن الحقل المفترض يمتد بحسب الخرائط إلى المياه الإقليمية اللبنانية، ودعا الحكومة إلى تعجيل التنقيب عن النفط والغاز في المياه الإقليمية، محذرًا من أن تستولي إسرائيل على حقوق لبنان في حقول الغاز في البحر المتوسط. وكان المدير العام لمنشآت النفط في لبنان سركيس حليس قد أكد في وقت سابق أن بلده سيتعامل بجدية مع تهديدات إسرائيل باستخدام القوة للسيطرة على حقول الغاز الكامنة في شرق البحر المتوسط.

بطبيعة الحال فإن هذه الاكتشافات ربما تكون ذات دلالة كبيرة اقتصادية وسياسية- إستراتيجية، ذلك بأن إسرائيل كانت لفترة طويلة جزيرة فقيرة الموارد في منطقة الشرق الأوسط الغنية بموارد الطاقة. وتعتمد إسرائيل في توفير الطاقة، إلى حد بعيد، على الفحم المستورد من مناطق بعيدة ويرجع ذلك جزئيا إلى مقاطعة الدول العربية لها باستثناء مصر، التي تربطها بها اتفاقية سلام وتصدر لها الغاز الطبيعي. وتجدر الإشارة إلى أن كمية الغاز الطبيعي التي تماكتشافها في حقل "تمار" تضمن أن يكون لدى إسرائيل، على الأقل بدءًا من العام 2013، ما يكفي من الغاز الطبيعي من مصادرها على مدار العقودالثلاثة المقبلة. وإذا ما تحققت التوقعات بالنسبة لحقل "ليفياتان" فان الكميات التي يجري الحديث عنها يمكن أن تزود إسرائيل بالغاز الطبيعي علىمدار عشرات أخرى من الأعوام بالإضافة إلى فائض كبير يمكنها تصديره.

لكن الفرحة الأولية باحتمال تمكن إسرائيل على الأقل من تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة سرعان ما "أفسدها" الخلاف بين بعض المسؤولين الإسرائيليين الذين يريدون زيادة حصة الدولة من العوائد وبين المستثمرين الأميركيين والإسرائيليين الذين يقولون إن موقف هؤلاء المسؤولين يهدد مكانة إسرائيل باعتبارها "بلدًا آمنًا للاستثمار".

وقد أدّى احتمال قيام إسرائيل باقتطاع جزء كبير من الأرباح إلى نشوب نزاع تجاري بين الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأميركية، وأصدرت السفارة الأميركية في تل أبيب تحذيرا من مغبة إعادة صياغة قواعد اقتسام الأرباح.

كما قام المدير التنفيذي لشركة "نوبل إنرجي"، تشارلز ديفيدسون، بزيارة إسرائيل كي يتأكد من أن حقوق الامتياز التي حصلت عليها شركته في إسرائيل لن يتم تعديلها. وحذر مارك سيفرز، القائم بالأعمال السابق في السفارة الأميركية في إسرائيل، من أن احتمال قيام إسرائيل بإعادة صيغة عوائد الطاقة سوف يؤثر على عقود الإيجار والامتياز الحالية مما سيقوض الثقة في استقرار السياسة المالية الإسرائيلية ويخلق حواجز أمام الاستثمار الدولي. وقال بيني زومر، مدير شؤون شركة "نوبل إنرجي" في إسرائيل، إنه "نظرا لأن قطاع الغاز الطبيعي في إسرائيل لا يزال في مراحله الأولية، فإن ما كان يجب على الحكومة الإسرائيلية أن تفعله هو أن تبحث عن سبل تحفيز الاستكشاف والمشاريع الإنتاجية، بدلا من أن تفرض عقوبات على المستثمرين".

لكن المسؤولين في وزارة المالية الإسرائيلية والناشطين الاجتماعيين على مستوى القاعدة الشعبية يشككون في هذه الحجج. وقال مسؤول كبير في وزارة المالية طلب عدم الإفصاح عن اسمه، في تصريحات أدلى بها إلى صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية: "إن الدول الغربية تقوم بشكل روتيني بتحديث نسب الضرائب والحصص في الأرباح، بما في ذلك تلك التي تفرض بعد تحقيق اكتشافات جيدة للموارد". واستطرد هذا المسؤول قائلا: "إن أي دولة من الدول التي تفعل ذلك لم تقل إن هذا لن يتم إلا على الاستكشافات المستقبلية، وفي جميع البلدان كانت التعديلات تغطي المشاريع كلها".

وقال الحاخام ميخائيل ملكيئور، وهو وزير وعضو كنيست سابق، والذي يقود في الآونة الأخيرة تحالفًا جديدًا للمواطنين المهتمين جرى تشكيله مؤخرًا ويحمل اسم "منتدى العمل المدني"، إن "هذه فرصة تاريخية تحدث مرة واحدة أمام دولة إسرائيل لتغيير أولوياتها وإحداث تحوّل اجتماعي. إن الدولة لها الحق في منح امتيازات لشركات القطاع الخاص التي ينبغي أن تكافأ بشدة على استثماراتها والمخاطر التي تعرضت لها، ولكن في الوقت نفسه، فإننا نحتاج بشكل كبير جدا إلى تغيير هذه النسبة كي يذهب القدر الأعظم من عوائد هذه الاكتشافات إلى مواطني الدولة". وأضاف أنه "يود أن تطبق إسرائيل النموذج النرويجي الذي يعطي معظم عوائد الاكتشافات إلى المواطنين".

غير أن وزير المالية الإسرائيلية، يوفال شتاينيتس، رفض مناقشة هذه القضية قبل أن تصدر "لجنة شيشينسكي" توصياتها النهائية في شهر تشرين الأول المقبل، والتي سيتم رفعها إلى مجلس الوزراء الإسرائيلي والكنيست لاتخاذ قرار نهائي في هذا الشأن.

وتؤكد مصادر إعلامية أنه من المرجح أن يؤيد معظم أعضاء "لجنة شيشينسكي" رفع حصة الدولة إذا ما تم التأكد من حجم حقل "ليفياتان" المفترض، إلا إن وزير البنى التحتية حذر بشكل غير مباشر من تغيير الاتفاقيات المتوقعة، زاعما أن هذا لن يشجع شركات أخرى للتنقيب عن مصادر للطاقة. وقال إن ما دفع الشركات إلى خوض مغامرة التنقيب هو "الشروط المغرية التي وضعتها الحكومة الإسرائيلية". وفي المقابل فإن وزير المالية أكد أنه على الرغم مما تم التوصل إليه من اتفاقيات إلا إن مواطني إسرائيل هم الذين يجب أن يستفيدوا من الموارد الطبيعية التي تم الكشف عنها.

وقد أُعلن عن تأليف "لجنة شيشينسكي" في 12 نيسان 2010، وكلفت بمهمة إعادة دراسة سياسة حقوق الامتياز والعوائد في مجال موارد الغاز الطبيعي والنفط التي اعتمدت في العام 1952 ولم تعدّل منذ ذلك الوقت، لكن عمل اللجنة تعرّض إلى التعليق لفترة شهر جراء معارضة رئيس الحكومة نتنياهو ووزير البنى التحتية لانداو تأليف لجنة كهذه، وفقط بعد مناقشات ومداولات بين الجهات المعنية تم الاتفاق على أن تبدأ اللجنة عملها في أواسط أيار الفائت وجرى ضم مندوب آخر من وزارة البنى التحتية إلى عضويتها.

ويترأس اللجنة البروفسور إيتان شيشينسكي، وتضم كلاً من مدير قسم الميزانيات في وزارة المالية، أودي نيسان، ومدير مصلحة الضرائب، يهودا نسرديشي، ورئيس المجلس الاقتصادي الوطني في ديوان رئيس الحكومة، البروفسور يوجين كانديل، والمدير العام لوزارة البنى التحتية، شاؤول تسيمح. وفي إثر اعتراض كل من نتنياهو ولانداو تقرّر ضم المسؤول عن أعمال التنقيب عن النفط في وزارة البنى التحتية، الدكتور يعقوب ميمرن، إلى اللجنة على أن يحظى رئيس اللجنة بحق احتساب صوته مضاعفًا. كذلك تم ضم النائب الأول للمستشار القانوني في الحكومة الإسرائيلية، المحامي آفي ليخت، إلى عضوية اللجنة بصفة مراقب.

وقد أعلن شتاينيتس لدى بدء أعمال اللجنة أنها ستقدّم توصياتها في أواسط آب 2010، لكنه عاد ومدّد عملها حتى نهاية شهر تشرين الأول، وذلك حتى يُتاح المجال أمام إمكان فحص وجهات نظر الجهات المعنية كلها، ولا سيما شركات المستثمرين من جهة والمنظمات الاجتماعية من جهة أخرى. وكذلك كي يتجنب حملة النقد التي اتهمته بـ "اعتماد جدول زمني قصير لعمل اللجنة". ودعا شتاينيتس كل من يرغب في الإدلاء برأيه في هذا الموضوع إلى التوجّه إلى اللجنة.

"الثروات الطبيعية ليست حكرًا على أحد"

إن الجهات التي تطلب تعديل قانون عوائد موارد الغاز الطبيعي والنفط، داخل الكنيست وخارجها، تخوض معركتها أساسًا تحت شعار أن الثروات الطبيعية ليست حكرًا على أحد وإنما هي ملك للجميع. وكان هذا القانون قد جرى سنّه في العام 1952 ومنذ ذلك الوقت بُذلت محاولات متعددة لتعديله إلا إن شركات المستثمرين عملت على إحباطها ونجحت في ذلك. وبموجب هذا القانون فإن استفادة الدولة من عوائد الغاز الطبيعي والنفط لا تتعدى نسبة 24 بالمئة من مدخولات شركات المستثمرين، تشمل أيضًا الضريبة المفروضة على أرباح الشركات. ويحظى المستثمرون، علاوة على النسبة الكبيرة المتبقية لهم، بامتيازات حكومية أخرى منها امتيازات ضريبية. وتحتل إسرائيل المرتبة الأخيرة في لائحة الدول التي يحلو لها أن تُقارن نفسها بها من حيث استفادة الدولة من عوائد الثروات الطبيعية، لكن بفارق كبير نسبيًا عن المرتبة قبل الأخيرة التي تحتلها بريطانيا، ذلك بأن نسبة استفادة هذه الأخيرة من الثروات الطبيعية تبلغ 40 بالمئة، في حين أن النسبة في إسرائيل هي 24 بالمئة فقط.

وتقف في صدارة هذه الجهات منظمتان اجتماعيتان:

الأولى، منظمة "الصندوق الجديد لإسرائيل"، والتي تنشط باعتبارها صندوق استثمار اجتماعي من أجل تدعيم الديمقراطية في إسرائيل وتطوير الحريات والعدل والمساواة لجميع مواطنيها. ويستثمر الصندوق في عشرات المنظمات الميدانية التي تُحدث تغييرا، وتطلق مبادرات اجتماعية وتدعّم قيادات مجتمعية. وتمنح منظمة "شتيل"، التي أسّسها الصندوق، استشارة مهنية وتنظيمية لمبادرات اجتماعية وتساعد على تحويل الرؤى إلى واقع. وقد تعرّض هذا الصندوق مؤخرًا إلى حملة مكارثية شرسة قادتها منظمة إسرائيلية يمينية جديدة تطلق على نفسها اسم "إيم ترتسو" (ويمكن ترجمته مجازًا إلى "الإرادة") ادعت خلالها أن أكثر من تسعين بالمئة من استنتاجات تقرير لجنة غولدستون، التي دانت ممارسات إسرائيل في حربها على غزة، استندت إلى معلومات منقولة عن ست عشرة جمعية مدنية وأهلية في إسرائيل تتلقى دعمًا ماليًا من الصندوق المذكور، ما "أدى إلى تراكم الافتراءات ضد جنود الجيش الإسرائيلي فيما يتعلق بعملية الرصاص المصبوب، وإلى تأجيج المناخ السلبي العالمي ضد دولة إسرائيل".

الثانية، منظمة "منتدى العمل المدني"، وقد تأسست حديثًا بهدف رفع نسبة استفادة الدولة من عوائد الغاز الطبيعي والنفط. ويقف وراءها الزعيم السابق لحزب "ميماد" (الجناح المعتدل في تيار الصهيونية القومية الدينية) الحاخام ميخائيل ملكيئور والمستشار الإستراتيجي رون فيربر. وهي منظمة محسوبة على اليسار الإسرائيلي، ذلك بأن فيربر عمل مستشارًا لعضو الكنيست دوف حنين، من الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، عندما تنافس هذا الأخير على رئاسة بلدية تل أبيب في آخر انتخابات للسلطات المحلية في إسرائيل في تشرين الثاني 2008، وكان أحد الناشطين المركزيين في الحملة ضد "خطة فيسكونسين" لمحاربة البطالة. كما تضم هذه المنظمة شخصيات إسرائيلية أخرى محسوبة على هذا اليسار منها د. إيتسيك سبورتـا، أحد مؤسسي جماعة "القوس الشرقي"، والمهندس أمنون برتغالي، الذي قام في الآونة الأخيرة بنشر عدد من الأبحاث المستقلة في موضوعات اقتصادية. وتدعو المنظمة إلى استغلال فرصة اكتشاف احتياطي كبير من الغاز الطبيعي لتمويل "ثورة اجتماعية في إسرائيل". ووفقًا لما يقوله أحد المؤسسين فإن "الحديث يدور على مبالغ مالية هائلة تتيح للدولة إمكان تمويل جميع المشروعات الاجتماعية التي كنا راغبين فيها دومًا ولم تتوفر ميزانيات لها".

وفي الجانب الآخر من المتراس تقف بطبيعة الحال شركات المستثمرين وخصوصًا شركة "نوبل إنرجي" الأميركية التي استعانت بإدارة "البيت الأبيض"، وشركة "ديلك إنرجيا" الإسرائيلية. وقد انضمت إلى هذا الجانب منظمتان مدنيتان تحوم حولهما شكوك كبيرة بشأن ارتباطهما بالمستثمرين أنفسهم.

المنظمة الأولى هي "المنتدى من أجل أرض إسرائيل"، والتي تضم خلية طلاب يمينية من جامعة بار إيلان يتزعمها رونين شفارتسمان. وقادت هذه المنظمة حملة ضد رفع عوائد الدولة من موارد الغاز الطبيعي تنضح بلغة عنصرية وتحريضية على الحركات السياسية والاجتماعية اليسارية وتتهمها بأنها تفضل الغاز العربي (المستورد من مصر) على "الغاز الإسرائيلي"، وكذلك تتهمها بمحاولة فرض الضرائب الباهظة على أصحاب رؤوس الأموال والشركات المستخرجة للغاز من أجل تحويل الغاز إلى مورد غير ربحي وبالتالي تفضيل الغاز المستورد والذي مصدره من الدول العربية على الغاز "القومي الإسرائيلي".

وعقبت عضو الكنيست السابقة زهافا غالئون (ميرتس) على هذه الحملة اليمينية بالقول إنها تثبت وجود علاقة وثيقة ليس بين رؤوس الأموال والسلطة فحسب بل أيضًا بين رؤوس الأموال والتطرف القومي. وأضافت: ما زلنا نذكر من وقائع التاريخ كيف تحالفت المصالح الاقتصادية مع الحركات الفاشية، وقد اعتقد أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة أنه يمكنهم ترويض الوحش الفاشي واستعماله لخدمة مصالحهم، لكن ما حدث في الواقع كان العكس وهو تجييش رؤوس الأموال لمصلحة الوحش الفاشي، وبناء على ذلك فإن المعركة على عوائد الغاز الطبيعي ليست منحصرة في الجانب الاقتصادي فقط.

المنظمة الثانية هي "أوميتس" التي تركزت في شنّ حملة على رئيس اللجنة الخاصة بإعادة دراسة سياسة حقوق الامتياز والعوائد في مجال موارد الغاز الطبيعي والنفط، البروفسور إيتان شيشينسكي، بحجة أن هناك تناقض مصالح بين رئاسته هذه اللجنة وبين كون زوجته إحدى عضوات إدارة "الصندوق الجديد لإسرائيل". وقامت هذه المنظمة بالتوجه بهذا الشأن إلى مراقب الدولة الإسرائيلي، القاضي ميخا ليندنشتراوس، الذي رأى أنه لا يوجد أي تناقض مصالح بين الأمرين. وتحظى هذه المنظمة بتأييد "الجمعية من أجل شرق أوسط حكيم" التي يتزعمها الدبلوماسي الإسرائيلي السابق إيلي أفيدار.

ويحاول كل جانب أن يؤثر على التوصيات التي ستتوصل إليها "لجنة شيشينسكي" قبل انتهاء عملها في أواخر تشرين الأول المقبل. ولا شك في أن المعركة ستحتد أكثر فأكثر لدى انتهاء عمل اللجنة ومن ثم لدى قيام الحكومة والكنيست بحسم القرار المتعلق بالسياسة العامة الجديدة التي سيتم اعتمادها بشأن حقوق الامتياز والعوائد في مجال موارد الغاز الطبيعي والنفط.

وأعرب وزير البنى التحتية عوزي لانداو عن أمله في أن يتم التوصل إلى حل وسط. وقال "أعتقد أنه سيتم رسم خط فاصل بين الاكتشافات السابقة والاكتشافات المستقبلية"، الأمر الذي اعتبره البعض بمثابة دليل على المقاربة التي تحكم وجهة الحكومة الإسرائيلية.

من سيشتري الغاز الإسرائيلي؟

في موازاة المعركة السالفة التي ترتبت على اكتشاف حقلي الغاز، وعلى تقديرات بوجود حقل نفط ضخم تحت أحدهما، أخذ البعض يطرح السؤال: من سيشتري هذه الكميات الضخمة من الغاز الطبيعي في وقت باتت فيه الأسواق العالمية مليئة بالغاز؟. ومن المعروف أن الغاز الذي سيتم استخراجه من حقل "تمار" في العام 2012 من شأنه أن يسد احتياجات إسرائيل من الغاز لفترة تتراوح ما بين 25 عاما إلى 30 عاما، ولذا فإن السؤال الذي يطرح نفسه: ماذا بشأن حقل "ليفياتان" الذي يعتبر حجمه أكبر بثلاثة أضعاف من حجم حقل "تمار"؟.

ويؤكد خبراء أنه من أجل بيع الأسهم وتحفيز الجمهور على الإقبال عليها يجب قبل أي شيء العثور على أسواق يمكن تصدير الغاز إليها، ونظرًا إلى كون الأسواق العالمية مليئة بالغاز، فقد نشأت فكرة تقضي بمد أنبوب غاز من حقل "ليفياتان" إلى تركيا أو إلى اليونان ليندمج مع أنبوب آخر يتم التخطيط له وسيجري مدّه من تركمانستان وأذربيجان إلى جنوب أوروبا وشرقها. كما طُرحت فكرة ثانية تدعو إلى إنشاء مصنع في جزيرة قبرص يتولى عملية تحويل الغاز إلى سائل، كي يتم تسويقه في حاويات ضخمة تنقل بالسفن إلى جميع أنحاء العالم.

غير أن هاتين الفكرتين تبقيان موضع شك كبير من حيث إمكان التنفيذ، وهذا نظرا لوضعية سوق الغاز في أوروبا والعالم، إذ تقول الدكتورة برندا شيفر، رئيسة برنامج إدارة سياسة الطاقة في جامعة حيفا، إن الأوضاع الاقتصادية في اليونان وإيطاليا وتركيا لن تسمح بتجنيد أموال استثمارية، هذا بالإضافة إلى أن استهلاك الغاز في اليونان في تراجع في إثر الركود الاقتصادي الذي يواجهه هذا البلد.

وتضيف شيفر أن إيطاليا تستورد الغاز بينما تركيا غنية بالغاز، في حين أن روسيا لن تسمح للغاز الإسرائيلي بأن يمس سوق الغاز في أوروبا، وأصلا فإن إسرائيل لن يكون بمقدورها منافسة الغاز الذي يتدفق من تركمانستان أو إيران. كما أن شيفر لا ترى سوقا في العالم تستطيع استيعاب فائض الغاز من إسرائيل منذ الآن، وتؤكد أن الشركات الإسرائيلية بحاجة إلى ضمان أسواق أخرى كي يساعدها هذا في تحديد السعر للسوق المحلية. ودعت شيفر إلى أن تحتفظ إسرائيل بالغاز الطبيعي الذي سيتم العثور عليه لاحتياجات إستراتيجية لها، وتعزيز احتياطي الطاقة لديها بعد اكتشاف حقل "تمار"، ويساندها في هذه الدعوة المسؤول عن أعمال التنقيب عن الغاز والنفط في وزارة البنى التحتية الإسرائيلية، الدكتور يعقوب ميمرن، الذي قال إنه من غير الممكن إلزام الشركات ببيع الغاز من حقل "ليفياتان" إلى السوق المحلية، ولكن من جهة أخرى فإن هذا الغاز هو ملك الدولة، ويجري فحص إمكان تخزين جزء من هذا الغاز لأهداف إستراتيجية قومية.

وفي مقابل هذا، كشفت صحيفة "هآرتس" عن أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو عرض على رئيس الحكومة اليونانية جورج باباندريو إمكانية أن يشتري اليونان الغاز الطبيعي من إسرائيل، وبشكل خاص من الحقل الجديد "ليفياتان"، ويجري الحديث على فكرة تعتمد على مد أنبوب غاز في قاع البحر الأبيض المتوسط، يوصل الغاز إلى اليونان، ومنه إلى دول في جنوب أوروبا وشرقها، وقالت الصحيفة إنها حتى الآن لم تعرف إجابة باباندريو.

ولم ينف ديوان نتنياهو الأمر في رده على الصحيفة، وقال بيان صادر عنه إن رئيس الحكومة بحث خلال زيارته إلى اليونان في أواسط آب 2010 سلسلة من القضايا ومن بينها القضايا الاقتصادية، وأيضا قضية الطاقة التي تشغل إسرائيل ودولا كثيرة في العالم، إلا إن المكتب رفض الحديث عن مضمون محادثات نتنياهو وتفاصيلها.

مستقبل "معركة" خفض تعلق العالم الغربي بالنفط

على صعيد آخر، ثمة من يعتقد أن اكتشافات الغاز الطبيعي ستجعل إسرائيل أقل تعلقًا بموارد الطاقة الخارجية، ولا سيما النفط، الأمر الذي ينطوي على أبعاد سياسية- إستراتيجية، فضلاً عن أنها ستساعد كثيرًا في دفع مشروعات تحلية مياه البحر إلى الأمام، ما يعني من جهة أولى خفض احتمالات اندلاع مواجهات جراء الصراع على مصادر المياه، ومن جهة أخرى تقليص حاجة إسرائيل إلى تنفيذ مشروعات لاستيراد المياه من تركيا أو لاستيرادها بواسطتها.

وكان موضوع وقف تبعية إسرائيل للنفط مدرجًا على جدول أعمالها "الوطني" في الآونة الأخيرة، وقد تعالت في خضم ذلك أيضًا أصوات قالت إنه يتعيّن على إسرائيل أن تتبنى إستراتيجيا ليس لوقف تبعيتها وحدها فحسب وإنما كذلك لفطام العالم وخصوصًا الغربي من تبعيته للنفط، وبالتالي تسديد طعنة اقتصادية إلى الدول الغنية بالنفط ولا سيما الدول العربية وإيران.

وناقشت الحكومة الإسرائيلية، في جلستها المنعقدة يوم 19 أيلول 2010، ما وصف بأنه "الخطة الوطنية لتطوير التقنيات التي تقلل من الاستخدام العالمي للنفط في وسائط المواصلات"، والتي تقرّر أن يرصد لها مبلغ مليارَيْ شيكل على مدى عشرة أعوام. وقام بصياغة هذه الخطة فريق مشترك لعدة وزارات معنية برئاسة رئيس "مجلس الاقتصاد الوطني" التابع لديوان رئاسة الحكومة يوجين كانديل. وتنص الخطة، بحسب البيان الصادر عن الحكومة، على إنشاء صناديق استثمارية متخصصة بمشاركة القطاع العام الإسرائيلي والعالمي لغرض تمويل أبحاث أكاديمية تهدف إلى تحقيق اختراقات علمية في هذا المضمار. كما سيجري تمويل عدد من الشركات الناشئة العاملة في هذا المجال. وسيتم توكيل موظف في ديوان رئاسة الحكومة بإدارة الخطة بالإضافة إلى تشكيل لجنة توجيه مشتركة للوزارات المعنية لمراقبة تطبيق الخطة. وترمي الخطة عموما إلى خفض الاعتماد المتزايد على النفط والدول التي تنتجه مما يخلّ باستقرار الاقتصاد العالمي ويمسّ بالبيئة من جراء انبعاثات المواد الملوثة وغازات الاحتباس الحراري. وأشار رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إلى وجوب أداء إسرائيل دوراً ريادياً في العالم في هذا المجال. وقال إن إسرائيل هي دولة صغيرة تعاني من الاعتماد العالمي على النفط أكثر من أي دولة أخرى وهي في الوقت ذاته دولة عظمى علمياً وبحثياً كونها تتمتع بعقول لامعة، ولذا فإن النية تتجه نحو حشد طاقات قوية بحثية وعلمية وتكنولوجية وربطها بهيئات أخرى لجعل إسرائيل جهة قيادية تحفز على العمل البحثي. واعتبر رئيس الحكومة هذا الأمر بمثابة هدف قومي إستراتيجي خاصة بسبب الانعكاسات السلبية المترتبة على اعتماد العالم الغربي وإسرائيل تحديداً على النفط سواء من ناحية أمنية أو من ناحية بيئية.

ومما جاء في كلمة نتنياهو خلال جلسة الحكومة: "سنناقش اليوم مسألة ذات أهمية بالنسبة لأمن دولة إسرائيل وتحديداً أمنها الاقتصادي مما يؤثر في نهاية المطاف على مركزنا الجيو- سياسي، إذ إن إسرائيل ستستثمر خلال العقد القادم نحو مليارَيْ شيكل لغرض تطوير بدائل النفط في مجال المواصلات. وكنت قد تحدثت عن هذا الأمر منذ بدء ولايتي رئيساً للحكومة كما أنني طلبت من يوجين كانديل (رئيس مجلس الاقتصاد الوطني) والوزراء المعنيين التركيز على وضع إطار يسمح لنا بمباشرة التجاوب مع تحديثات البحث عن بدائل النفط وبالذات الوقود المستخدم في السيارات. إن الوقود المستخدم لتشغيل وسائط النقل يشكل جزءاً كبيراً من مجموع استهلاك طاقة النفط عالمياً. ونظراً للطابع المتغير لأسواق النفط وتباين سعر برميل النفط بين الارتفاع والانخفاض فإنه لم يتم حتى الآن تركيز الجهود على البحث عن بدائل النفط. وإذا ما كانت إجراءات البحث عن هذه البدائل أوتطويرها قد بوشر بها عندما أصبح سعر النفط عالياً جداً فإن هذه الجهود ربما تتوقف فور بدء انخفاض أسعار النفط، ما يجعل من الصعوبة بمكان الاعتماد على الشركات الخاصة وهيئات البحث العادية فيما يتعلق بتحريك أو استكمال هذه الأبحاث، الأمر الذي يستدعي بدوره التدخل الحكومي، إلا إن هناك تفاوتاً بين الحكومات من حيث مستوى التزامها بإيجاد الحل المطلوب. إننا دولة صغيرة تعاني من الاعتماد العالمي على النفط أكثر من أي دولة أخرى. وقد نكون دولة صغيرة بمساحتها لكننا دولة عظمى من حيث العلوم والأبحاث والعقول. وبالتالي فإن النية متجهة نحو تركيز العمل البحثي وحشد رؤوس الأموال التي لا بأس بها وتجنيد الطاقات القوية بحثياً وعلمياً وتكنولوجياً وربطها بهيئات أخرى خارج البلاد لتصبح إسرائيل جهة قيادية على هذا الصعيد. ويدفعنا إلى إجراء هذا العمل البحثي التقدير - حسب رأيي - بأنه سيحقق بعض النتائج خلال عقد من السنين أو على الأقل يسمحبدراسة الاحتمالات المتاحة للتوصل إلى نتائج كبيرة المغزى سواء بالنسبة لنا أو بالنسبة للبشرية جمعاء. إنني أعتبر هذا الأمر غاية قومية إستراتيجية نظراً لأن الإدمان على النفط إنما يؤدي إلى اعتماد العالم الغربي على الدول المنتجة للنفط مما يمسّ موقع دولة إسرائيل وأمنها بالإضافة إلى الأضرار البيئية الملحوظة حيث أن مصدر حوالي 40 بالمئة من مجموع الغازات المسببة للاحتباس الحراري هو استخدام النفط. وبالتالي توجد أبعاد مختلفة ومزايا عديدة لإيجاد بدائل مفيدة لوقود المواصلات. إننا نجري اليوم النقاش الأولي كي يتسنى لاحقاً اتخاذ القرارات العملية الخاصة بتحريك هذه الأبحاث الهامة".