أثارت قضية عدم تمديد سريان مفعول القانون الجنائي الإسرائيلي على مستوطني الضفة الغربية جدلاً واسعاً في الأوساط الحكومية الرسمية، بعد أن اعتبر البعض بأن عدم تمكّن الائتلاف من تمريره في الكنيست يُعدّ فشلاً للائتلاف الحالي ونجاحاً للمعارضة في قطع الطريق على تنفيذ مخططات الحكومة الحالية الهشّة، واستشرافاً لمستقبلها وقدرتها على الاستمرار، لا سيّما وأن وزير العدل جدعون ساعر، الشريك في الائتلاف الحكومي، اعتبر أن هذه العملية هي بمثابة استفتاء على قدرة الائتلاف الحالي على الاستمرار.
تنهي حكومة نفتالي بينيت- يائير لبيد، هذا الأسبوع، عامها الأول، وسط مؤشرات متزايدة إلى أنها قد تنهي عملها، وتتحول إلى حكومة انتقالية في غضون أيام، أو أن تمتد بها الحال إلى الشهر المقبل- تموز، إذ إن الأزمة داخل الائتلاف تتفاعل مع قضية عدم تمديد سريان "قانون الطوارئ"، الذي يلتف على القوانين الدولية ليطبق القوانين الإسرائيلية على الضفة الغربية. فهذا القانون الذي فشلت الحكومة في تمديده، بات خشبة قفز لنائب وأكثر في كتلة "يمينا" للإفلات من الائتلاف، ما قد يؤدي إلى حل الكنيست، على الأغلب، أو تشكيل حكومة بديلة، وهو احتمال أضعف.
فما هي حصيلة هذه الحكومة في عامها الأول الذي سيكون عاما وحيدا، على الصُعد السياسية والصفقات بين أحزاب الائتلاف، وأيضا على الصعيد الاقتصادي؟
بأصوات ما زالت قليلة، كي لا نقول معدودة، لكن شديدة الصفاء وبالغة الدلالة، تتواتر في إسرائيل في الآونة الأخيرة دعوة إلى التحرّر من العقيدة الصهيونية، بوصف ذلك الطريق الأنسب لمعالجة أهم أسباب استمرار الصراع مع الفلسطينيين، كما سنوضّح في سياق لاحق.
وهي دعوة أتت، بادئ ذي بدء، في الأعوام القليلة الفائتة، على خلفية سنّ "قانون القومية" الإسرائيلي في العام 2018، وتنامت أكثر فأكثر في ظل الأزمة الحكومية التي شهدتها إسرائيل تحت تأثير محاولات وضع حدّ لعهد حُكم بنيامين نتنياهو، وأسفرت في نهاية المطاف عن تأليف حكومة جديدة ضم ائتلافها لأول مرة حزباً عربيا- إسلامياً، ما أجّج مواقف عنصرية.
ما زالت السلطة الإسرائيلية المسؤولة عن حيازة وإدارة الأراضي المسماة "أراضي دولة" تحتل مواقع متقدمة في عناوين التحقيقات الصحافيّة الاستقصائية وتقارير الرقابة والفحص الرسمية، بوصفها مؤسسة رسمية تتضمن عمليات احتيال واختلاس متعلقة بأراضٍ يفترض أنها المسؤولة عن حراستها وإدارتها. وقد كان عنوان هذا البند في التقرير السنوي الصادر عن مراقب الدولة واضحاً إذ جاء فيه حرفياً: "منع الاختلاسات وعمليات الاحتيال في سلطة أراضي إسرائيل".
الصفحة 164 من 886