افتتح البرلمان الإسرائيلي، الكنيست، هذا الأسبوع، دورته الشتوية، التي ستستمر حتى مطلع نيسان المقبل، وعلى أجندته قوانين مركزية في الشأن الداخلي، وفي مقدمتها ميزانية العام المقبل 2025، وقانون تجنيد الشبان المتدينين المتزمتين، الحريديم، في الجيش، وبموازاة ذلك، سيستكمل الكنيست تشريع قوانين خطيرة أخرى، منها ما تحظى بشبه إجماع صهيوني، كتلك التي تستهدف وكالة "الأونروا"، وقوانين تهدف لمزيد من تقييد الحريات، وبضمنها الترشح للكنيست، وكل هذا في ظل استمرار الحرب وتوسعها، بدون ظهور أي مطالبة من جميع الكتل الصهيونية والدينية بوقفها. كما أن الائتلاف الحاكم بات يرتكز على قاعدة أكبر، بانضمام كتلة من 4 نواب، وبات يسيطر على 68 مقعدا متماسكا، من أصل 120 مقعدا، ما يؤكد مجددا على أن لا انتخابات مبكرة، بل أن الوضع القائم يتيح لبنيامين نتنياهو استكمال ولايته الحالية حتى بعد عامين من الآن.
"أنا أسميّ هذه الخطوة رفضاً للخدمة العسكرية وتمرّداً عليها، وإن لم تكن بشكل منظم وضمن إطار معيّن. بعد سنة كاملة من الحرب، يمكن القول إن التآكل والشعور باستنزاف القوى، الجسدية والنفسية، قاصرٌ عن التعبير الحقيقي عن الجنود في لواء الناحَل... فعلى مدى 11 شهراً كانت الروح القتالية تملؤهم، جولة إثر أخرى، حتى الجولة الأخيرة التي تغيّر فيها شيء ما في العمق والجوهر. فمن أصل 30 جندياً في هذه الوحدة، لم يمتثل للخدمة في الجولة الثانية عشرة سوى ستة جنود فقط. أما الباقون، فقد استصدروا جميعاً شهادات إعفاء لأسباب صحية ـ طبية".
وسط أزمة في جهاز الصحة الإسرائيلي، لم تزدها الحرب المتواصلة منذ عام إلا تفاقما، يحذر مديرو المستشفيات من أن سياسة وزارة المالية تجاه شركات العيادات المعروفة بـ صناديق المرضى، سوف تتسبب في إفلاس المستشفيات، وقد تؤدي إلى تأجيل افتتاح مركز جديد لإعادة التأهيل الطبي في المركز الطبي "الشمال" (بوريا، سابقا) بسبب أزمة مالية ستزداد تعقيدا.
في الوقت الذي تُسلّط فيه الأضواء على الحرب مع حزب الله في الجبهة الشماليّة، وعلى الردّ الإسرائيلي على إيران، يبدو أن إسرائيل بدأت بتنفيذ ما تخطط له في كل ما هو مرتبط بـ "اليوم التالي" للحرب بالنسبة إلى قطاع غزة. ولعل ما أثار مثل هذا الاحتمال هو قيام إسرائيل بإعادة "الفرقة العسكرية 162" إلى جباليا برفقة دعوة سكان شمال القطاع إلى إخلاء منازلهم والتوجه جنوباً عبر "محور نتساريم"، وهو ما اعتبره الكثير من المحللين بمثابة تحقيق لجزء كبير من الفكرة التي يُطلق عليها اسم "خطة الجنرالات" والتي يُعَد اللواء في الاحتياط غيورا آيلاند من أبرز الممثلين لها في الإعلام، وهي تهدف إلى السيطرة على شمال قطاع غزة، وإخلائه من السكان المدنيين هناك، وفرض حصار على المنطقة، كخطوة يُفترض أن تعزّز تحقيق أهداف الحرب ضد حركة حماس (استعادة المخطوفين، وتقويض القوة العسكرية والسياسية لحماس). وفي الخطة اقتراح ينص على تجويع الناس الذين سيبقون في شمال القطاع بافتراض أنهم بصورة أساسية من عناصر حماس. وأشير في أكثر من مناسبة، كان آخرها في سياق ورقة تقدير موقف صادرة عن "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، إلى أن المنظومة الحكومية والسياسية في إسرائيل تفاعلت مع الخطة بإيجابية، على الرغم من أنها لم تعتمدها بالكامل بعد.
الصفحة 41 من 894