في أوائل السنة الحالية، تجندت وسائل الإعلام الإسرائيلية، وكذلك العالمية، وأفردت حيزًا واسعًا من التغطية الصحافية لجملة الإجراءات التي لفتت الانتباه في استثنائيتها حينما شرعت بعض الدول في اتخاذها آنذاك وتمثلت في فرض عقوبات، اقتصادية وغيرها، على بعض المستوطنين ونشطاء "اليمين المتطرف" وبعض الحركات والجمعيات التابعة لهم والناشطة بينهم والمرتبطة، ارتباطًا مباشرًا، بالمستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية.
انتهت آخر جلسات المفاوضات قبل موعد افتتاح السنة الدراسية في إسرائيل بين نقابة المعلمين وبين وزارتي التعليم والمالية بالفشل، إذ أعلن رئيس النقابة ران إيرز الإضراب يوم الأحد في المدارس الثانوية. وزير التعليم يوآف كيش حاول الوقوف في موقع "الوسيط" حين حمّل المسؤولية عن فشل المفاوضات إلى وزارة المالية والنقابة. الجدير بالذكر أن هذا أول إضراب في بداية العام الدراسي منذ العام 2007.
(*) ما عاد سرّاً أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو هو الأكثر إصراراً على إطالة أمد حرب الإبادة على قطاع غزة، والمؤشرات المتراكمة إلى ذلك كثيرة وتظهر تباعاً على نحو يوميّ.
ومن المؤشرات الأخيرة- حتى ساعة كتابة هذه السطور- يمكن أن نذكر ما يلي:
أولاً، ما زال نتنياهو مصمماً على الاحتفاظ بوجود عسكري إسرائيلي في محور فيلادلفيا بالرغم من معارضة مصر لمثل هذا الأمر، وبالرغم من وجود شبه إجماع في إسرائيل، بما في ذلك من جانب المؤسسة الأمنيّة، على أن تحويل موضوع السيطرة الإسرائيلية أو الوجود العسكري الإسرائيلي في محور فيلادلفيا وكذلك في معبر رفح بين قطاع غزة ومصر إلى هدف رئيسي من أهداف الحرب على القطاع غير ضروري بتاتاً، وأن الهدف المركزي يجب أن يكون إطلاق المخطوفين الإسرائيليين المحتجزين في القطاع من خلال صفقة تبادل مع حركة حماس. وبحسب ما أكّد أستاذ الدراسات الشرق أوسطية، الدكتور رفائيل سغيف، قبل أيام، ليس بوسع الحكومة الإسرائيلية في الوقت الحالي أن تعرض أي إنجاز مهم للحرب التي تشنها على غزة منذ نحو 11 شهراً، وفي ضوء ذلك فإن صفقة إطلاق المخطوفين ضرورية للغاية حتى ولو بثمن الانسحاب من محور فيلادلفيا.
منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 واندلاع حرب الإبادة على قطاع غزة، وانضمام حزب الله إلى المواجهة على الجبهة الشمالية وجماعة أنصار الله الحوثي من اليمن على شكل جبهات إسنادية لقطاع غزة، انشغلت العديد من القراءات الإسرائيلية في بحث نجاعة المنظومة الدفاعية أمام التهديدات الصاروخية من قطاع غزة ولبنان واليمن والعراق، كما ذهب بعضها لتسليط الضوء على الاعتماد المفرط على الاستراتيجية الدفاعية لإسرائيل التي تعتمد على الوسائل التكنولوجية وإسهام ذلك في فشل 7 أكتوبر وتوريط إسرائيل في حرب استنزاف على الجبهات المختلفة. في المقابل، روجّت العديد من التقارير للقدرات الدفاعية المميزة لإسرائيل والتي تم اختبار بعضها للمرة الأولى خلال هذه الحرب وتحديداً منظومتي السهم 2، والسهم 3. جزء من المساهمات المذكورة، تجمع بين المسألتين، الترويج للمنظومة الدفاعية الإسرائيلية ضد التهديدات الصاروخية، وتوجيه النقد للاستراتيجية الدفاعية الإسرائيلية التي تم تبنّيها على مدار السنوات الماضية، وسط تزايد الحديث عن مخاطر الحرب الشاملة مع إيران والمحور التابع لها في المنطقة، بما يمتلكون من قدرات صاروخية متفاوتة من حيث المدى ودقة الإصابة والقدرات التدميرية.
الصفحة 40 من 885