المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

قبل أيام معدودة من الهجوم المتوقع على العراق، يتقوى جدًا تقدير المخابرات العسركرية الاسرائيلية، بأنه من غير المتوقع أن يهاجم العراقُ إسرائيلَ. ويقدّرون في الجيش الاسرائيلي الآن، أن إحتمالات الهجوم تكاد تكون معدومة (تقترب من الصفر)، أو كما قال مصدر رفيع جدًا في الجيش الاسرائيلي لصحيفة <معريف> (11 اذار): <<الإحتمال منخفض جدًا جدًا جدًا>>
ويقدّرون في إسرائيل أنه <<كان بالامكان تشخيص دلائل في غرب العراق، المنطقة التي يمكن منها إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل، في حالة أن صدام يستعد لاطلاق صواريخ "سكاد" عليها.>>

وبحسب ما نُشر في خارج البلاد، فإن عشرات الأقمار الصناعية تمسح كل متر مربع في هذه الصحراء العراقية، والتقدير هو أن المنطقة خالية من صواريخ "سكاد". ويقولون في المخابرات العسكرية الاسرائيلية، بموجب <معريف>: <<حتى لو كان صدام يملك عدة عشرات من صواريخ "سكاد" تبقت لديه من حرب الخليج، فإنها على ما يبدو غير موجودة في منطقة الإطلاق في غربي العراق، وعند بدء الحرب فإنه سيكون من الصعب نقلها إلى هناك.>>

ومن خلال تحليل تصرفات صدام في الأسابيع الأخيرة يتقوّى التقدير في قسم المخابرات العسكرية الاسرائيلية، أنه لا ينوي مهاجمة إسرائيل. ويعتقدون في إسرائيل أن إستراتيجية صدام حسين هي محاولة كبح الهجوم عليه عن طريق ضغط دولي على الولايات المتحدة. لذلك، ليس هناك إحتمال بأن يفاجئ ويهاجم إسرائيل قبل بدء الحرب.

وعوضًا عن ذلك، حتى عندما يُهاجَم، فإنهم يقدّرون في إسرائيل أنه لن يسارع في الهجوم عليها. وخلافًا لحرب الخليج في العام 1999، والتي أعلن فيها مسبقًا عن أن إٍسرائيل ستكون هدفًا لصواريخ "سكاد"، فإن صدام يصر هذه المرة على موقفه بأنه لا يملك صواريخ بعيدة المدى ولا يشكل تهديدًا. ولو هاجم إسرائيل، فإن في ذلك إعترافًا ضمنيًا بأكاذيبه.

* خطوة يائسة

ويعتقدون في المخابرات العسكرية الاسرايلية أن صدام حسين قد يأمر بإطلاق صواريخ صوب إسرائيل، فقط في حال إحساسه بأنه سيفقد الحكم، أو أنه سيقع في أسر الأمريكيين أو أنه سيُقتل، وذلك لكي يُسجَل في التاريخ كمن هاجم إسرائيل، حتى بسلاح غير تقليدي. <<ولكن في هذه المرحلة – يقولون - سيكون من الطبيعي الافتراض أن الولايات المتحدة قد سيطرت على كل غربي العراق، وسيكون جيش صدام قد انهار.>>

إمكانية أخرى أن يحاول صدام مهاجمة إسرائيل عن طريق <<الارهاب>>، ولكن هنا أيضًا، لا توجد معلومات عينية عن ذلك.

وفي ذلك تكتب معريف: <<من الممكن أن يحاول صدام، في محاولة يائسة في اللحظة الأخيرة، إرسال طائرة تحمل مواد كيماوية أو بيولوجية، لكن إحتمالات تجاوز مثل هذه الطائرة لكل أجهزة الدفاع الأمريكية والاسرائيلية، تُعتبر صفرًا.>>

وفيما لو بقي التقدير بأن تُهاجم إسرائيل، ضعيفًا، فمن المتوقع، مع حلول نهاية الأسبوع، أن يصدر قرار رسمي بعدم أمر السكان بتحضير غرف مأطومة، وبعدم تعطيل الجهاز التعليمي عند بدء الحرب. والتقدير السائد الآن هو أن <<إسرائيل ستجلس على المُدرّج وستشاهد ما سيجري>>.

ومع ذلك، قالت مصادر أمنية اسرائيلية أخرى <<إننا نواصل الاستعدادات لكل السيناريوهات الأكثر خطورة>>.

واستكمل جيش الولايات المتحدة الأمريكية نشر بطاريات صواريخ "باتريوت" في تل أبيب (الثلاثاء 11 آذار)، وفي المقابل، سيستمر أيضًا نشر بطاريات "باتريوت" التابعة لسلاح الجو الاسرائيلي، في حيفا ومنطقة "الكريوت" المجاورة لها. وبذلك ستُستكمل الاستعدادات الدفاعية لأنظمة الصواريخ ضد الصواريخ، التابعة للجيش الاسرائيلي.

* المتحدثون في الموضوع العراقي: شارون، موفاز وشالوم فقط

في أعقاب ما نُشر في اسرائيل (الاثنين 10 اذار)، بأن الولايات المتحدة ستُقصّر من مدة إعطاء اسرائيل التحذير المسبق، قبل بدء الهجوم في العراق، إثر <<الثرثرة الزائدة>> من جانب مستويات رفيعة في الجيش والحكومة الاسرائيليين، قال رئيس الحكومة، أريئيل شارون، إنه هو ووزير الخارجية ووزير الدفاع فقط، من سيُسمح لهم بالتحدث في الموضوع العراقي.

وكان سفير الولايات المتحدة في إسرائيل، دان كرتسير، قد صرح خلال لقاء مع وزير الخارجية، سيلفان شالوم (الاثنين 10 اذار)، إن ما نُشر في هذا الشأن عارٍ عن الصحة. وقال كرتسر إن ما نُشر مخطوء تمامًا، وإن التعاون بين الولايات المتحدة وإسرائيل خارج عن المألوف.

كما قال منسّق شؤون الاحتلال في المناطق المحتلة، <<لمتحدث القومي>>، الكولونيل عاموس غلعادي، إنه لا يعرف عن وجود <<توبيخات أمريكية>> في أعقاب تصريحات عناصر إسرائيلية حول الهجوم. وبحسب أقواله، واعتمادًا على المداولات في الأمم المتحدة، وعلى أحاديث لعناصر أمريكية، فإن الحرب <<في الباب>>، وإسرائيل ستكون مستعدة لكل سيناريو خلالها، وبعدها، إلى أن ينتهي الخطر العراقي تمامًا.

ونُشر في اسرائيل (الثلاثاء 11 اذار)، إقتباسًا لمصادر سياسية رفيعة في القدس الغربية، أن الولايات المتحدة <<تلعب>> مع إسرائيل في كل ما يتعلق بالتحذير المسبق بشأن موعد الهجوم على العراق، وتتهرب منذ فترة طويلة من إلتزامها بإعطاء مثل هذا التحذير.

ويعود أحد الأسباب لذلك، بحسب ما يدعي أحد هذه المصادر الاسرائيلية، إلى أن الأمريكيين يروْن في إسرائيل دولة <<منكوبة بالتسريبات>> و <<حالة ميئوس منها>>. في ضوء ذلك، تقرر في الجهاز الأمني الانطلاق من فرضية أن الهجوم سيبدأ بمفاجأة تامة.

وادعت المصادر الاسرائيلية أن الافتراض الأمريكي هو أن كل معلومة تُعطى لجهات إسرائيلية، حتى الرفيعة منها، ستُسرّب للاعلام، عاجلا أم آجلا، وسيعرف عنها الجميع. وفي السابق أمل الأمريكيون في أن تتصرف إسرائيل بمسؤولية وأن تحافظ على المعلومات الحساسة، والآن – بحسب المصادر الاسرائيلية - فَقَدَ الأمريكيون كل أمل ويئسوا من هذا الموضوع بالمرة. وهذا واحد من الأسباب من وراء قرارهم، على الأقل في هذه المرحلة، بعدم إعطاء إسرائيل تحذير مسبق حقيقي قبل إندلاع الهجوم على العراق.

وتتقوى خشية الأمريكيين من <<تسريب السّر>>، خاصةً في أعقاب غضبهم المتراكم تجاه إسرائيل، لأن قيادييها <<ثرثارون أكثر من اللازم>>. ومع ذلك، هناك إحتمال بأن تُعلم الولايات المتحدة رئيسَ الحكومة، أو وزيرَ الدفاع أو السفيرَ الاسرائيلي، هاتفيًا، قبل ساعةً أو ساعتين من الهجوم.

ويبدو أيضًا أن تسريب خبر زيارة رئيس الـ "سي آي أيه"، جورج تينت، إلى إسرائيل في نهاية الأسبوع الأخير، لم يبعث على الراحة في واشنطن. ونفت مصادر رفيعة في مكتب رئيس الحكومة الاسرائيلية (الاثنين 10 اذار) أن يكون الأمريكيون احتجوا على هذه المسألة، وقد يعود ذلك إلى أن الأحد الماضي (9 اذار) كان يوم عطلة في الولايات المتحدة، ولكن من الواضح أن الأمريكيين طلبوا التكتم على زيارة تينت للمنطقة، كما ألغت الرقابة العسكرية في إسرائيل أخبارًا قُدّمت لها في هذا الشأن، مساء الخميس الماضي (تم النشر جزئيًا عن الموضوع يوم الجمعة مساءً ونُشر بالكامل في يوم السبت). والآن، يفهم الأمريكيون أن الرقابة في إسرائيل أيضًا، لا تملك القدرة على منع التسريبات للصحافة، بشكل تام.

ويحاول رئيس الحكومة الاسرائيلية أريئيل شارون، السيطرة على هذه الظاهرة، وأمر مؤخرًا بأن من يُسمح لهم بالتحدث حول موضوع العراق هم: وزير الدفاع ووزير الخارجية، وهو. وعلى الرغم من هذا التوجيه، يواصل العديد من الاسرائيليين في مناصب رفيعة التحدث في الموضوع، بمن فيهم <<المتحدث القومي>>، الكولونيل عاموس غلعاد، ورئيس المخابرات العسكرية، الكولونيل أهرون زئيفي - فركاش، في كل فرصة متاحة، تقريبًا.

وعلى هذه الظاهرة أيضًا، هناك نقد بالغ في الولايات المتحدة. وقد بلّغت عناصر من الادارة الأمريكية، وسفراء إسرائيليون في القارة وحتى مكتب للعلاقات العامة، يعنى بمهمة الترويج للموقف الاسرائيلي في نيويورك، كلهم بلّغوا مؤخرًا بلاغات قاسية يتضح منها أن تصرف إسرائيل العلني منذ إندلاع الأزمة مع العراق، يؤدي إلى أضرار فادحة بالمصالح الاسرائيلية، ويحوّل الحرب إلى <<حرب إسرائيلية>>.

<<هذه التصريحات تساعد منتقدي الادارة الأمريكية، الذين يدّعون أن الولايات المتحدة تخرج إلى الحرب بدافع من مصالح إسرائيلية>>، قال مصدر رفيع في وزارة الخارجية الاسرائيلية لصحيفة <معريف>، وأضاف: <<لقد أوضحت لنا الادارة الأمريكية عدة مرات، أنها تفضل الا تشارك إسرائيل في المعركة في العراق، وأن تبقى خارج القصة، لئلا تثير الغضب في الدول العربية، لكن المقابلات الكثيرة التي تتحدث فيها شخصيات رفيعة للاعلام، تخلق انطباعًا وكأن إسرائيل تدفع بالولايات المتحدة إلى الحرب>>.

وللتقدير بأن الولايات المتحدة لن تعطي إسرائيل تحذيرًا مسبقًا قبل يومين أو ثلاثة، وأن الهجوم سيكون <<مفاجئًا>>، أهمية ميدانية، لأن على الجهاز الأمني الاسرائيلي أن يحسم في الأيام القريبة، بشأن التوجيهات النهائية للجمهور. وفي هذا السياق، يشدد مصدر أمني اسرائيلي رفيع – بموجب <معريف> - على أن إسرائيل ستكون على علم بالهجوم الأمريكي على العراق قبل يومين أو ثلاثة من ذلك، حتى لو لم تأتِ المعلومات من الولايات المتحدة. <<لم تتفق الولايات المتحدة مع إسرائيل على تحذير مسبق، لكن لإسرائيل مصادرها الخاصة>>، قال.

حاليًا، إلى حين أتخاذ قرار أيًا كان، يبدو أن نصف الجمهور الاسرائيلي على الأقل، لا يعرف ما الذي يجب فعله بالضبط. وبحسب تقديرات الجبهة الداخلية، فإن 50% فقط من البيوت الاسرائيلية تصرفوا بحسب توجيهات الناطقة العسكرية، من الأسبوع الماضي، واقتنوْا مواد عازلة لبيوتهم.

المصطلحات المستخدمة:

رئيس الحكومة

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات