المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

فجر الاربعاء (19/3)، وفي الساعة الثالثة بعد منتصف الليل، اتصل وزير الخارجية الامريكي كولن باول برئيس الوزراء الاسرائيلي ارئيل شارون، الذي تواجد في تلك الساعة في <<مزرعة الجميز>> (بيت العائلة) في النقب جنوبي البلاد. كان باول ينقل في تلك المكالمة الهاتفية رسالة من الرئيس بوش الى رئيس حكومة اسرائيل: <<الرئيس طلب مني اطلاعك على التغيير الطارىء على موعد بدء القتال في العراق>>.


<<بعد ساعة ونصف نعتزم اطلاق عدة صواريخ طوماهوك على احد المباني التابعة لحاكم العراق. حسب معلومة ساخنة تلقيناها من سي آي إيه، اتخذ صدام حسين ومجموعة مقربة من مستشاريه ملاذًا لهم هناك. المعركة الشاملة لحل سلطة صدام حسين ستبدأ يوم الخميس مساء، حسب الخطة>>.

قدّم شارون الشكر لباول على المعلومات التي تلقاها، وسارع الى إعلام وزير دفاعه شاؤول موفاز بمضمون المكالمة.

<<عمليا – يكتب شمعون شيفر في "يديعوت احرونوت" (12/3) – وضعت الولايات المتحدة اسرائيلَ في حيرة: بموجب التنسيق المسبق بين شارون وبوش، وعد الامريكان ببدء الحرب بإنزال قوات خاصة في غرب العراق، بغية ابادة قواعد اطلاق الصواريخ، في حال العثور على مثلها في المنطقة، قد تعرّض اسرائيل للخطر. بالمقابل، وعد الاسرائيليون بالانضباط التام والامتناع عن العمل ضد اهداف في العراق>>.

<<تغيير الخطة الامريكية – يضيف شيفر - أوجد فسحة من الوقت من يوم واحد كان من شأنها ان ترفع مستوى خطر تعرض اسرائيل للهجوم. قرر شارون وموفاز اتخاذ سلسلة من وسائل الحيطة وادخال تغيير معين على الاوامر المعدة لسلاح الجو>>.

<<في نهاية الامر>>، قال شارون ملخصاً الموقف الجديد بعد التغييرات في الخطط الامريكية للهجوم، <<التزم الامريكان بالتفاهمات التي توصلنا اليها: الرئيس بوش اتصل بي وابلغني بالموعد المقرر للهجوم قبل وقوعه باثنين وسبعين ساعة، وعلى رغم التغيير الطارىء على التخطيط القتالي، لا شك عندي بأن الامريكان سيعتنون بغرب العراق في المراحل الاولى للحرب>>.

اراد شارون من وراء تصريحاته هذه ان ينقل الى الجمهور الاسرائيلي توصياته بوجوب مواصلة الحياة الاعتيادية على رغم الاستعدادات في اسرائيل للاحتمالات الأسوأ. ومنذ بداية الهجوم الامريكي وشارون يتصرف بموجب هذه التوصية. في ساعات الصباح (الخميس 20/3) بقي في <<المزرعة>> يستمع الى تقارير حول تطورات الاوضاع على الجبهة العراقية، ويواصل الالتزام ببرنامجه اليومي المحدد سلفاً. في ساعات ما بعد الظهر، وصل شارون الى موقع النصب التذكاري الجديد الذي تم تدشينه قريباً من كيبوتس <<كفار عزه>>، تخليداً لعمليات افراد وحدة 101 وكتيبة المظليين 890، المعروفتين بما نفذتاه من عمليات دموية في اوساط الفلسطينيين في الخمسينات من القرن الماضي.

<<وهكذا – يكتب شيفر – وكأنه لا حرب في العراق، ولا عمليات من غزة، لم يهتم شارون، او أي شخص من المدعوين الى حفل احياء الذكرى، وبضمنهم وزير الدفاع شاؤول موفاز، ومدير عام مكتبه عاموس يرون، بأن يحمل الكمامات الواقية كما طلبوا من مواطني اسرائيل أن يفعلوا>>.

<<كان هناك شيء ما محزن في هذا الحدث – يضيف شيفر – فشارون كان في السابعة والعشرين من عمره عندما قاد هذه الوحدة الخاصة. واليوم، في الخامسة والسبعين من عمره، يقف ثانية امام غزة، وهذه المرة كرئيس حكومة مسؤول عن امن مواطني اسرائيل. "من هنا خرجنا بعد العمليات الجريئة"، قال شارون للحضور. "لم افكر في حينه اننا سنجد انفسنا بعد خمسين سنة في نفس المكان في مواجهة الارهاب الفلسطيني. انه نفس الارهاب. ونفس شهية القتل"، قال شارون بشكل قاطع. "الارهاب الفلسطيني لم يقدم لنا التسهيلات حتى عندما لم نتواجد في غزة او الخليل او شرقي القدس">>.

* اذاعة <<صامتة>>

بين توصيات الوسطين السياسي والامني في اسرائيل بوجوب الحفاظ على <<الحياة الاعتيادية>> فيها، والتطورات التي تشهدها الجبهة العراقية منذ الساعات الاولى على بدء العدوان الامريكي، وعلى رغم التطمينات الامريكية بأن المرحلة الاولى من الحرب ستتمحور في تنظيف غرب العراق من صواريخ "سكود"، الا ان هناك من لا يزال يحذر من ان احتمالات تعرض اسرائيل لصليات صواريخ "سكود" العراقية، واردة وعالية بالتأكيد (هآرتس، 21/3). لذلك تم رفع حالة التأهب في الانظمة الاسرائيلية المضادة للطائرات الى اعلى مستوى.

واطلقت قيادة الدفاع المدني الاسرائيلي اذاعة على موجات لا تبث الا في الحالة التي تقتضي توجيه تعليمات للسكان.

وحدد بيان صدر عن قيادة الجيش الاسرائيلي ذبذبات هذه الاذاعة التي اطلق عليها اسم "الموجة الصامتة" والتي يمكن التقاطها من شمال البلاد الى جنوبها.

واوضح ناطق عسكري اسرائيلي ان بإمكان الاسرائيليين ان يركزوا جهاز الراديو على ذبذبات "الموجة الصامتة" وان يخلدوا الى النوم، اذ ان الاذاعة لن تخرق الصمت الا في حالة الانذار بوجود خطر خصوصًا في حال التعرض لصواريخ عراقية.

واشار البيان الى أن هذه النظام وضع بمباركة كبار حاخامات اسرائيل لأنه ينبه الاسرائيليين المتدينين الى وجود خطر حتى في عطلة السبت.

من جهة اخرى، قدم قائد الدفاع المدني الاسرائيلي للصحافيين منظومة قادرة على تحديد مكان سقوط اي صاروخ على مسافة متر واحد تقريبا وفي وقت قليل.

وقال الكولونيل ايال ساسون ان اسرائيل وضعت هذه المنظومة التي اطلق عليه اسم "الهيكل الروماني" في العام 2002 وهي قادرة على تحديد مكان سقوط اي صاروخ بعد اقل من ثلاث دقائق.

واوضح <<عندما يكون الصاروخ في خط المسرى يبعث حرارة ويترك وراءه سحابة من الغاز>>. واضاف ان <<نظام الهيكل الروماني بامكانه ان يرصد بدقة لا سابق لها مصدر الحرارة والغازات واللهب التي تنتج عن اصطدام الصاروخ بالارض>>.

* ضد الثرثرة

وفي ضوء <<الثرثرة>> الاسرائيلية المتزايدة عن مواعيد الحرب في العراق، يرى المسؤولون الأمنيون والسياسيون والمسؤولون عن الاعلام في وقت الحرب أن الحرب الأساسية هي ضد هذه الظاهرة (الثرثرة)، مشيرين إلى أن أهم خطوة اتخذتها إسرائيل حتى الآن هي التعليمات التي صدرت بشأن فتح وتجهيز الكمامات الواقية.

وصدرت عن ديوان رئيس الوزراء الاسرائيلي تعليمات للناطقين الرسميين وغيرهم من المتحدثين الإسرائيليين تقضي بالامتناع عن الإدلاء بتصريحات لوسائل الإعلام قبل أن تصدر عن رئيس الحكومة نفسه.

ويمتنع شارون عن اطلاق تصريحات مباشرة عن الحرب على العراق، وبحسب المقربين منه فهو يرى بوجوب تأجيل ذلك إلى موعد لاحق <<لأن الحديث ما يزال يدور عن مرحلة مبكرة نسبياً من الحرب>>.

ويرى وزير الخارجية الإسرائيلي، سيلفان شالوم أن الهد الآن هو الاحتفاظ برد الفعل على <<نار هادئة، لئلا نصبح طرفاً في الحرب>>، مؤكداً <<أن إسرائيل تقف إلى يمين الشعب الأمريكي وتأمل أن لا تقع خسائر في أرواح الأمريكيين>>.

في هذه الاثناء تم تعيين ممثلين عن اللوبي الإعلامي الوطني في مراكز وسائل الاعلام. ويضم اللوبي ممثلين عن وزارة الخارجية والناطق بلسان الجيش الإسرائيلي وممثلين عن اتحاد الصحافة الحكومية والشرطة الإسرائيلية وممثلين عن وزارات حكومية ذات صلة بالموضوع.

وقال مدير مركز وسائل الإعلام في وزارة الخارجية الاسرائيلية، أمير غيسين: <<لا شك في أن الدعاية والاعلام هما ساحة معركة لا تقل أهمية عن المعارك الأخرى ولذلك قامت طواقمنا وأجهزتنا بالاستعدادات اللازمة للإجابة على تساؤلات وسائل الاعلام الإسرائيلية والأجنبية>>.

* استطلاع جديد: الاسرائيليون لا يثقون بالكمامات الواقية!

واظهرت نتائج استطلاع جديد للرأي ان 62% من الاسرائيليين لا يثقون بقدرة الكمامات الواقية والغرف المحكمة الاغلاق على مساعدتهم في حال تعرض اسرائيل لهجوم عراقي بأسلحة غير تقليدية.

وقال 28% فقط من المشاركين في استطلاع للرأي اجرته صحيفة "معاريف" ومعهد "جالوب"، ونشرت نتائجه (الجمعة 21/3) إنهم يثقون بالكمامات الواقية من الغاز وبالغرف المأطومة، بينما قال 10% إنهم لا يعرفون ما اذا كانت هذه الوسائل ستوفر لها الحماية بالفعل.

ويدل الاستطلاع على ان 40% من الاسرائيليين لا ينوون اعداد غرف خاصة في بيوتهم، على رغم تعليمات الجبهة الداخلية الاسرائيلية التي طابتهم بذلك، فيما قال 18% انهم ينوون اعداد مثل هذه الغرف. وقال 42% فقط انهم فعلوا ذلك.

وقال 48% من الاسرائيليين إن العراق لن يهاجم اسرائيل، في حين قال 32% منهم ان اسرائيل ستتعرض لهجوم عراقي. ولم تعرف نسبة كبيرة من المشاركين في الاستطلاع (20%) ما اذا كانت اسرائيل ستتعرض لهجوم عراقي أم لا.

وقال نصف المستطلعين (48%) انهم يخافون على انفسهم وعلى ابناء عائلاتهم من اندلاع الحرب في العراق، بينما أكد 50% انهم ليسوا خائفين.

ويؤيد 59% من الاسرائيليين العدوان الاميركي على العراق، فيما يعارضه 24%. وقال 17% انهم لا يملكون جواباً. ويعتقد 44% بأن أميركا ستحرز انتصارًا سريعًا في الحرب، مقابل 33% يعارضونهم الرأي، و32% لا يملكون اجابة.

المصطلحات المستخدمة:

كيبوتس, هآرتس, ايال, رئيس الحكومة

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات