المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

سكان سديروت يتذمرون في الآونة الأخيرة من الوضع الأمني في مدينتهم. انها أنانية خالصة، والدليل - ليس بعيدًا عنهم يسكن رجل مسن ليس معافى تماماً، لكنه لا يشكو البتة. صحيح انه يتغيب عن منزله كثيرًا بسبب عمله في القدس، وانه محاط بحرّاس شخصيين، وان مزرعته مسيجة ومزينة بنقاط حراسة وفوقه سماء خالية من الطائرات، لكن لا يزال يجدر بجيرانه اتخاذه قدوة لهم.ارئيل شارون هو المواطن الأول والوحيد في اسرائيل الذي يمنع تحليق الطائرات من فوقه. خريطة العمل الجوي تشمل تقييدا غير مسبوق – "مزرعة الجميز" (مزرعة شارون الخاصة، ومسكنه الشخصي - المترجم) هي "منطقة محظورة الطيران". كما هو معروف، اقتصر هذا التقييد، في السابق، على الفرن الذري في ديمونة ومنشآت قليلة اخرى. "الشاباك" يدحرج مسؤولية الاعلان عن "منطقة عسكرية مغلقة" على الجيش، وفي سلاح الجو يرفضون الإفصاح عما يمكن ان يحدث لأي طيار يتم اكتشافه فوق الزرعة.

بعد اغتيال رابين، وعملية 11 أيلول وسنتين وثلث من المواجهة مع الفلسطينيين، يمكن فهم رغبة المسؤولين عن الحراسة في السعي الى أمرين اثنين: الأمن - للشخصية المسؤولة، وبوليصة التأمين - لهم. المجال الجوي هو الأكثر عرضة للإصابة، حين تكون الشخصية محلقة ومستهدفة بالإسقاط، او حين تكون على الأرض ومستهدفة بالتفجير.

الأسلحة غير المباشرة، مثل صواريخ الكاتيوشا او القسام، او الطائرات بلا طيار، لا يتوفر جواب شاف لها حتى الآن غير احتلال المناطق التي تقع في مدى اطلاقها. هذه هي نقطة ضعف الجدار الفصل: طالما بقي الإرهاب يتمتع بقاعدة حاضنة خلف الحزام الفاصل، فانه يستطيع دائمًا تجاوز العقبات، سواء التي فوقه او تحته او بتشغيل عملاء عن بعد، كما حصل مع قرية الغجر وكريات شمونه.

اسرائيل انتصرت في "حرب الشهداء" - العمليات العسكرية لم تقرب الفلسطينيين من تحقيق اية غاية سياسية. في اللقاءات مع ممثلين أجانب، يستل رئيس شعبة الأستخبارات العسكرية ورئيس وحدة الأبحاث، الجنرال أهرون زئيفي والجنرال يوسي كوبرفاسر، رسمًا تخطيطيًا يشير الى غلبة الأعمدة الحمراء (إحباط عمليات انتحارية) على الأعمدة الزرقاء (عمليات تم تنفيذها). منذ تشرين الأول / اكتوبر 2000 وحتى أيار 2002 كانت الزيادة واضحة في الأعدة الزرقاء، لكن بعد عملية "السور الواقي" طرأ ارتفاع كبير في الأعمدة الحمراء مقابل الزرقاء.

هذا التحول يعزوه الجيش الى تواجد قواته في المناطق - كذلك انخفضت فاعلية بن لادن بعد ان فقدت منظمته بنيتها التحتية للتدريب والتأهيل في أفغانستان - والى تقصير الإجراءات العملية بين العملاء الذين يجمعون المعلومات الإستخبارية والذين يحللونها، من جهة، وبين الأذرع التنفيذية على أساس هذه المعلومات من الجهة الأخرى. المعلومات السرية، التي من الضروري جدًا المحافظة على سرية مصادرها، يتم تنسيقها وتحليلها بسهولة ثم يتم تحويلها دون تأخير الى ضابط الإستخبارات، المرتبط، مباشرة، بالقوات الميدانية. والى جانب التعاون مع "الشاباك" هنالك ايضا "الغيرة والحسد": الإستخبارات العسكرية تسجل لنفسها 80% من النجاحات في احباط العمليات العسكرية.

الهدف الطموح الذي وضعته الأستخبارات العسكرية لنفسها هو تقليص دائرة "الأرهاب" في غضون ثلاث سنوات، قبل 2006، الى "وضع محتمل". ليس في نظر المصابين وعائلاتهم، بالتأكيد، وانما فقط في معايير شمولية. "محتمل"، بالنسبة للإستخبارات العسكرية، ليس معناه "صفر" عمليات عسكرية، وهو حلم لن يتحقق حتى في زمن السلام مع الفلسطينيين، وانما "كما في حوادث السير"، وليس من الناحية العددية - عدد القتلى في هذه الحوادث اكبر - وانما من حيث القبول العام بواقع حياتي مؤسف، لكنه روتيني، لا تغير الدولة بسببه أنظمة حياتها.

("هآرتس"، 25 شباط، ترجمة: "مدار")

المصطلحات المستخدمة:

الكاتيوشا, هآرتس

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات