المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

من شدة الحماس في المفاضات مع المفدال والليكود حول الطابع اليهودي - الديني لدولة اسرائيل، نسي قادة "شينوي" التحدث مع شركائهم المستقبليين حول مستقبل الدولة الديموقراطي - الصهيوني. الإنشغال بهذا المستقبل لم يعد من نصيب المفكرين؛ السؤال النظري – ما إذا كانت أقليةٌ يهودية ستظل مسيطرة على اغلبية عربية - سيغدو في الكنيست الـ 16 سؤالاً وجودياً. ولكن، على الرغم من أن جميع خبراء الديموغرافيا يؤكدون أن عدد العرب بين البحر والنهر سيفوق عددهم من اليهود قبل نهاية هذا العقد، إلا أن مُنتخبي الجمهور يطمسون الموضوع.

وعلى الرغم من ان كل "خرائط الطرق" تؤكد أن موعد الحل، أي إنهاء الأحتلال (نهاية 2005) سيحل قبل نهاية دورتهم (نهاية 2007)، إلا أن ممثلي المركز السياسي يأتلفون مع ممثلي أرض اسرائيل الكاملة.طريقة "عندما نصل الى الجسر" التي تميز المفاوضات الائتلافية في السنوات الأخيرة، انتهى دورها. فالجسر أصبح هنا، وهو ينهار. والتحذير القائل بأن التهرب من القرار بشأن حدود الدولة سيؤدي الى البكاء أجيالا عديدة، لم يعد نبوءة غضب يطلقها يساريون لا يرون إلا السواد. دان مريدور، من أبناء العائلة المقاتلة، هو الذي قال في آذار / مارس العام الماضي الجملة التالية عن القضية الديغرافية - الدمقراطية: "ليس مريحاً الكلام في هذا الموضوع، لكن من بين جميع القضايا - الأمنية، السياسية وغيرها - هذا هو التهديد الأساسي الذي لن نستطيع التهرب منه".

استمرارًا لهذا القول، المسجل في كتاب اصدره "معهد ترومان" في الجامعة العبرية مؤخرا، قال مريدور انه بعد 4 - 5 سنوات، وبدلا من الحديث عن دول فلسطينية، سيقول عرفات: "لا حاجة الى النيران، اعطوهم جميعا حق الإنتخاب". وسئل مريدور ايضًا عن الحل المفضل لإسرائيل. إنه يرفض المبادىء التي توجه زملاءَه في اليمين. فبعد أن يعلن رفضه لفكرة "الترانسفير" لأنها "غير أخلاقية وغير عملية"، يتطرق مريدور الى الأقتراح بأن يرضى الفلسطينيون ويكتفوا بحكم ذاتي وأن ينتخبوا في الأردن. ويختار الإقتباس من أقوال لمناحيم بيغن في كانون الأول 1977: "نحن لن نكون روديسيا... حتى في جنوب افريقيا لم يتحقق مثل هذا التوجه".

من هنا يصل الوزير دان مريدور الى الحل المفضل لإسرائيل: اقامة دولة فلسطينية - في اطار اتفاق، او بدونه. ولا يكتفي بأعلان نوايا عام، بل يقول: "لتحقيق السلام انت لا تستطيع، بالتأكيد، الأبقاء على 20 جيب استيطاني. لا بد من تواصل جغرافي، بهذا الشكل او ذاك". ويشهد مريدور، الذي كان حاضرًا في كامب ديفيد 2000، انه قد تحقق هناك تفهم عربي لضرورة "ان تكون المناطق التي فيها استيطان كثيف جزءًا من اسرائيل، خلافا للمناطق التي فيها استيطان غير كثيف".

مريدور يعترف، في احاديث خاصة، بأنه هو ايضًا لايعرف ما يقصده شارون حين يتحدث عن "تنازلات موجعة" وما اذا كان يقصد ايضًا تلك المناطق غير كثيفة الإستيطان. الوزير المسؤول، من قبل شارون، عن بلورة "خارطة الطرق" الأسرائيلية ليس مستعدًا للتصريح ما اذا كان تمسك رئيس الحكومة بـ "نتسريم" هو موقف تكتيكي لضرورات المفاوضات الأئتلافية، أم للمفاوضات السياسية. وهو لا يعرف ما اذا كان شارون سيخفي، في لحظة الحقيقة، تلك الفكرة الأبداعية المسماة "تواصل مواصلاتي"، والتي تقترح على الفلسطينيين تواصلا جغرافيا بواسطة الجسور والأنفاق.

استعداد شارون للتنازل عن حزب العمل لصالح تخليد التحالف مع المفدال يؤشر على توجهاته ووجهته. لكن في سياق المفاوضات الأئتلافية ليكود - شينوي - مفدال تكشف خلل ليس اقل بعثا للقلق: حزب من المحامين الذين يفاخرون بناخبين من مؤيدي "سلام الآن"، وجد خلال ايام قليلة قاسماً مشتركاً مع حزب وقف زعيمه الى جانب مستوطنين مخالفين للقانون.

هللويا! طومي لبيد والحاخام يتسحاق ليفي توصلا الى تفاهم في مسائل الدين والدولة. بعد اقل من عشر سنوات على الأتفاقية الأولى مع الفلسطينيين، عدنا الى الأيام التي يتفاوض فيها الأسرائيليون مع أنفسهم. تَباً للصهيونية، الى الجحيم ايتها الدمقراطية، المهم ان تبقى المراكز التجارية مفتوحة في ايام السبت.

(هآرتس، 24 شباط)

ترجمة: "مدار"

المصطلحات المستخدمة:

شينوي, الكنيست, رئيس الحكومة, هآرتس

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات