نشأت ظاهرة "حيتان المال" في إسرائيل بعد عقود قليلة من "استقلال الدولة"، عبر عمليّة الخصخصة التي قادتها الحكومة لتحويل ممتلكات وشركات تغطّي وتخدم القطاع العام من الحكومة إلى رجال أعمال مستقلين.
وجاء ذلك من خلال الضغط المستمرّ والمكثّف الذي حفزتّه السياسة اليمينيّة الأيديولوجيّة في العام 1977، ومن جهةٍ أخرى بتأثير التوجّه العالميّ نحو الخصخصة كجُزء أساس من النسق النيوليبراليّ.
لم تمض أيام قليلة على توقيع إسرائيل والإمارات العربية على اتفاق تطبيع العلاقات بينهما، حتى انحرف النقاش داخل إسرائيل، ومن مختلف الجهات الأمنية والسياسية والإعلامية، من الحديث عن الاستثمارات الضخمة والآفاق التي سيفتحها أمام إسرائيل والفوائد التي ستجنيها من وراء هذا الاتفاق (الذي شدد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لحظة إعلانه على أنه الأول الذي يجسد مبدأ عدم التبادلية وتقديم تنازلات لكونه قائما على أساس "سلام مقابل سلام")، إلى التهديد الكامن فيه، خاصة فيما يتعلق بما كشفه الصحافي الإسرائيلي ناحوم بارنياع في صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن أن الاتفاق سيمكن الإمارات من الحصول على طائرات إف 35 التي تعتبر الطائرات القتالية الأكثر تقدما في العالم، والتي لا تمتلكها أي دولة في المنطقة، وذلك كجزء من الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي المرعي أميركيا.
تشير جميع استطلاعات الرأي العام الإسرائيلي التي أجريت منذ إعلان نتائج انتخابات الكنيست الثالثة والعشرين في آذار 2020، وحتى استطلاع القناة 12 في السادس من تشرين الأول الجاري، والاستطلاع الذي نشرته صحيفة "معاريف" يوم الجمعة التاسع من الشهر، إلى أن حزب العمل الإسرائيلي لن يتجاوز نسبة الحسم في الانتخابات المقبلة. والاستطلاعات تعطي الحزب التاريخي الآيل للاندثار، نسبا قريبة من الواحد في المئة، وقد تكرر هذا التقدير في كل الاستطلاعات تقريبا بحيث تتساوى فرص حزب
أظهرت كتلة "أزرق أبيض" ورئيسها بيني غانتس في الأيام الأخيرة، حالة من التململ والامتعاض من نهج وسيطرة بنيامين نتنياهو على قرارات الحكومة، وظهر وكأن الأمر تهديد بحل الحكومة، رغم ضعف الكتلة في استطلاعات الرأي العام. وهناك شك بمدى جدية "أزرق أبيض". وعلى الأغلب فإن قرار حل الحكومة سيبقى بيد نتنياهو، الذي من المفترض أن يكون في حالة ارتباك حاليا، على ضوء استفحال انتشار كورونا، وهبوط حزبه الحاد في الاستطلاعات. ولكن حسابات نتنياهو الشخصية هي التي ستقرر في نهاية المطاف، وقد يصدر قراره في كل يوم من الآن، وحتى بضعة أشهر.
تثير القرارات التشريعية والسياسية الأخيرة التي اتخذتها الحكومة الإسرائيلية، بناء على التعديل القانوني الذي أقرّه الكنيست بأغلبية أصوات الائتلاف الحكومي، تنفيذاً لطلب الحكومة ورغبتها، جملة من الأسئلة والمعضلات الجوهرية التي تمس صميم كيان الدولة الإسرائيلية، لما تنطوي عليه من آثار وانعكاسات جوهرية وخطيرة على المستويين المتوسط والبعيد بصورة خاصة. ففي موازاة الجانب الاقتصادي وما فيه من غموض وأسئلة تحيط بمستقبل الاقتصاد الإسرائيلي، بكل فروعه وقطاعاته، جراء هذا الإغلاق الشامل المستمر، تشهد دولة إسرائيل هذه الأيام إحدى أعمق وأخطر أزمات الثقة التي عصفت بالدولة منذ
تواصل جهات إسرائيلية عديدة الانشغال بمستقبل التعاون الاقتصادي مع دولة الإمارات العربية المتحدة، بعد اتفاقية التطبيع التي تم التوقيع عليها في واشنطن، يوم 15 أيلول الماضي. ولكن التقديرات بدأت تتضارب بشأن حجم هذا التعاون، بين من يذهب بعيدا في حماسته، مثل رئيس جامعة حيفا رون روبين، الذي يعتقد أن الاستثمارات الإماراتية قد تغير وجه الاقتصاد الإسرائيلي، وبين الخبير الاقتصادي البروفسور ميخائيل هومفريس، الذي يقول إن الاتفاقية ستتمخض عن اتفاقيات تجارية عينية، ولكن ليس بمستوى إحداث ثورة اقتصادية في البلدين.
الصفحة 161 من 344