قبل أسبوع من الانتخابات، التي ستجري في 23 آذار الجاري، ما تزال استطلاعات الرأي العام توحي بأزمة أخرى في تشكيل الحكومة، فالائتلاف الفوري لليكود ورئيسه بنيامين نتنياهو، يحظى بـ 58 مقعدا، ومثلها لمجموع القوائم التي تعارض استمرار حكم نتنياهو، بكل ما تحمله من تناقضات. وفي الوسط، 4 مقاعد مفترضة وليست مؤكدة للقائمة العربية الموحدة، التي على لسان قادتها لا ترفض بالمبدأ دعم حكومة نتنياهو "مقابل مطالب". وقد فجّرت "الموحدة" في نهاية الأسبوع الماضي، مفاجأة، بتراجعها عن توقيع اتفاق فائض أصوات مع القائمة المشتركة، ما من شأنه أن يؤدي إلى احتمال فقدان تمثيل العرب في الكنيست لمقعد إضافي.
للوهلة الأولى، قد تبدو الحملة الانتخابية المركزة التي يوجهها بنيامين نتنياهو ومن بعده بقية أحزاب اليمين واليسار الإسرائيلية على حد سواء، للمجتمع العربي في الداخل، ساذجة وعديمة الجدوى من حيث مردودها الانتخابي وحجم الأصوات الذي يمكن أن تعود به على هذه الأحزاب، إلا أنها في جوهرها، وإلى جانب المكاسب الانتخابية الحسابية والآنية، تعكس توجها مختلفا، ووعيا متزايدا بالدور والمنحى الآخذ في الاستقلال والندية الذي ينحو إليه المجتمع العربي، والذي بلغ ذروته في الحملة الانتخابية السابقة وقدرة القائمة المشتركة على "كنس" الأحزاب الصهيونية من صندوق الاقتراع في المجتمع العربي من جهة، ورفع نسبة التصويت لصالح القائمة المشتركة، وتمليكها قوة سياسية غير مسبوقة داخل الكنيست جعلتها القوة الثالثة من حيث الحجم، وهو ما جعلها تشكل حجر عثرة أساسيا، ورقما صعبا، أمام مساعي نتنياهو للعودة إلى الحكم، وتشكيل حكومة تنقذ حكم اليمين وتبعد عنه شبح السجن.
حظي حزب ميرتس اليساري الإسرائيلي بنصيب وافر من الجدل والنقاش مؤخرا في الصحافة، وفي أوساط النخب والمثقفين الإسرائيليين، ولم يكن مبعث ذلك وقوع تطورات دراماتيكية في برامج الحزب أو تكوينه القيادي، وإنما ببساطة لأنه بات مهددا بالفشل في اجتياز نسبة الحسم (3.25 في المئة) في الانتخابات القريبة، وبالتالي الاختفاء نهائيا من المشهد السياسي الإسرائيلي، بعدما شهد تراجعا مطّردا على امتداد العقود الثلاثة الماضية، على غرار ما جرى مع حليفه التاريخي، حزب العمل.
قدمت منظمة "الحركة من أجل جودة الحكم" في إسرائيل التماساً بشأن حرية المعلومات للمحكمة المركزية في القدس، كي تصدر أمراً للشرطة يلزمها بتقديم معلومات بشأن "نظام توجيه بيانات التصفح في شبكة الإنترنت"، والذي تفعّله الشرطة على المنشورات المختلفة لتجمع من خلاله معلومات عن المواطنين الذين يتصفحون الإنترنت. وهو الأمر الذي رفضته الشرطة تماماً.
في هذا الحوار مع الدكتور وليد حدّاد، الخبير في مجالِ الإدارة العامة والمتخصص في بحثِ سياسة مكافحة الجريمة والمخدرات داخل الخطّ الأخضر، أودّ معالجةِ موضوعين أساسيين: الأوّل، تطوّر الجريمة المنظمّة في المجتمع العربيّ والتطرّق إلى مجالات عملها وطُرقها. والثاني، كيف نفهم انتقال الجريمة المنظمّة من المجموعةِ اليهوديّة وماذا حصلَ في تلكَ الفترة تحديداً، وكيف تكوّنت ثنائيّة سلاح جنائيّ وسلاح أمنيّ، فيما يتعلق بتعاطي الشرطة وأجهزة الدولة مع انتشار السلاح والجريمة المنظمّة في المجتمع العربيّ الفلسطينيّ في إسرائيل. وأخيراً، سنتحدّث عن إمكانيّات الخروج أو محاربة الجريمة المتعارف عليها.
من يقرأ دون خلفيّة ولا معلومات سابقة هذا النص على موقع مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية: "صادقت الحكومة اليوم (1 آذار) على مقترح رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بدعم بلدات المجتمع العربي والحد من الإجرام فيها بقدر 150 مليون شيكل"، يظن أن خطوة كبيرة ومهمة قد قطعتها هذه الحكومة. لكن يكفي التوقف عند المحطات السابقة لهذا القرار، لهذه المحطة الأخيرة عملياً، كي يدرك أن الصورة مختلفة تماما.
الصفحة 142 من 344