شهد العام الماضي 2021 تصاعداً في عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين، ورغم أن العنف الممارس من قبلهم ليس حدثاً طارئاً في تاريخ الاستعمار الاستيطاني في فلسطين، إلّا أنه في هذا العام والذي قبله، تكثف هذا العنف وجاء على عدة مستويات، وبوتيرة أعلى من كل السنوات السابقة. وإذا كانت العادة المتكررة للمستوطنين هي اقتحام القرى الفلسطينية وأطراف المدن، وإحراق سيارات أو إتلاف محاصيل زراعية، وخط شعارات ضد الفلسطينيين على الجدران، مع محاولات قتل واختطاف، ففي هذا العام وفي الفترة التي سبقت وتلت هبة أيار تكثفت كل هذه الأحداث سويةً، وشارك المستوطنون الجيش الإسرائيلي في عمليات القتل، بشكل متساوٍ تقريبا في يوم 14 أيار 2021.
شهد العقد المنصرم محاولات مسعورة لتفكيك القضية الفلسطينية، أفرزت جملة من التحولات التي ألقت بظلالها على مُجريات الصراع العربي- الإسرائيلي عموماً وعلى القضية الفلسطينية على وجه التحديد. وجاءت هذه المحاولات في ضوء تحولات واضحة حصلت في المشهد الإسرائيلي الذي شهد هيمنة، شبه مطلقة، لليمين الجديد- بتياراته المختلفة- وازدياد نفوذ وتأثير المستوطنة وأجنداتها السياسية على مُختلف الصعد، وهو ما تُرجم عملياً في الممارسات الإسرائيلية على الأرض، إلى جانب سنّ "قانون القومية" وخطّة الضم وعمليات الاستيطان المتزايدة والمستمرّة، وتعزّزت بدعم من الإدارة الأميركية في عهد دونالد ترامب، و"اتفاقيات أبراهام" بين إسرائيل وبعض الدول العربية، والتي وصلت ذروتها في إعلان "صفقة القرن".
تمثل أحد أبرز المتغيرات في الكنيست الإسرائيلي، ابتداء من العام المنصرم 2021، بعد أربع جولات انتخابية في غضون 23 شهرا، وآخرها شهر آذار الماضي، في توسيع نطاق ما يسمى "القانون النرويجي"، الذي يجيز استقالة وزير من عضوية البرلمان، ليدخل نائب من حزبه مكانه، مع حقه بالعودة لمقعده البرلماني، في أي وقت، أو في حال استقالته من الحكومة، إذ أن هذا النمط منح الائتلاف استقرارا في الحضور في الكنيست لمواجهة المعارضة، إلى جانب متغيرات واضحة في أجواء العمل البرلماني، مقارنة مع ما سبق. في المقابل، يبدو أن المعركة في الليكود بدأت تسخن، بمبادرة رئيسه بنيامين نتنياهو الذي "فتح النار" على منافسيه المفترضين.
أظهر التضخم المالي في الأشهر الـ 11 الأولى من العام الجاري، والذي ظهرت معطياته قبل أسبوعين من انتهاء العام، أن الاقتصاد الإسرائيلي سيسجل لأول مرّة منذ ثماني سنوات تضخما ماليا يتجاوز نسبة 2.2%، إذ أن آخر نسبة كهذه كانت في العام 2013، لتتبعه 7 سنوات من التضخم القريب للصفر. وهو يعكس موجات الغلاء في السوق التي اندلعت منذ صيف العام 2020، في حين سجلت أسعار البيوت منذ مطلع العام ارتفاعا حادا بنسبة 10.3%. في المقابل فإن ارتفاع قيمة الشيكل أمام العملات العالمية يخلق أزمة في قطاع الصادرات، وقد ينعكس على جوانب عدة في الاقتصاد الإسرائيلي.
بتاريخ 12 كانون الأول الحالي أقيمت المسابقة النهائية لملكة جمال الكون (لتمييزها عن ملكة جمال العالم) في مدينة إيلات في جنوب إسرائيل. وهذه هي المرة الأولى التي تستضيف فيها إسرائيل مسابقة ملكة جمال الكون. وستعتبر المسابقة تسويقا لإسرائيل، وإحدى أهم حملات "العلاقات العامة" لتحسين صورتها والتي من شأنها الترويح لإسرائيل (وخصوصا لمدينة إيلات) باعتبارها واجهة للسياحة في الوقت الذي تشهد فيه السياحة الإسرائيلية تراجعا ملموسا بسبب انتشار فيروس كورونا من جهة، ولأسباب سياسية تتعلق بصورة إسرائيل كدولة أبارتهايد من جهة أخرى.
كشفت صحيفة "هآرتس" في مطلع كانون الأول الجاري عن وثيقة مسرّبة كانت وزارة الصحة الإسرائيلية قد منعت نشرها في العام الماضي، تكشف تورّط النظام الصحي في قضية اختفاء أطفال عائلات هاجرت إلى إسرائيل من اليمن ودول الشرق والبلقان بين الأعوام 1948-1954. ويأتي هذا الكشف استمراراً للنقاش الإسرائيلي المستمرّ منذ ذلك الحين حول هذه القضية التي ظلّت تتفاعل على مدار العقود الماضية، وبقيت عالقة بين العائلات اليمنية والحكومات الإسرائيلية المتعاقبة طيلة هذه الفترة.
الصفحة 105 من 338