ما زالت إسرائيل تعيش في خضم عاصفة عقب قيام حركتي اليمين "إم ترتسو" و"عاد كان" بشن هجوم شديد على المنظمات الحقوقية في محاولة لتشويه صورتها وتصويرها كأنها عميلة لأجندات أجنبية، لكونها تتلقى تمويلا من دول وصناديق أجنبية تُعنى بحقوق الإنسان.
انشغلت وسائل الإعلام كثيرا في الأيام الماضية في احتمال أن يخوض رئيس هيئة أركان الجيش الأسبق غابي أشكنازي السياسة، والسؤال المركزي الذي كان يدور أي حزب سيختار؟، وظهر "بسرعة" استطلاع رأي وكأنه يُبلغ أشكنازي أي حزب عليه أن ينضم له. إلا أن أشكنازي في حال قرر خوض السياسة فعلا، سيلمس كسابقيه في سنوات الألفين، أنه في مرحلة لا بريق فيها للقادة العسكريين السابقين، كما كانت حال جنرالات مرحلة تأسيس إسرائيل، مثل موشيه دايّان وإسحاق رابين وغيرهما. وزيادة على هذا، فإن أشكنازي يصل إلى السياسة منهكا من تحقيقات امتدت لخمس سنوات. ورغم أن ملفه تم اغلاقه إلا أنه سيبقى عالقا في الرأي العام كمن طالته قضية فساد.
هناك الكثير من الأدبيات الإسرائيلية التي تؤكد أن العناصر التي تعمل تحت اسم "تدفيع (جباية) الثمن" منظمة إرهابية يهودية، وأنه يتعين على الحكومة الإسرائيلية اعتبار هذه العناصر بمثابة منظمة إرهابية يهودية، كما ينبغي لسائر السلطات القانونية في إسرائيل أن تعمل وتتصرف بمقتضى ذلك.
عشية تقديم النيابة العامة في إسرائيل، في مطلع السنة الجديدة 2016، لوائح اتهام ضد ثلاثة من المستوطنين لضلوعهم في جريمة إحراق عائلة دوابشة الفلسطينية في بلدة دوما، في 31 تموز 2015، أجرى "المعهد الإسرائيلي للديمقراطية" استطلاعاً للرأي بين الجمهور اليهودي في إسرائيل أراد، من خلاله، تقصي آراء ومواقف الجمهور اليهودي حيال الإرهاب اليهودي، من خلال الإجابات عن الأسئلة المركزية التالية: هل يقرّ الجمهور اليهودي بحقيقة وجود إرهاب يهودي في إسرائيل؟ هل يعتقد بأنها مجموعات هامشية فقط؟ وهل يميز بين المنفّذين اليهود والمنفذين الفلسطينيين في تقييمه مدى صرامة التحقيقات والعقوبات؟
إذا كان بنيامين نتنياهو قد نجح في إقصاء كل مَن يمكن أن ينافسه على رئاسة الليكود، وفي أن يقلص حجم التأييد له في الحزب، فإن نتنياهو "ينعم" بغياب البديل له في الساحة السياسية، وخيار البديل التقليدي الوحيد تاريخيا لحزب الليكود هو حزب "العمل"، رغم أن هذا الخيار سقط من خانة "الاحتمالات الواقعية"، منذ 15 عاما. وساهم في هذا خطاب حزب "العمل" وقادته على مر السنين. وبعد تراجعات متوالية لقوة هذا الحزب في الانتخابات البرلمانية، جاء إسحاق هيرتسوغ ليستعيد قسطا ليس قليلا نسبيا من قوة حزبه، ولكن بدلا من أن يستغل الأمر كرافعة للحزب كله وطرحه كبديل، عاد إلى مربّع سابقيه، وشرع في منافسة خطاب اليمين، ظنّاُ منه أن هذا يعزز احتمالات وصوله إلى رئاسة الوزراء. بيد أن تجارب الماضي وواقع الحلبة السياسية، يؤكدان أن هذا الاحتمال أقرب إلى الصفر، وهذه نتيجة ساهم في تثبيتها حديثا هيرتسوغ ذاته.
الصفحة 307 من 344