المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
الشيخ جراح: هبة فرضت تغيير الحسابات.
الشيخ جراح: هبة فرضت تغيير الحسابات.

تميزت الأشهر الستة الأولى من العام الحالي 2021 بدخول الرئيس جو بايدن إلى البيت الأبيض، واستمرار مكافحة البرنامج النووي الإيراني، وجولة إضافية من القتال في قطاع غزة، وتأثير معركة انتخابية إضافية على علاقات إسرائيل الخارجية، وتشكيل حكومة جديدة لا يترأسها منذ سنوات طويلة بنيامين نتنياهو.

تعرض هذه الوثيقة الاتجاهات الرئيسة التي ميزت سياسة إسرائيل الخارجية الإقليمية بين الأشهر كانون الثاني - تموز 2021: تشكيل حكومة جديدة وتعيين يائير لبيد وزيراً للخارجية يعطيان أملاً في مواصلة إصلاح منظومة العلاقات الخارجية؛ تظهر الأحداث في القدس وغزة مدى مركزية الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني بالنسبة إلى إسرائيل، على الرغم من وجود محاولات سياسية لتنحيته جانباً؛ ترسيخ الأرضية لعلاقات مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب على الرغم من التحديات؛ محاولات غابي أشكنازي (وزير الخارجية السابق) وبنيامين غانتس لإصلاح العلاقات مع الأردن قيّدتها سياسة بنيامين نتنياهو؛ العلاقات مع مصر تتوسع على المستويين السياسي والاقتصادي ولكن ليس على المستوى المدني؛ إسرائيل تتعلم كيفية التعامل مع الادارة الأميركية الجديدة؛ استمرار معارضة البرنامج النووي الإيراني من خلال تبني توجه جديد نحو تحركات الولايات المتحدة الأميركية ؛ جهود أشكنازي لتعزيز العلاقات مع الاتحاد الأوروبي واجهت سقفاً واطئاً حدده نتنياهو؛ إسرائيل شريك رئيس في تطوير ومأسسة التعاون في شرق حوض البحر الأبيض المتوسط.

الاتجاهات بالتفصيل

1. يعطي تشكيل حكومة جديدة وتعيين يائير لبيد وزيراً للخارجية أملاً في مواصلة إصلاح منظومة العلاقات الخارجية.. إن تعيين لبيد في منصب وزير الخارجية، بالإضافة إلى وظيفته كرئيس الحكومة البديل، وضع لاعباً سياسياً ذا وزن جدي على رأس وزارة الخارجية. أعلنت المبادئ الموجهة للحكومة الجديدة عن النية لتعزيز وزارة الخارجية، وكانت قرارات إغلاق وزارة الشؤون الاستراتيجية وإقرار سلسلة طويلة من التعيينات المهنية خطوات أولى في هذا الاتجاه. ينطوي هذا على استمرار للجهود التي بذلها وزير الخارجية السابق أشكنازي لإصلاح منظومة العلاقات الخارجية، والتي قيّدها نتنياهو في نهاية المطاف.

2. تظهر الأحداث في القدس وغزة مدى مركزية الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني بالنسبة إلى إسرائيل، على الرغم من وجود محاولات سياسية لتنحيته جانباً، فقد تمسكت إسرائيل باستراتيجية إدارة الصراع مع الفلسطينيين ولم تقدم مبادرة سياسية لدفع عملية السلام إلى الأمام. وأثارت ممارساتها في القدس انتقادات دولية وأشعلت جولة أخرى من العنف، تأثرت أيضاً بالتطورات الفلسطينية الداخلية بعد إلغاء الانتخابات للسلطة الفلسطينية. ولا شك في أن الجولة التي تدحرجت من توترات في القدس إلى قتال مع حماس في غزة وعنف داخل المدن الإسرائيلية، سلطت الضوء على الصعوبة المتزايدة في جهود إسرائيل للفصل ما بين الفلسطينيين في القدس الشرقية وقطاع غزة والضفة الغربية والمدن الإسرائيلية. في الوقت نفسه، واجهت إسرائيل على الساحة الدولية قرار محكمة الجنايات الدولية في لاهاي الذي قضى بفتح تحقيق في الأحداث في الأراضي المحتلة.

3. ترسيخ الأرضية لعلاقات مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب على الرغم من التحديات - إن غياب الاستقرار السياسي في إسرائيل، وزمة كورونا، وجولة القتال في قطاع غزة، والتوترات في القدس، ودخول بايدن إلى وظيفة الرئاسة الأميركية، وضعت تحديات أولى أمام تطوير العلاقات مع دول التطبيع. في إزاء كل هذا، وحتى أمام جولة القتال مع الفلسطينيين، أظهرت "اتفاقيات أبراهام" صموداً وقدرة على البقاء. افتتحت بعثات دبلوماسية في دول عربية وفي إسرائيل وتم توقيع اتفاقيات وتطوير أشكال تعاون في المجالات الاقتصادية والمدنية والأمنية.

4. محاولات غابي أشكنازي وبنيامين غانتس لإصلاح العلاقات مع الأردن قيّدتها سياسة نتنياهو - قاد وزير الخارجية (السابق) أشكنازي ووزير الدفاع غانتس جهوداً في الحكومة السابقة لإصلاح العلاقات مع الأردن، وقاما بتجديد قنوات حوار رفيعة المستوى معها. لكن إلغاء زيارة ولي العهد الأردني إلى جبل الهيكل/ الحرم القدسيّ الشريف والتوترات في القدس حدّت من تأثير هذا التحرك وكرّست أزمة العلاقات التي تميزت بقطيعة بين نتنياهو وبين الديوان الملكي. على الرغم من ذلك، أكدت إسرائيل رغبتها في استقرار المملكة، وكان هذا واضحاً في سياق محاولة الانقلاب في الأردن وتعزيز التنسيق الأمني. ومع تشكيل الحكومة الجديدة في إسرائيل، شدّد لبيد على أهمية وضرورة إصلاح العلاقات مع الأردن.

5. العلاقات مع مصر تتوسع على المستويين السياسي والاقتصادي، ولكن ليس على المستوى المدني – تواصلت أشكال التعاون الأمني بين إسرائيل ومصر في شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة، وأضيف إليها التعاون في مجالي الطاقة والتجارة. أبرزت التطورات المتعلقة بالانتخابات الفلسطينية المحتملة والتصعيد الإسرائيلي- الفلسطيني الدور السياسي المركزي لمصر في الوساطة على المستوى الفلسطيني الداخلي وبين إسرائيل وبين حماس. ومع ذلك، لا تزال التوجهات والرؤى المناهضة للتطبيع مع إسرائيل مسيطرة على الشارع المصري، وتحدّ من توسيع التعاون بين الدولتين إلى مجالات إضافية.

6. إسرائيل تتعلم كيفية التعامل مع الإدارة الأميركية الجديدة - أدى دخول إدارة بايدن إلى تغيير في السياسة الخارجية الأميركية، وهو ما يتضمن عودة الدعم الأميركي لحل الدولتين، والسعي إلى تجديد الاتفاق النووي مع إيران، واعتماد نهج متعدد الأطراف في تعزيز قيم ديمقراطية- ليبرالية وفي مواجهة أزمة المناخ. تدعم إدارة بايدن التطبيع بين الدول العربية وبين إسرائيل والانسحاب الأميركي التدريجي من الشرق الأوسط. وقد عملت إسرائيل على التكيف مع الوضع الجديد الناشئ، وباشرت ببذل جهود لإقامة علاقات عمل طبيعية مع الإدارة والحزب الديمقراطيين، وإعادة الدعم الحزبي الثنائي لها، بعد التشديد الذي وضعه نتنياهو على الحزب الجمهوري فقط.

7. استمرار معارضة البرنامج النووي الإيراني من خلال تبني توجه جديد نحو تحركات الولايات المتحدة الأميركية - قُبيل انتخابات الكنيست، عرضت الأحزاب المنافسة لنتنياهو - يميناً ووسطاً ويساراً - موقفاً يقضي بضرورة إجراء حوار مع الإدارة الأميركية حول المسألة النووية الإيرانية وليس الصدام معها كما فعل نتنياهو خلال عهد باراك أوباما. عملت الجهات المهنية في إسرائيل - وبعد تغيير الحكومة كذلك الجهات السياسية - على تطبيق هذا النهج ومحاولة التأثير على المفاوضات الدولية مع إيران من خلال العمل المشترك مع الولايات المتحدة. كل هذا بالتوازي مع استمرار النشاط العسكري والاستخباراتي الإسرائيلي ضد إيران وبرنامجها النووي، في العديد من الميادين وحتى مع إعلان تحمل المسؤولية الصريحة والتخلي عن سياسة الغموض.

8. جهود أشكنازي لتعزيز العلاقات مع الاتحاد الأوروبي واجهت سقفاً واطئاً حدده نتنياهو– واصل أشكنازي وضع مسألة تحسين العلاقات بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي كهدف سياسي، وعمل على توسيع وتعميق العلاقات مع نظرائه في الدول الأوروبية. في الوقت نفسه، فانعدام الاستقرار السياسي، وولاية أشكنازي المحدودة كوزير للخارجية، واستمرار تولي نتنياهو رئاسة الحكومة، كلها عوامل أدت إلى منع حدوث تقدم حقيقي في العلاقات. فظلت العلاقات مع الاتحاد الأوروبي تتسم بالتعاون الاقتصادي- المدني جنباً إلى جنب مع توتر سياسي قائم على التزام الاتحاد الأوروبي بحل الدولتين وانتقاده للاحتلال المستمر والآخذ بالتعمق. عند توليه منصبه، صرح لبيد بأنه سيعمل على فتح صفحة جديدة في العلاقات مع الاتحاد الأوروبي.

9. إسرائيل شريك رئيس في تطوير ومأسسة التعاون في شرق حوض البحر الأبيض المتوسط – واصلت إسرائيل تعزيز التحالف مع اليونان وقبرص وعززت التعاون معهما في مجالات الأمن والطاقة والسياحة ومواجهة وباء كورونا. كما واصلت إسرائيل دفع فكرة مأسسة منتدى الغاز حوض شرق البحر الأبيض المتوسط ، ودعمت اندماج الإمارات العربية المتحدة في حيّز البحر الأبيض المتوسط. بالإضافة إلى ذلك، أبدت إسرائيل مرونة في الاتصالات المتجددة لترسيم الحدود البحرية مع لبنان. إلى جانب هذا، ردت إسرائيل بتحفّظ على محاولات جس النبض التركية بشأن إمكانية تسخين العلاقات بدرجة معينة.

(*) د. روعي كيبريك هو مدير الأبحاث في معهد "ميتفيم" (مسارات)- المعهد الإسرائيلي للسياسات الخارجية الإقليمية- ود. غيل مورسيانو هو المدير العام للمعهد. هذه الورقة تستند إلى الأعداد الستة من التقرير الدبلوماسي الذي ينشره معهد "ميتفيم"، ويستعرض شهرياً علاقات إسرائيل والفلسطينيين، وعلاقات إسرائيل مع الشرق الأوسط، ومع أوروبا وحوض البحر الأبيض المتوسط، وأداء منظومة السياسة الخارجية. تُنشر الورقة بالتعاون مع صندوق فريدريش إيبرت، وساهم في إعداده نمرود غورن، ميخائيل هراري وأرثور كول. ترجمة خاصة.

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات