المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

"المشهد الإسرائيلي": ننشر، فيما يلي، الترجمة الحرفية الكاملة لنص الخطاب السياسي الذي ألقاه رئيس حزب العمل وتحالف "المعسكر الصهيوني"، عضو الكنيست إسحاق هيرتسوغ، في مؤتمر حزب "العمل" الذي عقد يوم 7 شباط 2016، وعرض فيه "خطة الانفصال أحادية الجانب عن الفلسطينيين" والتي صادق عليها المؤتمر في ختامه بالإجماع:

الزملاء والزميلات، شركائي في الطريق السياسي منذ عشرات السنين،
أصغيتُ لمداخلات عشرات الزميلات والزملاء الذين تحدثوا قبلي. نحن أعضاء في حركة العمل منذ عشرات السنين وشركاء في الطريق نفسه وفي الرؤية ذاتها.

وها أنا اقول لكم اليوم:
أيها الزملاء – لا فرق بيننا.

أيتها الزميلات- لا جدال بيننا.

لا جدال بيننا ولا فرق.

لقد عرفت حركة العمل، دائما، كيف تحدد الرؤيا وتصوغها، مثل منارة ساطعة مشعة، لكن مع تحقيق ما هو ممكن ومتاح الآن.
خصومنا السياسيون كانوا يُحسنون الكلام، دائما، بينما كنا نحن نحسن الفعل والعمل، دائما.

في الثاني عشر من أيار العام 1948، عُقدت جلسة بدأت في الهزيع الأول من الليل وانتهت عند الفجر، في الهزيع الأخير. بأغلبية صوت واحد فقط، أقنع بن غوريون قيادة "الييشوف" بأن إعلان الدولة ـ في الغداة ـ ليس هجراً للرؤيا وتنازلا عنها، بل تحقيق لما هو ممكن ومتاح الآن.

قال المعارضون إن إعلان الدولة في الغداة هو هجر للرؤيا، روح الشعب، وتنازل عنها. وإن الدولة اليهودية لن تستطيع العيش والصمود ضمن هذه الحدود، ولو لحظة واحدة.

لكن بن غوريون حسم وقال إن ثمة رؤيا وثمة واقعاً وإنه ينبغي تحقيق ما هو ممكن اليوم من أجل تغيير الواقع غداً.

أصر بن غوريون ـ بأغلبية صوت واحد ـ على إعلان قيام دولة يهودية وديمقراطية في حدود غير معقولة، لأن هذا ما كان ممكنا تحقيقه في تلك اللحظة، وتغيير الواقع إلى الابد.
اليوم أصبح واضحاً أنه لم يكن ثمة فرق بين المعارضين وبن غوريون. لم يكن نقاش حول الهدف.

اليوم أصبح واضحا أن بن غوريون كان على حق وأن المعارضين لم يستوعبوا هول اللحظة.

الرؤيا لم تتبدل. لم يكن بن غوريون يغمز نحو اليمين ولم يكن يغازل المركز. ولم يحاول بن غوريون، أيضا، إنقاذ نفسه في استطلاعات الرأي. كان بن غوريون قائداً. استطاع تحقيق كل ما كان ممكنا اليوم، بالأفعال لا بالأقوال.
واليوم، أيضا، لم تتبدل الرؤيا.

رؤيا الدولتين لم تمت، لكنها لن تتحقق غداً.
إن ما يمكن تحقيقه اليوم هو أمن مواطني إسرائيل والفصل بيننا وبين الفلسطينيين، بالأفعال لا بالأقوال.

هذا ما يمكنه وقف الانتفاضة الثالثة. وهو ما يتيح عقد مؤتمر إقليمي مع جيراننا من الدول العربية المعتدلة. إنه ما يتيح التقدم نحو تحقيق الرؤيا.

الزميلات والزملاء،
دولة إسرائيل تعيش اليوم حالة حـ ر ب!
هذه ليست موجة إرهاب ـ إنها انتفاضة ثالثة.

كل يوم، وأحيانا كل بضع ساعات، يُقتل إسرائيلي جديد وإسرائيلية أخرى. وللأسف الشديد، يسير هذا الوضع في اتجاه مزيد من التدهور الأمني، الأشد وطأة وخطورة.

أنا لست مستعدا لتقبل هذا الواقع. لست مستعدا للاعتياد عليه. ممنوع أن نعتاد عليه!

أشارك، خلال الأشهر الأخيرة، في جنازات ومآتم وأزور بيوت العزاء في مختلف أنحاء البلاد. أبكي مع العائلات. قلبي يتمزق. أمس، كنت لدى عائلة هدار كوهين الرائعة في أور يهودا. بعد شهرين منذ إنهائها المرحلة الأساسية من الجندية. بعد بضعة أشهر من إنهائها المرحلة الثانوية. القلب يبكي.

وأنا أعلن:
في أيام الدم والنار وأعمدة الدخان هذه، في أيام الحرب هذه عليك يا إسرائيل، لا تمتلك إسرائيل رئيس حكومة فعالا.

في البيت الواقع في شارع بلفور (مقر الإقامة الرسمي لرئيس الحكومة في إسرائيل ـ المترجم) يقيم مواطن يشلّه الخوف.

تحت أصباغ الماكياج السميك والتسريحة المصففة بعناية، يختبئ بيبي (بنيامين نتنياهو ـ المترجم) شاحب ومرعوب، لا يعرف شيئاً عما نفعله اليوم وإلى أين سوف نصل غدا.

في شهر آب الماضي عدتُ من زيارة لدى "أبو مازن" في المقاطعة في رام الله. حذرتُ أبا مازن من مغبة انتفاضة ثالثة. وجدت قائداً مرهَقا أبلغني بأنه لا يستطيع فعل أي شيء يمكنه وقف الشباب الذين تسيّرهم شبكات التواصل الاجتماعي. فور انتهاء اللقاء، مباشرة، تحدثت مع بيبي. حذرتُ بيبي من انتفاضة ثالثة.

وجدت زعيماً مرهَقاً أبلغني بأنه لا يستطيع فعل أي شيء من شأنه تغيير الواقع.

بمزيد الأسى والألم، أحدق في الواقع وأستنتج: بيبي وأبو مازن لن يغيّرا واقع حياتنا الفظيع.

الزملاء والزميلات،
تعالوا نصارح أنفسنا بالحقيقة. بدون شعارات أو كليشيهات. بدون تجميع لايكات (شارات الاستحسان والإعجاب ـ المترجم) على الفيسبوك.

تعالوا نصارح أنفسنا بالحقيقة ونحدق في وجه الواقع، لأن هذا ما يستحقه الجمهور الإسرائيلي: القادة وليس عارضي الأزياء. الحقيقة وليس التلفيق.

والحقيقة هي، أيتها الزميلات وأيها الزملاء، أنه بدون إعادة الأمن إلى بلادنا، لن يكون بالإمكان التقدم إلى رؤيا الدولتين. أنه بدون البدء بعملية الانفصال عن الفلسطينيين، ستتحول إسرائيل إلى دولة عربية ـ يهودية وستغرق رؤيا الدولتين في البحر وسيصبح في القدس رئيس بلدية فلسطيني.

نحن نرى المصيبة الداهمة. نحن نرى المصيبة ونرى زعماء إسرائيل الحاليين يقرّبون المصيبة بدون أن يفعلوا شيئاً لمنعها.

خطة الانفصال التي عرضتها في مؤتمر "معهد دراسات الأمن القومي" يوم 19 كانون الثاني (2016) استغرقت وقتا طويلاً في الإعداد والتحضير. وهي الخطة التي أعرضها أمامكم اليوم هنا. لقد عرضت خطتي للمرة الأولى على مواطني إسرائيل، في إسرائيل وليس في باريس. وهي خطة تقوم على خلاصات وعناصر هامة جدا تشملها الخطة الأساسية المعمقة التي أعدها زميلي حيليك بار، السكرتير العام للحزب. ويعرض حيليك بار خطته هذه في إسرائيل وفي العالم منذ أشهر عديدة. إنها خطة جسورة وأساسية تنطلق من رؤيتنا التي تثير اهتماما واسعا لدى المجتمع الدولي.

أشكرك حيليك بار على رؤيتك وجهودك القيادية.

وتعتمد خطة الانفصال، في كثير من مبادئها، على خطة زميلنا، صديقي الحميم، قائد "وحدة هيئة الأركان العامة"، عومِر بار ليف، وعلى محادثات عديدة أجريتها مع عومر، الذي أدين له بالشكر الجزيل.

نعم، إنني أرغب في أن ينضم إلينا المزيد والمزيد من القادة، من جميع شرائح المجتمع الإسرائيلي كي تنتصر الحقيقة في صناديق الاقتراع (كلمة حقيقة بالعبرية تتألف من الأحرف الثلاثة ذاتها التي يتألف منها رمز حزب العمل الانتخابي على أوراق الاقتراع، أ م ت ـ المترجم).

وتستمد خطتي، أيضا، من خطة عمير بيرتس. أهلا بك عمير بيرتس، القائد الاجتماعي والأمني العائد إلى البيت، باحتضان واسع.

حزب مركز لا يمين متطرف ولا يسار متطرف!

الزملاء والزميلات،
خطة الانفصال التي عرضتها في 19 كانون الثاني هي، بالضبط، الخطة التي أعرضها عليكم اليوم.

وأنا أعود وأقول لكم جميعا،
ليس ثمة نقاش بيننا،
ولا اختلاف.

جميعنا نريد اتفاق سلام. هذه هي رؤيتنا.

نحن، جميعا، لا نريد السيطرة على شعب آخر. هذه هي رؤيتنا.
نحن، جميعا، نريد دولة يهودية وديمقراطية ذات حدود يمكن حمايتها والدفاع عنها. هذه هي رؤيتنا.

لكن الطريق إلى تحقيق رؤيتنا هذه تستوجب منا إعادة الأمن لسكان إسرائيل ووقف الانزلاق الخطير نحو دولة عربية ـ يهودية والانفصال عن أكثر ما يمكن من الفلسطينيين، كي نسيطر على شعب آخر بأقل ما يمكن.

هذا هو أساس خطة الانفصال التي أعرضها.

هذا المؤتمر، والجدل السياسي الأمني الذي عاد ليحتل مركز الصدارة في خطابنا العام، هما استمرار للاتحاد الذي حصل بيننا وبين "الحركة" برئاسة زميلتي تسيبي ليفني، وهو الاتحاد الذي اخترق السقف الزجاجي وأعادنا إلى موقع حزب السلطة (أي القادر على تسلم السلطة ـ المترجم).

أيها الزميلات والزملاء،
هل تريدون تغيير نتنياهو؟
أمامنا، إذن، طريق واحد لا غير: إعادة حزب العمل إلى طريق بن غوريون ورابين. لا إلى اليمين المتطرف ولا إلى اليسار المتطرف. نحن حزب سلطة مركزيّ!

لا بد أنكم قرأتم في (صحيفتي) "يديعوت أحرونوت" و"معاريف": ثلثا الجمهور يؤيدان خطتنا للفصل. 65%! ومن يعارضها؟ ـ صحيح، اليمين المتطرف واليسار المتطرف.

نحن سننتصر لأننا الوحيدون الذين نعرض حلا عمليا يؤيده ثلثا الشعب. نحن سننتصر لأن نتنياهو لا يريد الانفصال عن الفلسطينيين. إنه أسير الجماعات المسيانية من اليمين المتطرف. أولئك الذين يريدون إغراقنا في بحر دولة عربية ـ يهودية!

استمعت هذا الصباح إلى أوري أريئيل (وزير البناء والإسكان في الحكومة الإسرائيلية، من حزب "البيت اليهودي" اليميني المتطرف ـ المترجم) وهو يتحدث، مرة أخرى، عن ضم عشرات ومئات آلاف الفلسطينيين إلى دولة إسرائيل. هل تريد ضم المزيد من الفلسطينيين إلى إسرائيل؟ هل جننت؟ أمِن أجل عدد أكبر من العمليات؟؟

نحن سننتصر لأننا الوحيدون الذين نعرض حلا عمليا يؤيده ثلثا الشعب. لا كتلك الشعارات الرومانسية التي يصر اليسار المتطرف على مواصلة الهذيان بها حول سلام قابل للتحقق غداً صباحاً.

نحن سننتصر لأن الشعب لا يقبل أفكار الضم المسيانية التي يعرضها بينيت (وزير التربية والتعليم نفتالي بينيت، زعيم حزب "البيت اليهودي"). والشعب لا يقبل الدعاية الكاذبة التي يروجها وكأن "فكرة الدولتين قد ماتت".

وها أنا أردّ، باسمكم: اسمعني يا بينيت جيداً: فكرة الدولتين لم تمت. أنت والمسيانيون الذين معك تستميتون لكي تموت هي.

لكن الجمهور لن يسمح لكم! لأنه إذا ماتت فكرة الدولتين، فستموت دولة إسرائيل أيضا. ستتوقف عن كونها دولة يهودية!
دولة منفصلة للفلسطينيين ـ هذه هي الفرصة الوحيدة الممكنة لكي تبقى إسرائيل دولة يهودية وديمقراطية، ذات حدود يمكن حمايتها والدفاع عنها. إنها مصلحتنا اليهودية ـ الإسرائيلية ـ الوجودية.
ولكن، لتحقيق هذه الرؤيا ينبغي أن نكون واقعيين.

عزل القرى الفلسطينية عن القدس لضمان أغلبية يهودية في المدينة

الخطة التي عرضتها يوم 19 كانون الثاني هي، بالضبط، الخطة التي أعرضها أمامكم الآن.

فقط الفصل بيننا وبينهم سيحافظ على أغلبية يهودية في إسرائيل.

فقط الفصل بيننا وبينهم سيمنع تسلل "مخربين" وسيعزز الأمن.
فقط الفصل بيننا وبينهم سيمنع استمرار استيلاء المسيانيين على أراض فلسطينية، مما يذكي الكراهية أكثر فأكثر ويشجع الأعمال الإرهابية.

فقط الفصل بيننا وبينهم سيعزل القرى الفلسطينية عن القدس وسيحافظ على القدس يهودية.

انتبهوا: الوزير الفلسطيني لشؤون القدس، عدنان الحسيني، أعلن الأسبوع الماضي أنه يعارض خطة الانفصال التي أعرضها، والتي ستعزل القرى الفلسطينية عن القدس بغية ضمان أغلبية يهودية في المدينة.

فقط الفصل بيننا وبينهم سيحفظ الأمن. تعلمنا درس الانفصال الذي نفذه الليكود في غزة. الجيش الإسرائيلي سيبقى في جميع المناطق ولن يتحرك منها.

فقط الفصل بيننا وبينهم سيقوي السلطة الفلسطينية، سيتيح لها التطور الاقتصادي ويعزز التعاون والتنسيق الأمني ضد التنظيمات الإرهابية. نحن سننقل الصلاحيات المدنية إلى السلطة الفلسطينية. فليقوموا هم ببناء مدن جديدة، بتحسين اقتصادهم، بتحسين مستوى معيشتهم، لكن طالما بقي النزاع مستمرا وغير منتهٍ، فسيبقى الجيش الإسرائيلي في جميع المناطق ولن يتحرك منها.

فقط الفصل بيننا وبينهم سيشجع الدول العربية المعتدلة على التحدث معنا حول التعاون الإقليمي. استمرار الاحتكاك مع الفلسطينيين يزود الإرهاب بالأكسجين. وفي المقابل، من شأن مؤتمر أمن إقليمي أن يحقق تعاونا إقليميا، أن يعزل حماس وداعش وأن يبحث حلولا للوضع في غزة.

فقط الفصل بيننا وبينهم سيمنع فرض تسوية علينا وسيجنب إسرائيل المقاطعة والعزلة الدوليين.

وحين يأتي اليوم الذي نحقق فيه اتفاقية نهائية وفق رؤيتنا، سنعرضه على الشعب في استفتاء عام، كما قال إيتان كابل.

الزميلات والزملاء،
إننا نختتم اليوم مسيرة طويلة جدا من النقاش والبحث السياسي في الحزب استمر أشهراً طويلة، في المناطق وفي الفروع وفي لقاء تلخيصي عقد الأسبوع الماضي واستمر لأكثر من سبع ساعات بمشاركة مئات الأعضاء، ثم في هذا المؤتمر المتواصل منذ بضع ساعات.

لقد أشركنا في هذه العملية جميع أعضاء الحزب، بواسطة بيان عام أرسل إلى جميع الذين تسجلوا أعضاء في الحزب. وقد حصلنا منهم على مئات عديدة من التعقيبات والتعليقات التفصيلية، التي تم بحثها جميعا.

ويهمني أن يعرف جميع الذين اقترحوا خططا أو أفكارا أننا قرأناها جميعها وخصصنا وقتا طويلا لجميع الاقتراحات التي تقدم بها عشرات الأعضاء. لقد استفدت من جميعها ودمجت بعض الأفكار التي وردت فيها في نص القرار هذا، كما أطرحه اليوم أمامكم للتصويت ليتم إقراره واعتماده برنامجا سياسيا وأمنيا لحزب العمل.

منذ العام 2002، منتصف الانتفاضة الثانية، لم يجر إدخال أي تعديل على برنامجنا السياسي.

ليس ثمة أي نقاش أو فرق بيننا فيما يتعلق برؤيتنا العامة.
آن الأوان، في مستهل الانتفاضة الثالثة وبعد عدد لا نهائي من محاولات التوصل إلى اتفاق من خلال المفاوضات المباشرة بين الطرفين ـ آن الأوان لنحاول تجريب طريق أخرى من أجل تحقيق رؤيتنا هذه، نفسها.

الزملاء والزميلات،
إنني أطلب مصادقتكم وثقتكم على خطة الانفصال هذه. غالبية الشعب تؤيدها وتدعمها. والآن هو وقتكم أنتم للتعبير عن ثقتكم بي وبخطتي هذه.

سيعود زعيم الليكود إلى منزله في الانتخابات القريبة.
إنه الوقت المواتي ليقوم المعسكر الصهيوني بتغيير الحكم.
نحن قريبون من السلطة، أكثر من أي وقت مضى.
خطة الانفصال التي نعرضها هي فرصة حقيقية أمام الدولة... وهي فرصتنا نحن أيضا.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات