المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

بيّن تقرير جديد نشره "معهد سياسة الشعب اليهودي" التابع للوكالة الصهيونية في الأيام الأخيرة، مدى العلاقة بين المستوى الاقتصادي- الاجتماعي وأيضا مستوى التحصيل العلمي والتوجهات السياسية.

ويستند التقرير في غالبيته إلى تقرير مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي، لكن "المعهد" أضاف عليه بعض الاستطلاعات، ومن أبرز الاستنتاجات التي من الممكن قراءتها في هذا التقرير أنه كلما قلّت سنوات التعليم والتحصيل العلمي تزايد الانتماء إلى معسكر اليمين.

ويفتتح التقرير بسؤال استطلاع لليهود الإسرائيليين حول: ما هي التوترات الأساسية في المجتمع الإسرائيلي؟، وكانت النسبة الأعلى - ما يقارب 83%- للصراع الديني العلماني، مقابل حوالي 89% في العام 2012. وفي المرتبة الثانية حلّ الصراع الاقتصادي الاجتماعي- 80%، مقابل 85% في استطلاع قبل ثلاث سنوات. ورأى 78% أن التوتر الأساس أيضا هو ذلك الدائر بين قوى اليسار واليمين، مقابل 85% في استطلاع قبل ثلاث سنوات، أما الصراع الطائفي فقد حلّ رابعا بنسبة لامست 61%، مقابل 76% في العام 2012.

التركيبة السكانية: اليهود والعرب

ولوحظ في التقرير بشأن التركيبة السكانية أن نسبة العرب في إسرائيل، من دون القدس، بقيت على حالها، منذ العام 1948، برغم أنها شهدت صعودا وهبوطا بفعل موجات الهجرة، كما أنه منذ العام 1968، وفي أعقاب قانون الاحتلال بضم القدس المحتلة إلى ما يسمى "السيادة الإسرائيلية"، ارتفعت نسبة العرب في السجل السكاني، بينما ضم مرتفعات الجولان السورية في العام 1981، كان تأثيره هامشيا.

ففي العام 1948، كانت نسبة العرب 8ر17%، وعمليا هذه النسبة بقيت على حالها مع انتهاء العام 2015، إذ حسب تقرير مكتب الاحصاء المركزي الإسرائيلي الصادر في نهاية العام المنصرم 2015، فإن عدد الفلسطينيين في حدود 48، من دون القدس المحتلة، ومرتفعات الجولان السوري المحتلة، بلغ 458ر1 مليون نسمة، وهم يشكلون نسبة 8ر17% من اجمالي السكان، أيضا بعد خصم عدد سكان القدس المحتلة والجولان غير الحاصلين على الجنسية الإسرائيلية الكاملة.

إلا أنه حسب التقرير الرسمي الصادر عن مكتب الاحصاء المركزي، فإن نسبة العرب من اجمالي السكان قفزت مع نهاية العام المنصرم 2015، إلى 7ر20%.

ويقول التقرير الرسمي إن عدد "سكان إسرائيل بلغ مع نهاية العام 2015، حوالي 462ر8 مليون نسمة"، إلا أن هذا العدد يشمل حوالي 280 ألف مقدسي في القدس المحتلة، من ذوي بطاقات الاقامة بموجب قانون الضم الاحتلالي، و21 ألف سوري في مرتفعات الجولان السورية المحتلة، يتم ضمهم إلى السجل السكاني، أيضا بفعل قانون الضم.

ويشار إلى أن في القدس أيضا حسب التقديرات 35 ألف فلسطيني هم من فلسطينيي 48، من أبناء قرية بيت صفافا شطر 48، وأيضا نتيجة الهجرة الداخلية في فلسطين، ويضاف لهم أكثر من 22 ألفا حسب التقديرات من الذين طلبوا وحصلوا خلال السنين على الجنسية الإسرائيلية الكاملة.

التوزيعة الطائفية ومصادر الهجرة

في العام 2008 تجاوز عدد اليهود الإسرائيليين لأول مرة عدد الأميركان اليهود، وباتت إسرائيل منذ ذلك العام المكان الذي يتجمع فيه أكبر عدد من يهود العام، إذ بلغ عددهم مع نهاية 2015 حوالي 35ر6 مليون يهودي، من أصل حوالي 14 مليون يهودي في العالم، والمكان الثاني لليهود في العالم هو الولايات المتحدة الأميركية- نحو 4ر5 مليون نسمة.

ويقول التقرير إن ما يلامس 75% من اجمالي اليهود الإسرائيليين هم من مواليد إسرائيل، مقابل أكثر بقليل من 25% من مواليد الخارج، في حين أن نسبة مواليد الخارج بلغت في العام 1995 ما يزيد بقليل عن 38%، بفعل موجات الهجرة التي كانت في سنوات التسعين، وشهدت تراجعا حادا بشكل خاص ابتداء من العام 2006.

كذلك يشير التقرير إلى أنه في العام 1948 كان قرابة 65% من أصل قرابة 700 ألف يهودي عند إعلان إقامة إسرائيل من مواليد الخارج.

وبحسب تقسيم المنشأ- مواليد إسرائيل، والشرقيون من المهاجرين من أفريقيا وآسيا، والغربيون من المهاجرين من أوروبا والقارة الأميركية- يظهر أنه في العام 1961 كان 5ر5% من اليهود من مواليد أجيال في فلسطين ومن ثم إسرائيل، وأكثر من 42% من الشرقيين، وأكثر من 52% من الغربيين. وفي العام 1983 كانت نسبة الشرقيين 44%، وتقلصت في العام 1995 إلى أقل من 35% بفعل الهجرة من دول الاتحاد السوفييتي أساسا. أما في العام 2014 فقد بدا المشهد كالتالي: 6ر42% من مواليد إسرائيل على مر أجيال، و8ر25% شرقيون، و6ر31% غربيون.

لكن في تعريف الذات، بموجب آخر استطلاع أجراه مكتب الإحصاء المركزي في العام 2009، عرّف 48% أنفسهم على أنهم شرقيون (سفراديم)، مقابل 40% غربيون (أشكناز)، و9% مختلطون، و3% تعريفات أخرى لم يتم تفسيرها.

التعليم والمهن

في العام 1975 كان ما يزيد بقليل عن 56% من اليهود الإسرائيليين قد أنهوا من صفر وحتى 10 سنوات تعليم، و26% أنهوا سنوات التعليم المدرسية الـ 12. في حين أن أقل من 11% أنهوا دورات مهنية أو تعليما جامعيا جزئيا، و7% كانوا من الحاصلين على الشهادات الجامعية.

وكل السنوات اللاحقة أظهرت تزايدا متواصلا للتحصيل العلمي، حتى بدت الصورة في العام 2013 على النحو التالي: 2ر14% من اليهود تعلموا ما بين صفر وحتى 10 سنوات تعليم، غالبيتهم الساحقة جدا من المتقدمين في السن. وحوالي 34% أنهوا سنوات التعليم المدرسية الـ 12. و2ر24% تعلموا دورات مهنية أو تعليما جامعيا جزئيا، و7ر27% أنهوا تعليما جامعيا وحصلوا على شهادات.

وانعكس ارتفاع مستوى التحصيل العلمي على طبيعة عمل اليهود. ففي العام 1995 عمل 6ر31% من اليهود في أعمال مهنية، و7ر17% عملوا في مجال المبيعات والخدمات، و2ر18% عملوا موظفين، و27% عملوا في وظائف أكاديمية، و5ر5% عملوا في مناصب مدراء.

وفي العام 2013 كانت الصورة مختلفة بكثير: 6ر17% عملوا في أعمال مهنية، و6ر19% عملوا في مجال المبيعات والخدمات، و8ر8% عملوا موظفين، و42% عملوا في وظائف أكاديمية، و12% عملوا مدراء.

العلمانية والتدين والتعليم

واستعرض التقرير استطلاع مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي بشأن التدين والعلمانية، إلا أن مثل هذه الاستطلاعات لا تعرض صورة دقيقة لواقع الحال، خاصة في ما يتعلق بالمتدينين المتزمتين "الحريديم"، إذ أن التواصل الهاتفي الخليوي معهم أضعف من باقي الشرائح، كما أن استطلاعات كهذه لا تعكس حقيقة الوضع بين السكان، بمعنى أن المرتبطين عائليا بالمتدين المتزمت الواحد الذي يجيب على السؤال هاتفيا أكثر بأضعاف من العلماني. وما يدعم هذاهو معدل الولادات للأم الواحدة، ومعدل عدد أفراد العائلة الواحدة في كل واحدة من الشرائح اليهودية. واثبات آخر على هذا الاستنتاج هو ما سنراه من قفزة كبيرة بالنسب المئوية لمن يعلنون عن أنفسهم أنهم من الحريديم.

ففي العام 1990، قال 43% من اليهود الإسرائيليين إنهم علمانيون، مقابل 42% من المحافظين، و12% من التيار الديني الصهيوني، و3% فقط من المتزمتين "الحريديم". وفي العام 2000 قال 48% إنهم علمانيون، مقابل 35% من المحافظين، و12% من التيار الديني الصهيوني، و5% من الحريديم. وفي العام 2013 كانت التوزيعة كالتالي: 43% علمانيون، 36% محافظون، 11% من التيار الديني الصهيوني، و10% من الحريديم. ونذكر هنا أيضا أنه في العام 2012 قال مسح مكتب الإحصاء المركزي إن 8% فقط من اليهود أعلنوا عن أنفسهم أنهم حريديم، بمعنى قفزة بنسبة 25% من عام إلى آخر، وهذا ما يؤكد ضعف هذا المسح عند هذه الشريحة بالذات.

واستنادا إلى أبحاث أخرى، وفحص في نتائج الانتخابات للعامين 2013 و2015، يتضح أن نسبة الحريديم من اجمالي السكان تتراوح ما بين 13% إلى 5ر13%، ما يعني ما نسبته 5ر15% إلى 16% من اجمالي اليهود الإسرائيليين بمعنى قرابة 985 ألف نسمة مع نهاية العام 2015.

ونرى في جانب آخر من التقرير أن أدنى نسبة علمانية هي لدى الطوائف الشرقية، وهذه ظاهرة عالمية، لدى الشعوب والشرائح المجتمعية الضعيفة اقتصاديا. فمن بين الشرقيين اليهود في العام 2013 قال 4ر21% إنهم علمانيون، بينما النسبة العامة لليهود 43%. وبلغت نسبة العلمانيين لدى من ولدوا منذ أجيال في إسرائيل 6ر46%، وترتفع النسبة إلى 3ر55% لدى الغربيين المهاجرين من أوروبا والقارة الأميركية.

وقال 62% من الشرقيين إنهم محافظون، و7ر13% من التيار الديني الصهيوني و3% من الحريديم. في حين قال من هم من مواليد إسرائيل منذ أجيال، إن 27% محافظون، و2ر13% من التيار الديني الصهيوني و2ر13% "حريديم". أما لدى الغربيين، فكان قرابة 24% محافظين، و5ر7% من التيار الديني الصهيوني، و3ر13% من "الحريديم".

وينعكس مدى التدين اليهودي في طبيعة الحياة العملية والتعليمية، ورأينا أن أعلى نسبة في سنوات التعليم الكثيرة، والتحصيل العلمي العالي، لدى العلمانيين، وأدناها لدى المتدينين المتزمتين "الحريديم"، الذين يعيشون في مجتمعات منغلقة. فقد تبين أن من لم ينهوا سنوات تعليمهم المدرسية الـ 12، كان 7ر23% علمانيين، و9ر54% محافظين، و2ر9% من المتدينين الصهاينة، و1ر12% من "الحريديم". أما من بحوزتهم شهادة الانهاء المدرسية (توجيهي)، 48% علمانيون، و6ر37% محافظون، و2ر11% متدينون صهاينة، و2ر3% "حريديم".

ومن بين من تلقوا تعليما فوق مدرسي أو تعليما جامعيا جزئيا تبين أن 2ر40% منهم علمانيون، و4ر34% محافظون، و9ر6% متدينون صهاينة، و4ر18% "حريديم. أما من بحوزتهم شهادات جامعية فتبين أن 2ر51% أعلنوا أنهم علمانيون، و1ر27% محافظون، و7ر11% متدينون صهاينة، و1ر10% "حريديم.

الدين والطائفية والتعليم مقابل السياسة

وأظهر التقرير العلاقة بين درجة العلمانية والتدين والتوجهات السياسية، وكذا العلاقة بين التحصيل العلمي والتوجهات السياسية. كما سنلاحظ مما سيأتي أن للأجواء الأمنية التي تعيشها البلاد علاقة مباشرة بإعلان الجمهور عن توجهاتهم السياسية. كما سنرى هذا بشكل واضح في الفرق القائم بين العام 1999، وهو عام انفراج سياسي نسبي، والعام 2003، إبان العدوان الإسرائيلي على الضفة والقطاع.

ففي العام 1992 أعلن 30% من اليهود عن أنفسهم أنهم "يسار" مقابل 18% "وسط"، و45% يمين، فيما رفض 7% الافصاح عن توجهاتهم، وعادة هؤلاء يكونون أبعد عن الجمهور الأكبر، وفي هذه الحالة اليمين. وفي العام 1999، وكانت تقريبا آخر سنة لأجواء الانفراج السياسي النسبي، أعلن 39% عن أنفسهم "يسار"، مقابل 11% "وسط" و42% يمين، ورفض 9% الافصاح عن توجهاتهم. أما في العام 2003، في أوج العدوان على الضفة والقطاع، فقد رفض 2% فقط الافصاح عن توجهاتهم، وقال 27% إنهم "يسار"، مقابل 17% "وسط"، وارتفعت نسبة اليمين إلى 54%.

وفي العام 2014، رأينا أن 15% أعلنوا أنهم "يسار"، 27% "وسط"، و47% يمين، بينما رفض 11% الافصاح عن توجهاتهم.

وعلى المستوى الطائفي أو المنشأ، رأينا أعلى نسبة لليمين لدى من عرّفوا أنفسهم شرقيين- 61%، بينما قال 21% منهم أنهم "وسط"، و4ر9% "يسار"، ورفض 6ر8% الافصاح عن توجهاتهم. بينما لدى من منشأهم أوروبا وأميركا، قال 5ر37% إنهم "يمين" و6ر33% "وسط"، و2ر17% "يسار"، و7ر11% رفضوا الإجابة.

أما لدى من قالوا إن منشأهم إسرائيل على مر أجيال، فقد قال أقل من 51% إنهم يمين، و6ر26% "وسط" وأقل من 18% "يسار"، بينما رفض 6ر4% الإجابة.

وفي العلاقة بين التحصيل العلمي والتوجهات السياسية، فمن بين من لم ينهوا سنوات التعليم المدرسية، قال ما يقارب 65% إنهم "يمين" و6ر16% "وسط" و6ر8% "يسار"، ورفض 10% الافصاح عن توجهاتهم.

وبين من حصلوا على شهادة "التوجيهي"، قال 3ر47% إنهم "يمين" و26% "وسط"، و15% "يسار"، وقرابة 12% رفضوا الإجابة. وبين من تلقوا تعليما ما بعد المدرسة، أو جامعيا جزئيا، قال 7ر48% إنهم "يمين"، و3ر31% "وسط"، و10% "يسار" فيما رفض 10% الإجابة.

ومن بين حملة الشهادات الأكاديمية، قال 8ر38% إنهم "يمين"، و4ر33% "وسط" وأقل من 20% "يسار"، و8ر7% رفضوا الإجابة.

وفي علاقة التدين والعلمانية بالتوجهات السياسية تبين أن 6ر28% من الحريديم رفضوا الإجابة، وقال 5% إنهم "يسار"، و3ر16% "وسط" وما يزيد بقليل عن 50% يمين.

وفي التيار الديني الصهيوني، المسيطر على المستوطنات، قال 86% منهم إنهم "يمين، و2ر8% "وسط"، و6ر3% "يسار"، ورفض 3ر2% الإجابة.

ولدى جمهور المحافظين، قال ما يزيد بقليل عن 58% إنهم يمين، و4ر24% "وسط"، وقرابة 7% "يسار"، بينما رفض ما يزيد عن 10% الإجابة.

أما لدى العلمانيين، فقد قال 6ر26% إنهم يمين، و3ر37% "وسط" و4ر27% "يسار"، ورفض 7ر8% الإجابة.

المصطلحات المستخدمة:

الصهيونية

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات