المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

رغم أن إسرائيل توصف بأنها "أمة الستارت- أب"، فإنه ليس فقط أن جهاز التعليم المحلي فيها متخلف من الناحية التكنولوجية عن الدول المتطورة (وكذلك قياسا بعدد من الدول النامية)، وإنما تحصيل التلاميذ في الامتحانات الديجيتالية {الرقمية} كان من بين النتائج الأكثر انخفاضا في دول OECD أيضا، بحسب تقرير خطير آخر صدر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية – OECD – الأسبوع الماضي.

وتبين من معطيات OECD أنه من بين 64 دولة، عدد الحواسيب التي يستخدمها التلاميذ في المدارس في إسرائيل منخفض جدا، واستخدام الحواسيب في الصفوف ليس مرضيا وكذلك استخدام الانترنت.

ويظهر من التقرير أيضا، أن التلاميذ الإسرائيليين الذين أظهروا قدرات جيدة على القراءة لم ينجحوا في امتحان القراءة الديجيتالي، ما يدل على قدرات متدنية في استخدام الحاسوب والبحث في الانترنت.

ووفقا للتقرير، فإن الوضع في إسرائيل أسوأ من الوضع في قطر والإمارات العربية المتحدة ودول أميركا الجنوبية، وفي أحد المؤشرات فإنه أسوأ من الوضع في الأردن أيضا.

كذلك تبين أنه لا يوجد لدى 20% من التلاميذ من الشرائح الضعيفة في إسرائيل خط انترنت في البيت. ووفقا للتقرير، فإن "طلاب الجامعات غير القادرين على التصفح في المشهد الديجيتالي لن يتمكنوا بعد ذلك من المشاركة بصورة كاملة في الاقتصاد، المجتمع والحياة الثقافية من حولهم".

وتستند معطيات OECD على امتحانات "بيزا" الدولية، التي امتُحن بها تلاميذ في سن 15 عاما في العام 2012. وشملت الامتحانات نماذج أسئلة ديجيتالية ومطبوعة اختبرت قدرات التلاميذ، إلى جانب نماذج أسئلة أخرى حول مناخ المدارس واستخدام الحواسيب والانترنت في البيت والمدارس. وتبين من المعطيات أن التلاميذ في إسرائيل أظهروا قدرات متدنية خصوصا في القراءة والرياضيات والعلوم، وكذلك قدرات متدنية في حل مشاكل يومية وفي المعرفة المالية.

تقليص خطة لإضافة حواسيب

احتلت إسرائيل المرتبة 44 بين 64 دولة في مؤشر يدقق في معدل عدد التلاميذ لكل حاسوب في المدارس، وجاءت بعد معظم دول OECD وعدد من الدول النامية غير العضو في المنظمة. وكانت نسبة الحوسبة في المدارس في إسرائيل 7ر4 تلميذ لكل حاسوب واحد في العام 2012. ويشار إلى أن الحديث يدور حول نسبة متوسطة، تعكس عدد الحواسيب المتوفرة للتلاميذ في كل منطقة المدرسة، وإلى أنه في مدارس كثيرة في إسرائيل لا توجد حواسيب بتاتا في الصفوف.

وتشابه نسبة عدد التلاميذ لكل حاسوب في إسرائيل النسبة في تشيلي، وهي 7ر4 تلميذ، وفي الأردن وكرواتيا، وهي 5 تلاميذ. وهذه النسبة أفضل في رومانيا- 6ر4 تلميذ، وكذلك في الإمارات العربية المتحدة وقطر- 2ر4 تلميذ، وكذلك في كولومبيا- 7ر3 تلميذ، وفي تايلاند- 1ر3 تلميذ، وفي كازاخستان- 5ر2 تلميذ، وهي دول ليست أعضاء في المنظمة، والوضع فيها أفضل منه في إسرائيل العضو في المنظمة. ويوجد في أستراليا حاسوب لكل ولد، والنسبة في نيوزيلندا وبريطانيا وتشيكيا والولايات المتحدة والنرويج وليتوانيا هي أقل من تلميذين لكل حاسوب. وهذه النسبة في إسرائيل قريبة من المتوسط في دول OECD، وهي 7ر4 تلميذ أيضا، وذلك كما يبدو بسبب المعطى غير المألوف في تركيا، حيث النسبة هناك هي 9ر44 تلميذ لكل حاسوب.

إضافة إلى ذلك، تبين المعطيات أيضا أن نسبة التحسن من خلال إدخال حواسيب إلى الصفوف في إسرائيل بين الأعوام 2009 و2012 هي من النسب المنخفضة بين دول المنظمة، وبلغت 4% فقط.

في العام 2010، استعرض وزير التربية والتعليم الإسرائيلي، غدعون ساعر، خطة لحوسبة المدارس وشملت إضافة حاسوب واحد لكل صف وربطه بالانترنت، وهي خطوة لا تسمح بأي حال لكل تلميذ، أو حتى لكل تلميذين، الدراسة مع حاسوب في الصف. وقلصت وزارتا التربية والتعليم والمالية هذه الخطة عدة مرات، ولم تطبق بكاملها حتى اليوم. وفي هذه المرحلة، تفضل وزارة التربية والتعليم أن تطلب المدارس من ذوي التلاميذ شراء حواسيب متنقلة وحواسيب لوحية {تابلت} من جيبهم الخاص.

فجوة كبيرة بين البيت والمدرسة

يظهر التقرير أن البنية التحتية في المدارس متخلفة عن التكنولوجيا في جميع دول OECD، وأنه توجد فجوة كبيرة بين المحيط الديجيتالي في بيوت التلاميذ وبين ما يجري في أجهزة التربية والتعليم المختلفة. ووفقا للمنظمة، فإن هناك فجوة كبيرة جدا في دول عديدة، لكن الوضع في إسرائيل سيء بشكل خاص.

في العام 2012، قال 96% من التلاميذ الذين أجروا امتحانات "بيزا" إنه يوجد لديهم حاسوب واحد على الأقل في البيت، لكن 72% منهم فقط قالوا إنهم يستخدمون الحاسوب أو الحاسوب اللوحي في المدرسة. وفي المقابل، فإن 2ر55% فقط من التلاميذ في إسرائيل يستخدمون الحواسيب في المدارس.

ويظهر من التقرير أن تدريج إسرائيل جاء في المرتبة 37 بين 42 دولة معروف أنه يجري فيها استخدام الحواسيب في المدارس. والوضع أسوأ فقط في لاتفيا وأورغواي وتركيا وكوريا الجنوبية وشنغهاي في الصين، علما أن تلاميذ شنغهاي تفوقوا في امتحانات المنظمة. كما أن نسبة التلاميذ الذين يستخدمون الحاسوب في المدارس أعلى منها في إسرائيل (6ر60%)، وكذلك في كوستاريكا وتشيلي. ويستخدم 94% من التلاميذ في هولندا وأستراليا الحاسوب في المدارس، 89% في فنلندا، 2ر80% في روسيا، وحوالي 80% في الأردن.

وجاءت نسبة التلاميذ في إسرائيل الذين قالوا إنهم يتصفحون الانترنت في المدارس خلال الدروس أو لغرض الاستعانة أثناء تحضير الفروض البيتية منخفضة- 6ر30% بينما المعدل هو 9ر41% في دول OECD.

كما تبين من المعطيات أن 5ر96% من التلاميذ في إسرائيل يوجد لديهم حاسوب واحد على الأقل في البيت، وهذه نسبة متدنية نسبيا مقابل معظم دول OECD، ومشابهة للوضع في ليتوانيا وقطر. بينما يوجد لدى 100% من التلاميذ في الدنمارك وفنلندا والسويد حاسوب واحد على الأقل في البيت. ورغم ذلك، فإنه يوجد في هذه المعطيات أيضا دليل على الفروق الكبيرة داخل إسرائيل، إذ أن نسبة التلاميذ الإسرائيليين الذين يوجد في بيتهم ثلاثة حواسيب على الأقل مرتفعة نسبيا وبلغت 6ر44%.

مسٌ محتمل بالانضباط الدراسي

إن تحصيل تلاميذ إسرائيل في الامتحانات الديجيتالية مقلق جدا. وكانت النتيجة أنه تم تدريج تلاميذ إسرائيل في المرتبة 26 بين 31 دولة امتُحن تلاميذها بالقراءة الديجيتالية، وهو امتحان القراءة المحوسب الذي أجري إلى جانب الامتحان المطبوع، وشمل مراقبة سلوك التلميذ في طريقه إلى حل السؤال. وهذه إحدى نتائج التحصيل الأكثر انخفاضا بين كافة دول OECD باستثناء تشيلي.

وكان متوسط العلامة لتلاميذ إسرائيل في امتحان القراءة المحوسب 451، وهي أقل بـ36 نقطة من متوسط العلامات في دول OECD. وحصل تلاميذ تشيلي وهنغاريا والبرازيل والإمارات المتحدة وكولومبيا فقط على علامات أدنى.

كذلك كان تحصيل تلاميذ إسرائيل في الامتحان الديجيتالي في موضوع الرياضيات متدنياً جدا، وجاء هذا التحصيل الأدنى بين جميع دول المنظمة باستثناء تشيلي، وفي المرتبة الرابعة في أسفل القائمة بين جميع الدول التي شاركت في امتحان "بيزا".

وأشار الباحثون في OECD إلى ظاهرة تميز إسرائيل وعدة دول أخرى مثل كولومبيا وإسبانيا والإمارات المتحدة، التي رسبت فيها نسبة عالية من التلاميذ في امتحانات القراءة التي أجريت بواسطة الحاسوب، لكن هؤلاء نجحوا في الامتحان المطبوع. ويدعون في المنظمة أن هذا الأمر يدل على ما يبدو على مستوى قدرات التلاميذ المتدني في استخدام الحاسوب والإبحار في الانترنت، ما جعلهم يرسبون في الامتحان الديجيتالي رغم حصول نجاح نسبي في الامتحانات المطبوعة.

وتعقبت المنظمة أيضا تاريخ تصفح التلاميذ في إسرائيل للانترنت من أجل معرفة ما إذا كان ذلك ناجعا أم لا، وعلى سبيل المثال، إذا صادفوا مشكلة بسيطة وتطلب ذلك البحث في صفحات كثيرة من أجل حلها. وهنا أيضا تبين أن التلاميذ في إسرائيل أقل نجاعة من تلاميذ دول كثيرة في OECD.

وشددوا في المنظمة على أهمية الاستخدام الحذر والواعي والنقدي للحواسيب، وتناولوا تأثير الحواسيب في المدارس على مشكلة الطاعة في الصفوف.

كذلك حذروا في المنظمة من استخدام ضار للانترنت.
وفيما يتعلق بإسرائيل، أشار الباحثون في المنظمة إلى أن إضافة حواسيب لصفوف تدريس الرياضيات مسّ بانضباط التلاميذ.
إضافة إلى ذلك، كانت هناك نتائج مختلطة حيال تأثير إدخال الحواسيب إلى صفوف التدريس، وإسهامها في التحصيل الدراسي لم يكن واضحا. لذلك، أشاروا في OECD إلى أنه ينبغي التركيز على تحسين نوعية جهاز التعليم إلى جانب دمج الحواسيب في الصفوف، وإلى أنه ينبغي البحث في الطريقة الأنجح لدمج وسائل ديجيتالية في الصفوف.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات