المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

التشكيلة الجديدة للحكومة الإسرائيلية لم تطرح جديدا البتة. وعلى غرار نتائج الانتخابات فإنها أعادت، على نحو ما، الحكومة السابقة بقيادة الليكود، مع خروج حزب العمل الذي هو من يسار الوسط. وعلى هذا فإن هذه الحكومة ستكون الأكثر يمينية وتطرفا في تاريخ إسرائيل كله.

بقلم: غسان الخطيب
التشكيلة الجديدة للحكومة الإسرائيلية لم تطرح جديدا البتة. وعلى غرار نتائج الانتخابات فإنها أعادت، على نحو ما، الحكومة السابقة بقيادة الليكود، مع خروج حزب العمل الذي هو من يسار الوسط. وعلى هذا فإن هذه الحكومة ستكون الأكثر يمينية وتطرفا في تاريخ إسرائيل كله.

من منظور فلسطيني ثمة أسباب كثيرة لاعتبار هذه الحكومة خطرة جدا. أولا وقبل كل شيء فهي تضم في تركيبتها الليكود وأحزابا أخرى على يمينه، وتهيمن عليها شخصية أرئيل شارون الذي أثبت عداءه الشديد للتنازلات التاريخية التي تم التفاوض عليها في مدريد وأوسلو، ولمواد القانون الدولي التي تشكل أساسا لعملية السلام. وبعض شركاء شارون الائتلافيين أكثر منه تطرفا في هذا الصدد، لا بل إنهم – في المعايير السياسية المختلة في هذه الأيام – يجعلونه في الواقع يبدو معتدلا.

السبب الثاني الذي تعد هذه الحكومة لأجله خطرة هو أنها تترافق مع إدارة أميركية يمينية أيضا وأصولية من بعض النواحي، تتبنى مواقف من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي هي الأكثر انحيازا من كل ما شهدناه من مواقف أميركية منذ بدء الصراع. الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة التي لها تأثير على إسرائيل، ولهذا فإن العناق بين هذه الحكومة الإسرائيلية مع تلك الإدارة الأميركية بالذات يمثل مزيجا متفجرا يشجع على اتخاذ الحكومة الإسرائيلية مواقف عدوانية هي في النهاية مصدر خطر على الفلسطينيين وعلى احتمالات السلام.

ليس صدفة أن هذه الحكومة الإسرائيلية تأتي إلى الحكم في وقت تتزايد فيه قوة الجماعات الفلسطينية المتطرفة. هذه الجماعات تعارض بشكل فاعل عملية السلام، ونشاطاتها (ولاسيما الهجمات ضد المدنيين الإسرائيليين داخل إسرائيل التي تم التنديد بها من جانب السلطة الفلسطينية) تقدم لهذه الحكومة اليمينية الإسرائيلية المبرر والذريعة لسياساتها القائمة على العنف. (وبالطبع فإن العكس صحيح أيضا، فالعدوان الإسرائيلي على المدنيين الفلسطينيين يقوي المعارضة الفلسطينية). وبكلمات أخرى فإن التطرف هو سمة المرحلة، حيث تكتسب نشاطات جماعات المعارضة الفلسطينية زخما بفعل الهجمات المكثفة لهذه الحكومة الإسرائيلية.

كل هذا يحدث بينما تقترب المنطقة من حرب في العراق، مما يجعل الأخطار تبدو بصورة مكبرة. وبينما يشعر قليل من الفلسطينيين فقط بالقلق من النتائج المباشرة لحرب في العراق، فنحن كلنا قلقون جدا من أن هذه الحرب ستستغل لزيادة الفظائع التي ترتكب ضد الشعب الفلسطيني وضد قيادته.

وبحسب ما ذكرت فإن هذه الحكومة الإسرائيلية لا تمثل مفاجأة، ولكنها جلبت معها دواعي قلق للفلسطينيين. ليس فقط أننا نرى إزاءنا مخاطر كبيرة، بل أننا متأكدون تقريبا من أن هذه الحكومة لن تسمح بأي فرصة لاستئناف عملية السلام. إن الإيديولوجية المسيطرة عليها لا تنسجم أبدا والمقتضيات القانونية الدولية للسلام، ولاسيما أساس الحل الوسط وهو: الأرض مقابل السلام. هذه الحكومة لا تكتفي بمعاداة روح عملية السلام، بل هي تقوم بكل عزمها ويوميا بعملية تعزيز احتلالها العسكري في الأرض الفلسطينية. تم نشره في 10/3/2003 ©bitterlemons.org

* غسان الخطيب هو وزير العمل في حكومة السلطة الفلسطينية. وقد عمل لسنوات محللا سياسيا وصحفيا.

المصطلحات المستخدمة:

الليكود

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات