المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

نتنياهو سيقلّص من 2-3 مليارات وسيُسرّع الإصلاحات الضريبية والخصخصة * <معطيات الماكرو> السلبية عن الاقتصاد الاسرائيلي المأزوم تتدفق، حيث بلغ العجز في موازنة الدولة العامة لشهر شباط 2003 حوالي 2،8 مليار شيكل، في عملية تراكم مباشر لعجز غير مسبوق آخر في شهر كانون الثاني الماضي بلغ 2،7 مليار شيكل. وبذلك ترتفع قيمة العجز المالي في ميزانية اسرائيل العامة منذ مطلع العام الجاري 5،5 مليار شيكل، وهو رقم غير مسبوق في كل الآراء.

يتواصل تدفق <معطيات الماكرو> السلبية عن الاقتصاد الاسرائيلي المأزوم، حيث بلغ العجز في موازنة الدولة العامة لشهر شباط 2003 حوالي 2،8 مليار شيكل، في عملية تراكم مباشر لعجز غير مسبوق آخر في شهر كانون الثاني الماضي بلغ 2،7 مليار شيكل. وبذلك ترتفع قيمة العجز المالي في ميزانية اسرائيل العامة منذ مطلع العام الجاري 5،5 مليار شيكل، وهو رقم غير مسبوق في كل الآراء.
هذه المعطيات اذهلت رؤساء المالية الاسرائيلية وبرأسهم الوزير الجديد بنيامين نتنياهو. فالمعطيات العامة الصعبة عن الاقتصاد كانت تتدفق خلال العامين الماضيين، والصورة السيئة للوضع الاقتصادي العام معروفة، لكن عجز شهر شباط يعكس <ذروة في كل الاوقات>. ويرى وزير المالية نتنياهو ان العجز يشهد الى أي حد تبدو الاوضاع صعبة، مع ذلك فهو يؤمن بامكان تجاوزها: <هذه عملية صعبة وطويلة لكن بالامكان القيام بها>، قال.

* نتنياهو سيقلّص من 2-3 مليارات

ولا ينوي وزير المالية الجديد، بنيامين نتنياهو، تبني خطة المالية بتقليص (10- 15) مليار شيكل جديد في ميزانية 2003. وينوي نتنياهو أن يعرض على الحكومة خلال عدة أسابيع خطة أخرى، تشمل – إلى جانب التقليص في الميزانية، الذي سيكون أقل من المخطط في المالية الآن - خطوات أخرى. وهو معني بتحقيق <صفقة شاملة> مع الهستدروت ومع مكتب التنسيق بين التنظيمات الاقتصادية وأيضًا، التسريع من الاصلاحات الضريبية، من أجل زيادة المداخيل المتبقية بعد الضرائب لدى الطبقة الوسطى.

ويرفض نتنياهو حاليًا أن يفصل خططه، بقوله إنه يدرس الموضوع. ومع ذلك، يقول مقربوه إنه سيعرض خطة متعددة المستويات، سيستغرق تنفيذها فترة طويلة.

ويعتقد وزير المالية أن هناك أهمية كبيرة للتسريع من الاصلاحات الضريبية (بحسب توصيات لجنة رابينوفتش)، لأنه سيؤدي إلى رفع الأجور الصافية للعمال، وبالتالي إلى رفع مستوى جباية الضرائب. هذه الخطوة ستندمج أيضًا مع <الصفقة الشاملة>. وبحسب الخطة الأصلية التي إقترحتها لجنة رابينوفتش فإن تخفيض الضرائب عن العمل من المفروض أن يتم في خمس سنوات؛ ولكن من الممكن أن يقترح نتنياهو إتمام الاصلاحات خلال سنتين - ثلاث.

وكان نتنياهو قد صرح في حفل تغيير الوزراء في وزارة المالية (الاحد 2 آذار): <ما زالت المرافق الاقتصادية في عين العاصفة، والأيام الصعبة ما زالت أمامنا. بالتعاون بين الجميع يمكن عبور هذا الوضع الصعب. هذا لن يكون سهلا ولن يتم بسرعة>. وشدد نتنياهو على أن هدفه المركزي هو إخراج المرافق من الركود ونقلها إلى مسار النمو.

وقد دخل إلى وزارة المالية، سوية مع نتنياهو، الوزير بلا حقيبة، مئير شطريت، الذي سيعمل مع نتنياهو في وزارة المالية.

وينوي نتنياهو التعويض عن جانب من التقليصات المالية عبر خصخصة شركات حكومية. ولذلك طالب بتحويل سلطة الشركات الحكومية الى نطاق وزارته، كما أنه يترأس اللجنة الوزارية للخصخصة. وسيقترح نتنياهو على اللجنة خصخصة الشركات الكبرى وفي مقدمتها شركات <إل–عال> و <تسيم> و<بيزك> والكهرباء.

وستشمل الخطة الجديدة المركبات التالية:

تقليص في الميزانية، تخفيض الضرائب، الاعلان عن اجراء خصخصة بقيمة 2-3 مليار شيكل واجراء اصلاحات في القطاع العام، بالتنسيق مع الهستدروت. اما المجال الثاني الذي سيوليه نتنياهو الأفضلية القصوى فهو مواصلة الاتصالات مع الادارة الأمريكية من أجل الحصول على المساعدات الخاصة: ثمانية مليارات دولار كضمانات مالية، واربعة مليارات دولار كمنحة مالية خاصة.

* المالية في العناوين

ما هو مؤكد الآن أن وزارة المالية الاسرائيلية ستتصدر العناوين الصحفية في الأيام القادمة، ومن المرجح في الأسابيع والأشهر القادمة أيضًا. وذلك لا ينبع فقط وبالأساس من الضائقة الاقتصادية التي تمرّ بها اسرائيل؛ فمن غير المتوقع في الأسابيع والأشهر القادمة أن يتنحى الموضوع الأمني (الفلسطيني والعراقي) عن سلم الأجندة العامة، مثلما تصدر هذه الأجندة طوال السنتين ونصف السنتين الماضيتين. ما سيبعث على ذلك بالأساس، وإضافةً إلى تفاقم خطورة الوضع الاقتصادي المتوقع، هو وزير المالية الجديد، بنيامين نتنياهو.

* <بيبي المخلّص>

عندما قدم نتنياهو لشارون شروطه لقبول وزارة المالية، سأل شارون ساخرًا: <هل يود بيبي إنشاء حكومة داخل حكومة؟>، في رمز إلى الصلاحيات الهائلة التي طلبها. وعلى الرغم من ذلك، وافق شارون على الغالبية الساحقة من مطالب نتنياهو وصلاحياته في وزارة المالية، بحيث تحول إلى أقوى وزير مالية في اسرائيل منذ قيامها. الشرط الوحيد الذي لم يقبل به شارون هو أن يشغل نتنياهو منصب القائم بأعمال رئيس الحكومة.

ربما يكون شارون رأى في ذلك نذير سوء تطيّر منه، بأن يخلفه نتنياهو حقًا فيما إذا لو. ولكن ما بدا واضحًا جدًا هو الانفصام الذي عانى ويعاني منه شارون فيما يخص نتنياهو: من جهة، سيكون نجاح نتنياهو في ردع الأزمة الاقتصادية سيفًا ذا حدين: الحد الأول الجيد هو تسجيل نقاط إقتصادية لصالح الحكومة ومن يرئسها، والحد السيء هو تسجيل نفس النقاط لصالح <بيبي المخلّص> (فكرة لملصق إنتخابي بعد سنتين أو أقل). ومن جهة أخرى، فإن فشل نتنياهو في تسجيل نقاط إقتصادية لصالحه، وإنهاء صورته كمخلّص قادر على معظم الأشياء، هو في نفس الوقت فشل لشارون وحكومته في حل أية مسألة أو تحدٍ للدولة منذ وقت طويل.

هذا الوضع المركب سيكون في مركز الأحداث والعناوين، وحتى أنه يمكن التنبؤ بفحوى ومضامين الأخبار والمقالات والتعليقات المستقبلية حول هذه المسألة.

ولكن ما سيجعل وزارة المالية في العناوين هو بالذات ما أعلنه نتنياهو (الاثنين 3 آذار): عدم الموافقة على خطة موظفي المالية بتقليص (10- 15) مليار شيكل من ميزانية 2003. فنتنياهو ينوي أن يعرض على الحكومة، خلال عدة اسابيع، خطة أخرى تشمل خطوات أخرى، إلى جانب تقليصات اقل من المقترحة الآن. مما نُشر بعد توليه المنصب الجيد، عُرف أن نتنياهو ينوي إنجاز إتفاقات مع الهستدروت ومع مكاتب التنسيق بين التنظيمات الاقتصادية ودفع الاصلاحات الضريبية.

بمعنى: نتنياهو يحضّر لخطة إقتصادية شاملة ومستمرة، وبكونها كذلك، فإنه بحاجة إلى كل دعم ممكن. من الهستدروت، من رجال الاقتصاد، من الحكومة، ومن موظفي المالية.

غني عن القول إن نوايا نتنياهو ستجر استقالات ومعارضات وتسريبات من وزارة المالية، ويبدو الآن أن العلاقات التي ستنشأ داخل الوزارة، وإسقاطات التطورات الداخلية فيها، هي التي ستجعل المالية في ضوء العناوين. وهذا في المحصلة جيد لنتنياهو.

ففيما لو نجح نتنياهو في مهمته الاقتصادية فإنه سيقول إنه نجح <على الرغم من موظفي المالية>، وفيما لو فشل فإنه سيقول إنه فشل <بسبب موظفي المالية>. كما أن العلاقات بين شارون ونتنياهو من جهة أولى وبين نتنياهو وأولمرت (الذي خطف منصب القائم بأعمال رئيس الحكومة) من جهة ثانية، وبين نتنياهو وأولمرت من جهة ثالثة، تخلق مثلثًا مثيرًا للاهتمام، على الصعيد السياسي الحكومي، وعلى الصعيد الحزبي الداخلي. هل قصد شارون من وراء تعيين أولمرت قائمًا بأعماله، ولكن في وزارة غير مركزية، إعداده <على نار هادئة> ليكون خليفته في <الليكود> وفي كرسي رئيس الحكومة حين تزف الساعة؟.. وهل يعلم نتنياهو بذلك؟.. وماذا سيفعل نتنياهو في هذه المسألة؟.. هل سيتحوّل أولمرت إلى عدو بيبي اللدود؟.. وماذا سيكون دور عمري شارون في كل هذه الحرب المتأججة؟.. كل ذلك في الحلقة القادمة من الانتخابات الاسرائيلية...

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات