المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

<<وضع الاقتصاد الاسرائيلي صعب إلى درجة أنه يستحيل على أي خبير الخروج من مأزق توقّع ما سيحدث. والمعطيات معروفة: أزمة أمنية تؤدي إلى إرتفاع ملحوظ وكبير في المصاريف، وهبوط حاد في الاستثمارات والمداخيل، وعدم استقرار سياسي يحول دون تواجد إجراء إتخاذ قرارات سليم، وضع مزرٍ في الاقتصاد الغربي، ومسٌ كبير في صناعات الهاي- تك. تراكم هذه العوامل يخلق دائرة سحرية يصعب إختراقها>>

أبلغ بروفيسور يعقوب فرنكل، بداية هذا الأسبوع، رئيس الحكومة الاسرائيلية أريئيل شارون، بأنه سيوافق على تولي منصب وزير المالية في حكومته الثانية، في حال إقتناعه بأن الحكومة الجديدة ستكون ملتزمة بدفع العملية السياسية مع الفلسطينيين الى أمام.
وأوضح فرنكل أن احتمالات إخراج المرافق الاقتصادية من الركود إلى النمو، مشروطة، بحسب رأيه، بهذه العملية. كما أوضح أمام شارون توجه العالم الخارجي الذي يتحفظ من الاقتصاد الاسرائيلي، نتيجة الجمود على المسار السياسي. وقال فرنكل في ختام لقائه مع شارون إنه انطبع من أن <<شارون يفهم العلاقة بين إخراج المرافق من أزمتها الاقتصادية وبين التقدم على المسار السياسي>>.

ويُعدّ فرنكل، الذي شغل منصب محافظ بنك إسرائيل في السابق، من المقربين الى شارون، وكان في السنتين الأخيرتين مستشاره غير الرسمي في الشؤون الاقتصادية. كما يلقى فرنكل الترحاب من عدة جهات كبيرة في المرافق والاقتصاد والسياسة، مما دفع شارون إلى تفعيل ضغوط متواصلة عليه لقبول حقيبة المالية.

وقد عرض شارون في جلستهما المشتركة، الأحد 16 شباط، على فرنكل، إقتراح المالية للتغييرات في ميزانية العام 2003، وعرض فرنكل عليه بالمقابل شروطه لقبول الوظيفة. وقال فرنكل إن نجاحه في وظيفته كوزير للمالية مشروط في التقدم في المفاوضات السياسية مع الفلسطينيين. كما شدد على ضرورة وأهمية الدعم الذي سيحظى به من شارون في سياسته.

ومما يزيد من إحتمالات تعيين فرنكل وزيرًا للمالية هو رفض شارون أن يعِد سيلفان شالوم، وزير المالية الحالي، بمنحه حقيبة المالية في الحكومة الجديدة.

وهذه هي المرة الأولى التي يُربط بها على هذا المستوى بين الوضع الاقتصادي وبين الوضع الأمني في اسرائيل. وفي حالة تعيين فرنكل وزيرًا للمالية، فإنه يمكن أن تُفهم موافقة شارون على هذا الربط، وبالتالي يمكن التكهن بعودة إلى المسار السياسي قريبًا.

وقد أوردت صحف نهاية الأسبوع الاسرائيلية، في المقالات الموقعة، بعضًا من هذا الربط. وقد ذكر المعلق عوزي بنزيمان ("هآرتس") أن موظفي وزارة المالية قالوا في إجتماعهم نهاية الأسبوع الماضي، إن ألبرت آينشتاين بنفسه كان سيعجز عن محاولة التهكن بصدد وضع اسرائيل الاقتصادي، ما دام الوضع الأمني - السياسي من دون تغيير. وفي مثل هذا التصريح إشارة إلى السياسيين بما يجب فعله. كما ادعى كبار موظفي المالية، دفاعًا عن توقعاتهم الفاشلة للمرافق الاقتصادية في الدولة، أن <<وضع الاقتصاد الاسرائيلي صعب إلى درجة أنه يستحيل على أي خبير الخروج من مأزق توقّع ما سيحدث. والمعطيات معروفة: أزمة أمنية تؤدي إلى إرتفاع ملحوظ وكبير في المصاريف، وهبوط حاد في الاستثمارات والمداخيل، وعدم استقرار سياسي يحول دون تواجد إجراء إتخاذ قرارات سليم، وضع مزرٍ في الاقتصاد الغربي، ومسٌ كبير في صناعات الهاي- تك. تراكم هذه العوامل يخلق دائرة سحرية يصعب إختراقها>>.

وكتب موشيه غبيش، المفوض العام السابق لضريبة الدخل، والمدير العام لبنك مركنتيل ديسكونت، مقالا في صحيفة "معاريف" (17 شباط) حول الأوضاع الاقتصادية المتأزمة في إسرائيل، قال فيه إنه يتعين على حكومة شارون الثانية أن تتبنى سياسة إقتصادية حقيقية وألا تتركز فقط في إجراءات مكياجية ليس من شأنها أن تنتشل الاقتصاد من أزمته الحادة.

وقلل غبيش من اهمية الدعوات الصادرة تباعاً عن مختلف الاوساط لاقامة حكومة "وحدة وطنية" قائلا: هذه الدعوات تختبىء خلف الادعاء بأن حكومة كهذه يمكنها تحسين الأوضاع الاقتصادية، مع ان هذا الادعاء كاذب تماماً. إذ أن وجود حكومة "وحدة وطنية" في الفترة السابقة لم يسهم في إشفاء الاقتصاد الاسرائيلي من ازمته، كما أن وجود هذه الحكومة لم يتح المجال أمام إقرار سياسة إقتصادية صائبة في الكثير من المجالات.

واختتم غبيش مقاله بالقول إن إشفاء الاقتصاد الاسرائيلي من أزمته الحادة كان ولا يزال مشروطاً بتغيير في سياسة الحكومة لناحية الاستعداد لمزيد من التنازلات السياسية الحقيقية. ومثل هذا التغيير - برأي غبيش- في مقدرة حزب "العمل" أن يسهم في دفعه الى الأمام فقط في حاة بقائه في صف المعارضة الحازمة لحكومة شارون الجديدة.

المصطلحات المستخدمة:

رئيس الحكومة, عوزي, هآرتس

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات