في صبيحة اليوم التالي على انتهاء ايام الحداد السبعة على وفاة ابنه عومري، خرج أميرام غولدين من منزله في قرية "أفيف" في الجليل وسافر ربع ساعة الى مكتبه القائم في مركز مدينة سخنين. لدى وصوله الى المكتب - يهودي وحيد في قلب مدينة عربية - رن جرس الهاتف. على الطرف الثاني كان الممثل محمد بكري. ابن أخيه، ياسين، وابن عمه، ابراهيم، كانا مشتبهين بتقديم المساعدة لناشط "الجهاد الإسلامي" حمادة، الفلسطيني من سكان جنين، الذي إنتحر في حافلة الركاب رقم 361 قرب مفرق ميرون وأخذ معه من هذا العالم تسعة اسرائيليين، بينهم عومري غولدين ابن الـ 20 عاما.
للوصول الى قرية قراوة بني حسان تصطدم بالعديد من رموز الاحتلال الاسرائيلي: مستوطنة "أريئيل"، جنود مدججون بأسلحة سوداء شبه مصوّبة الى أي شيء، شارع التفافي الغرض منه استكمال الابرتهايد جهارة لخلق واقع من الفصل التام بين الفلسطينيين والمستوطنين (حمايةً لهؤلاء الأخيرين بالطبع) وهم في سياراتهم أيضًا، وهناك أيضًا ذلك الاصطدام الفعلي بأكوام التراب الضخمة التي سدّ بها الجيش الطرق الرديئة الواصلة بين القرى الفلسطينية وبين محيطها القريب.
اقترح قائد سلاح الجو الاسرائيلي، الجنرال دان حلوتس، إلغاء القيادة الداخلية بعد الانتهاء من حالة الاستنفار في إسرائيل، المعلنة جراء الحرب في العراق. وبحسب رأيه، <<مع زوال خطر الهجوم الكيماوي والبيولوجي العراقي على إسرائيل، فإنه سيكون بالامكان الاكتفاء بالأطر المقلصة التي كانت معدة للدفاع المدني، أمام تهديد مشابه من طرف سوريا ودول أخرى، إلى حين إندلاع الحرب في الخليج في العام 1991>>.
وجهة نظر إسرائيلية أعلن الجنرال تومي فرانكس القائد العسكري لقوات التحالف التي تشن حربًا في العراق أنه ليس هناك ذرة من الشك فيما يتعلق بنتيجة الحرب. كان الجنرال طبعًا يتحدث عن الجوانب العسكرية. على أنه، بعيدًا عن القتال وبعيدًا حتى عن الترتيبات السياسية لعراق ما بعد صدام، تحوم في الأفق علامات استفهام كبيرة. سوف تسفر أزمة العراق الشائكة عن اختلال في الدور والمسار للتحالف الغربي ولحلف الأطلسي وللاتحاد الأوروبي، وبشكل خاص للأمم المتحدة. سيخرج هؤلاء جميعا منها كما البضائع التالفة.
لدى ترشحه لولاية ثانية، تبجح رئيس الوزراء أرييل شارون مرات عدة "بالصداقة العميقة" التي بناها مع ادارة بوش وسماها "تقرباً مميزاً". وشكر الرئيس بوش لتفهمه حاجات اسرائيل الامنية ولتأمين "حرية التصرف اللازمة في حربنا الجارية ضد الارهاب". كما أثنى على اقتراحات بوش الاخيرة بالتوصل الى اتفاق سلام فلسطيني اسرائيلي، وهو خطة قال شارون إنه اتفق عليها مع بوش(...).جاءت نقطة التحول أواخر حزيران، عندما تبنى بوش وجهة نظر شارون حول الفلسطينيين وجعل من اطاحة ياسر عرفات كقائد للسلطة الفلسطينية شرطاً للديبلوماسية المستقبلية. كان هذا "تحولاً واضحاً في السياسة" بحسب كينيث أر. واينشتاين، مدير مكتب واشنطن لمؤسسة هادسون ومحافظ يدعم اسرائيل والليكود. وافق رالف ريد رئيس حزب جورجيا الجمهوري والمدير الاسبق للتحالف المسيحي، على ان خطاب حزيران كان "نقطة الانطلاق".
في واشنطن تعلموا أن إستثماراتهم في وزير الخارجية (دافيد ليفي) وفي وزير "الأمن" (يتسحاق مردخاي)، في حكومة نتنياهو، عادت بفائدة حقيقية قيمتها صفر. كما أن الاستثمار في وزير الخارجية (شمعون بيرس) وفي وزير "الأمن" (بنيامين بن إليعيزر) في حكومة شارون لم يساعد الأمريكيين على تحويل وثائق ميتشل وتينت وزيني إلى مستندات ذات قيمة. وعلى الرغم من التجربة التي علّمت أن رئيس الحكومة في القدس هو وحده من يقرر، فقد تفرغ نائب الرئيس ديك تشيني ومستشارة الأمن القومي في البيت الأبيض كوندوليسا رايس، من الحرب على العراق، لكي يلتقوا بسيلفان شالوم.
الصفحة 570 من 610