المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

"بعد سنوات طويلة من التشكك والعدائية، تتجه أوساط سياسية واسعة ـ سياسية وجماهيرية ـ نحو تعميق علاقاتها مع أحزاب وحركات يمينية متطرفة في أوروبا، خلافا ـ في بعض الأحيان ـ للموقف الرسمي المعلن من جانب الحكومة الإسرائيلية. وتحتل هذه الظاهرة مكانة متعاظمة في السجال السياسي العام في إسرائيل، كما تستقطب انتباها ملحوظا في أوروبا نفسها، وخصوصا بين التجمعات اليهودية في القارة الأوروبية ولدى الهيئات الناشطة في موضوع العلاقات مع دولة إسرائيل".

 

هذا ما يستهل به نيتسان هوروفيتس، الصحافي المحلل للشؤون الدولية وعضو الكنيست السابق (عن حركة "ميرتس")، دراسة جديدة له تحت عنوان "المقاطعة الآخذة في التبدد: علاقات إسرائيل مع اليمين المتطرف في أوروبا"، صدرت عن "مسارات ـ المعهد الإسرائيلي للسياسات الخارجية الإقليمية"، مؤخرا.

وبرأيه هذه العلاقات تمحورت حول صيغة مركزية قوامها مساهمة أحزاب اليمين المتطرف الأوروبية وزعمائها في "تبييض الاحتلال والمستوطنات"، مقابل إسباغ إسرائيل الشرعية على عنصرية هذه الأحزاب وممارساتها القومجية المتعصبة.

 الهجرة والإرهاب الإسلاميان ـ غطاء يخفي الكثير

يوضح هوروفيتس بداية ما يصفه بـ "أساس هذه العلاقات"، بين أوساط إسرائيلية وأحزاب وحركات اليمين المتطرف في أوروبا، بالاستناد إلى تفسير نشطاء اليمين أنفسهم، إسرائيليين وأوروبيين، فيقول إنها (العلاقات) نابعة من "تماثل المصالح"، بل "الشراكة القيمية"، وخاصة في كل ما يتصل بـ"التهديدات الكامنة في الإرهاب والهجرة الإسلاميين". لكنه يستدرك فيقول إن هذا الادعاء يشكل موضع خلاف وجدال حادين، إذ من شأن نظرة أكثر عمقاً وتبصراً أن تكشف أن هذه العلاقات تخبئ بين طياتها أمورا وقضايا أخرى مختلفة وأنها تشكل أداة يجري استخدامها في السياسة الداخلية، في إسرائيل وفي أوروبا على حد سواء.

ويضيف أن إسرائيل الرسمية لا تزال تقاطع أحزاب اليمين المتطرف في أوروبا. ويبدو أن مردّ ذلك، في الحقيقة، ليس لأن لدى إسرائيل مشكلة في التعامل مع هذه الأحزاب، وإنما بسبب التاريخ الدموي لليمين المتطرف في أوروبا، وخاصة على خلفية المعارضة الحادة التي تبديها التجمعات اليهودية لمثل هذه العلاقات، تحسبا من تعاظم الفاشية واللاسامية على اختلاف مشاربها وأشكالها. بيد أن هذا الغزل (بين إسرائيل واليمين المتطرف في أوروبا) آخذ في التصاعد والاتساع باستمرار والمقاطعة الإسرائيلية آخذة في التبدد.

وتأسيسا على هذا، يتقصى كاتب الدراسة وقائع العلاقات المتنامية بين أحزاب وحركات يمينية متطرفة في أوروبا وبين حركات وهيئات يمينية في إسرائيل، ثم يناقش دلالات هذه العلاقات وإسقاطاتها، من خلال عرض السمات الأساسية العامة التي تميز واقع اليمين المتطرف في أوروبا وساحات نشاطه، موقف هذه الأحزاب والحركات من اليهود وإسرائيل وموقف اليهود في أوروبا من تلك الأحزاب والحركات، ثم يقدم بعض النماذج البارزة عن هذه العلاقات بين أوساط من اليمين الإسرائيلي السياسي وأحزاب اليمين المتطرف في دول أوروبية ويبحث في الأسباب التي أدت إلى نشوء هذه العلاقات العينية وانعكاساتها.

اليمين المتطرف في أوروبا

تعرض الدراسة نبذة عن تاريخ تشكُّل، ظهور وتطور أحزاب وحركات اليمين السياسي في القارة الأوروبية، منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية والهولوكوست وحتى يومنا هذا، ثم تقرر أنه "من الصعب أن نرسم، بشكل دقيق وواضح، خطوطاً محددة لتعريف مختلف أحزاب اليمين المتطرف في أوروبا.... ثمة اختلافات عميقة وعديدة بينها، غير أن العلامات المميزة المعتمدة والمقبولة، التي تميّزها اليوم عن أحزاب اليمين المحافظ ـ التي يسيطر بعضها على مقاليد الحكم في دول أوروبية مختلفة ـ هي، بالأساس: المعارضة الكاسحة للهجرة، رهاب الإسلام (الإسلاموفوبيا) ومقت الاتحاد الأوروبي". وتؤكد: "ثمة أحزاب يمينية متزايدة، باستمرار، تتبنى أجزاء مركزية من طروحات اليمين المتطرف ومواقفه في هذه القضايا". أما القاسم المشترك الأبرز بين أحزاب اليمين المتطرف الأوروبية فهو القومجية الفظة على خلفية الشعور بخطر وجوديّ يهدد الهوية الثقافية ـ الدينية ـ الإثنية لدى مجموعات الأكثرية، سواء من جانب مجموعات أقلياتية في المجتمعات ذاتها، أو من جانب قوى وعناصر خارجية (حقيقية أو متخيّلة)، مثل الاتحاد الأوروبي أو دولة عظمى أجنبية (كما كانت الولايات المتحدة سابقا). ولهذا، تتمسك هذه الأحزاب بفكرة الدولة القومية ذات المميزات الديمغرافية الواضحة والثابتة، وتعارض بالمقابل فكرة فتح الحدود واختلاط الشعوب والمجموعات السكانية.

وغالبية هذه الأحزاب (أحزاب اليمين المتطرف في أوروبا) تدعو إلى الحيادية الدولية وإلى اعتماد سياسة عدم التدخل في شؤون داخلية لدول أخرى أو في نزاعات أجنبية. ومن هنا، أيضا، تنبع معارضتها الشديدة للمؤسسات والمعاهدات الدولية. ومع ذلك، تعبر بعض هذه الأحزاب، بصورة علنية، عن مطامح التوسع بالعودة والاستيلاء على مناطق كانت في الماضي جزءا من تلك الدولة نفسها أو تعيش فيها مجموعات سكانية تنتمي إلى الشعب نفسه.

ينتقل كاتب الدراسة، بعد هذا، إلى عرض السمات المشتركة لهذه الأحزاب في القضايا الاجتماعية والاقتصادية، ثم يخلص إلى أن "صعوبة وضع تعريف محدد ودقيق لأحزاب اليمين المتطرف الأوروبية، تدفعنا إلى اعتماد التقسيم والتمييز اللذين تتبناهما هذه الأحزاب نفسها عن نفسها" وهي التي شكلت ـ في العام 2015، في أعقاب الانتخابات الأخيرة للبرلمان الأوروبي التي جرت في العام 2014 ـ كتلة برلمانية مشتركة أطلقت عليها اسم "أوروبا الأمم والحرية"، وهي الكتلة الأصغر في البرلمان الأوروبي إذ تعادل قوتها نحو 5% فقط من مجموع النواب في هذا البرلمان، رغم أنها (الكتلة) تضم ستة أحزاب من فرنسا، ألمانيا، النمسا، بلجيكا، إيطاليا وهولندا "تشكل لبّ اليمين الممأسس في أوروبا الغربية، وهي التي تشكل محور دراستنا هذه ومركزها"، كما يقول موضحا أن "ثمة في غالبية الدول الأوروبية اليوم أحزابا يمينية متطرفة تحظى بدعم جماهيري (بين 10% و 15%) أوسع من تمثيلها الفعلي في البرلمانات أو في المؤسسات المختلفة".

أما في دول أوروبا الشرقية، فيمكن الإشارة إلى فارقين أساسيين من حيث مكانة اليمين المتطرف ومسألة علاقاته مع إسرائيل: 1. في أوروبا الشرقية تنشط أحزاب وتنظيمات فاشية حقيقية، كما في هنغاريا وبلغاريا مثلا. وهذه لا تبذل أية محاولة لإقامة علاقات مع إسرائيل، كما أن أحزاب اليمين المتطرف الأوروبية الكبيرة تميل إلى الابتعاد عن تلك الأحزاب والتنظيمات وتأكيد الفوارق بينها. 2. الأحزاب اليمينية المتعصبة في أوروبا الشرقية تنجح، أحيانا، في الوصول إلى الحكم وفي أن تكون جزءا من النظام الحاكم، ما يعني أنها تصبح جزءا من المؤسسة السياسية الشرعية، حتى أن أحزاب اليمين ـ الوسط تميل، أكثر فأكثر وبصورة تدريجية واضحة، إلى تبني العديد من المواقف والطروحات التي يطرحها اليمين المتعصب.

تبدّل الحلفاء والأعداء

حتى نهاية الثمانينيات من القرن الماضي، كانت أحزاب اليمين المتطرف في أوروبا تبدي عدائية وكراهية علنيتين لليهود ولدولة إسرائيل، إضافة إلى الولايات المتحدة أيضا، إذ رأت هذه الأحزاب في اليهود "تهديدا على المجتمع الأوروبي كله"، كما يقول كاتب الدراسة، بينما اعتبرت "العرب حلفاء استراتيجيين". ولكن، مع تعزز التجمعات الإسلامية الكبيرة في أوروبا، تعزز مكانة الاتحاد الأوروبي بصورة ملحوظة وتلاشي الخطر السوفييتي، بدأت عملية تغيير بطيئة لكن تدريجية في هذه الأحزاب التي بدأت قوتها تتعاظم، وخاصة ابتداء من العقد الأول من سنوات الألفين. وتمثل هذا التغيير، أساسا، في حرص جميع أحزاب اليمين المتطرف في أوروبا الغربية على النأي بنفسها عن التوجهات اللاسامية، ولم يمض وقت طويل حتى اتضح أنها استبدلت اللاسامية برهاب الإسلام (الإسلاموفوبيا). وعلى هذه الخلفية، قامت هذه الأحزاب أيضا بضم يهود إلى صفوفها وإبرازهم في وسائل الإعلام بصورة لافتة، تجاوزت وزنهم الحقيقي بكثير.

وفي موازاة ذلك، طرأ تغيير في الموقف من إسرائيل والعلاقة معها أيضا: فقد ركز اليمين المتطرف معاركه ونشاطاته ضد المهاجرين إلى أوروبا، وسرعان ما "فتح هذا الطريقَ أمام اتخاذ إسرائيل حليفاً في المعركة ضد الإسلام"، وخاصة على خلفية اتساع وتصاعد موجة العمليات الإرهابية التي نفذتها عناصر إسلامية في أوروبا خلال السنوات الأخيرة، مما عزز وعمق تأييد وتعاطف أحزاب اليمين تلك مع إسرائيل، وخاصة مع الجناح اليميني فيها. وتحظى هذه الأصوات الأوروبية بإبراز شديد في وسائل الإعلام الإسرائيلية.

وخلال الأحاديث العادية مع نشطاء اليمين المتطرف في أنحاء مختلفة من أوروبا الغربية، يمكنك أن تسمع بصورة واضحة وصريحة تماما ـ كما يشهد كاتب الدراسة ـ أن "العدو المشترك" ليس التفسير الوحيد لتأييد إسرائيل، دعمها والتعاطف معها. فهم يقولون إن إسرائيل تشكل نموذج الدولة القومية ذات الاقتصاد القوي والمزدهر، التي تحارب الإرهاب الإسلامي بصورة ناجحة وناجعة، ناهيك عن أوساط في اليمين المتطرف الأوروبي تتحدث عن "قيم مشتركة" تجمع بينها وبين إسرائيل.

الهدف: تعزيز القوة السياسية والسلطة

 يرجح كاتب الدراسة أن تكون أحزاب اليمين المتطرف في أوروبا الغربية قد أيقنت، منذ زمن بعيد، أن الطريق الأفضل أمامها لتعزيز قوتها السياسية ولمحاولة احتلال السلطة ومقاليد الحكم في دولها المختلفة تستلزم تغيير صورتها وأن هذه الطريق تمر، أيضا، عبر المجموعات اليهودية في الدول الأوروبية وعبر إسرائيل.

للنمذجة على ما يذهب إليه هنا، يورد الكاتب ما حدث في أحد أحزاب اليمين المتطرف في بلجيكا. فقد كان حزب "الكتلة الفلانديرية" حزبا فاشيا، لاساميا وينشر كراهية الأجانب. في العام 1988، حاول أحد قادة هذا الحزب، فيليب دي فينطر، تنظيم حفل لإحياء ذكرى جنود النازية الفلاندير الذين قتلوا إبان الحرب العالمية الثانية. وفي العام 2001، ألقى دي فينطر خطابا في احتفال نظمه قدامى وحدات من الجيش النازي وافتتح خطابه بتأدية قسم الجيش النازي. لكن هذا الحزب أجبِر على تفكيك نفسه في العام 2004، بقرار من المحكمة العليا البلجيكية. وحين أقيم هذا الحزب من جديد، باسم "المصلحة الفلانديرية"، أخذت تصريحاته تتخذ منحى التأييد الجارف لإسرائيل، علانية. وفي العام 2005، أعلن دي فينطر أن حزبه "يعتبر اليهود حلفاء في المعركة ضد الإسلام وشركاء في الثقافة اليهودية ـ المسيحية الأوروبية". كما أعلن أن حزبه "هو الأكثر تأييدا لإسرائيل من بين جميع الأحزاب البلجيكية الأخرى". ويتساءل الكاتب: "هل يعكس هذا تغييرا أيديولوجيا، أم أنه مجرد خطوة تكتيكية تهدف إلى تمكين الحزب من مزاولة نشاطه السياسي العلني بصورة قانونية؟".

ثمة مثال آخر، أكثر حدة، على التغييرات الحاصلة في موقف اليمين المتطرف الأوروبي من اليهود وإسرائيل يتجسد في الصراع بين مؤسس حزب "الجبهة الوطنية" في فرنسا، جان ماري لوبين، وابنته، مارين لوبين، الزعيمة الحالية لهذا الحزب. فقد عبر الوالد عن مواقف وآراء لاسامية جلية، مثل إصراره المتكرر على أن أفران الغاز، كما إبادة اليهود كلها، لم تكن سوى "تفصيل هامشي" في مجريات الحرب العالمية الثانية وتاريخها، بينما ترفض ابنته بشدة جميع الادعاءات اللاسامية وتنفذ حملة تطهير في صفوف حزبها تطال كل المتحدثين المتطرفين ضد إسرائيل واليهود. وتدأب الابنة، منذ تسلمها زعامة الحزب في العام 2011، على تخليص نفسها وحزبها من وصمة اللاسامية والفاشية التي سببها والدها.

هنا، أيضا، بالنسبة لحزب "الجبهة الوطنية" الفرنسي، يسأل السؤال نفسه: هل ما حصل ويحصل هو تغيير حقيقي وجوهري، أم أنه مجرد تغيير خارجي ظاهري فقط، غطاء مزيف لاحتياجات وضرورات سياسية داخلية؟

غض الطرف الإسرائيلي

في دول أوروبا الشرقية، والتي تتميز أحزاب اليمين فيها ـ كما ورد آنفا ـ بطروحاتها القومجية المتعصبة وبأنها تشارك أحيانا في السلطة، ثمة للصورة سمات مغايرة. تقيم دول أوروبا الشرقية، بصورة عامة، علاقات وثيقة مع إسرائيل، بينما "تتجنب إسرائيل توجيه النقد لتلك الدول في قضايا تخص حقوق الإنسان والديمقراطية، حتى لو كان الأمر يتعلق بمجموعات الجاليات اليهودية المحلية أو يثير قلقها"، كما يقول الكاتب. ويورد على ذلك مثالاً قضية جورج سوروس، الملياردير اليهودي الأميركي، من أصل هنغاري، الذي يشكل خصما أيديولوجيا وسياسيا لرئيس الحكومة الهنغارية، فيكتور أوربان، وهو صاحب المواقف الليبرالية والداعم لمنظمات غير حكومية تنشط في هنغاريا وتروج أفكارا ليبرالية. ففي إطار حملة نظمها أوربان وحزبه الحاكم في الصيف الأخير ضد الهجرة إلى هنغاريا عُلقت يافطات عليها صورة سوروس وهو يبتسم وكُتب تحتها: "لا تدعوا سوروس يضحك عليكم".

حيال ذلك، طلب يهود هنغاريا من إسرائيل الاتصال بالحكومة الهنغارية من أجل وقف هذه الحملة بحجة أنها "تنطوي على لهجة لاسامية بارزة". وبالفعل، نشر سفير إسرائيل في هنغاريا، يوسي عمراني، بيانا خاصا، صادقت عليه وزارة الخارجية الإسرائيلية، دعا فيه إلى وقف الحملة "التي تثير ذكريات أليمة من التاريخ وتزرع الكراهية والخوف". لكن وزارة الخارجية الإسرائيلية، وبتوجيهات من رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، مباشرة، عادت وتراجعت عن موقفها النقدي ضد الحملة المذكورة وشنت هجوما حادا على سوروس، مستخدمة ضده حججا وادعاءات مماثلة لتلك التي استخدمتها الحكومة الهنغارية ضده.

بعد ذلك بأسبوع واحد، قام نتنياهو بزيارة رسمية إلى هنغاريا، تم التشديد خلالها على العلاقات الشخصية الوثيقة بينه وبين أوربان، كما بين إسرائيل وهنغاريا أيضا، وهو ما أوضح، بما لا يقبل أي شك، هوية الطرف الذي تقف إسرائيل إلى جانبه وتدعمه في قضية هذه الحملة الدعائية.

خلال زيارته تلك، شارك نتنياهو أيضا في قمة زعماء "مجموعة فيسغراد" ـ هنغاريا، تشيكيا، سلوفاكيا وبولندا ـ وأوضح خلالها أن إسرائيل تسعى إلى بناء "تحالف دبلوماسي مع هذه الدول". وعليه، يبدو أن العلاقات الوثيقة هذه بين إسرائيل، بزعامة نتنياهو، ودول أوروبا الشرقية، وسط غض الطرف الإسرائيلي عن الظواهر المعادية للديمقراطية هناك، بل الانزلاق نحو اللاسامية، كما حصل في قضية سوروس، تؤشر ـ على الأقل ـ على اللامبالاة، أو الموافقة الفعلية على الأصح، التفهم، بل والتأييد من جانب إسرائيل لتأثيرات الأفكار القومجية المتعصبة هذه.

ثمة لهذا سياق سياسي خارجي وداخلي حزبي بارز: هذه العلاقات الوثيقة التي تنميها إسرائيل مع دول أوروبا الشرقية، تستطيع (إسرائيل) استثمارها في مساعيها لمنع اتخاذ قرارات وخطوات مختلفة من قبل الاتحاد الأوروبي ضد إسرائيل عامة، وبشأن الاحتلال والمستوطنات خاصة. والموقف الإسرائيلي المتسامح حيال ظواهر التشريعات المعادية للديمقراطية، التي تعمق الكراهية ضد الأجانب، بل وتعزز انتشار طواهر لاسامية مختلفة، هو الثمن الذي تدفعه لقاء هذه العلاقات. وإلى جانب ذلك، لا تشعر الحكومة الإسرائيلية ـ كما يبدو من الأمثلة المذكورة آنفا ـ بأنها "مضطرة" أو مجرورة إلى الموافقة على هذه التوجهات، وإنما هي تفعل ذلك برضى وقناعة متزايدين.

ويشكل هذا النهج الإسرائيلي الرسمي عاملا مهما وبارزا في توسيع وتوثيق العلاقات مع حركات وأحزاب اليمين المتطرف في أوروبا الغربية أيضا.

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات