المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

تشكل الجولة السياسية الأخيرة التي قام بها رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، إلى دول في أميركا الجنوبية سابقة تاريخية أخرى في إطار السياسية الخارجية الإسرائيلية تحت قيادته، والتي تمتاز بالنمو والازدهار السياسيين غير المسبوقين في تاريخ دولة إسرائيل. فخلال خمسة عشر شهراً، أجرى نتنياهو خمسة لقاءات سياسية تاريخية، في دول لم يزرها أي رئيس حكومة إسرائيلية من قبل.

ومنذ انتخابه لرئاسة الحكومة، وضع نتنياهو السياسة الخارجية في رأس سلم اهتماماته كواحد من الأهداف الاستراتيجية الأكثر أهمية بالنسبة لإسرائيل، كجزء من استراتيجية الأمن القومي الشاملة للدولة. يعرف نتنياهو جيدا (وهو المحافظ الواقعي) أن الدول تحترم بعضها بعضاً طبقا لمدى القوة والعظمة اللتين تبديهما.

الهدف السياسي الذي وضعه نتنياهو لدى عودته إلى رئاسة الحكومة في العام 2009، يتجسد في تحويل إسرائيل إلى قوة عظمى ومؤثرة إقليميا. وهو هدف لم يكن ممكناً تحققه إلا باستغلال المقومات النوعية ومكامن القوة في المجتمع الإسرائيلي، ثم تحويلها إلى امتيازات تدفع نحو تحقيق الهدف السياسي. استراتيجية نتنياهو هذه تقوم على ركيزتين ـ الاقتصاد القوي والعظمة الأمنية.

الاقتصاد والأمن

في المجال الاقتصادي، عمد نتنياهو إلى خفض الضرائب، فتح الاقتصاد أمام المنافسة بموازاة تقليص البيروقراطية والمركزية الإدارية. وقد أثبتت هذه السياسة جدواها، بما لا يقبل أي شك وأكثر مما هو متوقع. فالاقتصاد الإسرائيلي اليوم قوي، مستقرّ وحر، قياسا بماضيه المعتم.

في العام 2008 بلغ متوسط الناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد في إسرائيل 3ر27 ألف دولار. أما في العام 2016، فقد زاد هذا المتوسط عن 37 ألف دولار. في العام 2009 كان معدل النمو الاقتصادي 9ر1%، بينما بلغ في السنة التي تلتها مباشرة 6ر5% ولم يقلّ منذ ذلك الوقت عن 5ر2%، بالرغم من الأزمة العالمية التي حطمت اقتصاديات بأكملها في أوروبا وفي العالم عامة ودمرتها تدميرا شبه تام تقريبا.

في الجانب الأمني، واصلت حكومة نتنياهو العمل على تطوير القدرات والقوة العسكرية الإسرائيلية. فقد ساعد التزود بالغواصات الحديثة من طراز "دولفين" وبطائرات F-35 (الشبح) في المحافظة على التفوق الإسرائيلي النسبي وجعل إسرائيل واحدة من دول قليلة في العالم تمتلك أحدث القدرات والتقنيات التي توفرها هذه المعدات.

ويستفاد من تقارير أجنبية أن طائرات الشبح الحديثة مؤهلة لحمل صواريخ ذات رؤوس حربية نووية. وقد تمت تغطية الأجواء الإسرائيلية بشبكة واسعة من بطاريات الصواريخ القادرة على اعتراض وإسقاط صواريخ قصيرة المدى، مثل منظومة "القبة الحديدية"، وأصبحت قيد الاستخدام، أيضا، منظومة "حيتس 3" القادرة على إسقاط صواريخ طويلة المدى، إضافة إلى منظومة "مقلاع داود" القادرة على إسقاط القذائف والصواريخ متوسطة المدى والطائرات من دون طيار. وهكذا، تم استكمال غلاف الدفاعات الجوية الفعالة في وجه جميع أنواع القذائف والصواريخ التي قد تهدد إسرائيل. وعلاوة على هذا، يجدر التذكير بالنجاحات والإنجازات الباهرة التي حققتها الصناعات العسكرية الإسرائيلية والتي وضعت إسرائيل في مصاف الدول العظمى في مجال الحرب الإلكترونية (السايبر). هذه جميعها جعلت من إسرائيل قوة ذات قدرات هائلة من الناحية الأمنية.
على صعيد الأمن اليومي الجاري، يجب التذكير بما يغيب من التغطية الإعلامية أحياناً: خلال فترة نتنياهو، سُجل العدد الأقل من القتلى جراء الحروب والعمليات الإرهابية. إنها الفترة الأكثر هدوءاً التي مرت على دولة إسرائيل منذ قيامها، على الرغم من موجتين إرهابيتين قصيرتين وغير دمويتين، نسبيا. من الصعب مقارنة الوضع الأمني في إسرائيل اليوم بالوضع الأمني الذي ساد إبان تولي إسحاق رابين، إيهود باراك وأريئيل شارون رئاسة الحكومة.

إسرائيل في عهد نتنياهو تردع أعداءها وتنجح في توسيع أنشطتها. فحزب الله لا يردّ على العمليات العسكرية التي تستهدف منشآته ونشطاءه، والتي تنسبها مصادر أجنبية إلى إسرائيل. الهدوء على الحدود الشمالية مدهش، وخاصة على ضوء تصريح قائد سلاح الجو المنتهية ولايته، أمير إيشل، بأن إسرائيل قد تدخلت في سوريا عسكرياً نحو مئة مرة منذ العام 2012. من الواضح أن حزب الله غارق في الحرب الأهلية في سورية، لكن حين نأخذ في الحسبان كمية الهجمات التي شنتها إسرائيل، بل والأهمّ نوعيتها، بينما نرى الهدوء المخيم في الشمال، لا يمكن تجاهل عامل الردع الإسرائيلي. كذلك الحال في الجنوب (قطاع غزة) أيضا، في أعقاب عملية "الجرف الصامد" ـ هدوء لم يسبق له مثيل منذ عقدين من الزمن تقريبا.

التحولات في علاقات إسرائيل الخارجية

هاتان الركيزتان ـ الاقتصاد والأمن ـ جعلتا من إسرائيل دولة قوية وأدتا ـ بفضل حزم نتنياهو، إصراره ومثابرته في الحلبتين الداخلية والخارجية ـ إلى تحول دراماتيكي في علاقات إسرائيل الدولية.

في منطقة حوض البحر المتوسط، استغل نتنياهو الأزمة المتعمدة التي افتعلها الأتراك لبناء تحالف إقليمي يتجاوز تركيا. هذا التحالف الذي يضم قبرص واليونان استهدف تعزيز مكانة إسرائيل في منطقة حوض البحر المتوسط، من خلال خلق فرص اقتصادية وتعزيز التعاون في مجال الطاقة. منذ العام 2016، أقيمت ثلاثة مؤتمرات قمة مشتركة للدول الثلاث، في نيقوسيا، سالونيكي والقدس.

يرى نتنياهو أن أوروبا الغربية تصبح أكثر معاداة لإسرائيل باستمرار، على خلفية التدفق غير المضبوط للاجئين والمهاجرين المسلمين إليها والتأثير الذي يمارسونه على هذه القارة، إضافة إلى اللاسامية الدفينة. ولهذا، يعمل نتنياهو من أجل تقليص تأثير الاتحاد الأوروبي على إسرائيل، من خلال تقليص مدى اعتماد إسرائيل على هذا الاتحاد.

تجسدت هذه المحاولات في تقرّب إسرائيل من دول أوروبا الشرقية وأوروبا الوسطى التي لا تشعر بالارتياح ضمن الاتحاد الأوروبي. في حزيران الأخير، زار نتنياهو هنغاريا وشارك في لقاء قمة سياسية جمعه مع نظرائه في بولندا، تشيكيا وسلوفاكيا، الذي حضروا إلى هنغاريا. هذه الدول، التي تسمى "رباعية فيسغراد"، هي جزء من الاتحاد الأوروبي حقا، لكنها تشكل كتلة معارضة لسياسة الهجرة المنفلتة إلى أوروبا.

وأخيرا، فتح نتنياهو الاقتصاد الإسرائيلي أمام أسواق جديدة لم تكن متاحة أمامه من قبل: ففي آسيا، عزز نتنياهو العلاقات مع اليابان، التي أجرى إليها زيارة مهمة في أيار 2014. وفي كانون الثاني 2015، استضاف نتنياهو رئيس حكومة اليابان، شينزو آبي. غير أن تحولا أكثر أهمية حصل في العلاقات الإسرائيلية ـ الصينية، إذ يولي نتنياهو الصينَ أهمية عليا للاقتصاد الإسرائيلي وبحق، نظرا لسوقها الهائلة والعدد الضخم جدا لمواطنيها، مما يجعلها قوة اقتصادية كامنة غير محدودة بالنسبة لإسرائيل. وفي آذار 2017، أجرى نتنياهو زيارة إلى الصين في ذكرى مرور 25 عاما على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، إذ اصطحب معه مجموعة من أرباب الصناعة ورجال الأعمال الإسرائيليين من قطاعات عديدة مختلفة. وخلال تلك الزيارة، جرى التوقيع على 25 اتفاقية للتعاون في مجالات عديدة مختلفة تصل قيمتها الإجمالية، وفق التقديرات الصينية، إلى نحو ملياريّ دولار.

كما أجرى نتنياهو زيارة تاريخية أخرى إلى سنغافورة، في شباط 2017. ورغم كون المسلمين يشكلون نسبة مرتفعة من السكان في هذه الدولة، وبالرغم من وقوعها بين دولتين إسلاميتين لا تقيمان علاقات دبلوماسية مع إسرائيل (ماليزيا وإندونيسيا)، إلا أن الزيارة حظيت بتغطية واسعة في وسائل الإعلام المحلية. وقبل ذلك بسنة واحدة، قام رئيس وزراء سنغافورة بزيارة إلى إسرائيل استغرقت أربعة أيام، هي الزيارة الأولى لرئيس حكومة سنغافورية إلى إسرائيل. وخلال الزيارة، جرى التوقيع على اتفاقية تعاون بين الدولتين. كما أجرى نتنياهو، أيضا، زيارة تاريخية أخرى إلى أستراليا، بعد زيارته إلى سنغافورة مباشرة.

في تموز 2017، زار إسرائيل رئيس الحكومة الهندية، ناريندرا مودي، في أول زيارة يقوم بها زعيم أكبر الدول الديمقراطية في العالم إلى إسرائيل. ومثل الصين، يولي نتنياهو العلاقات مع الهند أهمية اقتصادية بعيدة المدى. وكانت هذه العلاقات قد توثقت بصورة جدية قبل تلك الزيارة بوقت طويل، في إثر تسلم مودي مهام منصبه. وعشية زيارته إلى إسرائيل، أعلنت الصناعات الجوية الإسرائيلية أنها وقعت مع الهند على صفقة تبلغ قيمتها ملياريّ دولار لتزويد الجيش الهندي بمنظومات دفاع جوية. وتعتبر هذه صفقة التصدير الأمني الأكبر في تاريخ الدولة.

عززت إسرائيل في عهد نتنياهو علاقاتها، أيضا، مع دول إسلامية في آسيا الوسطى، تتمتع بأهمية استراتيجية أمنية قصوى نظرا لقربها من إيران. وفي كانون الأول 2016، أجرى نتنياهو زيارة إلى أذربيجان ـ هي المرة الثانية التي يزور فيها رئيس حكومة إسرائيلية هذه الدولة (في المرة الأولى أيضا كان نتنياهو نفسه رئيس الحكومة)، ثم قام بزيارة تاريخية إلى كازاخستان. وإلى جانب تعزيز المصالح الأمنية الإسرائيلية، جرى التوقيع على اتفاقيات اقتصادية مهمة بين الدولتين.
وبذل نتنياهو جهودا دبلوماسية أخرى قبل ذلك بشهر واحد، حينما قام بزيارة هي الأولى لرئيس حكومة إسرائيلية إلى جنوب أميركا. وخلال يوم واحد، زار نتنياهو ثلاث دول هي الأرجنتين، كولومبيا والمكسيك، والتقى خلالها مع رؤساء أربع دول. ورافق نتنياهو في زيارته تلك وفد كبير من رجال الأعمال الذين أرادوا كشف المنتوجات الإسرائيلية أمام الأسواق الكبيرة في أميركا الجنوبية.

من الاقتصادي إلى السياسي ـ في منطقتنا أيضا

يجدر التذكير، أيضا، بالزيارة التاريخية التي قام بها نتنياهو إلى أفريقيا الغربية، في شهر حزيران الأخير. فقد كانت تلك المرة الأولى التي يقوم فيها رئيس حكومة إسرائيلية بزيارة احتفالية تحظى بتغطية إعلامية واسعة في كل من أوغندا، كينيا، رواندا، أثيوبيا وليبيريا. كان الهدف من تلك الزيارة تقريب القارة الأفريقية الغربية إلى إسرائيل، بعد عقدين من الإهمال الدبلوماسي والسياسي. وكان القصد تغيير المواقف المعادية التي اعتمدتها دول أفريقيا حيال إسرائيل في الهيئات والمنتديات العالمية. وهنا أيضا، كانت الاستراتيجية واضحة تماما ـ التكنولوجيا والمعرفة الإسرائيلية مقابل التغيير في المواقف والتوجهات السياسية. وخلال الزيارة، أصبح نتنياهو الزعيم غير الأفريقي الأول الذي يلقي خطاباً أمام مؤتمر دول أفريقيا الغربية، التي تشكل الدول الإسلامية ثُلث أعضائها.

تجسد استئناف وتعزيز العلاقات مع العالم الإسلامي، أيضا، في العلاقات بين إسرائيل والعالم العربي. فقد صرح نتنياهو، أخيراً، بأن "ما يحصل مع هذه الدول (العربية) فعلياً الآن لم يحصل في تاريخنا قط، ولا حتى عند التوقيع على اتفاقيات معها". هذا التصريح لا يصدر في فراغ. فحلقات التعاون بين إسرائيل من جهة، ومصر والأردن من جهة أخرى، لم تكن بمثل هذا المستوى من القوة والثبات من قبل. وهو تعاون يجري على أساس المصالح المشتركة لكل من إسرائيل والأردن ـ المعركة ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) والتحسب من السيطرة الإيرانية على جنوب سورية. ويضاف إلى هذا، أيضا، توثيق العلاقات بين إسرائيل ومصر على خلفية العمليات الإرهابية في شبه جزيرة سيناء والموقف من حركة "حماس" في قطاع غزة. فطبقا لتقارير أجنبية، تسمح إسرائيل لمصر بالعمل بحرية تامة في المنطقة المنزوعة السلاح التي حددتها اتفاقية السلام بين البلدين، وذلك بغية محاربة مخربي "داعش"، بل ورد أيضا أن إسرائيل قد زودت الأردن بطائرات حربية لدعم مجهودها الحربي ضد هذا التنظيم. وقد تجسد التعاون الوثيق بين إسرائيل ومصر، أيضا، في اللقاء العلني الذي جرى يوم 18 أيلول الأخير بين نتنياهو والرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، على هامش دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة. صحيح أن الزعيمين قد التقيا مرتين من قبل خلال السنوات الأخيرة، لكنهما كانا لقاءين سريّين، بينما كان اللقاء الأخير في نيويورك اللقاء العلني الأول بينهما.

إن التخوف من السيطرة الإيرانية في سورية ومن خرق الاتفاق النووي، إلى جانب مواصلة تطوير وإنتاج الصواريخ البالستية العابرة للقارات في إيران، دفعا نحو تقارب غير مسبوق بين إسرائيل والعربية السعودية، ولو من وراء الكواليس على الأقل. ففي حزيران 2015، التقى مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية آنذاك، دوري غولد، في واشنطن، مع الجنرال السعودي أنور عشقي، المقرب جدا من دوائر الحكم في السعودية. وحسب مصادر رفيعة في القدس، حظي هذا اللقاء بموافقة ومباركة مسبقتين من رئيس الحكومة الإسرائيلية ومسؤولي الحكم في السعودية. وفي شباط 2016، التقى وزير الدفاع آنذاك، موشيه يعلون، مع مدير وكالة المخابرات السعودية السابق، الأمير تركي الفيصل، خلال المؤتمر الدولي للأمن الذي انعقد في برلين. وبعد ذلك ببضعة أيام، نشرت أنباء غير مؤكدة أفادت بأن وفدا عسكريا رفيع المستوى من السعودية وصل إلى إسرائيل في زيارة سرية. بل نُشر، الشهر الماضي (أيلول)، أن أميرا من القصر الملكي السعودي قد زار إسرائيل.

مثل هذه الزيارات واللقاءات جرت، أيضا، بين مسؤولين إسرائيليين كبار وبين نظرائهم من البحرين، الكويت، عُمان وقطر. في 17 أيلول الماضي، نشر أن حاخامين اثنين من المسؤولين في "مركز شمعون فيزنطال" زارا دولة البحرين في بداية السنة الحالية، واستمعا إلى ملك البحرين، حمد بن عيسى آل خليفة، وهو يدعو إلى إلغاء المقاطعة العربية على إسرائيل ويُعلن عن السماح لمواطني دولته بزيارة إسرائيل.
يستطيع نتنياهو تسجيل إنجاز لسياسته حيال روسيا أيضا، وهي التي تحاول خلال العقد الأخير استعادة مكانتها كقوة عظمى دولية. فالتدخل العسكري الروسي في سورية والسيطرة الروسية على الحيز الإقليمي في سورية، قد دفعا بنتنياهو إلى اتخاذ خطوات استباقية والمسارعة إلى التقاء الرئيس فلاديمير بوتين، بغية وضع وتحديد آليات تمنع حالات محتملة من سوء التفاهم والصدام بين الجيشين، الإسرائيلي والروسي. منذ ذلك اللقاء، تعقد لقاءات تنسيق متتابعة بين ضباط الجيش الإسرائيلي ونظرائهم في الجيش السوري، كما يعبر دبلوماسيون روس جهاراً عن تقديرهم للسياسة الإسرائيلية الحكيمة التي نجحت، حتى الآن، في منع وقوع أية احتكاكات أو نزاعات مع دولة عظمى دوليا ترغب إسرائيل في صداقتها. وفي المجمل، التقى نتنياهو مع بوتين ست مرات خلال السنتين الأخيرتين. وهذا معطى غير مسبوق وغير مفهوم ضمناً، إطلاقا. تحاول إسرائيل استغلال التحسن في العلاقات مع الروس من أجل ترجيح الكفة لصالحها في ما بعد انتهاء الحرب الأهلية في سورية وتصميم الدولة بصورة جديدة، وخاصة في المناطق المحاذية لحدودها.

إسرائيل كدولة عظمى إقليمياً

في جميع الزيارات واللقاءات السياسية، في جميع الدول والقارات، شدد نتنياهو على أفضليات ومزايا الاقتصاد الإسرائيلي، الأمن الإسرائيلي وعلى الدمج بينهما. وقد أتاح هذا الدمج لإسرائيل تحقيق مكانة دولية ثمينة وتجنيد حلفاء يخدمون المصالح الإسرائيلية. لم يكن وضع دولة إسرائيل من قبل، على الإطلاق، أفضل مما هو عليه الآن ـ في الاقتصاد، في الأمن وفي السياسة الخارجية. أصبحت دولة إسرائيل قوة عظمى إقليميا وذات تأثير كبير مما يُكسبها احترام دول عظمى دولية والحرص على استشارتها في خضم مساعيها لتصميم مناطق مختلفة من العالم. لقد نجحت في تنويع مصادر الدعم وآفاق التجارة فاقتحمت أسواقا بعيدة وذات قوة كامنة كبيرة من الصعب تقديرها كمياً، مما يعينها على التحرر من حاجة الاعتماد الاقتصادي والسياسي على الاتحاد الأوروبي.

هذه النجاحات والإنجازات غير القليلة التي أتينا عليها أعلاه مسجلة على اسم بنيامين نتنياهو شخصيا. قدرة السياسي على قيادة دفة السفينة بحكمة، بحنكة، بروية، بحدة وبحزم، نحو شاطئ الأمان ليست أمرا مفهوما ضمنا، وخاصة في هذا البحر الهادر والمتلاطم الأمواج في منطقة الشرق الأوسط التي تشهد هزات عنيفة خلال السنوات الأخيرة.

(ترجمة خاصة عن موقع "ميداه" اليميني الذي يشرف عليه
الرئيس السابق للطاقم الإعلامي في ديوان رئيس الحكومة الإسرائيلية ران برتس.
وظهر المقال يوم 8/10/2017)

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات