المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

نشرت الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الأسبوع الماضي تقديرات تتعلق بالعام 2016 الحالي.

وبحسب هذه التقديرات، فإن التهديد المركزي ضد إسرائيل هو حزب الله. واحتمال نشوب مواجهة في الشمال ضئيل، لكنه قائم.

وأشارت التقديرات إلى أن حزب الله يمر بمرحلة إشكالية، فهناك قرابة 6000 إلى 7000 من مقاتليه موجودون على أراضي سورية، وقُتل قرابة 1300 من أفراده في القتال هناك، وجرح نحو 10 آلاف. بالإضافة إلى ذلك، انخفضت المساعدة الإيرانية من مليار دولار في السنة إلى 700 مليون فقط.

لكن هذا كله لا يبعث على الاطمئنان، إذ تؤكد التقديرات أن حرب لبنان الثالثة ستكون بحجم لم نشهده من قبل حتى اليوم. فقد حسّن حزب الله مهارته بصورة كبيرة من خلال القتال في سورية، وهو يوجه كل مساعيه في بناء قوته نحو إسرائيل، هذا مع التشديد على وجود نحو 100 ألف صاروخ تهدد كل نقطة في إسرائيل. ويتقن حزب الله الحفر تحت الأرض، وليس من المستبعد أن يحفر أنفاقاً من تحت الحدود. ولن يفاجأ الجيش الإسرائيلي أيضاً إذا حاول الحزب احتلال مستوطنة في الحدود الشمالية، وخطف جنود أو مدنيين، وإسقاط طائرة إسرائيلية، وضرب سفن أو التسبب بإغلاق مطار بن غوريون.

في المقابل، تشير التقديرات إلى أن الجيش الإسرائيلي طوّر قدرته النارية والاستخبارية، وجمع آلاف الأهداف النوعية الواقعة فيما وراء الحدود الشمالية. كما تشير إلى أن نحو 200 قرية شيعية تُستخدم كمواقع لحزب الله سوف تتحول في الحرب المقبلة إلى أهداف مشروعة للهجوم، والضرر في الجانب اللبناني سيكون كبيراً. وبعكس ما نُشر، فإن روسيا لا تنقل إلى حزب الله وسائل قتالية. وبصورة عامة يعتقدون في الجيش الإسرائيلي أن روسيا "عنصر ضبط يفتح فرصاً جديدة، ويشددون على أن التنسيق العسكري معها ممتاز".

بحسب التقديرات ثمة فرصة أخرى يراها الجيش الإسرائيلي أكثر أهمية وتتعلق بإيران. ويقولون في الجيش: "هناك فوائد في الاتفاق النووي. صحيح أنه كان في الإمكان التوصل إلى اتفاق أفضل وأنه محبط إلى حد ما لأنه لا يعالج التدخل الإيراني في منطقتنا، لكن ما لحق بكميات مادة اليورانيوم المخصبة والتخفيض الكبير في عدد أجهزة الطرد المركزي غير قابلين للجدل".

يقدرون في الجيش الإسرائيلي، بعكس مواقف لأطراف سياسية، أن إيران لن تحصل على مبالغ تفوق 100 مليار دولار من جراء رفع العقوبات الاقتصادية عنها بل ستحصل فقط على بضع عشرات من المليارات، لأن جزءاً منها سيصادر بسبب الديون. لذا، فإن إيران لن تسارع إلى استثمار أموال في تمويل تنظيمات إرهابية قبل أن تنتعش اقتصادياً. وكلما استغرقت عملية الانتعاش وقتاً أطول، بقيت إيران منضبطة.

ومع ذلك، فإن الإيرانيين يطمحون إلى نفوذ في سورية، ويحاولون إقامة خلايا إرهابية في الجولان وفي الضفة الغربية، وترميم ذراع "حماس" العسكرية استعداداً للمواجهة المقبلة. وتواصل "حماس" بناء قوتها من خلال تطوير وإنتاج صواريخ، وبناء أنفاق، لكن الردع الذي تحقق في عملية "الجرف الصامد" ما يزال على حاله، والحركة ليست معنية- في الوقت الراهن- بتصعيد الوضع.

أما في ما يتعلق بالهبّة الشعبية في الضفة الغربية، فموقف الجيش واضح وقاطع، وهو أنه من دون وسائل كبح مثل إعطاء تصاريح للعمل في إسرائيل لـ100 ألف فلسطيني، واستمرار التنسيق الأمني، فإن احتمال التصعيد كبير. ومع أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أكدت أنها تلاحظ انخفاضاً في عدد الهجمات و"أعمال الشغب"، لكن في تقديرها أن هجمات التسلل إلى المستوطنات ستزداد انطلاقاً من رغبة الشباب الفلسطيني في تقليد الذين سبقوهم. وهناك توجه آخر هو الجهود التي يبذلها البالغون من أجل تهدئة الشباب.

وقالت التقديرات إن الجيش الإسرائيلي يراقب بتفاؤل حذر الحرب ضد تنظيم "داعش"، ويشير إلى دلائل أولية على كبح هذا التنظيم. ويقولون في الجيش: "قرر العالم محاربة داعش، ويجب علينا أن نسير مع العالم. لكن النهاية ستكون غير جيدة بالنسبة إلينا إذا انتصر المحور الراديكالي المؤلف من إيران وسورية وحزب الله، وشعر بأنه قوي".

وفي رأي الجيش الإسرائيلي أن هجومين أو ثلاث هجمات جديدة كبيرة في أوروبا بأسلوب هجمات باريس، ستؤدي إلى "نوع من حرب عالمية ثالثة، بمعنى تغيير نمط الحياة المعتادة للأوروبيين". وفي النهاية يشددون في الجيش على أن "داعش" لم يضع إسرائيل بعد على رأس سلم أولوياته، وأن قوة الردع الإسرائيلية ما تزال فعّالة حتى الآن.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات