المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

صادقت اللجنة الوزارية لشؤون التشريع في الحكومة الإسرائيلية على مشروع قانون ذي صيغة أكثر تشددا تحظر فتح المحال التجارية كليا والتجمعات التجارية الكبرى أيام السبت، إلا أنه بعد ثلاثة أيام من المصادقة على مشروع القانون قررت الحكومة تجميد التصويت عليه في هذه المرحلة إلى حين إعادة النظر فيه. لكن هذا لم يمنع عاصفة من الانتقادات في الشارع الإسرائيلي.

وبادر إلى مشروع القانون النائب عن حزب الليكود ميكي زوهر، وينص على منع جارف لفتح المحال التجارية والتجمعات الكبرى أيام السبت وفي الأعياد اليهودية. وبعد أن أقر مشروع القانون في اللجنة الوزارية لشؤون التشريع، قرر رؤساء أحزاب الائتلاف الحاكم تجميد القانون، إلى حين تبحث لجنة حكومية مؤلفة من المديرين العامين للوزارات ذات الشأن هذا الجانب.

وتعد قضية السبت اليهودي والقوانين المتعلقة بها، واحدة من القضايا الخلافية الحارقة بين جمهوري العلمانيين والمتدينين في إسرائيل، ومنذ عشرات السنين لم يتوقف الجدل في إسرائيل حول المسموح والممنوع دينيا في أيام السبت.

وتعود خلفية القانون إلى المعركة التي نشبت بين بلدية تل أبيب والحكومة قبل نحو عامين، إذ أن البلدية طلبت من وزارة الداخلية المصادقة على قانون بلدي محلي، يسمح بفتح حوانيت تبيع أغذية في أيام السبت، والقصد هنا محال في الأحياء اليهودية وأصحابها من اليهود، إذ أن المحال التجارية في مدينة يافا التي باتت جزءا من تل أبيب وأصحابها عرب، تعمل أيام السبت كالمعتاد. وقد رفض وزير الداخلية في حينه غدعون ساعر الطلب. كما أن البلدية ذاتها كانت قد اثارت قبل ثلاث سنوات قضية حركة المواصلات العامة، وتجددت المعركة في ربيع العام الماضي 2015، حينما رفض وزير المواصلات يسرائيل كاتس تحرير المواصلات من قيود السبت.

وقضية المحال الغذائية هي العقبة الأكبر في تحرير الحركة العامة من قيود السبت اليهودي، فحسب شرائع الحلال اليهودية، فإن المحل التجاري الذي يبيع يوم السبت، يُسقط تلقائيا شهادة الحلال عن جميع المنتوجات التي في المحل، حتى وإن كانت مواصفتها مطابقة للشريعة اليهودية. وهناك جمهور واسع يطالب بفتح المحال التجارية، والسماح بإمكانية التسوق في أيام السبت، كون الكثير من العائلات ترغب في الاستفادة من هذا اليوم لتوفير الاحتياجات الأسبوعية للمنزل.

لكن الجدل حول هذه القضية لم ينحصر فقط في مسألة الموقف من الإكراه الديني، بل ولج إلى جوانب حزبية واقتصادية كبرى، فقد أظهر تقرير سابق لصحيفة "ذي ماركر" الاقتصادية التابعة لصحيفة "هآرتس"، أن رجال أعمال كبارا من المتدينين، موّلوا من وراء الكواليس الحملة ضد بلدية تل أبيب وقرارها السماح بفتح حوانيت لبيع الأغذية في أيام السبت، إذ أنهم متضررون من القرار كون محالهم مغلقة أيام السبت بينما شبكات أخرى منها شبكات اغذية تفتح ابوابها أيام السبت وتسجل أرباحا.

وفي محاولة للخروج من مأزق تطرح من حين إلى آخر فكرة جعل يوم الأحد عطلة رسمية للقطاع العام، وأيضا في القطاع الخاص، ليكون للعاملين يوم راحة يقدرون فيه على التنزه والتسوق بحرية، بعيدا عن قيود السبت.

وكان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قد قرر قبل سنوات قليلة، في حكومته قبل السابقة، تشكيل لجنة وزارية ومن مختصين لبحث اقتراح وزير في حكومته أن يكون يوم الأحد يوم عطلة آخر عدا السبت، في حين يكون يوم الجمعة يوم عمل قصيرا، وإضافة ساعات عمل للأيام الأربعة المتبقية، والهدف من جعل يوم الأحد يوم عطلة هو أن يتم تجاوز عقبة تشريعات السبت الدينية، وفسح المجال أمام يوم عطلة تجوز فيه حركة المواصلات وحركة الجمهور العامة، وهذه مبادرة ظهرت في الماضي من خلال مشروع قانون حاول أعضاء كنيست سابقون تمريره، إلا أنه اصطدم بمعارضة المتدينين الأصوليين المتزمتين "الحريديم".

ويحظى اقتراح عطلة الأحد بدعم بنك إسرائيل المركزي، كذلك فإن بحثا أجري في قسم الأبحاث في الكنيست قال إن جعل يوم الأحد يوم عطلة أسبوعية سيكون ايجابيا للاقتصاد من عدة نواح، فهناك الكثير من الجهات الاقتصادية التي تعمل مع الأسواق العالمية ستكون ساعات عملها مفتوحة وملائمة لأيام العمل في أكبر الأسواق العالمية. كذلك وحسب قسم الأبحاث فإن منح جمهور العاملين يوم عطلة إضافية سيساهم في رفع معنوياتهم وجاهزيتهم للعمل اكثر بعد استراحة فعلية تكن فيها حركتهم من دون تقييدات دينية.

وقانون السبت هو واحد من سلسلة قوانين تتعلق بمسألة الدين والدولة، بادر لها النواب في الولاية البرلمانية الحالية، ولكن هناك ما يزيد عن ثمانية قوانين تتعلق بمسألة الطعام الحلال، منها قوانين تدعو لتشديد التعليمات، وقوانين أخرى تطالب بتحريرها.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات