أدى اللقاء بين الإستراتيجيا الفلسطينية المشار إليها (راجع القسم الأول من هذا المقال في العدد السابق من "المشهد الإسرائيلي") وبين الطريقة الإسرائيلية في إدارة المفاوضات إلى تآكل في المواقف الأساسية لإسرائيل.
"الرسالة التي يبثها قرار لجنة الإعفاءات هي أن دم النساء في إسرائيل أصبح مباحاً. ليس ثمة مكان في هذه الدولة نظيف من الاعتداءات والمضايقات الجنسية ومن المؤكد أن النساء لا يشعرن بالأمان، لا في النوادي ولا في الجيش ولا في الشرطة ولا في الكنيست ولا في أي مكان آخر. الرسالة التي تطلقها سلطة تطبيق القانون وأجهزتها المختلفة هي رسالة التساهل مع كل ما يتعلق بالاعتداءات والمضايقات الجنسية، مما يجعل النساء يشعرن بأن كرامتهن تُداس ودمهن
يبدي الجمهور الإسرائيلي، بوجه عام، تأييداً لفكرة حقوق الإنسان، لكنه يقصرها على مجموعات سكانية معينة فيعتبر أن هذه المجموعات يجب أن تتمتع بالحقوق، بينما ينكرها على مجموعات سكانية أخرى ويرفض حصولها عليها: أكثر من ثلاثة أرباع الجمهور في إسرائيل يرفضون المفهوم الأساسي لحقوق الإنسان، الذي مفاده أنّ لكلّ إنسان حقوقًا لا ينبغي أن تكون مشروطة بأيّ شيء - هذه هي النتيجة الأبرز التي خلص إليها استطلاع الرأي العام الذي أجرته "جمعية حقوق المواطن" في إسرائيل ونشرت تقريرا عن نتائجه، الأسبوع الماضي، تحت عنوان "حقوق الإنسان 2016: تهديدات وفرص".
عبر اثنان من أبرز الأدباء اليهود في إسرائيل عن قلق بالغ حيال ما وصلت إليه إسرائيل، عشية انتهاء السنة الميلادية الحالية وبدء سنة جديدة أخرى، في كل ما يتعلق بواقع استمرار الاحتلال وإسقاطاته المختلفة على واقع الحياة في داخل إسرائيل، بما في ذلك تضييق هامش الحريات الديمقراطية وتعميق الفجوات الاقتصادية ـ الاجتماعية بين المواطنين، من دون أن تلوح في الأفق المنظور أية بارقة أمل لمخرج من هذا المأزق المتواصل والمتفاقم نحو حالة من الاستقرار والأمن والرفاه الاجتماعي.
75% من المواطنين في إسرائيل يعتقدون بأن السياسيين الإسرائيليين "منقطعون عن الجمهور"ـ هذه إحدى أبرز النتائج التي خلص إليها "مؤشر الديمقراطية الإسرائيلية 2016"، والتي تبيّن إجمالا أن تراجعا حادا قد حصل خلال السنة المنتهية في ما يسمى "ثقة الجمهور بمؤسسات الدولة"، إذ يقبع في أسفل سلم التدريج المؤسسات والأطر السياسية المختلفة!
الصفحة 276 من 338