من الصعب الادعاء بأن الأمر كان في حاجة إلى دراسة علمية معمقة وشاملة كهذه. ورغم ذلك، تقدم هذه الدراسة الجديدة ـ الأولى من نوعها في إسرائيل ـ مساهمة جدية في سبر أغوار الحقيقة المعروفة عن مدى تأثير صحيفة "يسرائيل هيوم" ("إسرائيل اليوم") التي تُوزَّع مجاناً على أنماط التصويت في انتخابات الكنيست الإسرائيلي وعلى صورة الحكم في إسرائيل والتشكيلات السلطوية المسيطرة على مقاليد السلطة فيها خلال العقد الأخير، على الأقل، أو كما يقول يوتام مرغليت، أحد الباحثين الذين أعدوا هذه الدراسة: "لا يمكنني القول إن صحيفة "يسرائيل هيوم" هي التي أبقت بنيامين نتنياهو على سدة الحكم خلال العقد الأخير، لكنها قدمت له مساعدة كبيرة في ذلك، على أقل تقدير"، بينما يجمع مراقبون ومحللون سياسيون إسرائيليون كثيرون على أن تأثير هذه الصحيفة على المنظومة السياسية ـ الحزبية في إسرائيل هو "تأثير دراماتيكي".
قدمت مجموعة من الضباط السابقين في أجهزة الأمن الإسرائيلية تحمل اسم "الأمنيون"، تأسست في العام الحالي من قبل ضباط كبار من خريجي أجهزة الأمن المختلفة ذوي التوجهات اليمينية، بهدف "فرض السيادة الإسرائيلية على المناطق المحتلة وتعزيز السيطرة الأمنية الإسرائيلية فيها"، تقريرا مفصّلا إلى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو حول السيناريوهات التي ستواجهها إسرائيل في ما أسمتها "مرحلة ما بعد انهيار السلطة الفلسطينية".
ضمن بنيامين نتنياهو لنفسه هذا الأسبوع مشهدا في البيت الأبيض، سيكون إحدى الخلفيات الدعائية في الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية المقبلة، التي ما تزال مسألة وقت، وذلك بتوقيعه على اتفاقيتي التطبيع مع دولة الإمارات العربية المتحدة، ومملكة البحرين. وليس من المؤكد أن هذا سيزيد إلى رصيده الانتخابي، في ظل الأزمتين الصحية والاقتصادية المتفاقمتين. ولكن هذا كما يبدو يؤجل قراره الاتجاه نحو انتخابات مبكرة؛ في حين أن البلبلة الواضحة في استطلاعات الرأي، تطرح علامات سؤال حول دقتها.
يكشف انفراد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في اتخاذ قرار تطبيع العلاقات مع الإمارات بالتنسيق مع الإدارة الأميركية مع تغييب شركائه في الحكومة، عن دلالات خفية تُثير الشكوك حول حقيقة كون هذا الاتفاق الإسرائيلي- الإماراتي خياراً استراتيجياً إسرائيلياً ومصلحة إسرائيلية، وتطرح السؤال فيما إذا هو خيار أميركي ينطوي على مصلحة للولايات المتحدة أو مصلحة للرئيس دونالد ترامب وإدارته على وجه الدقة.
ظهرت في الأيام الأخيرة، بشكل أكبر، رياح الانتخابات البرلمانية المبكرة، رغم أنها ما تزال "السر المكتوم" لدى بنيامين نتنياهو. ففي حزب الليكود، ظهرت ما يمكن تسميتها منافسة متسترة على خلافة نتنياهو، الذي لا يبدو أنه سيغيب عن زعامة الليكود والحكومة في المدى المنظور. وفي المقابل، ظهرت منافسة ليست متوقعة بإعلان النائب عوفر شيلح منافسته ليائير لبيد على رئاسة حزب "يوجد مستقبل"، الذي ما يزال حزبا برلمانيا من دون تنظيم حزبي ملموس.
لم يعد أحد يهتم بإحصاء العدد الدقيق للتفاهمات الجديدة بين حركة حماس وإسرائيل، التي أعلن عنها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية من قطر قبل أيام، وكرر فيها إبداء إسرائيل استعدادها لتخفيف الحصار عن القطاع، وإدخال تسهيلات كانت تعهدت بتقديمها بعد عدوانها الأخير على القطاع في العام 2014، وبالمقابل تعهدت حماس بأن توقف أشكال المقاومة الجديدة التي لجأت إليها (البالونات الحارقة) بهدف الضغط على إسرائيل وجرها لتقديم تعهد جديد بتنفيذ ما سبق أن تعهدت به مرة بعد مرة، وهو ما يتكرر بشكل شبه حرفي عقب انتهاء كل جولة تصعيد جديدة.
الصفحة 174 من 354