من الناحية البنيوية، يبدو وكأن الوضع المتمثل في نظام الحكم الإثني بقي مسيطرا في إسرائيل. فقد شهدت الفترة الأخيرة أحداثا هامة أثرت على نحو متواصل في العلاقات بين اليهود والفلسطينيين، وإنما دون أن يتم كبح أو تغيير عمليات "الترسيخ القمعي" و"الأبارتهايد الزاحف" التي تم التأكيد عليها في الكتاب. وفي هذا المجال، وبعد التأني بشكل ما، يمكن للمرء أن يستنتج أن التحليلات والأفكار التي خلص إليها كتاب "الإثنوقراطية" قد ثبتت صحتها ومصداقيتها.
يرصد الكتاب حقيقة انه وبعد اربعة عقود على الاحتلال يواصل الجميع، تقريبًا ـ إن كان ذلك في الخطاب السياسيّ أو حتى في الأوساط الأكاديمية ـ رؤية الاحتلال كحالة مؤقتة ومميِّز عرضيّ للنظام الإسرائيلي، ما يضمن تغييب السؤال حول ما إذا كانت إسرائيل مستعدة لوقف حالة الاحتلال، لصالح الحديث عن شروط فعل ذلك
يضم هذا الكتاب مداخلات ندوة خاصة عقدها مركز "مدار" بدعم من دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية وتناولت موضوع "الدولة اليهودية" من جوانبه ودلالاته المتعددة الظاهرة والخفيّة، وذلك في ضوء تواتر المطلب الإسرائيلي بنيل اعتراف فلسطيني وعربي بها كشرط للتفاوض على إيجاد حل للصراع.
يشكل الكتاب محاولة فكرية وسياسية جادة ومهمة لصياغة أسس جديدة لفهم الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، تمثل في جوهرها وخلاصتها تحديا فكريا لأنموذج حل الدولتين. ووفقا لمقدمة المؤلف، الذي يعتبر من رواد نظرية علم الاجتماع النقدية ("علماء الاجتماع النقديون") في إسرائيل، ويعمل محاضرا في قسم العلوم الاجتماعية في جامعة تل أبيب وباحثا مرموقا في معهد فان لير، فإن "رؤية حل النزاع عبر لغة 1967، وسط نفي وإنكار مسألة 1948، إنما تبعد الفرصة لفتح حوار حقيقي مع الفلسطينيين، كما أنها لا تقدم أيضا حلا حقيقيا بالنسبة للإسرائيليين نظرا لأنها تتجاهل المسائل المركزية العميقة في النزاع" وعليه، يضيف المؤلف "يتعين على الإسرائيليين أن يواجهوا بشجاعة مسألة 1948 إذ أنها لن تزول ولن تختفي من العالم دون الاعتراف بها
يقدم الكتاب في فصوله الثمانية قراءة تفصيلية لعلاقات إسرائيل المختلفة مع الاتحاد الأوروبي منذ الخمسينيات حتى الآن عَبر مواكبة لا تكتفي بالاستعراض، معتمدة تفكيك جوانب هذه العلاقات على الأصعدة السياسية والإقليمية والاقتصادية والعلمية والأمنية والشرطية والتعاون في مجال التسلّح.
الصفحة 8 من 16