تقارير خاصة

تقارير عن قضايا راهنة ومستجدة في إسرائيل.

بعد نحو 500 يوم من العقدة السياسية وثلاث جولات انتخابية تم مساء أمس الاثنين (20/4/2020) توقيع اتفاقية تأليف حكومة وحدة بين حزب الليكود برئاسة بنيامين نتنياهو وحزب "أزرق أبيض" برئاسة بني غانتس. ومن المتوقع أن تنضم أحزاب أخرى إلى الائتلاف، ثم سيشرع الطرفان في عملية التشريع التي سترسخ اتفاق التناوب بين نتنياهو وغانتس بعد 18 شهراً.

وأفيد أن غانتس سيتولى حقيبة الدفاع والقطب الآخر في "أزرق أبيض" غابي أشكنازي سيتولى حقيبة الخارجية.

كما أفيد أنه تم الاتفاق على تعيين وزير لـ"شؤون الأقليات" على أن يقوم "أزرق أبيض" بتعيين عربي في هذا المنصب.

وقالت مصادر في الليكود إن أهم ما في اتفاقية تأليف الحكومة هو أن فرض "السيادة الإسرائيليّة" على مناطق في الضفة الغربية المحتلة سيكون بدءاً من الأول من تموز المقبل. وأشارت إلى أن الحل الوسط الذي أدى إلى الانفراج بين الحزبين كان من خلال تعيين تسفي هاوزر، من "أزرق أبيض"، في لجنة تعيين القضاة بدلاً من ممثل من المعارضة. وهاوزر هو السكرتير الأسبق لحكومة نتنياهو ومواقفه منحازة لليكود.

وأضافت هذه المصادر أنه لن يتم تعديل "قانون القومية"، وسيُسند منصب رئيس الكنيست إلى الليكود.
وبموجب الاتفاقية، حصل معسكر نتنياهو على رئاسة الكنيست، ورئاسة لجان المالية والاقتصاد وكورونا، ووزارات المواصلات والأمن الداخلي والمالية والصحّة والداخلية والطاقة وجودة البيئة والإسكان.

وستكون الحكومة الإسرائيليّة لـ3 أعوام، يترأس نصفها الأول نتنياهو ونصفها الثاني غانتس وتتشكّل في البداية من اثنين وثلاثين وزيراً: غابي أشكنازي وزيراً للخارجية، بيني غانتس وزيراً للدفاع، في حين تكون وزارة العدل لوزير من "أزرق أبيض"، على أن يتمتع الليكود بحقّ نقض كل قرار يتعلّق بهذه الوزارة.

وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية متطابقة فإنّ التشكيلة الوزارية ستكون على النحو الآتي: وزير المالية- يسرائيل كاتس (الليكود)، وزير العدل- آفي نيسانكورن ("أزرق أبيض")، وزير الاقتصاد- عمير بيرتس (العمل)، وزير الرفاه- إيتسيك شمولي (العمل)، وزيرة الأمن الداخلي- ميري ريغف (الليكود)، وزير الصحة- يعكوف ليتسمان (يهدوت هتوراه)، وزير التربية والتعليم- قائمة تحالف "يمينا" في حال انضمامها، وزارة المواصلات لليكود، وزير الداخلية- آرييه درعي (شاس)، رئيس الكنيست- ياريف ليفين (الليكود)، وزير الاتصالات- يوعز هندل أو أوريت فركش – هكوهين ("أزرق أبيض").

وسيحصل غانتس، خلال ولاية نتنياهو، على لقب "رئيس الحكومة البديل" ولا يحقّ لنتنياهو عزله من منصبه، على أن يتبادلا الألقاب بعد التناوب، وهو لقب جديد اتفقا عليه أمس.

واستناداً إلى الاتفاقية، لا تتم تسمية مستشار قانوني للحكومة الإسرائيليّة ومدّع عام من دون مصادقة نتنياهو.

وكتب غانتس في حسابه على "تويتر" فور التوقيع: "منعنا انتخابات رابعة. سنحافظ على الديمقراطيّة. سنحارب كورونا. هناك حكومة طوارئ وطنيّة".

بينما سارع نتنياهو إلى الاتصال بقيادة تحالف أحزاب اليمين لإحاطتهم بالاتفاقية.
يذكر أن غانتس انشق عن كتلة تحالف "أزرق أبيض" السابق في آذار الماضي ليشرع في مفاوضات مع نتنياهو بحجة مواجهة أزمة كورونا.

وبموجب الاتفاقية المبرمة بين الطرفين يُسمح لغانتس بمعارضة خطوة ضم الأراضي المحتلة لكن نتنياهو يمكنه تطبيقها على الرغم من المعارضة. ويحصل الضم بحسب تفاهم مع الولايات المتحدة على الأراضي المتفق عليها مسبقا، ومن ثم يطرحها نتنياهو على الحكومة للموافقة، وبعدها يطرحها على الكنيست بعد التشاور مع غانتس.

وتعهد نتنياهو أثناء المفاوضات المكثفة مع غانتس بفرض "السيادة الإسرائيلية" على غور الأردن في الضفة الغربية وشمال البحر الميت. وأوضح نتنياهو أنه ينوي ضم مستوطنات تشكل 90% من غور الأردن، من دون القرى أو المدن العربية مثل أريحا.

وقال الليكود و"أزرق أبيض" في بيان مشترك بعد توقيع الاتفاقية إن الحكومة والمجلس السياسي- الأمني الوزاري المصغّر (الكابينيت) سيكونان متكافئين. وبحسب البيان، تقرّر إنشاء "كابينيت كورونا" بقيادة مشتركة بين نتنياهو وغانتس، سيكون مسؤولاً عن معالجة الجائحة بمشاركة الوزراء المعنيين والمختصّين.

ومن المقرّر أن يتمّ التناوب في تشرين الأول 2021. وجاء في نص الاتفاقية أنه "في حال قرّر أحد الطرفين حلّ الكنيست أو عدم التصويت لصالح الميزانيّة، فإنّ رئيس القائمة المنافسة يشغل رئاسة الحكومة فوراً" على أن تكون الانتخابات بعد حلّ الكنيست بنصف عام.

وتقرّر أن يتم تنصيب الحكومة بعد انتهاء التصويت على التشريعات اللازمة لتعديل مكانة "القائم بأعمال رئيس الحكومة" وإدخال نصّ التناوب إلى القانون، حسب الصّيغة المتّفق عليها.

ووفقاً للاتفاقية، فإنّ تعريف الحكومة هو "حكومة طوارئ وطنيّة" للأشهر الستّة الأولى، على أن يتغيّر تعريفها بعد انقضاء هذه المدّة، التي لن يسن فيها أي قانون غير ذي صلة بكورونا.

وفي أول ردة فعل على تأليف الحكومة قال رئيس القائمة المشتركة عضو الكنيست أيمن عودة إن هذه الحكومة تُعدّ بمثابة صفعة لأغلبية المواطنين الذين خرجوا مرة تلو الأخرى إلى صناديق الاقتراع لتنحية نتنياهو. وأضاف أن غانتس لم يتسم بالجرأة اللازمة لتحقيق الانتصار واختار بدلاً من ذلك إضفاء صبغة شرعية على ضم الأراضي المحتلة وعلى العنصرية والفساد.

اتفاقية تأليف الحكومة- عرض موجز

اتفق الطرفان، الليكود و"أزرق أبيض"، على أن تكون هذه الحكومة، حكومة طوارئ، مهمتها الأولى معالجة أزمة كورونا، والأزمة الاقتصادية الناشئة منها، على أن تمتد فترة هذه الحكومة لمدة 6 أشهر، قابلة للتمديد لثلاثة أشهر، باتفاق الجانبين.

ولذا فإن الغالبية الساحقة من بنود الاتفاقية تتركز في مسألة تركيب الحكومة ولجان الكنيست، ومنصب رئيس الكنيست.

وتضمنت بندا يقضي بأنه خلال فترة حكومة الطوارئ، يجري العمل على صياغة الخطوط العريضة للحكومة، ما بعد حكومة الطوارئ، التي فترتها ستكون ضمن فترة الأشهر الـ 36 التي خصصت لهذه الحكومة، يرأسها أولا بنيامين نتنياهو لمدة 18 شهرا، تنتهي يوم 21 تشرين الأول من العام المقبل 2021، ثم بيني غانتس للفترة المتبقية، التي في الأشهر الستة الأخيرة منها يتم الإعلان عن انتخابات برلمانية جديدة، تجري في ربيع العام 2023، ويكون غانتس رئيس حكومة انتقالية. ولكن الاتفاقية وضعت بندا ينص على إمكانية التمديد لهذه الحكومة شرط اتفاق الجانبين عليها.

ضم مناطق في الضفة

رغم أن الاتفاقية التي تمتد على 14 صفحة باللغة العبرية، شملت تفاصيل كثيرة وفي غاية من التعقيدات القانونية، فإن الشأن السياسي الوحيد الذي ورد في الاتفاقية، هو فرض ما يسمى "السيادة الإسرائيلية" على المستوطنات ومناطق شاسعة في الضفة، وحلّ تقريبا في نهاية الاتفاقية، في البندين المترابطين 28 و29.

فقد نصّ البند 28 على أن "رئيس الحكومة، ورئيس الحكومة البديل، يعملان سوية، وبالتنسيق، من أجل الدفع باتفاقيات سلام، مع كل جيراننا، والدفع نحو تعاون إقليمي، بمجالات اقتصادية متنوعة، وبمجال الكورونا".

و"في كل ما يتعلق بتصريح الرئيس ترامب ("صفقة القرن")، فإن رئيس الحكومة ورئيس الحكومة البديل، يعملان بالتوافق الكامل مع الولايات المتحدة الأميركية، بما في ذلك مسألة الخرائط، أمام الأميركان والمجتمع الدولي بشأن هذا الموضوع، وكل هذا في إطار السعي للحفاظ على المصالح الأمنية والاستراتيجية لدولة إسرائيل، بما في ذلك، الحفاظ على الاستقرار الإقليمي، والحفاظ على اتفاقيات السلام (القائمة) والسعي لاتفاقيات سلام مستقبلية".

وحسبما ورد في وسائل إعلام إسرائيلية، فإن الفقرة الثانية في البند 28 وردت بطلب من بيني غانتس، وأن القصد منها وضع ضوابط لمسألة ضم منطقة الغور، بشكل يمنع غضبا أردنيا، قد يؤدي إلى قطع العلاقات، أي حسب ما ورد هو عدم ضم غور الأردن بالذات، إلا إذا تم التوصل إلى اتفاق إقليمي أيضا، عدا الاتفاق مع الولايات المتحدة، ولكن هذه تحليلات الصحافة الإسرائيلية، وليس واضحا، حتى الآن، ماذا سيكون بشأن منطقة غور الأردن، التي هي 30% من مساحة الضفة.

ونصّ البند 29، على أنه "على الرغم مما ذكر في البند 3، والبند 20، والبند 28، وبعد أن تجري الأبحاث والمشاورات بين رئيس الحكومة، ورئيس الحكومة البديل، حول الأسس المفصلة أعلاه، يستطيع رئيس الحكومة أن يُحضر المصادقة التي يتم التوصل لها مع الولايات المتحدة الأميركية، حول سريان السيادة، ابتداء من 1/7/2020، للبحث في الكابينيت (الطاقم الوزاري المقلص للشؤون الأمنية والسياسية) وللحكومة، للمصادقة عليه في الحكومة، و/ أو الكنيست".

و"في حال أراد رئيس الحكومة عرض اقتراحه على الكنيست، فإنه يستطيع فعل هذا بواسطة عضو كنيست، وفقط أن يكون من كتلة الليكود، الذي سيلتزم لدى التصويت عليه بالقراءة التمهيدية، بأن يكون نص القانون مطابقا للاقتراح الذي عرضه رئيس الحكومة في الكابينيت والحكومة. وبعد إقرار القانون بالقراءة التمهيدية، يتم نقل القانون إلى مسار التشريع الأسرع، وبشكل لا يشوش ولا يعرقل المسار، من قبل رئيس لجنة الكنيست، للبحث في القانون في لجنة الخارجية والأمن".

القصد من البند 29، في البداية، أن البنود المذكورة، تتحدث عن حكومة طوارئ مهمتها معالجة أزمة كورونا، والأزمة الاقتصادية الناشئة منها. ومن دون أن يُذكر، فإن مسألة الضم ليست بحاجة إلى موافقة بيني غانتس وحزبه، لأن الحديث عن "إرادة رئيس الحكومة". كذلك، بموجب القانون فإن مسألة ضم أي منطقة لما يسمى "السيادة الإسرائيلية" تكفي بقرار حكومي، ولكن حينما تم فرض "السيادة" على القدس المحتلة، ولاحقا على مرتفعات الجولان السورية المحتلة، جرى عرض القرارين على الكنيست، وحصلا على أغلبية، علما أن القانون بشأن الانسحاب من "مناطق تحت السيادة"، تلزم بقرار كنيست، يوافق عليه لا أقل من 80 عضو كنيست، وإذا وجدت أغلبية عادية يتم عرض الانسحاب على استفتاء عام. إلا أن هذا القانون من الممكن إلغاؤه بأغلبية 61 نائبا وأكثر، لكونه قانون أساس، حسبما ورد في نص القانون إياه، الذي عُرف بـ "قانون الاستفتاء العام".

كذلك فإن هذا البند (29) يهدف إلى أن يكون قانون الضم من خلال كتلة الليكود، وليس كتل أخرى في الائتلاف الحكومي، وهذا نوع من التنافس الحزبي.

السطر الأخير القصد منه هو أن رئيس لجنة الكنيست، أي اللجنة الإدارية، ستكون برئاسة عضو من "أزرق أبيض"، وله صلاحيات لوضع جدول أعمال اللجنة، ويهدف هذا السطر إلى أن لا يعرقل رئيس لجنة الكنيست عملية تشريع سريع للقانون، ويقر فورا نقل القانون للاستمرار في تشريعه، في لجنة الخارجية والأمن.

التقاسم الوظيفي في الحكومة والكنيست

كما ذكر، فإن الغالبية الساحقة لبنود الاتفاقية، تتركز في شكل التقاسم الوظيفي في الحكومة والكنيست، كما أنها تتعامل مع أطراف الائتلاف ككتلتين فقط، الأولى تضم حزب الليكود وحلفاءه، من دون ذكرهم، وهما كتلتا المتدينين المتزمتين، الحريديم، شاس ويهدوت هتوراه، وكتلة أحزاب المستوطنين "يمينا"، والنائبة أورلي ليفي- أبكسيس.

والكتلة الثانية تضم حزب "مناعة لإسرائيل"، الذي اتخذ لكتلته اسم "أزرق أبيض"، ومعه نائبين من أصل ثلاثة من حزب العمل؛ عمير بيرتس، رئيس الحزب، وإيتسيك شمولي، بينما النائبة الثالثة ميراف ميخائيلي أعلنت تمردها، وهي تنتظر قرارا في الحزب يرفض الانضمام. كما تنضم إلى "أزرق أبيض"، الكتلة المنشقة عن حزب "تلم" الشريك في التحالف السابق لـ"أزرق أبيض"، وهما يوعز هندل وتسفي هاوزر.

ورغم عدم التوازن بين الكتلتين، 59 نائبا في معسكر الليكود، و19 نائبا في تحالف "أزرق أبيض"، إلا أنه تم تقاسم الحقائب الوزارية بالتساوي، 16 وزيرا لكل طرف، ولاحقا ستتم إضافة 4 وزراء، اثنين لكل طرف، لتكون الحكومة الأكبر منذ سنوات طويلة، وحتى أنها أكبر من تلك التي تشكلت بعد انتخابات 2009 خاصة وأن الاتفاقية تنص على إمكانية تعيين 8 نواب وزراء، باتفاق الجانبين.

ومن أهم الوزارات التي سيحصل عليها تحالف الليكود: المالية، في حين أن الليكود يتسلم الخارجية بعد التناوب بين نتنياهو وغانتس، ووزارات الأمن الداخلي والداخلية والتعليم والبناء والإسكان والصحة.

ومن أهم الوزارات التي سيحصل عليها تحالف "أزرق أبيض": الدفاع والخارجية (لنصف المدة) والعدل والاقتصاد والعمل والرفاه، وكذلك حقيبة غابت عن حكومتي نتنياهو الأخيرتين "شؤون الأقليات". ويقال إن "أزرق أبيض" معني بتعيين وزير عربي، ليس عضو كنيست.

وسيكون على كلٍ من الليكود و"أزرق أبيض" توزيع الحقائب على تحالفيهما، وفي كل جانب ستنشأ أزمة، فشخصيات كبيرة في الليكود ستجد نفسها مع حقائب هامشية لا وزن فعليا لها أمام الجمهور. في حين أنه ليس لـ"أزرق أبيض" ما يكفي لشغل هذه الحقائب، وقد يستحضر شخصيات من غير أعضاء الكنيست، خاصة وأن لهذا التحالف مناصب رئاسات 7 لجان كنيست.

ومن أجل تجاوز أزمة "أزرق أبيض" فإن الائتلاف سيبادر لتغييرات قانونية عديدة، منها توسيع نطاق ما عُرف بـ "القانون النرويجي"، الذي يجيز بحسب الصيغة الإسرائيلية، استقالة وزير من عضوية الكنيست لدخول نائب بديل عنه، من حزبه، وفي حال استقال الوزير من الحكومة يعود لعضوية الكنيست، مكان النائب البديل. وفي حين أن القانون القائم يجيز استقالة وزير واحد، لكتلة تضم 12 نائبا على الأكثر، فإنه في الصيغة الجديدة المقترحة، سيكون استبدال 5 وزراء من كتلة تضم 20 نائبا على الأكثر. كذلك فإن التعديل القانوني سيشمل لأول مرّة انشقاقا في قائمة المرشحين، إذ أن انشقاقات الكتل البرلمانية تتعلق فقط بمن هم في عضوية الكنيست، ولكن بسبب أن "أزرق أبيض" خاض الانتخابات مع حزبين آخرين، والترشيحات في القائمة الانتخابية متداخلة بين الأحزاب، فإن القانون الجديد سيقضي بفسخ قائمة المرشحين أيضاً بحيث حينما يستقيل وزير من "أزرق أبيض" يدخل نائب من ذات الحزب.

يشار هنا إلى أن بنيامين نتنياهو ضمن لنفسه التعيينات الدبلوماسية الأهم، ففي حين أن السفير في واشنطن سيكون بتعيين مباشر من رئيس الحكومة، بمعنى أنه عند بدء ولاية بيني غانتس سيكون بإمكانه استبداله، إلا أن باقي السفراء المهمين يعينهم نتنياهو لكل فترة الحكومة، وهم: السفراء في الأمم المتحدة وبريطانيا وفرنسا وأستراليا.

الجانب القضائي وتنفيذ الاتفاقية

انشغلت الاتفاقية في ترتيبات عمل الحكومة بمواجهة فيروس كورونا، والأزمة الاقتصادية الناشئة، ولكنها تركزت أيضا في بند لجنة تعيين القضاة، وصلاحية وزير العدل في مهمته كرئيس للجنة التشريعات الوزارية. فقد حصل نتنياهو على ما أصر عليه، وهو أن يكون لحزب الليكود عضوان من أصل السياسيين الأربعة في لجنة تعيين القضاة، المؤلفة من 9 أعضاء. وبموجب القانون، فإن اعتراض عضوين سياسيين على تعيين قاض في المحكمة العليا، يمكن أن يتحول إلى فيتو، ويمنع التعيين. وليس هذا فحسب، بل إن اتفاقية الائتلاف تسلب عضوية نائب من نائبي المعارضة في لجنة تعيين القضاة، وستسند كما ذكرنا إلى النائب تسفي هاوزر، وهو من اليمين الاستيطاني المتطرف، وخاض الانتخابات ضمن قائمة "أزرق أبيض" عن حزب "تلم".

كذلك تنص الاتفاقية على أن وزير العدل، وهو من "أزرق أبيض"، لن يكون حرا في تحديد جدول أعمال لجنة التشريعات الوزارية، بل فقط بالتنسيق والتوافق مع القائم بأعماله في رئاسة هذه اللجنة، ويكون من حزب الليكود.

وشملت الاتفاقية بنودا لضمان تنفيذ الاتفاقية، منها أن الكنيست حينما يقر اتفاقية الائتلاف الحكومي، يكون بضمن ذلك تاريخ انتهاء رئاسة نتنياهو، وبدء رئاسة غانتس، دون الحاجة للرجوع إلى الكنيست للحصول على الموافقة، بمعنى أن الأمر لن يتم من خلال حل حكومة وتشكيل حكومة جديدة، تحتاج إلى مصادقة وقسم اليمين.

تجاوز أزمات مفترضة

وتنص الاتفاقية على ما من شأنه تجاوز أزمات ائتلافية، ففي قضية تجنيد شبان الحريديم، جرى الاتفاق على أن يقر الكنيست مشروع القانون الذي أقر بالقراءة الأولى في نهاية العام 2018، وقد تمت صياغته في الجيش، ولكن بعد أن يتم تعديله، بحيث تكون الحكومة هي صاحبة الصلاحية في تحديد عدد الشبان المجندين كل عام، ما يعني إفراغ القانون من أهم بند كان فيه، لأن تحديد العدد سيكون بالتنسيق مع كتلتي الحريديم.

كذلك فإن الاتفاقية تقضي بتعديل وليس إلغاء ما عُرف بـ"قانون كمينتس"، الذي كان الهدف منه تسريع هدم البيوت العربية، التي بنيت اضطرارا دون الحصول على تراخيص، إذ تبين لاحقا أن القانون يمس أيضا بالقرى الزراعية اليهودية. وجرى الحديث عن إلغاء القانون، إلا أن تعديله يهدف إلى تحييد القرى الزراعية اليهودية، كما صرّحت بذلك من كانت تتولى وزارة العدل، أييليت شاكيد، في جولات الانتخابات الأخيرة، وهي من كتلة "يمينا"، التي تضم ثلاثة أحزاب استيطانية.

ولا تتطرق الاتفاقية إلى "قانون القومية"، رغم أن بيني غانتس وحزبه كانا يطالبان بإدخال بند يضمن المساواة المدنية للجميع، وبما أن القانون ليس مذكورا في الاتفاقية، فإن هذا يعني عدم الانشغال به في هذه الحكومة، والإبقاء على الصيغة المُقرّة له.