تقارير خاصة

تقارير عن قضايا راهنة ومستجدة في إسرائيل.

لم تكن النتائج النهائية لانتخابات الكنيست الـ23، التي جرت يوم 2 آذار الحالي، وذلك للمرة الثالثة خلال أقل من عام، على هوى رئيس الحكومة الإسرائيلية وزعيم اليمين بنيامين نتنياهو.

وأظهرت هذه النتائج فوز معسكر أحزاب اليمين واليهود الحريديم (المتشددون دينياً) بـ58 مقعداً، ومعسكر الوسط - اليسار بـ40 مقعداً، والقائمة المشتركة بـ15 مقعداً، وحزب "إسرائيل بيتنا" بـ7 مقاعد.

ووفقاً لنتائج كل حزب على حدة حصلت قائمة حزب الليكود برئاسة بنيامين نتنياهو على 36 مقعداً، وقائمة تحالف "أزرق أبيض" برئاسة عضو الكنيست بيني غانتس على 33 مقعداً، وحصلت القائمة المشتركة على 15 مقعداً، وقائمة حزب شاس الحريدي على 9 مقاعد، وحصل كل من قائمة "إسرائيل بيتنا"، وقائمة الحزب الحريدي يهدوت هتوراه، وقائمة التحالف بين أحزاب العمل و"غيشر" وميرتس على 7 مقاعد، وحصلت قائمة تحالف "يمينا" على 6 مقاعد.

ووفقاً لآخر المستجدات في الحلبة السياسية الإسرائيلية، وافق رئيس تحالف "أزرق أبيض" عضو الكنيست بيني غانتس على الشروط الأساسية التي وضعها رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" عضو الكنيست أفيغدور ليبرمان للانضمام إلى الائتلاف الحكومي المقبل. وكان ليبرمان نشر شروطه هذه أمس الأحد ولوحِظ أنها تتعلق بشؤون اجتماعية ودينية من دون ذِكر القائمة المشتركة.

ووضع ليبرمان 5 شروط للانضمام إلى الحكومة، غالبيتها تتعلق بعلاقة الدين بالدولة في إسرائيل.

وهذه الشروط هي: أولاً، نقل صلاحيات تسيير المواصلات العامة وفتح المحلات التجارية أيام السبت إلى السلطات المحلية وليس الحكومة؛ ثانياً، سن قانون تجنيد اليهود الحريديم في الخدمة العسكرية الإلزامية في الجيش الإسرائيلي؛ ثالثاً، سن قانون يشرعن الزواج المدني؛ رابعاً، منح حاخامي المدن والقرى صلاحية إدخال الناس في الدين اليهودي؛ خامساً، رفع مخصصات الشيخوخة إلى 70% من الحد الأدنى للأجور في إسرائيل.
ووافق غانتس على هذه الشروط.

كما أعلن حزب "إسرائيل بيتنا" (الخميس) دعمه لمشروع قانون يمنع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو من تأليف حكومة بسبب لوائح الاتهام التي قدمت ضده بشبهة ارتكاب مخالفات فساد، في خطوة وُصفت بأنها ستضمن على الأرجح غالبية لسن مشروع قانون كهذا في الكنيست الجديد.

وجاء في بيان صادر عن "إسرائيل بيتنا" أن الحزب قرر في اجتماع عقدته كتلته في الكنيست المضي في الدفع قدماً بمشروعي قانون، الأول يقيّد فترة ولاية رئيس الحكومة بولايتين، والثاني يمنع عضو كنيست يواجه لائحة اتهام من تأليف حكومة. وهما موجهان مباشرة ضد نتنياهو الذي شغل منصب رئيس الحكومة لأربع ولايات ومتهم بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة في ثلاث قضايا فساد ضده، ومن المقرر أن تبدأ محاكمته يوم 17 آذار الحالي.

وانضم "إسرائيل بيتنا" بذلك إلى كل من تحالف "أزرق أبيض" وتحالف العمل و"غيشر" وميرتس والقائمة المشتركة التي أعلنت نيتها دعم مشروع القانون الذي يمنع نتنياهو من تأليف حكومة، ما يعني أنه يحظى بدعم أعضاء الكنيست الممثلين لهذه الأحزاب الأربعة الذين يبلغ عددهم 62 عضو كنيست.

ورداً على نية التقدّم بمشروع القانون هذا، قال مسؤولون كبار في حزب الليكود إن المبادرين إلى سنّ مشروع القانون الذي يمنع رئيس حكومة تقررت مقاضاته يسعون لتنفيذ انقلاب وتغيير نتائج الانتخابات بأساليب تتناقض مع الديمقراطية.

وأشارت وزيرة الثقافة والرياضة ميري ريغف إلى أن الليكود هو الحزب الذي حصل على أكبر عدد من المقاعد ويحظى بدعم الغالبية الصهيونية في الدولة، وأكدت أنها لا تأخذ أصوات ناخبي القائمة المشتركة بعين الاعتبار كونها "تسعى لتحويل إسرائيل إلى دولة كل مواطنيها وتشجع إرهابيين".

وكان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أكد في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام أن الحملة الرامية إلى سن قانون يمنعه من إقامة حكومة هي بمثابة محاولة لإلغاء إرادة الشعب وتشكل تقويضاً لأسس الديمقراطية. وقال نتنياهو: "إن رغبة الشعب واضحة. ويشمل المعسكر الوطني الصهيوني 58 مقعداً، ومعسكر اليسار الصهيوني يضم 47 مقعداً"، وشمل حزب "إسرائيل بيتنا" في هذا المعسكر الأخير لكنه استبعد القائمة المشتركة بمقاعدها الـ15 من هذا المعسكر، وشدّد على أن مناصريها ليسوا جزءاً من الشعب الإسرائيلي.

من جانبها أوضحت القائمة المشتركة أن مركّباتها توافقت خلال الاجتماع الذي عقدته في كفر قاسم أمس على إمكانيّة أن تطرح القائمة مشروع قانون يقضي بمنع التوصية على متهم لتأليف حكومة، مُشيرة إلى أن الاجتماع تناول شروطاً مسبقة لأي حوارٍ مع رئيس "أزرق أبيض" غانتس وعلى رأسها أن يكون توجّههُ علنياً وشفّافاً.

وقالت المشتركة إنه لا قرار بالتوصية على غانتس في الوقت الحالي، ولكن في حال توجّه إليها هذا الأخير بشكل علني وشفاف، يمكن حينها إجراء حوار حول شروط القائمة للتوصية عليه.

وجاء اجتماع كتلة المشتركة في كفر قاسم لبحث آخر التطورات والمستجدات على الساحة السياسية الإسرائيلية، خاصة في ظل الحديث عن قانون استباقي لسد الطريق على نتنياهو ومنعه من تشكيل حكومة، وفي ظل إعلان ليبرمان نيته التوصية على غانتس لرئاسة الحكومة.

وكشفت قناة التلفزة الإسرائيلية 12 أن رئيس حزب "تلم" (أحد مركبات "أزرق أبيض" الثلاثة) عضو الكنيست موشيه يعلون أجرى مناقشة حادة مع عضوي الكنيست يوعز هندل وتسفي هاوزر من الحزب واللذين يرفضان تشكيل حكومة أقلية بدعم خارجي من القائمة المشتركة. ووفقًا لتقرير القناة، فإن النقاش كان محتدما وارتفعت الأصوات، حيث حاول يعلون دون جدوى إقناع هندل وهاوزر بضرورة مثل هذه الخطوة لوضع حد لحكم نتنياهو، فيما استهجن الآخران التغيير في موقف يعلون. وعلى الرغم من الانقسام الذي بدأ يظهر إلى العلن في صفوف "أزرق أبيض" حول الموقف من تشكيل حكومة تحظى بدعم خارجي من القائمة المشتركة، أكد يعلون في تصريحات صحافية أن القائمة ستعتمد بالإجماع على قرار الرباعية (في إشارة إلى الرئاسة الرباعية للقائمة، غانتس ويعلون وغابي أشكنازي ويائير لبيد).

وتتجّه الأنظار في الوقت الحالي إلى رئيس الدولة الإسرائيلية، رؤوفين ريفلين، الذي سيختار عضو الكنيست الذي ستلقى عليه مهمة تأليف الحكومة الإسرائيلية الجديدة، طبقا للنتائج التي أفرزتها الانتخابات البرلمانية الأخيرة في إسرائيل وعدد المقاعد الذي فازت به كل واحدة من القوائم الانتخابية التي نجحت في عبور "نسبة الحسم". وسيعلن ريفلين قراره هذا بعد أن ينهي سلسلة المشاورات التي يجريها مع ممثلي جميع الكتل البرلمانية الجديدة التي فازت بتمثيل في الكنيست الـ 23.

وبموجب "قانون أساس: الحكومة"، يمنح رئيس الدولة عضوَ الكنيست المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة (وهو صاحب الحظوظ الأوفر في تشكيل الحكومة غالبا) مهلة مدتها 28 يوما لإنجاز المهمة، قابلة للتمديد بـ 14 يوما إضافية، إذا لم يفلح في نهايتها بتشكيل حكومة جديدة يمكن لرئيس الدولة أن يلقي المهمة على عضو كنيست آخر تتاح له المهلة الزمنية ذاتها من غير تمديد، فإن نجح كان به وإلا فيصار إلى إعادة الانتخابات من جديد.

نتنياهو فاز في المعركة على مكانة الحزب الأكبر

في غضون ذلك بدأت عدة تحليلات تؤكد أن فرحة الليكود ونتنياهو بتحقيق انتصار في هذه الانتخابات يتيح لهما إمكان تشكيل الحكومة الإسرائيلية المقبلة كانت سابقة لأوانها، وفي الوقت ذاته تشير إلى أن الانتخابات أعادت إنتاج نفس الأسباب التي أدت إلى ذهاب إسرائيل إلى ثلاث جولات انتخابية خلال أقل من عام واحد، ما يعني أن سيناريو الذهاب إلى انتخابات رابعة ما زال مطروحاً بقوة في أجندة الحلبة السياسية.
ولكن بموازاة ذلك رأت تحليلات أن "الإنجاز" الأهم الذي حققه نتنياهو في هذه الانتخابات هو فوز الليكود بمكانة الحزب الأكبر التي تؤهله للفوز بمهمة تأليف الحكومة المقبلة، وهذا الفوز كان بمثابة أحد الأهداف المهمة التي سعى نتنياهو لتحقيقها.

وكانت تحليلات أشرنا إليها في تقارير سابقة أوضحت أن الكفة بهذا الشأن بدأت شيئاً فشيئاً ترجح لصالح حزب الليكود قبل يوم الانتخابات لعدة أسباب منها: الحملة المتكررة لليكود بأنه "ليس لغانتس حكومة من دون القائمة المشتركة"، وفتح تحقيق ضد شركة "البعد الخامس" (شركة معلوماتية ناشئة كان غانتس عضواً في مجلس إدارتها وملاحَقة قضائياً) وذلك على الرغم من أن غانتس ليس متهماً، كما أن الهلع من فيروس كورونا ساهم هو أيضاً في صعود الليكود، حيث أدار نتنياهو حملة شديدة الوضوح، فهو عقد اجتماعات وقدم مثالاً للسيطرة على الوضع، كما فعل في حادث اشتعال الحرائق في الكرمل العام 2010.
وأكد عدد من المحللين أنه من ناحية نتنياهو فهو كان بحاجة إلى فوز كهذا كي يبقى على رأس حزبه والتكتل الذي أنشأه مع أحزاب اليمين والحريديم حتى في حال التوجّه إلى معركة انتخابات رابعة، وشددوا على أنه في حال تمكن غانتس من تحقيق فجوة تقدّر بثلاثة – أربعة مقاعد، كما تنبأت عدة استطلاعات رأي خلال تلك الفترة، فمن شأن ذلك أن يؤدي إلى زعزعة سيطرته على الليكود والتكتل المذكور.