تقارير خاصة

تقارير عن قضايا راهنة ومستجدة في إسرائيل.
  • تقارير خاصة
  • 937

يشن بنيامين نتنياهو في الأيام الأخيرة قبل الانتخابات معركة متشعبة، في سعيه لتحقيق أكبر قوة لحزبه، ولكن بالأساس كي يضمن أغلبية برلمانية فورية مع حلفائه ترتكز على 61 نائبا على الأقل، من دون حزب "يسرائيل بيتينو". إلا أن نتنياهو ينافس أيضا حلفاءه في ذات المعسكر، وفي هذا الإطار أعلن في مؤتمر صحافي أنه فور تشكيل حكومته المقبلة، يلتزم بفرض ما يسمى "السيادة الإسرائيلية" على مستوطنات غور الأردن وشمال البحر الميت.

ولا يكتفي بهذا، بل يحفز مناصريه واليهود عامة على الخروج للتصويت، من خلال التحريض المباشر على فلسطينيي الداخل، باتهامه لهم بأنهم يزورون الانتخابات، رغم أن التزوير يتم لدى معاقل اليمين الاستيطاني والحريديم، حيث تصل نسبة التصويت هناك إلى حوالي 93%، بعد الأخذ بعين الاعتبار أولئك الذين لا يصوتون في أماكن سكناهم.

وإعلان نتنياهو مساء أمس الثلاثاء، في مؤتمر صحافي وصفه مسبقا بأنهم سيكون "دراميا"، لن يزيد له أصواتا من خارج معسكره اليميني الاستيطاني، بل لربما سيكون قادرا على اقتناص المزيد من الأصوات التي تتجه لحلفائه في قائمة "يامينا"، بزعامة أييليت شكيد.

المعركة ضد العرب وتغيير قانون الانتخابات

في الأيام الأخيرة، واجه نتنياهو حملة واسعة النطاق في وسائل الإعلام والحلبة السياسية، ضد مبادرته لسن قانون سريع، يدخل حيز التنفيذ في انتخابات الأسبوع المقبل، يجيز لناشطي الأحزاب التصوير بشكل حر داخل صناديق الاقتراع، وهو ما اعترض عليه المستشارون القانونيون.

ولو كانت حملة الاعتراضات هذه في مكان آخر في العالم، لكان المرشح الذي قاد المبادرة خسر الانتخابات فورا، ولكن هذا لا يحدث في إسرائيل. ومن ناحية نتنياهو فالمعركة حُسمت، وهو يريد فقط ضمان أغلبية مطلقة من دون حزب "يسرائيل بيتينو".
وكان نتنياهو يستهدف بهذا القانون فلسطينيي الداخل، ففي انتخابات نيسان، أرسل حزب الليكود مئات المندوبين، إلى صناديق الاقتراع في البلدات العربية مزودين بكاميرات سرية، تم التصدي لها. ويزعم نتنياهو أنه يريد منع التزوير في البلدات العربية، بينما تحقيقات الشرطة حتى الآن، بيّنت تزويرا في صندوقين ليس واضحا أين، وكان التزوير لصالح الليكود وحزب شاس، حسبما كشفت صحيفة "هآرتس" الأسبوع الماضي.

واليوم الأربعاء، سيطرح نتنياهو مشروع القانون مجددا، على الهيئة العامة للكنيست، إلا أن تعديل هذا القانون سيحتاج لأغلبية 61 نائبا، وليس لدى نتنياهو هذه الأغلبية، لأن حزب "يسرائيل بيتينو" بزعامة ليبرمان، الذي له 5 مقاعد، أعلن أنه لن يشارك في جلسة الكنيست، وبذلك يكون لنتنياهو 60 نائبا، ولكن أحد هؤلاء النواب، روعي فولكمان، من حزب "كولانو" المُنحل، وهو شخصيا لا يخوض الانتخابات، أعلن معارضته للقانون، ما يعني أن أقصى ما يمكن أن يحصل عليه نتنياهو لهذا القانون هو أغلبية 59 نائبا، وهي ليس كافية لتعديل القانون.

وبحسب أكبر قوائم المعارضة، تحالف "أزرق أبيض"، فإن نتنياهو يعد العدّة لخلق قاعدة تشكك بنتائج الانتخابات في حال "خسر" الانتخابات. ولكن مصطلح "خسر" ليس واضحا، إذ أن الأمر ليس متعلقا بالكتلة البرلمانية الأكبر، وإنما أي مرشح لديه أكبر قاعدة ائتلافية من الآخرين. وعلى هذا الأساس يبقى نتنياهو هو صاحب الاحتمال شبه الوحيد، لتشكيل الحكومة المقبلة.

وحسب استطلاعات الرأي، حتى الآن، فإن الليكود برئاسة نتنياهو، مع حلفائه الفوريين، يحظون بحوالي 58 مقعدا، من أصل 120 مقعدا. في حين تحصل الكتل الأخرى التي هي ليست ضمن تحالف نتنياهو على حوالي 54 مقعدا، منها 10 مقاعد للقائمة المشتركة، في حين أن حزب ليبرمان، منحته استطلاعات هذا الأسبوع 8 إلى 9 مقاعد، بدلا من 10 مقاعد في استطلاعات الأسبوع الماضي، وقد يتراجع أيضا لاحقا.

ووفق استطلاعات الرأي هذا الأسبوع، فإن قائمة "عوتسما يهوديت" المنبثقة عن حركة "كاخ" الإرهابية، ستجتاز نسبة الحسم، وستحصل على أربعة مقاعد. ولكن هذا ليس مضمونا، فإذا عدنا إلى انتخابات نيسان الماضي، فقد منحت استطلاعات الرأي قائمة "زهوت" برئاسة المتطرف موشيه فيغلين، ما بين 5 الى 6 مقاعد، وفي نهاية المطاف حصلت تلك القائمة على نصف تلك النتيجة، ولم تعبر نسبة الحسم.

الفرضية التي تعزز ارتفاع قوة "عوتسما يهوديت" هي أنها حصلت على دعم من جمهور مصوتي قائمة "زهوت" بزعامة فيغلين، الذين أعلن قبل حوالي أسبوعين الانسحاب من المنافسة الانتخابية، مقابل حصوله على منصب وزير في حكومة نتنياهو المقبلة، ولكن من الصعب رؤية أن تحصل "عوتسما يهوديت" على هذا الكم الكبير من الأصوات، الذي يؤهلها عبور نسبة الحسم 3,25%، خاصة وأنها تنافس أساسا قائمة "يامينا"، التي تضم ثلاثة أحزاب، ولها كوادر كبيرة تعمل في الميدان.

والأمر الآخر، أنه في حال صدقت استطلاعات الرأي، فإن ضم "عوتسما يهوديت" للحكومة ومنحها وزارة، لن تكون مسألة سهلة أمام نتنياهو، خاصة وأن حركة "كاخ"، الحركة الأم لهذه القائمة، محظورة في العديد من دول العالم، بينها الولايات المتحدة وبريطانيا، التي أيضا حظرت دخول فيغلين اليها قبل سنوات.

معضلة نتنياهو

كما ذكر، فإن ما يسعى له نتنياهو هو أن يضمن 61 مقعدا من دون حزب "يسرائيل بيتينو" بزعامة أفيغدور ليبرمان، الذي بدأ يتراجع في استطلاعات الرأي، كما رأينا هنا، ولكن على الأغلب، سيبقى ليبرمان بيضة القبان لتشكيل الحكومة، إذا لم تحصل مفاجأة لصالح نتنياهو.

ويطالب ليبرمان بأن يتم تشكيل حكومة "وحدة موسعة" بمعنى أن تضم حزب الليكود، وتحالف "أزرق أبيض" و"يسرائيل بيتينو"، وآخرين، ولكن من دون كتلتي المتدينين المتزمتين الحريديم. ونتنياهو يرفض هذا الخيار، ويسعى إلى أن لا يكون أمرا واقعا مفروضا عليه بعد الانتخابات، لأنه في تحالف كهذا، فإن يد نتنياهو لن تكون طليقة، كما هي الحال منذ انتخابات 2015.

في المقابل، من الصعب رؤية أن يكون لدى تحالف "أزرق أبيض" القوة كافية لتشكيل حكومة، فبيضة القبان ليبرمان، إن كانت فعلا كذلك، لن تكفي لترجيح ترشيح زعيم التحالف بيني غانتس لتشكيل الحكومة، فحينما نقول إن لليكود وشركائه 57 مقعدا، مقابل 54 مقعدا، و9 مقاعد لحزب ليبرمان، فإن من بين المقاعد الـ 54، ستكون 10 مقاعد على الأقل للقائمة المشتركة، التي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون جزءا من حكومة، وهذه معارضة متبادلة لكلا الجانبين.

وهذا يعني أن استطلاعات الرأي تشير إلى نتائج مرتبكة، استنادا الى أن ليبرمان سيبقى عند موقفه الحالي بعد الانتخابات؛ ولكن السياسة الإسرائيلية برهنت على أن كان ما قبل الانتخابات ليس بالضرورة هو ما سيكون في اليوم التالي، وبالذات لدى أشخاص من نوعية ليبرمان.