تقارير خاصة

تقارير عن قضايا راهنة ومستجدة في إسرائيل.

تجري غداً الثلاثاء – 17.3.2015، الانتخابات العامة للكنيست العشرين، فيما استطلاعات الرأي التي نُشرت في الأيام الأخيرة لا تظهر حسماً في نتيجة هذه الانتخابات.

 وقد تبين من هذه الاستطلاعات تراجع قوة حزب الليكود الحاكم وتفوق قائمة "المعسكر الصهيوني" عليه بما لا يقل عن أربعة مقاعد من جهة، لكن قوة كتلة أحزاب اليمين ما تزال أكبر من قوة كتلة أحزاب الوسط – اليسار من الجهة الأخرى.

 

 

      وهذه الحصيلة لا تشمل القائمة المشتركة للأحزاب العربية التي يتوقع أن تخرج من الانتخابات كقوة ثالثة في الكنيست.

 

ورغم استبعاد الموضوع الفلسطيني منذ بداية المعركة الانتخابية الحالية، إلا أنه بات مطروحا بقوة في الأيام الأخيرة من خلال تصريحات زعيم حزب الليكود ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ورئيس قائمة "المعسكر الصهيوني" إسحاق هرتسوغ.

 

فقد كرر نتنياهو في مقابلات أجرتها معه وسائل الإعلام الإسرائيلية في الأيام الماضية، لازمة مفادها أن هرتسوغ وحليفته في قيادة "المعسكر الصهيوني"، تسيبي ليفني، سيقدمان "تنازلات" للفلسطينيين، وأن "المعسكر الصهيوني"، الذي يسميه "اليسار"، يتلقى أموالا كثيرة يتم ضخها من دول أوروبية، وخاصة اسكندنافية، من أجل إسقاطه عن الحكم.

 

وقال نتنياهو للقناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي، مساء أول من أمس السبت، إنه "قبل عدة شهور فقط بنينا في الأحياء اليهودية (المستوطنات) في القدس، وهو (هرتسوغ) وتسيبي ليفني انتقدا أعمال البناء التي ننفذها. وإذا لم يكن من حق اليهود البناء في القدس، فأين من حقهم أن يبنوا؟ هذه هي سياسة اليسار، الاستسلام لأي إملاء".

 

وأضاف نتنياهو أنه "يوجد جهد دولي هائل ترافقه مبالغ هائلة من المال تتسلل إلى الجمعيات اليسارية هنا ولوسائل إعلام. وهم يعرفون أمرا واحدا، أن هرتسوغ وليفني سيصلان إلى الحكم وسوف يتراجعان مباشرة. وتُستثمر مبالغ خيالية فقط من أجل مساعدة تسيبي وهرتسوغ".

 

ورد عليه هرتسوغ، في القناة التلفزيونية نفسها، بالقول إن "المجتمع الدولي يعرف أنك ضعيف ولا يوافق على موقفك. والفلسطينيون تعرفوا على ضعفك ولذلك هم يذهبون إلى خطوات دولية".

 

ورفض هرتسوغ أقوالا حول عدم تمكنه من تشكيل ائتلاف حتى لو فازت قائمته بأكبر عدد من المقاعد في الكنيست، وقال "أقترح على الجميع التريث حتى صدور نتائج عينة الاستطلاع (للتصويت في نهاية يوم الانتخابات) وبعدها".

 

   وأعلن هرتسوغ أنه "سيحافظ على القدس موحدة".

 

آخر الاستطلاعات

 

أظهرت الاستطلاعات التي نشرت يوم الجمعة الماضي، وهي الأخيرة قبل الانتخابات، أن قوة كتلة أحزاب اليمين والحريديم تتفوق على كتلة أحزاب الوسط - اليسار، فيما تبين أن قوة القائمة المشتركة تتراوح ما بين 12 - 13 مقعدا.

 

ووفقا للاستطلاعات التي نشرتها صحيفتا 'معاريف' و'يديعوت أحرونوت' وموقع "واللا" الالكتروني والقناتان التلفزيونيتان الثانية والعاشرة، فإن مجموع المقاعد التي قد يحصل عليها "المعسكر الصهيوني" تتراوح ما بين 24 – 26 مقعدا، وسيحصل حزب "يش عتيد" على 12 – 13 مقعدا، وحزب ميرتس على ما بين 4 – 5. ويعني ذلك أن كتلة الوسط – اليسار ستحصل على 40 – 44 مقعدا.

 

من جهة ثانية توقعت هذه الاستطلاعات حصول حزب الليكود على 20 – 23 مقعدا، وحزب "البيت اليهودي" على 11 – 12 مقعدا، وحزب "ياحد" على 4 – 5 مقاعد، ما يعني أن هذه الكتلة تعدّ 35 إلى 40 مقعدا.

 

   كذلك يتوقع حصول حزب "كولانو" ("كلنا" برئاسة الوزير الليكودي السابق موشيه كحلون) على 8 – 10 مقاعد، و"يسرائيل بيتينو" على 4 – 6 مقاعد، بينما ستحصل القائمتان الحريديتان شاس على 7 مقاعد و"يهدوت هتوراة" على 6 – 7 مقاعد. أي أن هذه الأحزاب، التي يمكن أن يوافق قسم منها على الانضمام إلى أية حكومة، ربما باستثناء "يسرائيل بيتينو"، تضم 25 إلى 30 مقعدا.

 

وتدل هذه النتائج على أن كتلة اليمين – الحريديم تضم ما بين 60 إلى 70 مقعدا، أي أكثر من نصف عدد أعضاء الكنيست، مقابل كتلة الوسط – اليسار، التي لا تتوقع الاستطلاعات أن تضم أكثر من 40 إلى 44 مقعدا، بينما يتوقع حصول القائمة المشتركة على ما بين 12 – 13 مقعدا.

 

تجدر الإشارة إلى أن هذه الصورة يمكن أن تتغير في حال عدم تجاوز أحد الأحزاب أو أكثر نسبة الحسم الجديدة (3،25%).

 

كذلك يرجح أن تكون قوة الأحزاب مختلفة قليلا عن نتائج هذه الاستطلاعات، لكن من الصعب توقع تغيير في توازن القوى بشكل كبير.

 

نتنياهو يرفض حكومة وحدة وهرتسوغ لا يستبعدها

  

في ظل انعدام وضوح النتائج التي ستفضي إليها انتخابات الكنيست، حاولت وسائل الإعلام الإسرائيلية رسم معالم تركيبة الحكومة المقبلة، لكن على ما يبدو أن هذه المحاولة زادت من تعقيدات وضبابية صورة الوضع بعد الانتخابات.

 

ورفض نتنياهو إمكانية تشكيل حكومة وحدة بين حزب الليكود وقائمة "المعسكر الصهيوني"، معتبرا أن "هوة سحيقة" تفصل بين مواقف القائمتين، واقترح على رئيس حزب "كولانو"، موشيه كحلون، وزارة المالية في حال شكل الحكومة المقبلة.

 

وقال نتنياهو، قبل 48 ساعة من بدء الانتخابات للكنيست، في مقابلة أجرتها معه إذاعة الجيش الإسرائيلي صباح أمس الأحد، إنه "يعتقد أنه من الناحية العملية لن يتمكن من تشكيل حكومة من دونه (كحلون)، ولذلك فإنه ليس مهما عدد المقاعد التي سيحصل عليها، فإنه سيحصل على حقيبة اقتصادية رفيعة، هي حقيبة المالية".

 

وأضاف: "أنا وكحلون سوية سنعرف كيف نحل مشكلة السكن ومشكلة غلاء المعيشة مثلما فعلنا مع الهواتف الخليوية في حينه" عندما كان كحلون وزيرا للاتصالات. 

 

وبعد محاولة تقريب كحلون منه، قال نتنياهو إن رئيس حزب "البيت اليهودي"، نفتالي بينيت، هو "جزء من حكومة طبيعية مع شركاء طبيعيين، وهذه ستكون حكومة قومية تنفذ خطوات كبيرة".

 

وفيما يتعلق بإمكانية تشكيل حكومة وحدة، قال نتنياهو إن الرئيس الإسرائيلي، رؤوفين ريفلين، لا يمكنه إملاء حكومة وحدة، مشددا على "أنني لن أذهب إلى حكومة وحدة، وأعتقد أن مصيرها الفشل قبل أن تبدأ ولايتها لأنه في الحقيقة توجد هوة سحيقة بيننا. الرئيس سيكلف أحدنا بتشكيل الحكومة، ولن يقرر ولا يمكنه أن يقرر (تشكيل حكومة وحدة). وآمل أن يعمل بموجب صلاحياته".

 

وعقب كحلون على اقتراح نتنياهو بتعيينه وزيرا للمالية، وهي الحقيبة التي يطالب بها في حال انضمامه إلى أية حكومة، وقال "إننا موجودون قبل 48 ساعة من الانتخابات، ولم يكن هناك شك في أن هذه الخدعة ستأتي. وكل هدفه (نتنياهو) هو خفض الأصوات التي سيحصل عليها حزب كولانو ونقلها لآخرين".

 

    وذكّر كحلون بأن نتنياهو كان قد تعهد له بتعيينه رئيسا لمديرية أراضي إسرائيل، لكن نتنياهو لم ينفذ هذا الوعد.

 

بدوره، لم يستبعد هرتسوغ ضم حزب الليكود إلى حكومته في حال جرى تكليفه بتشكيلها، وقال إنه "لا أستبعد أي حزب".

 

وعندما سُئل عن القائمة المشتركة، أجاب أن هذه القائمة ترفض الانضمام إلى حكومة، وأنه سيعمل على تعيين وزير عربي واحد على الأقل في حال شكل الحكومة المقبلة.

 

من جانبه، دعا بينيت إلى تشكيل "كتلة تقنية موحدة" من حزبه وحزب الليكود، تضم بحسبه 35 – 36 مقعدا، "وهكذا سنكون الحزب الأكبر"، معتبرا أنه بذلك سيضطر الرئيس الإسرائيلي، رؤوفين ريفلين، إلى تكليف نتنياهو بتشكيل الحكومة، وليس هرتسوغ.

 

وقال رئيس حزب شاس، أرييه درعي، للقناة الثانية أول من أمس "إنني أفعل كل شيء من أجل الدخول إلى ائتلاف ولكن ليس بكل ثمن. لدينا شروط. وليس لدي أي شيء شخصي ضد هرتسوغ، لكن من أجل أن يشكل حكومة فإنه بحاجة إلى (رئيس حزب "يش عتيد" يائير) لبيد وميرتس والقائمة (المشتركة). ولن نجلس في حكومة ضيقة لليسار، وسوف نوصي على نتنياهو أمام الرئيس الإسرائيلي". وأضاف "نحن لا نشطب أحداً، لكن يائير شطبنا" بعد الانتخابات الماضية عندما اشترط الانضمام إلى الحكومة بعدم ضم الحريديم إليها.

 

من جانبها عبرت رئيس حزب ميرتس، زهافا غالئون، عن تخوفها من عدم تجاوز نسبة الحسم، وقالت للقناة الثانية "إنني بالتأكيد أخشى من أن المشاعر القوية جدا لدى ناخبي ميرتس حيال شعار ’فقط ليس بيبي’ قد تتحول إلى ’فقط ليس ميرتس’".

 

وفي رده على سؤال حول سبب عدم موافقة القائمة المشتركة على التوقيع على اتفاقية فائض أصوات مع حزب ميرتس اليساري الصهيوني، قال رئيس القائمة، أيمن عودة، للقناة الثانية، إن "قسما من السكان العرب لن يصوت لنا لو وقعنا على اتفاقية فائض أصوات".

 

وفي سياق الصراع العلماني – الحريدي الذي احتدم خلال ولاية الحكومة المنتهية ولايتها، والذي تمثل بسن قانون التجنيد الإلزامي للحريديم وفرض عقوبات جنائية على المتهربين من الخدمة العسكرية، تعمد نتنياهو، في أكثر من مناسبة، مغازلة الحريديم والتشديد على أن هذا القانون فُرض عليه، وأنه سيعمل على إلغاء العقوبات الجنائية عن المتهربين من الخدمة، ووصف الحريديم بأنهم "شركاء طبيعيون" في حكومته المقبلة إن شكلها.

 

مريدور يحذر من بقاء نتنياهو في الحكم

 

لعل أكثر شيء يخشاه نتنياهو في هذه الانتخابات هو حزب "كولانو" برئاسة موشيه كحلون، الذي انشق عن حزب الليكود، وتشير بعض التوقعات إلى أنه سيكون مفاجأة الانتخابات، خاصة وأنه يطرح القضايا الاجتماعية وخصوصا أزمة السكن وارتفاع أسعار الشقق، فيما مواقفه اليمينية حيال حل الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني معروفة وهي مشابهة لمواقف الليكود.

 

وفي موازاة ذلك، ذكرت صحيفة "هآرتس"، في مطلع الشهر الجاري، أن استطلاعات داخلية استدعاها حزب الليكود دلت على أن شعبية نتنياهو قد تراجعت، وبشكل خاص بين ناخبي الحزب، الأمر الذي يثير تخوفات في طاقم الليكود الانتخابي من أن الحزب لن يحصل على أكثر من 18 مقعدا في هذه الانتخابات.

 

ونقلت الصحيفة عن مصدر في الليكود قوله "إذا كانت الاستطلاعات (في وسائل الإعلام) تتحدث الآن عن 22 إلى 23 مقعدا لنتنياهو، فإن هذا قد ينتهي بـ18 مقعدا فقط"، موضحا أنه منذ انتخابات العام 1999، كان ينهي حزب الليكود في جميع المعارك الانتخابية بما بين 10% إلى 30% مقاعد أقل مما تنبأت له الاستطلاعات في بداية كل معركة انتخابية.

 

ولعل أكبر دليل على تراجع شعبية نتنياهو هو تحذير الوزير الإسرائيلي السابق، دان مريدور، من عواقب بقاء نتنياهو في الحكم، وأعلن أنه سيصوت لأحد حزبين وأن الليكود ليس أحدهما. ويشار إلى أن مريدور تولى مناصب وزارية هامة بينها وزارات المالية والعدل وشؤون الاستخبارات ونائب رئيس الحكومة. وهو يعتبر أحد "أمراء" حركة حيروت التي وُلد منها حزب الليكود.

 

وقال مريدور في مقابلة أجراها معه كبير المحللين السياسيين في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ناحوم برنياع، ونُشرت يوم الجمعة الماضي، إنه "خرجت من عالم السياسة. وأنا لست هناك منذ عامين. ولا أريد إعطاء نصائح للناخب لمن عليه أن يصوت، لكنني أرى إلى أين نتجه، وأنا قلق".

 

وأوضح مريدور أن ثمة قضيتين تثيران قلقه، مع اقتراب موعد الانتخابات للكنيست، وهما العملية السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين وحال الديمقراطية. وقال إنه لن يصوت لقائمة "المعسكر الصهيوني" رغم أن رئيسها هرتسوغ "متزن ويتحلى بالمسؤولية وجدير" بتولي منصب رئيس الحكومة، "لكن يوجد خلافات مع حزب العمل في الجانب الاقتصادي والاجتماعي والقضائي. وأنا أنتمي إلى معسكر آخر".

 

وقال مريدور "منذ العام 1967 أثبتنا أن بإمكاننا الدفاع عن مصالحنا ضد الخصوم والأصدقاء. والسؤال ليس مدى قدرتنا على الصمود، وإنما ما الذي نريده، وما هي الغاية. وإذا كنا نريد كل المنطقة (الضفة الغربية) فهذا يستوجب منح الجنسية للفلسطينيين. وقد أعلن مناحيم بيغن في حينه أن ’بإمكان أي عربي في يهودا والسامرة وغزة أن يكون مواطنا إسرائيليا إذا أراد ذلك، وسيحصل على الجنسية. ونحن لن نكون روديسيا’. وقد ذكر بيغن روديسيا لأن الحقوق فيها تمنح للبيض فقط".

 

ورفض مريدور مقولة اليمين الإسرائيلي بأنه يمكن تخليد الوضع القائم، وقال إن "من يعتقد ذلك مصاب بالعمى. ولفترة طويلة، يستحيل بقاء وضع يصوت فيه اليهودي في الخليل، والعربي الذي في الخليل لا يصوت".

 

وحذر من أن ثمن وضع كهذا سيؤدي إلى "تشويه القيم"، لكن مريدور بعد أن استبعد حل الصراع بالاتفاق لأن إسرائيل ستضع شروطها، اعتبر أن على إسرائيل رسم حدودها من خلال مسار جدار الفصل العنصري، وبصورة أحادية الجانب، بزعم أن العالم سيعترف بهذه الحدود.