لم تتأخر التعليقات المختلفة على دعوة رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينيت، إلى الإسرائيليين الذين يملكون رخصة سلاح بحمل أسلحتهم معهم طوال الوقت، إضافة إلى الطلب أيضا من جميع الجنود حمل أسلحتهم حين يخرجون إلى منازلهم من قواعدهم العسكرية. وهذه الدعوة التي جاءت وسط عمليات مسلحة في عدد من المدن الإسرائيلية، في الأسابيع الأخيرة، جذبت إلى رئيس الحكومة الذي تواجه حكومته أزمة ائتلافية أيضاً، انتقادات متباينة في المنطلقات والتشديدات.
بعد اتساع رقعة الاغتيالات بحقّ الشبّان والنشطاء الفلسطينيين في شمال الضفة الغربية، وتصاعد الحديث عن الجهود التي تبذلها وحدات الاغتيالات الخاصة، بالتعاون مع الجيش الإسرائيلي وجهاز "الشاباك" والشرطة وحرس الحدود، لمحاصرة ظاهرة العمل العسكري المسلّح للنشطاء الفلسطينيين في الضفة الغربية، وتحديداً في شمالها، تصاعد الحديث والنقاش، في الإعلام الإسرائيلي على الأقل، عن مدى نجاعة وحدات الاغتيالات الإسرائيلية الخاصة في السنوات الأخيرة، وفي مقدّمتها وحدة "اليمام"، التي نفّذت عمليات اغتيال وتصفية عدّة بحقّ الشبان والنشطاء الفلسطينيين خلال السنوات الأخيرة، بالذات بعد أن تم اعتبارها، بشكل رسمي، "الوحدة الوطنية لمكافحة الإرهاب"، كما تم الإعلان عن مشاركة قائدها (تتم الإشارة إليه برمز "ح") في حفل إضاءة "شعلة الاستقلال" في "يوم الاستقلال" ممثلاً عن الشرطة وحرس الحدود.
عادة ما نسمع أن المستويات الأمنية الإسرائيلية قدمت توصياتها بشأن قضية أو وضع ما إلى المستوى السياسي أو لرئيس الحكومة أو للمجلس الوزاري المصغر- الـ"كابينيت"، لكن ما مدى التزام المستويات السياسية الإسرائيلية بالتوصيات المتخصصة والمهنية وخاصة الأمنية؟ وهل يؤخذ بها أو تهمل حسب المصلحة السياسية الحزبية والانتخابية والائتلافية لصاحب القرار السياسي وبالتالي الأمني في إسرائيل؟
كان يكفي تمرّد نائب واحد ليضع الحكومة الإسرائيلية على "كف عفريت"، وعلى كف نائب واحد آخر ليتقرر حل الكنيست والاتجاه لانتخابات مبكرة، وتحييد كل اعتبارات الكتل المشاركة في الائتلاف الحاكم، التي أبدت تماسكا بقدر كبير، حتى صباح السادس من الشهر الجاري، حينما أعلنت رئيسة الائتلاف عيديت سيلمان، من حزب رئيس الحكومة، "يمينا"، انسحابها من الائتلاف. فمنذ الآن بات الائتلاف يرتكز على 60 نائبا، وهذا حسب القانون لا يؤدي إلى سقوط الحكومة، بل إلى شل عملها أمام الكنيست بقدر كبير. أما الرابح الأكبر من كل هذا فهو شخص بنيامين نتنياهو، أكثر بأضعاف مما سيكسبه حزبه، ما أربك من كانوا يستعدون لخوض المنافسة على رئاسة الليكود.
الصفحة 181 من 894