يمكن القول، بكل تأكيد، إن المحكمة العليا الإسرائيلية لم تكن، في يوم من الأيام منذ إنشاء دولة إسرائيل وتأسيسها، في مثل هذا الوضع الذي وصلت إليه في هذه الأيام (أو: الذي أوصلت نفسها إليه، كما يمكن الادعاء بدرجة ما من الصواب)، رغم كل ما تعرضت له خلال السنوات من نقد واعتراض، وصل في السنوات الأخيرة تحديداً حدّ شن الهجوم الفظ والصريح والفظ عليها، على أدائها وقراراتها القضائية، ثم المحاولات العملية لمحاصرتها وتضييق رقعة عملها وصلاحياتها، من خلال تشريعات قانونية خاصة.
من المقرر أن تُعرَض حكومة الليكود ـ "أزرق أبيض" الجديدة في إسرائيل، برئاسة بنيامين نتنياهو وبنيامين غانتس، على الكنيست غداً الأربعاء، كما اتفق الرجلان، لتصويت الثقة عليها، وذلك بعد (وبفضل) قرار المحكمة العليا الإسرائيلية التي رفضت، بإجماع 11 قاضياً (!)، جميع الالتماسات التي قُدمت إليها ضد إسناد مهمة تشكيل الحكومة لنتنياهو في ظل لائحة الاتهام الجنائية الخطيرة المقدَّمة بحقه وضد بنود مركزية في الاتفاق الائتلافي المبرم بين الليكود و"أزرق أبيض" لتشكيل "حكومة الطوارئ الوطنية" الجديدة.
قالت سلطة الضرائب الإسرائيلية إن جباية الضرائب في شهر نيسان الماضي بلغت 21 مليار شيكل، بدلا من 25 مليار شيكل، حسب تخطيط مداخيل الضرائب للعام الجاري 2020. إلا أن هذا التراجع بقيمة 4 مليارات شيكل، فاجأ إيجابيا المؤسسات المالية الرسمية، لأنه جاء أقل من التوقعات، التي تحدثت عن تراجع حاد في مداخيل الضرائب بسبب الأزمة الاقتصادية الناشئة من انتشار فيروس كورونا.
لا يزال انتشار فيروس كورونا والانكماش الاقتصادي يقودان إسرائيل إلى المجهول، لكن بعض كبار خبراء الاقتصاد في البلاد يحذرون بالفعل: نحن في طريقنا إلى عشر سنوات أخرى ضائعة، مثل العقد الذي ضرب إسرائيل بعد حرب "يوم الغفران" (حرب 1973) وجر البلد إلى ركود شديد ومستمر.
يشير جميع هؤلاء الاقتصاديين إلى مجموعة من الاختلافات بين فترة ما قبل حرب "يوم الغفران"، لكن الجميع يتفقون على أن الاقتصاد يواجه خطرا مشابها. غير أن هؤلاء الاقتصاديين يرسمون أيضا طريقة لتجنب مثل هذا الركود: الحواجز الهيكلية العميقة في الجهاز الاقتصادي، ومنع أخطاء في السياسة الاقتصادية، وإنهاء الشعبوية كما رأينا في العام الماضي.
الصفحة 319 من 894